تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    هذه الاجوبة فندت كثير من الشبهات المتعلقة بالفرق بين الشرك والكفر وهى من اجوبة الاخ عبد الرحمن ابن طلاع بغض النظر عن الاختلاف معه فى مسائل أخرى ولكنه فى هذه الاجوبة اجاد وافاد وحرر المسألة تحريرا دقيقا مفيدا
    وسأنقل الاجوبة فى ثوب جديد لتعم الفائدة
    **************
    [الفرق بين الكفر و الشرك]
    هذه قاعدة مهمة جدا قل من يتنبه لها مع كثرة ورودها في كتاب الله و مع أن أهل العلم المحققين يذكرونها في ثنايا كتبهم.قال تعالى {ولتجدنهم أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} (96) سورة البقرة.
    أي اليهود مع أن اسم الكفر يشملهم جميعا و لكن هناك فرق بين من كان يهوديا كافرا و بين من كان مشركا كافرا فتدبر.
    و قال تعالى {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} (151) سورة آل عمران.
    و هنا ذكر الله تعالى وصفين لعين واحدة فلا بد إذن أن يكون كل وصف له تأثير و إن كان وحده فذكرهم الله تعالى بوصف الكفر و هذا لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة و يقترن به العذاب و الوصف الآخر الشرك و هو جعل المخلوق ندا للخالق و هذا لا يشترط إقتران العذاب به فقد يكون مشركا و لكن من أهل الفترة و لا يعذب حتى تقام عليه الحجة.{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (186) سورة آل عمران
    و هذا كذلك تفريق بين الأسماء بسبب اختلاف الحقائق فحقيقة المشرك غير حقيقة الكتابي
    لذا خالف الله تعالى بين أسمائهم و إن كانوا يجتمعون في اسم الكفر بعد قيام الحجة فذكر الله تعالى كل بوصفه للتفريق بينهما.قوله تعالى {ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (88) سورة الأنعام
    فعلق الله تعالى حبوط العمل بالشرك فدل على أن كل من وقع في شرك أكبر فقد حبط عمله و هذا لا يقتضي تعذيبه لأن العذاب لا يكون إلا بعد الرسالة و كذلك لا يقتضي أن يكون حكمه حكم المسلم بحيث يدخل الجنة لأن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة و هذه نفس غير مسلمة و لكن لها حكم آخر و هو حكم أهل الفترة بحيث تمتحن فإن أطاعت دخلت الجنة فكان حكمها حكم النفس المسلمة و إن لم تطع دخلت النار فكان حكمها حكم من أقيمت عليه الحجة.
    قوله تعالى {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِين َ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} (1) سورة البينة فلهم اسم و حقيقة لهذا الإسم قبل البينة و هو الشرك و لهم اسم و حكم بعد البينة و هو الكفر و العذاب.
    قوله تعالى {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (65) سورة الزمر فحكم الله تعالى حكم جازما لازما بحبوط عمل من أشرك بالله الشرك الأكبر و إن كان خليل الله محمد صلى الله عليه و سلم
    و الاسم يؤخذ من الفعل فكما أن من أشرك حبط عمله
    فكذلك من أشرك و حبط علمه هو مشرك لإنتفاء حقيقة التوحيد من قلبه إما استكبارا أو جعل لله أندادا في العبادة
    لذا من بدع هذا العصر الشرعية و اللغوية و العقلية التفريق بين الفعل و الفاعل.
    فالأصل لغة و شرعا بل و عقلا أن من فعل فعلا سمى بهذا الفعل فمن اكل سمي آكلا و من شرب سمي شاربا سواء قيل بان الاسم مشتق من المصدر أو من الفعل فكل النحويين متفقون على ذلك و إن اختلفوا في أصل الإشتقاق لأن المصدر و الفعل كلاهما يتضمن الحدث الذي هو الفعل فشارب مثلا يتضمن حدث الشرب و هذا الحدث موجود في في الفعل و المصدر و فارق الفعل المصدر بأن الحدث قارنه زمن.و هذا من تدبره علم علم اليقين بأنه مقتضى جميع اللغات.
    و كذلك شرعا كل من فعل فعلا سمي بهذا الفعل فمن أشرك مع الله غيره سمي مشركا
    و من ابتدع في الدين سمي مبتدعا و من شرب الخمر سمي شاربا للخمر.
    و الشرع أحكامه جاريه على لغة العرب و أساليبها و لو قلنا غير هذا للزمنا أن تكذيب قوله تعالى (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) (النحل: 103).و قوله (قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (الزمر: 28).و قوله (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) (الشعراء: 195).
    نعم قد يزيد الشارع بعض القيود و الشروط و بعض المعاني و لكن أبدا لا يخرج عن أساليب العرب و لغتهم.و حتى الكفر لغة كما قال ابن منظور (الكُفْرُ جُحود النعمة , وهوضِدُّ الشكر. وقوله تعالى: إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ أَي جاحدون. و كَفَرَ نَعْمَةَ الله يَكْفُرها كُفُوراً و كُفْراناً و كَفَر بها: جَحَدَها وسَتَرها. و كافَرَه حَقَّه: جَحَدَه. ورجل مُكَفَّر مجحود النعمة مع إِحسانه. ورجل كافر جاحد لأَنْعُمِ الله , مشتق من السَّتْر , وقيل: لأَنه مُغَطًّى على قلبه.).
    و الجحد لا يكون إلا لمن علم الحق او تمكن منه و رده.فصفة الكفر لغة و شرعا تقتضي معرفة المكفور به و أو التمكن منها ثم ردها و جحدها و هذا جاري كذلك على الأصل الذي ذكرناه بأن من وقع منه الفعل سمي بهذا الفعل فمن وقع منه الكفر سمي كافرا و صفة الكفر كما ذكرنا تقتضي الرد و الجحد مع العلم أو التمكن من العلم حيث نزل منزلة العلم.
    قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله
    (ولا ريب أن الكفر متعلق بالرسالة فتكذيب الرسول كفر وبغضه وسبه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان ... )
    .
