تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: يوم الجمعة .. قضايا وأحكام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,509

    افتراضي يوم الجمعة .. قضايا وأحكام

    يوم الجمعة .. قضايا وأحكام 1


    خالد سعد النجار


    بسم الله الرحمن الرحيم

    ** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ( «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ» )

    ** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللهُ لَهُ، [يَعْنِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ]، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ» [النسائي]
    ** وفي مسند أحمد عن عائشة قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «.إِنَّهُمْ لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّتِي هَدَانَا اللهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي هَدَانَا اللهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى قَوْلِنَا خَلْفَ الْإِمَامِ: آمِينَ»
    ** عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «(أَتَانِي جِبْرِيلُ بِمِثْلِ الْمِرْآةِ الْبَيْضَاءِ فِيهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ الْجُمُعَةُ، جَعَلَهَا اللَّهُ عِيدًا لَكَ وَلِأُمَّتِكَ، فَأَنْتُمْ قَبْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ "، قَالَ: " قُلْتُ: مَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ؟ قَالَ: هَذَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ، تَقُومُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَنَحْنُ نَدْعُوهُ عِنْدَنَا يوم الْمَزِيدَ "، قَالَ: " قُلْتُ: مَا يَوْمُ الْمَزِيدِ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ [واسعا]، وَجَعَلَ فِيهِ كُثْبَانًا مِنَ الْمِسْكِ الْأَبْيَضِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَنْزِلُ اللَّهُ فِيهِ، فَوُضِعَتْ فِيهِ مَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ لِلْأَنْبِيَاءِ ، وَكَرَاسِيُّ مِنْ دُرٍّ لِلشُّهَدَاءِ، وَيَنْزِلْنَ الْحُورُ الْعِينُ مِنَ الْغُرَفِ فَحَمِدُوا اللَّهَ وَمَجَّدُوهُ"، قَالَ: "ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: اكْسُوا عِبَادِي، فَيُكْسَوْنَ، وَيَقُولُ: أَطْعِمُوا عِبَادِي، فَيُطْعَمُونَ، وَيَقُولُ: اسْقُوا عِبَادِي، فَيُسْقَوْنَ، وَيَقُولُ: طَيَّبُوا عِبَادِي فَيُطَيَّبُونَ، ثُمَّ يَقُولُ: مَاذَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: رَبِّنَا رِضْوَانَكَ"، قَالَ: " يَقُولُ: رَضِيتُ عَنْكُمْ، ثُمَّ يَأْمُرُهُمْ فَيَنْطَلِقُونَ ، وَتَصْعَدُ الْحُورُ الْعِينُ الْغُرَفَ، وَهِيَ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ، وَمِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ "» [مسند أبي يعلى، وسنده صحيح]
    أحكام فضائل يوم الجمعة
    ** عن أوس بن أوس الثقفي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « (مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا)» [الترمذي]
    وفي رواية أبي داود: «(مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ، وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا)»
    قوله (غسّل): روي غَسَلَ, وَغَسَّلَ بتشديدها
    والمقصود به الجماع [أي كان سببا في اغتسال زوجته] وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَسْكَنَ لِنَفْسِهِ، وَأَغَضَّ لِطَرْفِهِ فِي طَرِيقِهِ .. لكن الراجح أن أحاديث الأمر بالغسل يوم الجمعة متعلقة بالرواح للجمعة، لما يستحب لها من الاغتسال والتطيب والادهان، وليس شيء منها متعلقا باستحباب الجماع في هذا الوقت .
