يبعد صاحبه عن قبول الحق - العجب ترفع على الناس يصل إلى الغرور!

د. محمد احمد لوح


بينا في العدد السابق أن رفض الحق يكون بأسباب كثيرة، وقد ذكرنا منها: أولا: اتباع الهوى، وثانيا: التقليد الأعمى، وثالثا: العجب.

العجب

ومن الأمراض السريعة الفتاكة: العجب، وما ينتج عنه من الغرور والكبر والتميز، والافتخار بالنفس، والفرح بأحوالها، وما يصدر عنها من أقوال وأفعال، محمودة أو مذمومة، وعرفه ابن المبارك بعبارة موجزة فقال: «أن ترى أن عندك شيئا ليس عند غيرك». وإذا تنقص المعجب أعمال الآخرين، أو ادعي ما ليس فيه وأوهم امتلاكه، فهو الغرور، فإذا طال أشخاصا آخرين فهو الكبر.

العجب يدخل فيما يزهو به الإنسان

ويدخل العجب في كل شيء يزهو به الإنسان، وأخطره العجب بالعمل، وهو المقصود هنا، ومداخل العجب على أهل العلم كثيرة، ولا يمنعه من قبول الحق مباشرة، بل يصبغه بصبغة الممتنع عن الحق على مراحل، فيدخل عليه من خلال نظره لما منحه الله إياه من بلاغة أو فصاحة وبيان، أو سعة في العلم وقوة في الرأي، فإذا انضاف إلى ذلك حديث الناس عن أعماله، وتعظيمهم له، وإقبالهم عليه، لم يسلم حينئذ إلا القليل؛ ولذا أمر الله -عز وجل- نبيه بالإنذار والدعوة، وتعظيم ربه -عز وجل- وفعل الخير، واجتناب الشر، وهجر الأوثان، ثم قال له بعد ذلك: {ولا تمنن تستكثر}، قال الحسن البصري: «لا تمنن بعملك على ربك تستكثره»؛ فإنه مهما كثر العمل ففضل الله أعظم، وحقه أكبر، وقد نهى الله عن تزكية النفس، بمعنى اعتقاد خيريتها، والتمدح بها فقال: {فلا تزكوا أنفسكم}.

النهي عن المن بالصدقة

نهي عن المن بالصدقة فقال: {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}، والمن يحصل نتيجة استعظام الصدقة، واستعظام العمل هو العجب، والإعجاب بالنفس شر، وأي شر! قال ابن المبارك: «لا أعلم في المصلين شيئا شرا من العجب».


العجب محبط ومهلك

والعجب محبط ومهلك بوصف النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه». وإذا كانت الذنوب مهلكة، فإنها قد تكون رحمة بصاحبها حين تخلصه من العجب الذي هو الهلاك حقا، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «لو لم تكونوا تُذْنِبونَ، لخِفْتُ عليكم ما هو أكبرُ من ذلِكَ؛ العُجْبُ العُجْبُ». وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «الهلاك في شيئين: العجب والقنوط»، وإنما جمع بينهما؛ لأن السعادة لا تنال إلا بالطلب والتشمير، والقانط لا يطلب، والمعجب يظن أنه قد ظفر بمراده فلا يسعی.

عقوبة المعجبين

ومما ورد في عقوبة المعجبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «بينما رجل يتبختر، يمشي في برديه، قد أعجبته نفسه، فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة» وفي رواية: «قد أعجبته جمته وبرداه»، فكيف بمن أعجب بعلمه أو عمله؟!

آثار العجب على العبد

ولا شك أن آثار العجب على العبد كثيرة وخطيرة ومدمرة، وأخطر ما فيها صد صاحبه عن قبول الحق؛ نظرا لظنه أن ما عنده يكفي، فلا يحتاج إلى البحث ولا يحتاج إلى ما عند غيره.
العجب




1- المن على الله، ومطالبته بما آتي الأولياء، وانتظار الكرامة وإجابة الدعوة.


2- الإكثار من الثناء على النفس ومدحها، لحاجة ولغير حاجة، تصريحا أو تلميحا، وقد يكون على هيئة ذم للنفس أو للآخرين، يراد به مدح النفس.

3- الحرص على تصيد العيوب وإشاعتها، وذم الآخرين أشخاصا أو هيئات والفرح بذمهم وعيبهم.


4- النفور من النصيحة، وكراهيتها، وبغض الناصحين.

5- الاعتداد بالرأي، وازدراء رأي الآخر.

6- صعوبة المطاوعة، والحرص على التخلص من التبعات والمسؤوليات، وتحقيق القناعات الشخصية.

7- الترفع عن الحضور والمشاركة في بعض الأنشطة العلمية والدعوية، ولا سيما العامة.