    و قال رحمه الله (فَإِنَّ حَالَ الْكَافِرِ: لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ يَتَصَوَّرَ الرِّسَالَةَ أَوْ لَا؛ فَإِنْ لَمْ يَتَصَوَّرْهَا فَهُوَ فِي غَفْلَةٍ عَنْهَا وَعَدَمِ إيمَانٍ بِهَا. كَمَا قَالَ: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} وَقَالَ: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُ مْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} لَكِنَّ الْغَفْلَةَ الْمَحْضَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الرِّسَالَةُ وَالْكُفْرُ الْمُعَذَّبُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الرِّسَالَةِ. فَلِهَذَا قَرَنَ التَّكْذِيبَ بِالْغَفْلَةِ وَإِنْ تَصَوَّرَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَانْصَرَفَ فَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى. {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} وَكَمَا قَالَ: {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} وَكَمَا قَالَ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}. وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ لَا حَظَّ لَهُ؛ لَا مُصَدِّقَ وَلَا مُكَذِّبَ وَلَا مُحِبَّ وَلَا مُبْغِضَ فَهُوَ فِي رَيْبٍ مِنْهُ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَنْ حَالِ كَثِيرٍ مِنْ الْكُفَّارِ مُنَافِقٍ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَ: {إنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} وَكَمَا قَالَ مُوسَى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إلَيْهِ مُرِيبٍ} {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إنْ أَنْتُمْ إلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إنْ نَحْنُ إلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}. فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ: عَنْ مُنَاظَرَةِ الْكُفَّارِ لِلرُّسُلِ فِي الرُّبُوبِيَّةِ أَوَّلًا فَإِنَّهُمْ فِي شَكٍّ مِنْ اللَّهِ الَّذِي يَدْعُونَهُمْ إلَيْهِ وَفِي النُّبُوَّةِ ثَانِيًا بِقَوْلِهِمْ: {إنْ أَنْتُمْ إلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} وَهَذَا بَحْثُ كُفَّارِ الْفَلَاسِفَةِ بِعَيْنِهِ؛ وَإِنْ كَانَ مُكَذِّبًا لَهُ فَهُوَ التَّكْذِيبُ وَالتَّكْذِيبُ أَخَصُّ مِنْ الْكُفْرِ. فَكُلُّ مُكَذِّبٍ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ فَهُوَ كَافِرٌ. وَلَيْسَ كُلُّ كَافِرٍ مُكَذِّبًا بَلْ قَدْ يَكُونُ مُرْتَابًا إنْ كَانَ نَاظِرًا فِيهِ أَوْ مُعْرِضًا عَنْهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ غَافِلًا عَنْهُ لَمْ يَتَصَوَّرْهُ بِحَالِ لَكِنْ عُقُوبَةُ هَذَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى تَبْلِيغِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فِي أَنْ يُضَمَّ إلَى الْمَعْرِفَةِ الْمُجْمَلَةِ إمَّا تَكْذِيبٌ وَإِمَّا كُفْرٌ بِلَا تَكْذِيبٍ ... ).
    و قال رحمه في موضع آخر (فَصْلٌ وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ وَذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْن ِ:
    عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ وَقَبِيحٌ. وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ سَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ وَطَاغِينَ وَمُفْسِدِينَ؛ لِقَوْلِهِ: {اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى} وَقَوْلِهِ: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ} وَقَوْلِهِ: {إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ ظَالِمٌ وَطَاغٍ وَمُفْسِدٌ هُوَ وَقَوْمُهُ وَهَذِهِ أَسْمَاءُ ذَمِّ الْأَفْعَالِ؛ وَالذَّمُّ إنَّمَا. يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْقَبِيحَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ تَكُونُ قَبِيحَةً مَذْمُومَةً قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ إتْيَانِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ؛ لِقَوْلِهِ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}. وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ هُودَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُفْتَرُونَ} فَجَعَلَهُمْ مُفْتَرِينَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِحُكْمِ يُخَالِفُونَهُ؛ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَاسْمُ الْمُشْرِكِ ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ؛ فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا قَبْلَ الرَّسُولِ وَيُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ يُقَالُ: جَاهِلِيَّةً وَجَاهِلًا قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ وَأَمَّا التَّعْذِيبُ فَلَا. وَالتَّوَلِّي عَنْ الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} {وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ. {فَكَذَّبَ وَعَصَى} كَانَ هَذَا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى. {فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى} {فَكَذَّبَ وَعَصَى} وَقَالَ: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}.
    قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
    ((فجنس هؤلاء المشركين وأمثالهم ممن يعبد الأولياء والصالحين نحكم بأنهم مشركون ونرى كفرهم إذا قامت عليهم الحجة الرسالية وما عدا هذا من الذنوب التي هي دونه في المرتبة. والمفسدة لانكفر بها) الدرر السنية (1/ 515 , 522).
    فانظر كيف فرق رحمه الله بين اسم الشرك و اسم الكفر و فصل في العذاب فعلقه بالكفر و لم يعلقه في الشرك.
    سئل إبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب عبدالله وحسين رحمهم الله عن حكم من مات قبل ظهور دعوة الشيخ
    فأجابوا:

    (من مات من أهل الشرك قبل بلوغ هذه الدعوة فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفاً بفعل الشرك ويدين به، ومات على ذلك فهذا ظاهره أنه مات على الكفر فلا يدعى له و لا يضحى له و لا يتصدق عنه وأما حقيقة أمره فإلى الله تعالى فإن قامت عليه الحجة في حياته وعاند فهذا كافر في الظاهر والباطن وإن لم تقم عليه الحجة في حياته فأمره إلى الله) الدرر السنية 10/ 142) فحكم أبناء الشيخ على مثل هؤلاء بأنهم مشركون و أما العذاب فلا يكون إلا بعد الرسالة.
    و قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله
    (أجمع العلماء سلفاً وخلفاً من الصحابة والتابعين والأئمة وجميع أهل السنة أن المرء لايكون مسلماً إلا بالتجرد من الشرك الأكبر والبراءة منه وممن فعله وبعضهم ومعاداتهم .. الخ) الدرر السنية: (11/ 545 - 546).