    ويحتمل أن المقصود غسل رأسه .. والمختار ما اختاره البيهقي وغيره من المحققين أنه بالتخفيف وأن معناه غسل رأسه, ويؤيده رواية لأبي داود في هذا الحديث (من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل).
    وإنما أفرد الرأس بالذكر; لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانَتْ لَهُمْ جُمَمٌ احْتَاجُوا إِلَى تَعَاهُدِهَا، ولأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والْخِطْمِيَّ ونحوهما وكانوا يغسلونه أولاً ثم يغتسلون.
    وقال النووي في "شرح مسلم":
    قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ)، مَعْنَاهُ: غُسْلًا كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي الصِّفَاتِ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي تَفْسِيرِهِ .
    وأما قوله: (وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ) راح في الساعة الأولى و"ابتكر": أدرك باكورة الخطبة، وهي أولها.
    قوله (ومشى ولم يركب) للتأكيد, وأنهما بمعنى.
    قوله (ودنا واستمع) فقد يستمع ولا يدنو من الخطبة, وقد يدنو ولا يستمع فندب إليهما جميعاً.
    قوله (ولم يلغ) ولم يتكلم; لأن الكلام حال الخطبة لغو, أي استمع الخطبة ولم يشتغل بغيرها.
    واللغو أيضا قد يكون بغير الكلام كمس الحصى وتقليبه بحيث يشغل سمعه وفكره وفي بعض الأحاديث: (ومن مس الحصى فقد لغا)
    وقد يقول قائل: ألا يُعتبر هذا قدرا كبيرًا من الأجر يمكن كسبه كل أسبوع، بينما تكون ليلة القدر مرة كل عام وتوصف في القرآن بأنها {خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} بدلا من ألف سنة؟ كذلك يمكن للمرء بسهولة أن يخطو ألف خطوة في الطريق إلى المسجد كل أسبوع والتي سوف يحصل على أجر صيام وقيام ألف سنة؟
    وجوابه:أن فضل الله عظيم، فهو الشكور الذي يعطي الجزيل من الأجر على القليل من العمل، ولذا جاء في بعض روايات هذا الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)
    وقد قال ابن حجر الهيتمي: قِيلَ لَيْسَ فِي السُّنَّةِ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ؛ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ"
    وقال القاري في "مرقاة المفاتيح": قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: لَمْ نَسْمَعْ مِنَ الشَّرِيعَةِ حَدِيثًا صَحِيحًا، مُشْتَمِلًا عَلَى مِثْلِ هَذَا الثَّوَابِ؛ أَيْ: فَيَتَأَكَّدَ الْعَمَلُ لِيُنَالَ الْأَمَلُ".
    فليس العجب من ثبوته، ففضل الله لا يحيط به مخلوق، وإنما العجب من تفريطنا فيه، مع علمنا بثبوته.
    إن الفضل العظيم في هذا الحديث يليق بعظيم فضل الله، متى جمع العبد بين ما جاء في الحديث ولم يترك منها شيئا، وذلك على الله يسير، فإنه لن يهلك على الله إلا هالك؛ ومن استكثر، فالله أكثر!!
    ** عَنِ الحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ -رضي الله عنه- قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «(مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أَفْضَلُ)» . [الترمذي]
    والحديث من رواية الحسن البصري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، ولم يسمع منه إلا حديث العقيقة، وقد صحَّح بعض الأئمة إرساله وجعلوه من مرسل الحسن البصري، وهو على الحالتين حديث ضعيف، إلا أن للحديث شواهد كثيرة، لا يخلو واحد منها من مقال، لكن ذهب غير واحد من أهل العلم لتحسين الحديث لأجلها، وقد حسَّنه الترمذي رحمه الله، وحسَّنه الألباني، وحسَّنه محققو " مسند أحمد " وقالوا – بعد أن ساقوا شواهد للحديث-: "ولا يخلو واحد من هذه الشواهد من مقال، لكن بمجموعها مع حديث سمرة بن جندب يتحسَّن الحديث" وهذا هو القول الوسط في الحديث .

    قال الخطابي – رحمه الله-: " قوله: (فَبِهَا) فبالسنَّة أخذ (ونعمت) ونعمت الخصلة ونعمت الفعلة.
    والجمهور على أن غسل الجمعة سنَّة مستحب، قال النووي رحمه الله: "هو سنَّة عند الجمهور، وأوجبه بعض السلف"
    والأقوى في حكمه ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" حيث قال: "ويجب غسل الجمعة على من له عرق أو ريح يتأذى به غيره"


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,509

    افتراضي رد: يوم الجمعة .. قضايا وأحكام


    يوم الجمعة .. قضايا وأحكام (2)


    خالد سعد النجار

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ** التبكير في الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة من الآداب المهمة التي ينبغي العناية بها في هذا اليوم .
    // روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «(إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلَائِكَةُ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوْا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ)»
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» [البخاري ومسلم]
    فهذه الساعات تبدأ من طلوع الشمس إلى مجيء الإمام، وتقسم على حسب الوقت بين طلوع الشمس إلى الأذان الثاني خمسة أجزاء، ويكون كل جزء منها هو المقصود بالـ "الساعة" التي في الحديث .
    ولكن سنة التبكير إنما هي في حق المأمومين، أما الإمام: فقد كانت سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الذهاب إلى الجمعة أن يأتيها بعد اجتماع الناس لها، وعندما يحين وقتها، فيخرج من بيته ويصعد المنبر، ولا يصلي تحية المسجد، ولم يكن من سنته التبكير لها .
    قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد":" وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمهل يوم الجمعة حتى يجتمعَ الناسُ، فإذا اجتمعوا، خرج إليهم، فإذا دخل المسجد سلَّم عليهم، فإذا صَعِد المنبر استقبل الناسَ بوجهه وسلَّم عليهم، ثم يجلِس، ويأخذ بلالٌ في الأذان، فإذا فرغ منه، قام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
    قال النووي رحمه الله في "المجموع": يستحب للخطيب أن لا يحضر للجمعة إلا بعد دخول الوقت، بحيث يشرع فيها أول وصوله المنبر; لأن هذا هو المنقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وإذا وصل المنبر صعده، ولا يصلي تحية المسجد, وتسقط هنا التحية: بسبب الاشتغال بالخطبة، كما تسقط في حق الحاج إذا دخل المسجد الحرام، بسبب الطواف .. "
    وقت الجمعة
    ** اختلف أهل العلم في أول وقت صلاة الجمعة على قولين :
    القول الأول: زوال الشمس، كوقت صلاة الظهر، ولا تجوز الجمعة قبله .
    وهذا قول جماهير أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية، وعزاه النووي لجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

    بل قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "ولا اختلاف عند أحد لقيته أن لا تصلى الجمعة حتى تزول الشمس"
    واستدلوا بحديثين صريحين صحيحين :
    1/ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّى الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ» . [رواه البخاري وبوَّب عليه رحمه الله بقوله: "باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس، وكذلك يروى عن عمر وعلي والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث رضي الله عنهم"]
    2/ عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: «كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ» [مسلم]
    القول الثاني: تجوز قبل الزوال، يعني أن بداية وقتها يسبق بداية وقت الظهر.

    وهذا قول الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه .
    واستدل من ذهب إلى ذلك بهذه الأحاديث :
    1/ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: «"كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا" قَالَ حَسَنٌ: فَقُلْتُ لِجَعْفَرٍ: فِي أَيِّ سَاعَةٍ تِلْكَ؟ قَالَ: زَوَالَ الشَّمْسِ» . رواه مسلم
    لكنه ليس نصا على أن الصلاة كانت قبل الزوال، ولذلك فقد بوَّب عليها الإمام النووي في صحيح مسلم بقوله: (باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس) وقال: فيه إخبار أن الصلاة والرواح إلى جمالهم كانا حين الزوال لا أن الصلاة قبله.
    2/ وعن سهل -رضي الله عنه- قال: « مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ» . [رواه مسلم]
    لكن معناه أنهم كانوا يؤخرون القيلولة والغداء في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة; لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها, فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها.
    ومما يؤيد هذا ما رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح عن عمر بن أبي سهل بن مالك عن أبيه قال: "كنت أرى طِنْفِسَه [بساط له خمل] لعقيل بن أبي طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي, فإذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم نخرج بعد صلاة الجمعة فنقيل قائلة الضحى".
    3/ وعن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: « كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْجُمُعَةَ فَنَرْجِعُ وَمَا نَجِدُ لِلْحِيطَانِ فَيْئًا نَسْتَظِلُّ بِهِ» [البخاري ومسلم]
    لكنه حجة في كونها بعد الزوال; لأنه ليس معناه أنه ليس للحيطان شيء من الفيء, وإنما معناه ليس لها فيء كثير بحيث يستظل به المار .
    وأوضح منه الرواية الأخرى: "نتتبع الفيء" فهذا فيه تصريح بوجود الفيء, لكنه قليل, ومعلوم أن حيطانهم قصيرة وبلادهم متوسطة من الشمس, ولا يظهر هناك الفيء بحيث يستظل به إلا بعد الزوال بزمان طويل .

    ومن جهة النظر لما كانت الجمعة تمنع من الظهر دون غيرها من الصلوات دل على أن وقتها وقت الظهر، وقد أجمعوا على أن من صلاها في وقت الظهر فقد صلاها في وقتها.
    يقول الشيخ ابن باز رحمه الله":
    الأفضل بعد زوال الشمس خروجا من خلاف العلماء؛ لأن أكثر العلماء يقولون لا بد أن تكون صلاة الجمعة بعد الزوال، وهذا هو قول الأكثرين.
    وذهب قوم من أهل العلم إلى جوازها قبل الزوال في الساعة السادسة، وفيه أحاديث وآثار تدل على ذلك صحيحة، فإذا صلَّى قبل الزوال بقليل فصلاته صحيحة، ولكن ينبغي ألا تفعل إلا بعد الزوال، عملا بالأحاديث كلها، وخروجا من خلاف العلماء، وتيسيرا على الناس حتى يحضروا جميعا، وحتى تكون الصلاة في وقت واحد. هذا هو الأولى والأحوط"


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,509

    افتراضي رد: يوم الجمعة .. قضايا وأحكام


    يوم الجمعة .. قضايا وأحكام (3)


    خالد سعد النجار

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السفر يوم الجمعة
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
    "السفر يوم الجمعة إن كان بعد أذان الجمعة فإنه لا يجوز؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة/9] .
    فلا يجوز للإنسان أن يسافر في هذا الوقت؛ لأن الله تعالى قال: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}
    وإذا كان السفر قبل ذلك، فإن كان سيصلي الجمعة في طريقه مثل أن يسافر من بلده وهو يعلم أنه سيمر على بلد آخر في طريقه ويعرج عليه ويصلي الجمعة فيه، فهذا لا بأس به، وإن كان لا يأتي بها في طريقه، فمن العلماء من كرهه، ومن العلماء من حرمه، ومن العلماء من أباحه وقال: إن الله تعالى لم يوجب علينا الحضور إلا بعد الأذان .
    والأحسن ألا يسافر إلا إذا كان يخشى من فوات رفقته أو مثل أن يكون موعد الطائرة في وقتٍ لا يسمح له بالحضور أو ما أشبه ذلك، وإلا فالأفضل أن يبقى".
    العدد الذي تنعقد به الجمعة
    إقامة الجمعة واجبة على المسلمين في قراهم يوم الجمعة، ويشترط في صحتها الجماعة. ولم يثبت دليل شرعي على اشتراط عدد معين في صحتها، فيكفي لصحتها إقامتها بثلاثة فأكثر، ولا يجوز لمن وجبت عليه أن يصلي مكانها ظهرا من أجل نقص العدد عن أربعين على الصحيح من أقوال العلماء.
    هل للجُمُعةِ سُنَّةٌ راتبةٌ قبليَّةٌ؟
    ليس لصلاةِ الجُمعةِ سُنَّةٌ راتبةٌ قبليَّة، وهذا مذهبُ المالكيَّة، والحنابلة، وعليه جماهيرُ الأمَّة، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة، وابن القيِّم، وابنِ حجرٍ العسقلانيِّ
    فعنِ ابنِ عُمرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهما- قال: «صليتُ مع النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- سجدتينِ قبلَ الظُّهرِ، وسجدتينِ بعد المغربِ، وسجدتينِ بعدَ العِشاءِ، وسجدتينِ بعدَ الجُمُعةِ» .
    أنَّ المرادَ من الصَّلاةِ المسنونة أنَّها منقولةٌ عن رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قولًا وفعلًا، والصلاة قبل الجُمُعة لم يأتِ منها شيءٌ عن النبيِّ –عليه الصلاة والسلام- يدلُّ على أنَّه سُنَّة، ولا يجوزُ القياسُ في شرعيَّة الصلواتِ.
    أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يخرج من بيته يومَ الجُمُعة فيصعَدُ مِنبَرَه ثم يؤذِّنُ المؤذنُ، فإذا فرغ أخذَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في خُطبتِه، ولو كان للجُمُعةِ سُنَّةٌ قَبْلَها لأمَرَهم بعدَ الأذانِ بصلاةِ السُّنَّة، وفعَلَها هو -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، ولم يكُن في زمنِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- غيرُ هذا الأذانِ الذي بين يدي الخَطيبِ.
    لو كان النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُصلِّي في بيتِه قبلَ خُروجِه إلى الجُمُعة لضُبِط ذلك، كما ضُبِطتْ صلاتُه بعدَها، وكما ضُبِطتْ صلاتُه قبل الظُّهر، ولنَقَل ذلك أزواجُه -رَضِيَ اللهُ عَنْهنَّ-، كما نقَلْنَ سائرَ صلواته في بيتِه ليلًا ونهارًا، وكيفيَّة تهجُّده وقِيامة بالليل، وحيث لم يُنقَلْ شيءٌ من ذلك، فالأصلُ عدمُه، ودلَّ على أنه لم يقعْ، وأنَّه غيرُ مشروعٍ.

    التطوُّعُ قبل الجُمعةِ
    يُستحبُّ التطوُّعُ يومَ الجُمعةِ، نصَّ عليه المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابِلَة
    فعن سلمانَ الفارسيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: « (مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ أَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى) » [البخاري]
    فالحديثَ يدلُّ على فَضلِ الصلاةِ قبلَ الجُمعةِ من غيرِ تقديرٍ للصَّلاةِ؛ فيكون أقلُّ ذلك رَكعتينِ، والزيادةُ عليهما بحسَبِ التيسير.
    وعن أبي هُرَيرَة -رَضِيَ اللهُ عَنْه- أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: «(مَنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ)» [مسلم]
    عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ قَالَ ثَعْلَبَةُ جَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ وَقَامَ عُمَرُ يَخْطُبُ أَنْصَتْنَا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنَّا أَحَدٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَخُرُوجُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَام [الموطأ]
    عن نافعٍ قال: كان ابنُ عُمرَ يُطيل الصلاةَ قبل الجُمُعة، ويُصلِّي بعدَها ركعتينِ في بيتِه، ويُحدِّثُ أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يَفعَلُ ذلك.
    ** فلو قيل إنها صلاةُ في وقتِ الزوالِ من يومَ الجُمُعةِ، نقول انه اختلف أهلُ العلمِ في الصَّلاةِ يومَ الجُمُعةِ وقتَ استواءِ الشمسِ وقيامِها في وسَطِ السَّماءِ إلى أنْ تزولَ، على أقوالٍ، أقواها قولان:
    القول الأوّل: أنَّه وقتُ نهيٍ كباقي الأيَّامِ، وهذا مذهبُ الحنفيَّة والحنابلة، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمين
    ودليلهم ما روي عن عُقبَة بنِ عامرٍ الجهنيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْه-، قال: "ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ينهانا أن نُصليَ فيهنَّ، أو أن نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تَطلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تميلَ الشَّمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تغرُبَ"
    القول الثاني: أنَّه ليس بوقتِ نهيٍ يومَ الجُمُعةِ، وهذا مذهبُ المالكيَّة، والأصحُّ في مذهبِ الشافعيَّة، وهو قولُ أبي يُوسفَ من الحنفيَّة، وهو وجهٌ عند الحنابلةِ، وقولُ طائفةٍ من السَّلفِ، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابن القيِّم، والصنعانيُّ، وابنُ باز
    ودليلهم ما رواه سلمانَ الفارسيِّ -رضي الله عنه-: قال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (لا يَغتسلُ رجلٌ يومَ الجُمُعةِ، ويتطهَّرُ ما استطاعَ مِن طُهر، ويَدَّهِنُ من دُهْنه، أو يمسُّ مِن طِيب بيتِه، ثم يخرُج فلا يُفرِّقُ بين اثنينِ، ثم يُصلِّي ما كُتِبَ له، ثم يُنصِتُ إذا تَكلَّم الإمامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بينه وبين الجُمُعةِ الأخرى)

    فالحديثُ فيه مندوبيَّةُ الصلاةِ، وأنَّ المانعَ منها خروجُ الإمامِ لا انتصافُ النَّهارِ.
    والناس كانوا في زمَن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْه يُصلُّون يومَ الجُمُعةِ حتى يخرُجَ عُمرُ، فالصحابة كانوا يُصلُّون وقتَ الزوال؛ لأنَّهم كانوا يُصلُّون إلى خروجِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، وكان عمرُ لا يَخرُجُ إلَّا بعد وقتِ الزوالِ، وهذا لا يكونُ إلَّا توقيفًا؛ فيكون مخصِّصًا لعمومِ النهيِ عن الصلاةِ في ذلك الوقت
    والنبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استحبَّ التبكيرَ إليها ثم رغَّب في الصلاة إلى خُروجِ الإمامِ من غيرِ استثناءٍ.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,509

    افتراضي رد: يوم الجمعة .. قضايا وأحكام


    يوم الجمعة .. قضايا وأحكام (4)


    خالد سعد النجار

    بسم الله الرحمن الرحيم
    سُنَّةُ الجُمُعةِ البَعديَّة
    اختَلف أهلُ العِلمِ في عددِ ركَعاتِ سُنَّةِ الجُمُعةِ البَعديَّة على ثلاثةِ أقوال:
    القول الأوّل: أنَّ سُنَّة الجُمعةِ البعديَّة أربعُ ركَعات، وهذا مذهبُ الحنفيَّة، والشافعيَّة

    فعن أبي هُريرةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- عنِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، قال: « (مَن كان منكم مصلِّيًا بعدَ الجُمُعةِ، فليصلِّ أربعًا)» [مسلم]، وفي رواية لمسلم « (إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا) وفي رواية: قال سُهيلٌ: (فإنْ عجِل بكَ شيءٌ فصلِّ ركعتينِ في المسجِدِ، وركعتينِ إذا رجعتَ)»
    القول الثاني: أنَّه مُخيَّرٌ بين أن يُصلِّي ركعتينِ أو أربعًا، وذلك جمعًا بين حديثِ أبي هريرةَ، وبينَ حديثِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ لا يُصلِّي بعدَ الجمُعةِ حتى يَنصَرِفَ، فيُصلِّي ركعتَينِ".
    القول الثالث: إنْ صلَّى في المسجدِ صلَّى أربعًا، وإنْ صلَّى في بيته صلَّى ركعتينِ وهو أشهر الأقوال
    وذلك جمعًا بين حَديثي أبي هُرَيرَة وابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهم؛ فحديثُ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما نصَّ فيه أنه كان يُصلِّي الركعتينِ في بيتِه، وحديثُ أبي هُرَيرَة رضي الله في الصَّلاةِ أربعًا يُحمل على الصلاةِ في المسجد؛ جمعًا بين الحديثين.
    وابن عمر نفسه كان إذا صلَّى في المسجد صلَّى أربعًا وإذا صلَّى في بيته صلَّى ركعتين. [رواه أبو داود].

    معالم في الخطبة
    ** ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «(كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ)»
    وفي رواية [شهادة] وقوله (فهي كاليد الجذماء) أي المقطوعة، أو التي بها جذام .. يعنى كل خطبة لم يؤت فيها بالشهادتين فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة بها لصاحبها.
    قال ابن جبرين في شرح عمدة الأحكام
    ذكر العلماء خمسة شروط للخطبة، وهي تجتمع في الخطبتين:
    1/ الشرط الأول: حمد الله والثناء عليه، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يبدأ خطبه إلا بالحمد، وذلك استفتاحاً لذكر الله تعالى، ولأنه إذا لم يبدأ بذلك الأمر فخطبته بتراء أي: ناقصة البركة.
    قال ابن حجر: فالابتداء بالحمد واشتراط التشهد خاص بالخطبة بخلاف بقية الأمور المهمة فبعضها يبدأ فيه بالبسملة تامة كالمراسلات وبعضها ببسم الله فقط كما في أول الجماع والذبيحة وبعضها بلفظ من الذكر مخصوص كالتكبير
    2/ الشرط الثاني: الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لأن الخطب تشتمل على تعليمات، وتشتمل على أدعية، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- من أسباب القبول، كما ورد في الحديث: (الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى يُصَلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-).
    3/ الشرط الثالث: الوصية بتقوى الله، يعني: أن يكون هناك تذكير وموعظة وتنبيه للناس وتخويف لهم وما أشبه ذلك، ولو لم تأتِ كلمة التقوى ما دام أن هناك ما يقوم مقامها.
    4/ الشرط الرابع: الشهادة، فقد ورد في حديث: (كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء)، فيأتي بالشهادتين.
    والحكمة في ذلك: أن فيهما تجديد العقيدة، والتذكير بالتوحيد، وبحقوق (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وتنبيه الناس إلى علامات وضمانات تتضمنها هذه الشهادة.
    5/ الشرط الخامس: أن يقرأ آية من القرآن سواءً في أول الخطبة أو في آخرها أو في وسطها، وذلك لأنه مشتهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ آيات، ويذكر بمعانيها ويدعو إلى ما تتضمنه.
    ** اختلف الفقهاء في حكم اتكاء الخطيب على العصا ونحوها من قوس أو سيف أثناء خطبة الجمعة على قولين :
    1/ القول الأول: الندب والاستحباب، وهو مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة .
    يقول الإمام مالك رحمه الله: "وذلك مما يستحب للأئمة أصحاب المنابر، أن يخطبوا يوم الجمعة ومعهم العصي يتوكؤون عليها في قيامهم، وهو الذي رَأَيْنا وسَمِعْنا "
    القول الثاني: الكراهة، وهو معتمد مذهب الحنفية.
    قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيرَه، وإنما كان يعتَمِد على قوس أو عصاً قبل أن يتَّخذ المنبر، وكان في الحرب يَعتمد على قوس، وفي الجمعة يعتمِد على عصا، ولم يُحفظ عنه أنه اعتمد على سيف، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائماً، وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف: فَمِن فَرطِ جهله، فإنه لا يُحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف، ولا قوس، ولا غيره، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفاً البتة، وإنما كان يعتمِد على عصا أو قوس"
    ** لا حرج في قول الخطيب في ختام كلامه: [أقول هذا وأستغفر الله]، أو [أقول قولي هذا]، سواء كان ذلك في خطبة الجمعة الأولى أو الثانية، أو في غيرها من الخطب، فهي كلمة مأثورة من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكلام الخطباء من أصحابه رضي الله عنهم.
    فقد روى ابن حبان عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب يوم فتح مكة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد؛ أيها الناس، فإن الله قد أذهب عنكم عُبيِّة الجاهلية [الكبر أو التعبية لأن المتكبر ذو تكلف وتعبية خلاف من يسترسل على سجيته]، يا أيها الناس، إنما الناس رجلان: بر تقي كريم على ربه، وفاجر شقي هين على ربه) ثم تلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ثم قال: ( أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم)

    والحديث صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيقه، والألباني في السلسلة الصحيحة



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •