خطـر اليهـود

الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر


إنّ من يتأمَّل التاريخ على طول مداه، ويتأمل في أحوال الأمم وأخلاقها ومعاملاتها يجد أن أسوأ الأمم خُلقا، وأشرَّها معاملة، أمّةُ اليهود، تلك الأمة الغضبية الملعونة، أمّة الكذب والطغيان والفسوق والعصيان والكفر والإلحاد، أمّةٌ ممقوتة لدى الناس؛ لفظاظة قلوبهم وشدّة حقدهم وحسدهم، ولعِظم بغيهم وطغيانهم، أهل طبيعة وحشية وهمجيّة، لا يباريهم فيها أحد، كلّما أحسوا بقوةٍ ونفوذٍ وتمكنٍ وقدرة هجموا على من يعادونه هجوم السبُع على فريسته، لا يرقبون في أحد إلاًّ ولا ذمة، ولا يعرفون ميثاقاً ولا عهدا، لا يُعرف في الأمم جميعها أمةٌ أقسى قلوبا ولا أغلظ أفئدة من هذه الأمة، قد التصق بهم الإجرام والظلم والعدوان والجور والبهتان من قديم الزمان، يقول الله -تعالى-: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} (المائدة: 13) ويقول الله -تعالى-: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} (البقرة: 74).

قتلوا أنبياء الله

ومن قسوة قلوب هؤلاء أنهم قتلوا بعض أنبياء الله الذين جاؤوا يحملون إليهم الهدى والصلاح والسعادة والفلاح، قال الله -تعالى-: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} (المائدة: 70)، وقال -تعالى-: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء: 155)، وقال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (آل عمران: 21)، وهذه القسوة التي وصمهم الله بها في القرآن ملازمةٌ لهم على مر العصور واختلاف الأزمان إلى زماننا هذا.

أهل مكرٍ وخديعة

ثم هم مع ذلك أهل مكرٍ وخديعة وخُبث وكيد، وقد عانى المسلمون الأُوَل من صفة اليهود هذه الشيء الكثير، ولا يزال المسلمون يعانون الويل من جرَّاء مكر اليهود وكيدهم والله يقول: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (آل عمران: 120)

وقد دأَب اليهود من قديم الزمان على الغدر والخيانة ونقض العهود والوعود، قال -تعالى-: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} (الأنفال: 55-56)، لقد عاش اليهود طوال حياتهم بؤرة فساد في المجتمعات، وأساس كل منكر وفحشاء، ينشرون الرذيلة، ويشيعون الفساد، وقد كانوا عبر التاريخ مصدراً للمنكر والفحشاء؛ فهم أصحاب بيوت الدعارة في العالم، وناشرو الانحلال الجنسي في كل مكان، يبتزُّون أموال الشعوب ثم يسخرونها في إشاعة الرذيلة بينهم ليحطِّموا بذلك قيمهم، ويخلخلوا إيمانهم، ويضعِفوا قوتهم، ليكونوا بذلك فريسةً سهلة لهم، فما أقبحه من مكر!

عداءٌ قديم

إن عِداء اليهود للإسلام عداءٌ قديم منذ فجر الإسلام الأوّل، وعداءهم وحقدهم على أهله معروف لدى الخاص والعام في قديم الزمان وحديثه؛ لأن الإسلام عرَّى حالهم، وكشف أمرهم، وفضح مخازيهم، وأظهر قبائحهم وشنائعهم، فبات أمرهم معلناً بدل أن كان سراً، وبادياً لكل أحد بعد أن كان خفيّا. وجاءت آيات القرآن الكريم آيةً تلوى الأخرى معرِّية أمر هؤلاء مجلِّية حقيقة أمرهم كاشفةً كل مكرهم وكيدهم وخداعهم، وصدق الله؛ إذ يقول: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (الأنعام: 55).

لا غرابة أن كان عداء اليهود للإسلام شديداً؛ فالإسلام جاء هادماً لكل ما لديهم من زيف وبهتان وباطل، ومناقضا لكل ما عندهم من جنوح وانحراف وضلال؛ فإنَّ الإسلام يدعو إلى الإيمان والتوحيد والإخلاص، واليهود يدعون إلى الكفر والإلحاد والتكذيب والإعراض، والإسلام يدعو إلى مُثُلٍ عليا وقِيم رفيعة وإلى الرحمة والخير والإحسان، بينما اليهود يدعون إلى القسوة والإجرام والوحشية والعدوان والظلم والبهتان.

الإسلام يدعو إلى الحياء والستر والحشمة والعفاف، واليهود يدعون إلى الرذيلة والفساد والمكر والبغي.

الإسلام يحفظ الحقوق ويحترم المواثيق ويحرِّم الظلم، واليهود لا يعرفون حقّا، ولا يحفظون عهداً ولا ميثاقاً، ولا يتركون الظلم والعدوان.

الإسلام يحرِّم قتل النفس بغير الحق، ويحرِّم السرقة والزنا، واليهود يستبيحون سفك دماء غير اليهود وسرقة أموالهم وانتهاك أعراضهم.

اعتقادات باطلة

ورغم كلِّ هذا الضلال الذي هم فيه فإنهم يعتقدون في أنفسهم أنهم شعب الله المختار، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن أرواحهم متميزة عن بقية أرواح البشر بأنها جزء من الله، وأنه لو لم يُخلق اليهود لانعدمت البركة من الأرض، ولما نزلت الأمطار ولا وجدت الخيرات! ويعتقدون فيمن سواهم أنهم أشبه بالحمير، وأن الله خلقهم على صورة الإنسان ليكونوا لائقين لخدمتهم! ألا شاهت وجوه الأخسرين ولعنة الله على المجرمين.

فلسطين قضيةٌ إسلامية

يجب أن ندرك جميعاً أنَّ عدوان اليهود على المسلمين في فلسطين ليس مجرد نزاعٍ على أرض، بل يجب أن ندرك أن قضية فلسطين قضيةٌ إسلامية يجب أن يؤرِّق أمرها بال كل مسلم؛ ففلسطين بلد الأنبياء، وفيها ثالث المساجد الثلاثة المعظمة، وهي مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبلة المسلمين الأولى، وليس لأحدٍ فيها حقّ إلا الإسلام وأهله، والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.


لابد من عودةٍ صادقة

ويجب أن ندرك أنَّ تغلب هذه الشرذمة المرذولة والفئة المخذولة وتسلطهم على المسلمين إنما هو بسبب الذنوب والمعاصي، وإعراض كثير من المسلمين عن دينهم الذي هو سبب عِزهم وفلاحهم ورفعتهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى: ?؟)، فلابد من عودةٍ صادقة وأوبة حميدة إلى الله -جلّ- وعلا فيها تصحيحٌ للإيمان وصلةٌ بالرحمن، وحفاظ على الطاعة والإحسان، وبُعدٌ وحذرٌ من الفسوق والعصيان لينال المؤمنون العزّة والتمكين والنصر والتأييد.

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (النور: 55-56).