    و قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله (أن أقل أحوالهم أن يكونوا مثل أهل الفترة الذين هلكوا قبل البعثة ومن لا تيلغه دعوة نبي من الأنبياء – إلى أن قال – وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم و لا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفر بعضهم وأما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم وأي إسلام يبقى مع مناقضه أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن لا إله إلاّ الله ... )
    و قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله
    (بل أهل الفترة الذين لم تبلغهم الرسالة والقرآن وماتوا على الجاهلية لا يسمون مسلمين بالإجماع ()
    ولا يستغفر لهم وإنما اختلف أهل العلم في تعذيبهم في الآخرة).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    و هذه المسألة كما ذكرت قل من يتطرق لها مع أهميتها فبسبب عدم التفريق بين الحقيقتين وقع كثير من الناس حتى ممن ينتسب للعلم و المشيخة في الحكم على من وقع في الشرك الأكبر بالإسلام مع أن مسألة خروج من فعل الشرك الأكبر من الإسلام من ضروريات الدين و لكن لما التبس عليهم بعض كلام أهل العلم ظنوا أن العلماء لا يخرجون من وقع في الشرك الأكبر من الإسلام لأنهم لا يكفرونه و أهل العلم يفرقون بين حقيقة الكفر و حقيقة الشرك لذا تجد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لما ذكر الشرك و ذكر الكفر فرق بينهما فقال رحمه الله (و اعلم أن ضد التوحيد الشرك و هو ثلاثة أنواع شرك أكبر و شرك أصغر و شرك خفي .... )ثم ذكر أدلة الشرك الأكبر و قال (هو أربعة أنواع .... ) و ذكر أنواعه.فلما انتهى من الشرك الأكبر دخل في الكفر و لو كان الشرك و الكفر حقيقة و احدة لما فارق بينهما الشيخ رحمه الله بل و فارق بين أنواعهما فقال في الكفر (الكفر كفران كفر يخرج من الملة و هو خمسة أنواع .... ) و ذكر الأنواع الخمسة و من تدبر في هذه الأنواع علم أنها كلها لا تكون إلا لمن أقيمت عليه الحجة إما بوصولها إليه ككفر التكذيب و الشك و النفاق أو بإعراضه عنها ككفر الإعراض و هذا تفصيل لما ذكرته من أن الكفر كله لا يكون إلا بعد قيام الحجة و أما الشرك فيكون قبل قيام الحجة فيسمى من وقع في الشرك مشركا و يخرج بذلك من الملة و لكن لا يكون من وقع في الشرك الأكبر كافرا حتى تقام عليه الحجة و ليس معنى قولنا أنه ليس بكافر أنه مسلم بل هو خرج من الملة بوقوعه في الشرك الأكبر و لا يعذب و هو مرادنا بالكفر إلا بعد قيام الحجة.و هذ التقسيم الذي ذكره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب قد سبقه إليه ابن القيم رحمه الله و ذكره في عدة من كتبه من أكثرها تفصيلا كتابه الماتع (مدارج السالكين) فقال رحمه الله (الكفر .. فأما الكفر فنوعان كفر أكبر و كفر أصغر .. ) ثم تكلم عن الفرق بينهما.ثم دخل في بيان أنواع الكفر الأكبر فقال (و أما الكفر الأكبر فخمسة أنواع كفر التكذيب و كفر استكبار و إباء مع التصديق و كفر إعراض و كفر شك و كفر نفاق ... ) ثم بدأ رحمه في شرح هذه الجملة.ثم قال رحمه الله (فصل الشرك: و أما الشرك فهو نوعان: اكبر و أصغر ... ) ثم دخل في شرح مطول في بيان أنواع الشرك.فهذا التقسيم هو ما أردنا التدليل على أصله و هو الفرق بين الشرك و الكفر بسبب وقوع كثير من الناس في الخلط بينهما مع أن بينهما من الفوارق كما بين السماء و الأرض لغة و شرعا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    السؤال
    (((لذا من بدع هذا العصر الشرعية و اللغوية و العقلية التفريق بين الفعل و الفاعل.فالأصل لغة و شرعا بل و عقلا أن من فعل فعلا سمى بهذا الفعل فمن اكل سمي آكلا و من شرب سمي شاربا سواء قيل بان الاسم مشتق من المصدر أو من الفعل فكل النحويين متفقون على ذلك و إن اختلفوا في أصل الإشتقاق لأن المصدر و الفعل كلاهما يتضمن الحدث الذي هو الفعل فشارب مثلا يتضمن حدث الشرب و هذا الحدث موجود في في الفعل و المصدر و فارق الفعل المصدر بأن الحدث قارنه زمن.و هذا من تدبره علم علم اليقين بأنه مقتضى جميع اللغات.)))
    هل يمكن ضرب أمثلة حول أول هذه الجملة حتى يُفهم المراد بدقة
    الجواب
    بالنسبة لقولي (لذا من بدع هذا العصر الشرعية و اللغوية و العقلية التفريق بين الفعل و الفاعل ... )فمن أمثلة هذه البدع شرعا و هو من أعظم الأمثلة تسميتهم من وقع في الشرك الأكبر مسلما فحقيقة الشرك تناقض حقيقة الإسلام مناقضة تامة فهما نقيضان لا يجتمعان و لا يرتفعان فلا بد من وجود أحدهما فجاء بعض ممن ينتسب للعلم في هذا العصر فقال نقول بأن فعله شرك و لكن لا نقول بأنه مشرك و دخلت عليهم هذه الشبهه لما قرأوا بعض كلام أهل العلم في عدم تكفير من وقع في الشرك فقالوا نحن نفرق بين الفعل و الفاعل فالفعل شرك و الفاعل ليس بمشرك و هؤلاء ما فقهوا معاني ألفاظ كتاب الله تعالى و المراد بهذه الألفاظ و لو أنهم رجعوا للكتاب و عكفوا على فهمه لما رأيتهم وقوعوا بمثل هذا و لكن دخل عليهم الشيطان بتعظيم أهل العلم و أخذ كلامهم على عواهنه دون عرضه على الكتاب و السنة فنشأ عندهم تعارض بين معاني القرآن و و بين معاني مشايخهم فقالوا لن نسبق مشايخنا بشئ فأثروا الركون على فهوم المتأخرين من بعض المشايخ ممن لم ترسخ قدمه بالعلم خاصة في مثل هذه العلوم الجليلة ثم رجع يبحث عن من يوافقه من أهل المتقدمين فوجد بعض الألفاظ التي وافقت قلبا خاليا فتمكنت منه و أخذ هذه الأفاظ دون تمحيص و لا تدقيق و لا مراجعة لمراد أهل العلم بهذا الألفاظ فترسخت عنده هذه الشبهه فأصبحت أصلا (فرق بين الفعل و الفاعل) من وقع في الشرك ليس بمشرك و إن كان فعله شرك و أنا أطالب من تقلد هذا لأصل الباطل أن يأتيني بدليل من الكتاب و السنة و أقوال الصحابة ما يدل على هذا الأصل.