قال الامام محمد ابن ابراهيم ال الشيخ فى شرح كشف الشبهات
مَنْ صَدَّقَ الرَّسُولَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَجَحَدَ وُجُوبَ الصَّلاَةِ فهو كَافِرٌ حَلاَلُ الدَّمِ والمَالِ بالإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بكُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ البَعْثَ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَحَدَ صَوْمَ رَمَضَانَ وَصَدَّقَ بِذَلِكَ كُلِّهِ لاَ يَجْحَدُ) لاَ يُنْكِرُ مَا قُرِّرَ مِن وُجُوبِ هَذِه المَذْكُورَاتِ وَلاَ يَسْتَقِيمُ الإِسْلاَمُ، بل يَنْتَقِلُ الإِسْلاَمُ كُلُّهُ وَيَزُولُ مِن أَسَاسِهِ
(وَلاَ تَخْتَلِفُ المَذَاهِبُ فِيهِ)
لاَ تَخْتَلِفُ المَذَاهِبُ في أَنَّ جَحْدَ وُجُوبِ واحِدٍ منها كَافٍ في انْتِكَاسِ العَبْدِ وَأَنَّهُ كَافِرٌ بالإِجْمَاعِ
(وَقَدْ نَطَقَ بِهِ القُرْآنُ كَمَا قَدَّمْنَا) أَنَّ مَنْ آمَنَ بِبَعْضٍ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ فهو الكَافِرُ حَقًّا.(
فَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّوْحيدَ هو أَعْظَمُ فَرِيضَةٍ جَاءَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أَعْظَمُ) مِن فَرِيضَةِ (الصَّلاَةِ والزَّكَاةِ والصَّوْمِ والحَجِّ)
وتَصْدِيقُهُ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَنْفَعُهُ ولاَ يُجْدِي عَلَيْهِ.
(فَكَيْفَ إِذَا جَحَدَ الإِنْسَانُ شَيْئًا مِن هَذِه الأُمُورِ كَفَرَ وَلَوْ عَمِلَ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا جَحَدَ التَّوْحِيدَ الَّذِي هو دِينُ الرُّسُلِ كُلِّهِم لاَ يَكْفُرُ)؟!
فَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَنْ جَحَدَ واحِدًا مِن أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ
فَكَيْفَ بِمَنْ جَحَدَ التَّوْحِيدَ الَّذِي هو أَسَاسُ المِلَّةِ والدِّينِ؟! فَإِنَّهُ أَعْظَمُ،
فَلاَ يَنْفَعُهُ تَصْدِيقُهُ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ جَحَدَ الأَصْلَ،
إِذَا صَارَ جَحْدُ فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ كُفْرًا
فَكَيْفَ بِجَحْدِ الأَصْلِ وهو التَّوْحِيدُ؟
فَلَوْ قُدِّرَ -وهو لاَ يَكُونُ- أَنَّ هَذِه الفُرُوعَ كُلَّهَا مِنَ الصَّلاَةِ وَمَا بَعْدَهَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ
وَلاَ عَظِيمَةٍ لَكَانَ جَحْدُ التَّوْحِيدِ كُفْرًا بِرَأْسِهِ، فَكَيْفَ وهو الأَصْلُ؟
فَإِنَّ هَذَا الجَهْلَ بِمَكانٍ لاَ يَجْحَدُ هَذَا الخَصْمُ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنَ الإِسْلاَمِ بِمُفْرَدِهِ؛
يَجْعَلُونَ مَن يَهْدِمُ أَسَاسَ الدِّينِ صَبَاحًا ومَسَاءً أَنَّهُ مُسْلِمٌ لِكَوْنِهِ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ،
والَّذِي يَجْحَدُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ يُؤَدِّيهَا كَافِرٌ بالإِجْمَاعِ!
(سُبْحَانَ اللهِ، مَا أَعْجَبَ هَذَا الجَهْلَ!)
فَإِنَّ جَهْلَ هَؤُلاَءِ مِن أَعْجَبِ الجَهْلِ،
كَوْنُ الوَاحِدِ مِنْهُم يُقِرُّ أَنَّ جَحْدَ الصَّلاَةِ كُفْرٌ بالإِجْمَاعِ أو جَحْدَ غَيْرِهَا مِن أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ كُفْرٌ،
وَجَحْدَ التَّوْحِيدِ لَيْسَ بِكُفْرٍ؟!
فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهَا لاَ تُكَفِّرُ -وهو لاَ يُقَدَّرُ-
فالتَّوْحِيدُ وَحْدَهُ يُكَفِّرُ؛
والدَّلِيلُ أنَّ الأَصْلَ لاَ يَزُولُ بِزَوَالِ الفَرْعِ بِخَلاَفِ الفَرْعِ فَإِنَّهُ يَزُولُ بِزَوَالِ أَصْلِهِ؛
كالحَائِطِ والشَّجَرَةِ إِذَا زَالَ أَصْلُهُ زَالَ فَرْعُهُ.
فالحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ التَّوْحِيدَ بَعْضُ المَذْكُورَاتِ لَكَانَ جَحْدُه كُفْرًا،
فَكَيْفَ وهو أَسَاسُ ذَلِكَ كُلِّهِ؟!
بل التَّوْحِيدُ قَدْ يَكْفِي وَحْدَهُ في إِسْلاَمِ العَبْدِ ودُخُولِهِ الجَنَّةَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ ثُمَّ تُوُفِّيَ قَبْلَ وُجُوبِ شَيْءٍ مِن الفُرُوعِ عَلَيْهِ كَفَى التَّوْحِيدُ وَحْدَهُ؛
فالتَّوْحِيدُ لَيْسَ فَقِيرًا إِلَيْهَا، بل هي الفَقِيرَةُ إِلَيْهِ في صِحَّتِهَا.
فَلاَ أَعْجَبَ وَلاَ أَقْبَحَ ولا أَعْظَمَ مِمَّنْ جَهِلَ هَذَا،
فَإِذَا كَانَ مُقِرًّا أَنَّ مَن جَحَدَ شَيْئًا مِن هَذِه الفُرُوعِ فَهُو كَافِرٌ، وهو لاَ يَجْحَدُ هَذَا، وَإِذَا جَحَدَ التَّوْحِيدَ الَّذِي هو الأَصْلُ وَمَا بَعْدَهُ فَرْعٌ عَنْهُ لاَ يَكْفُرُ،
فَلاَ أَعْجَبَ مِن جَهْلِ مَنْ جَهِلَ هَذَا.
[شرح كشف الشبهات للشيخ محمد ابن ابراهيم]