طلائع الأنوار في تراجم علماء السلف الأبرار (1 )
شيخ العلامة السعدي الشيخ إبراهيم بن حمد بن الجاسر رحمهما الله



د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين




سير علمائنا السلف وتراجمهم، أئمة الهدى ومصابيح الدجى، فيها العبر والفوائد والمواعظ والاعتبار لمن كان متأسيًا، وتراجم العلماء فيها شحذ الهمم وإيقاظها، ومن ثم النبوغ والتفوق، فقراءة تراجم العلماء والتعرف على سير حياتهم وجهادهم وما بذلوه، له الأثر الأكبر في الأمة؛ لما لمسيرهم من الفوائد العظيمة التي تجعل طالب العلم سائرًا على ما كان عليه العلماء من تعلم العلم والعمل به، والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، واليوم مع عَلَمٍ من هؤلاء الأعلام وهو الشيخ إبراهيم بن حمد بن الجاسر رحمه الله.

مولده ونشأته

هو الشيخ العلامة الفقيه الزاهد إبراهيم بن حمد بن محمد بن جاسر. مولده: ولد - رحمه الله - في مدينة بريدة بالقصيم عام 1241 هـ.

نشأته وشيوخه

نشأ الشيخ -رحمه الله- في بريدة، وظهرت عليه علامات الذكاء والفطنة وهو صغير، فقد قرأ القرآن وجوده، ثم حفظه عن ظهر قلب، وشرع في طلب العلم بهمة ونشاط ومثابرة.

شيوخه

١- الشيخ محمد بن عمر بن سليم.

2 - الشيخ محمد بن عبدالله بن سليم.

٣- الشيخ إبراهيم بن محمد بن عجلان.

4 - الشيخ سليمان بن محمد بن سيف، وهو الذي قرأ عليه القرآن وغيرهم.

رحلته

سمت به همته؛ فرحل -رحمه الله- في طلب العلم إلى الشام، فقرأ على علمائها في الصالحية، وفي الجامع الأموي، ولازم علماء الحنابلة، ثم انتقل إلى فلسطين، وزار نابلس وغزة، فقرأ على علمائها من الحنابلة، وتزامل مع عدد من علمائها مثل جمال الدين القاسمي، وعبدالرزاق البيطار وغيرهما، ثم سافر إلى مصر والتقى عددا من علمائها وأدبائها، وقرأ على عدد من العلماء هناك منهم:

١- محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ.

2- محمد الجزائري.

3- شيخ الأزهر مصطفی عبدالباقي الأزهري.

4- أحمد بن محمد الصعيدي، ثم سافر إلى العراق وتعرف على عدد من علمائها واستفاد منهم، ومنهم:

1- عبد الجبار البصري.

2- صالح المبيض، وفي بغداد تعرف على أسرة الآلوسي المشهورة، ومنهم: العلامة محمود الآلوسي، الشيخ علي بن نعمان الآلوسي، عبدالرزاق الأعظمي وغيرهم.

ثم رحل إلى الحجاز وقرأ على الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى والشيخ محمد بن عبدالرحمن الأنصاري، والشيخ محمد بن سليمان المالكي، ثم عاد من رحلته العلمية وهو يحمل مشعل العلم والمعرفة، وأصبح مرجعا للعلوم الشرعية في عصره، وبعد عودته جلس للتدريس في مدينة بريدة.

تولى القضاء

وتولى القضاء في مدينة عنيزة سنة (1318هـ - 1324 هـ) ثم انتقل إلى القضاء في مدينة بريدة من سنة (1324 - 1326هـ)، وكان إلى جانب ذلك إمامًا وخطيبا للجامع الكبير في مدينة بريدة.

عرض عليه تولي قضاء مدينة حائل من قبل آل رشيد لكنه اعتذر، وعرض عليه أمير الخميسية بالقرب من بغداد - أن يتولى القضاء فاعتذر.. عندما سافر إلى الزبير سنة 1327 هـ جلس في الجامع الكبير في مدينة بغداد، وتكونت حوله حلقات درس عظيمة، قصدها عدد من التلاميذ من أنحاء العالم الإسلامي. وتخرج على يديه جماعة من العلماء والأدباء والفقهاء.

تلاميذه:

تخرج على يديه مجموعة من العلماء منهم العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي -صاحب المؤلفات المشهورة-، الشيخ عثمان صالح القاضي، والشيخ محمد بن مانع وغيرهم، والشيخ محمد بن عثمان الجمل.

وفاته:

مرض الشيخ وسافر إلى الكويت للعلاج، غير أنه توفي في شهر ذي الحجة سنة 1338هـ في مدينة الكويت ودفن فيها وقد رئيت له رُؤى حسنة منها:

يقول مسلم بن إبراهيم: حضرت مع قافلة للعقيلات قادمة من الشام والعراق عن طريق الكويت، وقد أقمنا ليلة ما بين حفر الباطن والصمان، أذكر أنه كان يوم الخميس، ليلة جمعة، رأيت فيما يرى النائم أن عددا كبيرا من الناس حولي يشاهدون منظرا بعيدا، جنازة محمولة وحولها أجناس تختلف عن البشر، سألت من حولي: من هؤلاء؟ قالوا هذه الملائكة تحمل جنازة الشيخ إبراهيم بن جاسر لدفنها بالبقيع.


وقد رثاه جماعة من العلماء والأدباء منهم شيخ الكويت عبدالله بن خلف الدحيان 1285-1349هـ بقصيدة رنانة منها:

بحر العلوم أخو الديانة والتقى كهف الأرامل واليتامى الرضع

الشيخ إبراهيم ينبوع الهدى ذو المكرمات وذو المقام الأرفع

هو ابن جاسر الهمام المرتضى طود الشريعة ذو العلوم النفع