ثم إن هذا الأصل مبني على بدعة لغوية و هي التفريق بين الفعل و الفاعل و قد بينا سابقا أن النحويين أجمعوا على أن من وقع الفعل منه أشتق له اسم فاعل فمن ركض يقال راكض و من سمع يقال سامع و من درس يقال دارس و إن اختلفوا في أصل الإشتقاق هل هو الفعل أم المصدر و لكنهم لا يختلفون فيما ذكرنا عنهم.و أما مقتضى العقل فمن السفه أن يقال لمن أكل او شرب أو نام بأنه ليس بشارب و لا نائم و لا آكل و لو قيل له أنت نائم أو شارب أو آكل و قال لا يحق لكم أن تقولوا هذا نعم أنا أكلت و شربت و نمت و لكني لست بنائم و لا بشارب و لا بآكل فهل يشك أحد بأن مثل هذا من السفه المستبين.هذا هو مرادي بهذه العبارة.ـ[أبو أسيد البغدادي]ــــــــ[10 - 06 - 04, 07:27 ص]ـلعله من لمهم هنا التنبيه الى أن الكفر قد يطلق في الكتاب و السنة و يراد به الشرك لا كفر القتال و التعذيب و يعرف ذلك بالقرائن كقوله تعالى (وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين) اي مشركين لان القوم ما بلغتهم الحجة،و قد نبه الى هذا الشيخ الخضير في كتابه الحقائق في التوحيد

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    لعل كلامك يجرنا إلى قاعدة مهمة و هي أن الكفر و الشرك إذا اقترنا افترقا و دليله ما ذكرنا من آيات كقوله تعالى (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) (آل عمران: 151).و قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِين َ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (البينة: 6).فلما اقترن الكفر و الشرك فرق الله تعالى هنا بين الشرك و الكفر فالكفر أعم من الشرك لأنه يدخل فيه كل خروج عن الدين كتكذيب الرسل أو تحريف الكتب أو غيرها من أنواع الكفر و أما الشرك فهو اتخاذ الأندادا من دون الله تعالى و هذه الحقيقة لا يدخل فيها إلا ما في معناها كشرك الدعوة و الإستغاثه و السجود و غيرها من أنواع الشرك.لذا ذكر الله تعالى وصف أهل الكتاب و المراد هنا بوصف أهل الكتاب من خرج من الدين منهم-و إذا افترقا قد يراد بالكفر الشرك و لكن هنا يكون المراد به الشرك الذي أقيمت على صاحبه الحجة كما قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج: 25) و المراد بهذه الآية قريش و كان سبب كفرهم غالبه الشرك.و قوله تعالى (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) (المؤمنون: 117) فهنا ذكر الله تعالى وصف الشرك و ختم الآية بالكفر لبيان أن الشرك سبب لدخول النار و الكفر و الحساب الشديد.فمن تتبع نفي الفلاح في كتاب الله تعالى يجده غالبا مقيد الكفر و الظلم و الإجرام.كما قال تعالى (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) (القصص: 82).و قال (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (الأنعام: 21).و قال (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) (يونس: 17)
    و كل هذه الأوصاف لا تكون إلا بعد قيام الحجة.
    و أما إذا انفرد الشرك فليس من شرطه أن تكون الحجه مقامه فيه إلا بقرينة
    كما قال تعالى (حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) (الحج: 31) فهذه الآية عامة تشمل من أقيمت عليه الحجه و من لم تقم عليه.و قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء: 48).و قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً) (النساء: 116).و قوله تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) (المائدة: 72)
    و في هذه الآية ذكر الله تعالى مصير أهل الشرك و لكن هذا مقيد بشرطه و هو إقامة الحجه كما هو ثابت بالأدلة الأخرى.
    و قوله تعالى (ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (الأنعام: 88).و قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (الحج: 17).و قوله (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ) (المائدة: 82).و قوله تعالى (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر: 65).لذا من المعلوم ضرورة من دين الإسلام أن من وقع في الشرك الأكبر حبط عمله حبوطا كليا.و لنتدبر في قوله تعالى (ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (غافر: 12) فهذه الآية فيها دليل على التفريق بين الكفر و الشرك و أن الشرك مقابله التوحيد و الكفر مقابله الإيمان.ففي قوله تعالى (ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ) ذكر وصف التوحيد و هو إخلاص الدعوة لله تعالى و ذكر موقف المشركين من هذا التوحيد و هو الكفر أي الجحد و الإنكار.و في قوله تعالى ( ... وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا) أي يؤمنوا بهذا الشرك.فإخلاص الدعاء لله تعالى مقابل الشرك و الكفر بالتوحيد مقابل الإيمان بالشرك و العكس بالعكس أي الإيمان بالتوحيد مقابل الكفر بالشرك كما قال تعالى (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 256).
    فنخلص إلى أن هذه الآية فيها تفريق صريح بين االشرك و الكفر و أن لكل منهما حقيقة تفارق الآخر و يلزم من تخالفهما تخالف أضدادهما فجعل الله تعالى ضد التوحيد الشرك و ضد الإيمان الكفر.
    و أما قوله تعالى (وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين).
    فما نبه عليه الشيخ الخضير ليس في محله فبعد أن ذكرنا الأصل السابق علمنا يقينا أن هذه الآية المراد بها أن هؤلاء قد أقيمت عليه الحجة فسبب تسميتهم كافرين هو عبادتهم لغير الله تعالى و ليس هذا معناه أنهم لم تقم عليهم الحجة بل الحجة مقامة عليهم لوصفهم بالكفر هذا هو الفهم الصحيح لمعنى الكفر في كتاب الله تعالى و هذا هو المعهود من لفظ الكفر في القرآن.و سأبين معنى دقيق خفي على الشيخ الفاضل في هذه الآية فقوله تعالى (وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ) (النمل: 43) كلام الله تعالى هذا ذكره بعد مجئ بلقيس إلى سليمان عليه السلام و هذا هو سياق الآية كما في هذه القصة.و معلوم من سياق الآية أن قبل مجئ بلقيس لسليمان عليه السلام كان سليمان عليه السلام أرسل إليهم إليهم كتابا ((قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ29إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ30أَلّ َا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) (النمل: 31) فهذا كتاب سليمان عليه السلام لهم فبهذا الكتاب قد أقيمت عليهم الحجه فأصبحوا كافرين إن لم تكن الحجه مقامه عليهم من قبل و معلوم من سياق الآية أن قوله تعالى (إنا كانت من قوم كافربن) في آخر سياق القصة.ثم إن الله تعالى ذكر في نفس الآية الشرك و هي عبادتهم للشمس من دون الله تعالى و ذكر الكفر و هو قوله (إنها كانت من قوم كافرين) فلابد إذن أن يفترقا بالمعنى كما افترقا باللفظ و السياق فلا يقال أن المراد بأنها كانت من قوم كافرين الشرك لأن صفة الشرك موجودة في الآية و الأصل عدم التكرار فلو كررنا لفظ الشرك لكنا سياق الآية يأتي بهذلا المعنى و صدها الشرك و هو عبادة الشمس من دون الله تعالى إنها كانت من قوم مشركين و هذا المعنى فيه تكرار واضح ينزه عنه كلام الله تعالى و الأصل كما ذكرنا عدم التكرار و كذلك الأصل التأسيس لا التأكيد و قولنا بأن المراد هنا إقامة الحجة بيان لمعنى غير مكرر لأن التكرير تأكيد و المعنى الجديد تأسيس.ثم إن الله تعالى ذكر في أول القصة وصفها و قومها بالشرك و عبادة الشمس من دون الله تعالى بقوله (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) (النمل: 24) فلا حاجة إذا تكرار وصف قومها بالشرك و أنها كانت من قوم مشركين.فوصف الشرك كما قررنا يفارق وصف الكفر هذا هو الأصل و لا يجتمعان إلا بعد قيام الحجة.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    السؤال -الحق أن الصدر ينشرح لما ذكرتم و يزول به كثير من الاشكال ولعل الشيخ ذكر أن الشرك قد يأتي بمعنى الكفر لورود ذلك على لسان أئمة الدعوة رحمهم الله،
    مثل:
    1 - قول الشيخين الكريم حسين و عبد الله أبناء شيخ الاسلام محمد (الدرر10\ 142):"من مات على الشرك قبل بلوغهذه الدعوة فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفا بفعل الشرك و يدين به و مات على ذلك فهذا ظاهره أنهمات على الكفر ... )، قال الشيخ -:"وقوله مات على الكفر أي كفر شرك"(التوضيح و التتمات حاشية64)
    2 - قال الشيخ حمد بن ناصر (الدرر10\ 336):",ام من كان يعبد الأوثان و مات على ذلك قبل ظهور هذا الدين فهذا ظاهره الكفر"، قال الشيخ معلقا"لانه يعبد الأوثان، و الكفر المسمى هنا كفر شرك"أرجوا التعليق
    الجواب
    نحن اليوم نحتاج أشد الحاجة لمذاكرة علومنا و مدارستها لم في ذلك من الفوائد العظيمة من تثبيتها و مراجعتها و استدراكها و نمائها.و أما ما ذكرته من أقوال علماء الدعوة فتدبره ينبهنا إلى أمور:
    قولك (قول الشيخين الكريم حسين و عبد الله أبناء شيخ الاسلام محمد (الدرر10\ 142):"من مات على الشرك قبل بلوغهذه الدعوة فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفا بفعل الشرك و يدين به و مات على ذلك فهذا ظاهره أنهمات على الكفر ... )، قال الشيخ -:"وقوله مات على الكفر أي كفر شرك").انظر كلام الشيخين في التفريق بين الشرك و الكفر فبينا أولا إنه إذا مات على الشرك ثم حكما بكفره و هما حكما بالظاهر و أما أمره إلى الله و المراد هل أقيمت الحجة فهذا عند الله كما قال ابن القيم رحمه الله (والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليه الحجة أم لا فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وعباده فيه بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم) فمن كان من أهل الفترة و لم تقم عليه الحجة ظاهرا يعامل معاملة الكفار كالأطفال و المجانين و الهرم كما هو ثابت في حديث أبي هريرة و الأسود بن سريع فليس معنى أننا لا نعلم هل أقيمت عليهم الحجة أم لا؟ نعاملهم في الدنيا معاملة المسلمين أو نتوقف فيهم.فكلام أبناء الشيخ موافق لما قرره ابن القيم رحمه الله.و تتتمة كلام أبناء الشيخ رحمهم الله تبين ذلك ( .... فلا يدعى له ولايضحى له و لايتصدق عنه وأما حقيقة أمره فإلى الله تعالى فإن قامت عليه الحجة في حياته وعاند فهذا كافر في الظاهر والباطن وإن لم تقم عليه الحجة في حياته فأمره إلى الله).فكل هذه الأحكام هي أحكام الكفار لا المسلمين.ثم أنهم فرقوا بين من كان كفره ظاهرا إذا لم يعلموا هل أقيمت عليه الحجة أم لا؟بقولهم (فهذا ظاهره أنه مات على الكفر) و قالوا (وإن لم تقم عليه الحجة في حياته فأمره إلى الله).و إذا أقيمت عليه الحجة و عاند قالوا (فإن قامت عليه الحجة في حياته وعاند فهذا كافر في الظاهر و الباطن).فبهذا يتبين مرادهم بالحكم عليه ظاهرا بالكفر و هذا يكون متى لم نعلم إقامة الحجة عليه.و أما ظاهرا و باطنا فيكون بعد إقامة الحجة عليه.و هذا الكلام يتماشي تماما مع ما قررناه من التفريق بين الكفر و الشرك و أن الكفر يكون بعد إقامة الحجة و أما الشرك فهو سبب الكفر و الكفر شرط التعذيب.و انظر كلام ابن القيم هذا و قارنه بكلام علماء الدعوة تجد أنه خرج من مشكاة واحدة هي مشكاة ألفاظ و معاني الكتاب و السنة (بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول) فمراد ابن القيم هنا هو عينه مراد علماء الدعوة بالحكم على من دان بدين غير الإسلام بالكفر ظاهرا و أما الحكم بالكفر باطنا فهذا موكول إلى الله تعالى مشروط بإقامة الحجة عليهم.و على التفصيل الذي ذكرناه يحمل كلام الشيخ حمد بن معمر و هي تقريبا نفس الألفاظ لا تحتاج إعادة بيان.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    السؤال
    نقل اجماع ائمة الدعوة على ان زمن شيخي الاسلام كان زمن فترة، فهل نقل الاجماع عل هذا أحد غيره؟ و لم كان زمنهم زمان مع وجود القران و القوم عرب فيهم الادباء و الشعراء و المتكلمون؟ ام ان الكتاب لا يكفي لاقامة الحجة اذا لم يكن هنالك دعاة للتوحيد (انظر باب 16 باب الفترة من الحقائق، و انظر ايضاباب 48 و باب 49 من الحقائق).
    الجواب

    أما بالنسبة لنقل الإجماع فلا أعلم أن أحدا من علماء الدعوة النجدية نقل الإجماع على ذلك و لكن لعل الشيخ من خلال استقراءه لكلام علماء الدعوة تبين له أن هذا هو قول علماء الدعوة النجدية قاطبة لسعة إطلاعه على أقوال علماء الدعوة.و أعلم أخي الفاضل أنه ليس من شرط الفترة أن لا تقام الحجة على أحد في هذا الوقت و لكن المراد أن الرسالة تضعف حتى تخفى كثير من معالم الرسالة عند كثير من الناس و هذا هو المعنى الصحيح للفترة لغة و شرعا و لا تناقض بين هذا المعنى و بين حديث النبي صلى الله عليه و سلم (أربعة يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة فأما الأصم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما الأحمق فيقول رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر وأما الهرم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار قال فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما) فليس كل من كان في زمن الفترة لم تقم عليه الحجة فهناك الكثير من كان في زمن الفترة مقامه عليهم الحجه و لكن زمن الفترة مظنة عدم قيام الحجة.بل ما هو أبلغ من ذلك ما ذكره ابن القيم رحمه الله في الفرق بين عجز المعرض و عجز الطالب و هما في زمن فترة و لم يتمكنا من الوصول للحجة فلما كان أحدهما معرضا و مثل هذا لو وجدت الحجه لما انقاد لها فوجود الحجه و عدمها في مثل حاله سواء فمثل هذا قال ابن القيم رحمه الله بأن الحجه مقامه عليه و أما من استفرغ وسعه في طلب الحق و لم يجده فهذا حكمه خكم أهل الفترة كما في حديث الأسود بن سريع.فالمراد أن ليس كل زمن قيل بأنه زمن فترة أن الحجه غير مقامه على أهله و لكن من مات في زمن الفترة و لم نعلم بأن الحجه مقامه عليه هنا لا نستطيع الحكم عليه بأنه من أهل النار مع أن مثل هذا قد تكون الحجه مقامه عليه عند الله لذا نكل أمره إلى الله تعالى.فزمن شيخ الإسلام بهذا المعنى الذي ذكرناه زمن فترة و لا شك و المتتبع لرسائل الشيخ الشخطية و كتبه علم أن الشيخ رحمه الله جدد الملة في هذا الوقت و أقام الحجة على الناس بإظهار دعوة التوحيد و نشرها.قال تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (المائدة: 19) و معلوم أن انقطاع الرسل هنا يلزم منه ضعف الرسالة لذا أقام الله تعالى الحجة على أهل الكتاب ببعثة النبي صلى الله عليه و سلم حتى لا يحتجون بانقطاع الرسالة بأنه لم يأتهم بشير و لا نذير.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    السؤال
    ما ذكرتموه عن معنى الفترة وقيام الحجة الخاصة على بعض الناس زمن الفترات و اضحبين و لله الحمد فوالدا الرسول صلى الله عليه و سلم و أهل مكة و بنو عامر وغيرهم ممن كانوا في زمان الفترة وورد في الحديث الحاق اسم الكفر وحكمه بهم قامت عليهم الحجة الخاصة بالاحناف و بقايا الموحدين من أهل الكتاب، ولكن ما أشكلعلي شيخي الكريم هو هل توجد الفترة مع وجود الكتاب غير المحرف ووجود من يفهم معناه؟ الذي يظهر لي من كلام الشيخ علي الخضيرفك الله أسره أنه يرى أن الحجة لا تقوم بالكتاب مع عدم وجود المبلغ و يستدل علىذلك باحاديث رفع العلم أرجو التعليق
    الجواب
    هذا الكلام ليس على إطلاقه و لا يعم كل المسائل فمسائل الشرك الأكبر و عبادة غير الله لا يشترط لها ذلك فشرط إقامة الحجة هنا هو الإعراض عنها فمجرد وجود الإعراض فقد أقيمت الحجة و هذا ما قرره شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في عدة مواضع من كتبته حيث قرر أن ليس من شرط الحجه بلوغها لكل فرد بل الوجاب إبلاغها بلاغا عاما و متى ما أعرض المكلف و صد عن الحجة فقد أقيمت عليه الحجة حتى و إن لم تبلغه و هذا الأصل ذكره في المجلد الثامن و العشرين من الفتاوى و في الرد على المنطقيين و غيرهما.لذا ألحق ابن القيم رحمه الله من مات في زمن الفترة و لم تبلغه الحجة و لم يتمكن منها و لكن كان عاجزا معرضا ألحقه بمن تمكن من الحجة ثم اعرض عنها لأن المناط و هو الإعراض موجود في الحالتين فكان حكمهما واحدا و سمى هذا عجز المعرض و أما الذي يعذر هو من لم يتمكن من الحجة و كان طالبا للحق مؤثرا له و لم يصل للحجة فهذا هو الذي يحكم له يوم القيامة بحكم أهل الفترة.لذا على هذا الأصل الذي ذكرناه ليس من شرط كل حجة أن يكون هناك مبلغ يبلغ المكلف الحجه لأن المكلف كما ذكرنا قد تقوم عليه الحجه بمجرد إعراضه و لو لم يصله شئ سواء مبلغ أو كتاب.و أما الإحتجاج بأحاديث رفع العلم فهذا الإحتجاج لا يستقيم على الأصل الذي ذكرناه و فرق بين رفع العلم و رفع الحجه فالعلم قد يرفع و يثبت الجهل بسبب إعراض بعض الناس عن العلم و ليس هذا معناه أنهم لم تقم عليهم الحجة فمعلوم أن المعرض عن الحق حتى لو وجدت الحجة فهو جاهل غير عالم فهل يقول أحد أنه و الحاله هذه الحجه غير مقامه عليه.ثم إن الحجه في أصل الدين لا تحتاج إلى عالم بل كل من علم الحق فيها فهو ممن أمكن أن يقيم الحجه على المشركين و مثل هذا الصنف لا يعدم من الأرض إلى قيام الساعة كما في حديث الريح التي تقبض روح كل مؤمن.فالله تعالى سمى ما قبل بعثة النبي صلى الله عليه و سلم فترة و كان الجهل و الضلال منتشر و معلوم أن كثير من الناس و قتها الحجه مقامه عليهم فكيف بعد بعثة النبي صلى الله عليه و سلم و انتشار الدين و لا نقول أنه ليس هناك أناس قد يكونون من أهل الفترة بعد بعثة النبي صلى الله عليه و سلم و لكن نقول أن أهل الفترة بعد بعثة النبي صلى الله عليه و سلم أقل ممن قبل البعثة.و الله أعلم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (وإذا أخبر بوقوع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر منها لم يكن من شرط ذلك أن يصل امر الآمر ونهى الناهى منها الى كل مكلف فى العالم اذا ليس هذا من شرط تبليغ الرسالة فكيف يشترط فيما هو من توابعها بل الشرط ان يتمكن المكلفون من وصول ذلك اليهم ثم إذا فرطوا فلم يسعوا فى وصوله اليهم مع قيام فاعله بما يجب عليه كان التفريط منهم لا منه ... ) الفتاوى 28/ 125 - 126.
    و قال رحمه الله (بناء على هذا الفرق هذا لم يتواتر عندي فلا يقوم به الحجة على فيقال له اسمع كما سمع غيرك وحينئذ يحصل لك العلم وإنما هذا كقول من يقول رؤية الهلال أو غيره لا تحصل إلا بالحس وانا لم أره فيقال له أنظر إليه كما نظر غيرك فتراه إذا كنت لم تصدق المخبرينوكمن يقول العلم بالنبوة لا يحصل إلا بعد النظر وأنا لا أنظر أو لا أعلم وجوب النظر حتى أنظرومن جواب هؤلاء أن حجة الله برسله قامت بالتمكن من العلم فليس من شرط حجة الله تعالى علم المدعوين بها
    ولهذا لم يكن إعراض الكفار عن استماع القرآن وتدبره مانعا من قيام حجة الله تعالى عليهم وكذلك إعراضهم عن استماع المنقول عن الأنبياء وقراءة الآثار المأثورة عنهم لا يمنع الحجة إذ المكنة حاصلةفلذلك قال تعالى وإذا تتلى عليه ءايتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في اذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم وقال تعالى وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه لعلكم تغلبون فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا) الرد على المنطقيين 99.
    قال ابن القيم رحمه الله (نعم لا بد في هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه والقسمان واقعان في الوجود فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضا أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة الثاني معرض لا إرادة له ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه فالأول يقول يا رب لو أعلم لك دينا خيرا مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي والثاني راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق فالأول كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزا وجهلا والثاني كمن لم يطلبه بل مات على شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض فتأمل هذا الموضع والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهبذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم ... ).

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    السؤال
    هلا شرحتم لنا-ااتماما للفائدة-كلام الشيخ عبد اللطيف ال الشيخ
    ( ... فلا حجة بالوحيين إذ النقل و التعريف يتوقف على أهل العلم كما أن بيان المعاني يتوقف عليهم) (الحقائق باب 48 - كتاب حقيقة الحجة)وهلا بينتم لنا حال القوم ايام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولماذا كانوا أهل فترة؟
    الجواب
    بالنسبة لكلام الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله (تعريف أهل العلم للجهال بمباني الإسلام وأصول الإيمان والنصوص القطعية والمسائل الإجماعية حجة عند أهل العلم تقوم بها الحجة وتترتب عليها الأحكام، أحكام الردة وغيرها والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتبليغ عنه ومن الذي يبلغ وينقل نصوص الكتاب والسنة غير أهل العلم ورثة الرسل؟ فإن كانت حجة الله لاتقوم بهم وببيانهم أن هذا من عند الله وهذا كلام رسول الله فلا حجة بالوحيين إذ النقل والتعريف يتوقف على أهل العلم كما أن بيان المعاني يتوقف عليهم كما قال علي رضى الله عنه في حديث كميل بن زياد بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحججه كي لا تبطل حجج الله، وبالجملة فالحجة في كل زمان ومكان إنما تقوم بأهل العلم ورثة الرسل) مصباح الظلام 124،123هنا نكتة مهمة جدا يجب التنبه لها و هي هناك فرق بين البلاغ العام و بين قيام الحجة على الأعيان.نعم البلاغ العام لا يقوم به إلا أهل العلم و ورثة الرسل و ليس معنى هذا أن الأعيان وقتها غير مقامه الحجه عليهم فمن قال حينها بأن كل عين قبل البلاغ العام الحجه غير مقامه عليهم فقد كذب و افترى.
    فإذا كان المشركون قبل بعثة النبي صلى الله عليه و سلم الكثير من أعيانهم الحجه مقامه عليهم و لم يكن هناك بلاغ عام لذا ما أراه من كلام الشيخ أنه يريد بذلك البلاغ العام لا قيام الحجة على الأعيان قال تعالى (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (المائدة: 92).و قال (مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) (المائدة: 99).و قال (فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (النحل: 82).نعم يلزم من البلاغ العام قيام الحجه على من لم تقم عليه الحجه قبله.ثم إن المقصود من البلاغ العام هو هداية الناس و إخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.قال تعالى (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف: 6).و قال (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (فاطر: 8).فالنبي صلى الله عليه و سلم كان يريد أن يهلك نفسه من أجل هداية الناس و لم يهلك نفسه من أجل إقامة الحجة عليهم و إن كان كما ذكرنا يلزم من البلاغ العام قيام الحجة.و الدليل على أن الشيخ عبد اللطيف رحمه الله لم يرد قيام الحجة في أًصل ذكر تعريف أهل العلم بمباني الإسلام و المسائل الإجماعية و النصوص القطعية و هذه المسائل يدخل فيها المسائل الظاهره و الخفية و غيرها.و أما قيام الحجه على الأعيان فهذه مسألة أخرى غير مسألة البلاغ المبين العام فالحجة على المعين في أصل الدين تقوم بأدنى من هذا بكثير كما ذكر ابن القيم رحمه الله في طبقات المكلفين فكل من أعرض و إن كان غير متمكن من الحجه فقد أقيمت عليه الحجه و يدخل في كلام ابن القيم رحمه الله من لم يتمكن من الحجه و علم الحق ثم صد عنها فهؤلاء حكمهم حكم من تمكن من الحجه فكيف إذا كان متمكنا منها.و الشيخ عبد اللطيف رحمه الله نقل كلام ابن القيم في الطبقة السابعة عشر ثم علق عليه قائلا (فقف هنا وتأمل هذا التفصيل البديع فإنه لم يستثن إلا من عجز عن إدراك الحق مع شدة طلبه وإرادته له فهذا الصنف هو المراد في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وأمثالهما من المحققين رحمهم الله ... ) و هذا الكلام في قيام الحجة لا في البلاغ العام فتدبر الفرق بين النقلين يتبين لكم المراد منهما.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    أما حال القوم في زمن شيخ الإسلام فهو منتشر في كتب الشيخ و أبنائه و أحفاده و تلامذته و هذا كتاب يبين حقيقة دعوة الشيخ رحمه الله و حال الناس في زمنه و كان الناس في زمن الشيخ رحمه الله في فترة لضعف العلم والقدرة على العمل بأصل الدين فصار الوقت وقت فترة.
    قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله ((لكن قد تخفى آثار الرسالة في بعض الأمكنة والأزمنة حتى لا يعرفون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إما لا يعرفون اللفظ وإما أن يعرفوا اللفظ و لا يعرفوا المعنى فحينئذ يصيرون في جاهلية) الفتاوى 17/ 307.
    و هذه الحقيقة كانت موجودة في زمن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    السؤال
    كنت قد اطلعت على ما كتبته من فوائد جليلة في هذا الموضوع و بقي في ذهني إستشكال أعرضه عليك و هو بخصوص قيام الحجة حيث أنك جعلت الإعراض مطلقا يمثل في نفسه قيام الحجة حتى بدون بلوغ الرسالة .. و هنا موضع الإستشكال حيث أن الله تعالى أخبر بانه يبعث الرسل حتى لا تكون للناس حجة و هو عكس ما قررته في كلامك من كون الحجة تكون قائمة بمجرد الإعراض و لو لم تبلغ الرسالة .. قال تعالى (و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) و قال (رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) .. فهذه الآيات و غيرها صريحة في تقوية الإعتراض حيث الحجة لا تقوم كما هو ظاهر الآيات إلا بإبلاغ الرسل و قيام الحجة لا بمجرد الإعراض
    الجواب
    إيرادك لما يشكل من مسائل حتى يتم مدراستها و مذاكرتها و بيان وجه الحق فيها و قبل أن أشرع في بيان وجه الحق في هذا الإشكال لي عدة ملاحظات يجب التنبه لها قبل الشروع:الأولى: يجب التنبه أن الأصل هو ما ذكره الله تعالى في كتابه أنه لا يعذب أحدا حتى يبعث له رسولا كما قال تعالى {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (15) سورة الإسراء و غيرها كثير من الآيات.الثانية: أن مسألتنا هذه ليس عكس الأصل الذي ذكرناه بل هي فرع عنه و سنبين ذلك إن شاء الله عند الشروع في الموضوع.الثالثة: يجب التفريق بين مسألة أن العقل حجة على الخلق في العذاب و إن لم يأت رسول كما هو قول أهل البدع من المعتزلة و غيرهم و بين مسألة أن الإعراض و عدم طلب الحق و السعي له حجة على المكلف و سأذكر فرق واحد يبين لنا حقيقة الفرق بين المسألتين و هو أن أهل البدع ليس عندهم أهل فترة لأن العقل موجود عند كل مكلف فهو حجة عليهم و أما من قال بأن المعرض غير المؤثر للحق و لا مريد له معذب يقول بأن هناك أهل فترة و لكن صفتهم أنه طلبوا الحق و آثروه في وقت الفترة و لم يصلوا إليه فهؤلاء هم من ينطبق عليه حكم أهل الفترة.الرابعة: أن هذه المسألة ليست مهمات المسائل في أصول أهل السنة و الجماعة و بل و لعله لا ينبى عليها عمل في الدنيا لأن محلها يوم القيامة و الله تعالى يحاسب الناس يومها على علمه لا على علمنا و هو تعالى أعلم بمن قامت عليه الحجة و من لم تقم عليه

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    السؤال
    هناك كتاب لأبي يوسف مدحت ال فراج العذر بالجهل تحت المجهر الشرعى , فهل اطلعت عليه
    الجواب
    لقد اطلعت على الكتاب و هو يكاد يكون من أفضل الكتب التي جمعت في هذا الباب في أيامنا هذه.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    السؤال
    ما رأيك يا شيخ عبد الرحمن بكتابي الشيخ أبي العلا راشد الراشد (عارض الجهل- ضوابط تكفير المعين)؟
    الجواب
    كتاب أبو العلا عارض الجهل قرأت أكثره و توصل إلى الحق في مسائل كثيره إلى أنه لم يصل إلى المأخذ الصحيح في هذه المسائل و تختلط عند مسألة الاسم قبل قيام الحجة و الاسم بعد قيامها فاسم الشرك لا يحتاج إلى قيام حجه و أما العقوبة و العذاب فلايقعان إلا بعد قيام الحجه

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر

    فائدة -حديث الرجل الذي أمر بذري نفسه فهذا موضوعه آخر فهو و إن كان قد أراد المعنى الذي تكلم به و لكن لم ينكر البعث بل هو مؤمن بالبعث و لكن خوف من العذاب الذي يؤمن به أمر أبنائه بحرقه و سحقه و ذريه في البر و البحر فهو حقيقة مؤمن بالبعث و بعموم قدرة الله تعالى و بالحساب و عنده من الخوف من الله تعالى ما ليس عندنا و لكن ظن أنه لو فعل هذا قد لا يقدر عليه الله تعالى و مثل هذا يعذر بجهله إن كان مثله قد يجهل هذا و أما مسألتنا فهي في الشرك الأكبر الذي أرسل الله الرسل كلهم و أنزل الكتب كلها في التحذير منه و البراءة من أهله و تكفيرهم.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأجوبة المحققة المفيدة على الاسئلة العديدة المسترشدة فى الفارق والجامع بين مفهوم الشرك والكفر


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •