الشبهة الثالثة : قال الطبري في تاريخه حدثني عبدالله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثني سليمان قال قرأت على عبدالله عن فليح قال أخبرت أن عمرو بن العاص وفد إلى معاوية ومعه أهل مصر فقال لهم عمرو أنظروا إذا دخلتم على ابن هند فلا تسلموا عليه بالخلافة فإنه أعظم لكم في عينه وصغروه ما استطعتم فلما قدموا عليه قال معاوية لحجابه إني كأني أعرف ابن النابغة وقد صغر أمري عند القوم فانظروا إذا دخل الوفد فتعتعوهم أشد تعتعة تقدرون عليها فلا يبلغني رجل منهم إلا وقد همته نفسه بالتلف فكان أول من دخل عليه رجل من أهل مصر يقال له ابن الخياط فدخل وقد تعتع فقال السلام عليك يا رسول الله فتتابع القوم على ذلك فلما خرجوا قال لهم عمرو لعنكم الله نهيتكم أن تسلموا عليه بالإمارة فسلمتم عليه بالنبوة
قال ولبس معاوية يوما عمامته الحرقانية واكتحل وكان من أجمل الناس إذا فعل ذلك شك عبدالله فيه سمعه أو لم يسمعه

وهذه الشبهة من أسقط ما يكون لأن الراوي يقول ( أخبرت ) فلا يعرف من أخبره ثقة أم ضعيف أم كذاب

وهو نفسه لم يدرك تلك الحقبة ففليح من أتباع التابعين

وإذا كان عدنان يقيس الرواية على الشهادة فلا يقبل خبراً في الأحكام بزعمه إلا من طريقين فكيف يقبل رواية تنسب لمسلم أمراً كهذا برواية مجهول قاتل الله الهوى

وإن مما لا يعرفه كثير من المسلمين عن عمرو بن العاص أنه كان صاحب قيام ليل وصيام وأنه كان يعظ الناس في الزهد

قال أحمد في مسنده (17765) 17917- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَحَجَّاجٌ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ قَالَ : أُسِرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : فَجَعَلَ عَمْرٌو يَسْأَلُهُ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدَّعِيَ أَمَانًا ، قَالَ : فَقَالَ عَمْرٌو : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ.

هذه الرواية على جهالة راو فيها أصح من كل الروايات التي تملأ كتب التواريخ وفيها تهاويل وكذب فعمرو حاول أن يدعي محمد أماناً لكي يقنع من حوله بعدم قتله

وقال أحمد في مسنده (17771) 17923- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، حَدَّثَنَا مُوسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي ، يَقُولُ : حَدَّثَنِي أَبُو قَيْسٍ ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ، كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ ، وَقَلَّمَا كَانَ يُصِيبُ مِنَ الْعَشَاءِ أَوَّلَ اللَّيْلِ ، أَكْثَرَ مَا كَانَ يُصِيبُ مِنَ السَّحَرِ.
قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ فَصْلاً بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، أَكْلَةُ السَّحَرِ

قال أحمد في مسنده (17773) 17925- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَخْطُبُ النَّاسَ بِمِصْرَ يَقُولُ : مَا أَبْعَدَ هَدْيَكُمْ مِنْ هَدْيِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَمَّا هُوَ فَكَانَ أَزْهَدَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَرْغَبُ النَّاسِ فِيهَا

وهذه أخبار صحاح

ومن إنصافه أنه حدث بحديث في فضل عمار وتأول في ذلك القتال كما أن علياً حدث بأن قاتل الزبير في النار مع أنه كان بينهما قتال ولكن أهل الجهل لا ينصفون

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه / عبدالله الخليفي