أحاول في هذه الفقرات البسيطة والموجزة أن اسرد بعض الملاحظات والفوائد التي خلصت إليها بعد الانتهاء من تجميع الأحاديث الضعيفة وما دونها (المرفوعة منها فقط) التي وردت في السنن الأربع والموطأ...
بلغت الأحاديث الضعيفة وما دونها (ضعيفة جدا، وموضوعة) 1861 حديثا. على أن هذه الأحاديث قد تزيد أو تنقص نتيجة لاختلاف أحكام علماء الحديث على بعض هذه الأحاديث. ويجب أن نلاحظ أن الاختلاف هذا سيبقى ولا يمكن حله بسهولة نتيجة لعدة أسباب أهمها:
الاختلاف في تحديد درجة بعض رواة الأحاديث من حديث الجرح والتعديل، فقد يكون الراوي ثقة عند بعض علماء الرجال، وقد يكون صدوق عند آخرين، وقد يكون ضعيفا عند فريق ثالث.
الاختلاف في تحديد طريقة وضوابط تحسين وتصحيح الحديث بالشواهد، والمتابعات، والطرق من عالم حديث لأخر.
الاختلاف في سماع بعض الرواة من مشايخهم، وبالتالي اختلاف الحكم على سند الحديث من حيث الاتصال والانقطاع.
الاختلاف في تعيين بعض الرواة وبالتالي اختلاف الحكم على رجال الحديث.
الاختلاف في الحكم على الحديث بالشذوذ أو النكارة أو الاضطراب في السند أو المتن.
الاختلاف في إعلال بعض الأحاديث ببعض العلل الحديثية كالإعلال بالوقف أو الإرسال أو الانقطاع.
الاختلاف في تفسير معنى بعض مصطلحات المتقدمين من أئمة الحديث كما هو الحال بالنسبة لمصطلحات الإمام الترمذي رحمه الله تعالى، فعلى سبيل المثال، إطلاقه على الحديث بأنه حسن لم يعني به الحسن الاصطلاحي الذي تبناه المتأخرين من أئمة الحديث، بل قصد به في الغالب الحديث الحسن لغيره. وباستقراء مبسط لأحاديث الإمام الترمذي في الجامع يمكن ملاحظة أن الحديث الحسن عنده قد يشمل الضعيف الذي لم يشتد ضعفه، الحسن لغيره وحتى الصحيح لغيره. ولكن يبقى الإشكال في مراده من لفظ " حديث حسن غريب". ولا إشكال أيضا في فهم أنه قد قصد بلفظ "حديث غريب" الحديث الضعيف والضعيف جدا، بل والمنكر المتن أحيانا.
الاختلاف في طريقة حكم علماء الحديث، فالبعض يكتفي بالحكم على الإسناد، مع عدم النظر إلى صحة وثبوت المتن، فمثلا قد يطلق حكمه على حديث متواتر المتن بلفظ "إسناده ضعيف" ولا يشير إلى صحة المتن أو تواتره. والبعض يكتفي بالإشارة إلى صحة المتن، دون الإشارة إلى وجود علة في الإسناد، فيطلق مثلا لفظ "صحيح" كون الحديث ثابت المتن بالرغم من كون الإسناد ضعيف أو ضعيف جدا. والأسلم دائما هو الإشارة إلى حالة كلا من المتن والإسناد.
الاختلاف في قبول بعض المراسيل مثل مراسيل سعيد بن المسيب رحمة الله تعالى عليه. فالبعض يعتبر هذه المراسيل في حكم الموصولة.

بحسب الأحكام الواردة يوجد اختلاف في تحسين (وأحيانا تصحيح) وتضعيف ما يقرب من 527 حديثا. وإن كان الراجح في هذه الأحاديث هي كونها ضعيف. على أنه يوجد 160 حديثا منها في زوائد سنن ابن ماجه رحمه الله تعالى، وبقية الأحاديث في جامع الأصول. وقد ميزت الأحاديث المختلف في تضعيفها بالعلامة (* أو ~). وقد استخدمت العلامة (~) حصرا لعدد 58 حديثا هي التي قال الإمام الترمذي فيها: حسن غريب أو حسن، وهي ضعيفة أو ضعيفة جدا بحسب بقية الأحكام.

بالنظر إلى الأحاديث الواردة، وجدت أن جل الأحاديث التي تم تضعيفها هي مما انفرد به أحد أصحاب الأصول عن أصحاب الكتب الباقية، كما يتضح ذلك من الجدول المرفق. فمن إجمالي 1861 حديث هناك 1684 حديث هي مما انفرد به أحد أصحاب الكتب الأربعة (الموطأ، النسائي، أبو داود، الترمذي) أو من زوائد ابن ماجه، وهذا ما يزيد عن 90% من اجمالي عدد الأحاديث.

النسبة الأكبر من الأحاديث الضعيفة هي في كتاب سنن ابن ماجه رحمة الله تعالى عليه، إذ تتجاوز نسبة الأحاديث الضعيفة لسنن ابن ماجه 38% من إجمالي الأحاديث المردودة. كما إن أقل نسبة للأحاديث الضعيفة هي في كتابي سنن النسائي وموطأ الإمام مالك رحمهما الله تعالى، وقد يكون علة هذه النسبة المنخفضة هي قلة عدد الإنفرادات لهذين الكتابين الجليلين.
م اسم الكتاب عدد الأحاديث الضعيفة التي انفرد بها أحد أصحاب الكتب الخمسة
1 الموطأ 40 حديثا
2 سنن النسائي الصغرى (المجتبى) 61 حديثا
3 سنن أبي داود 455 حديثا
4 سنن الترمذي 469 حديثا
5 سنن ابن ماجه 659 حديثا
الإجمالي 1684 حديثا

أنه لا يوجد حديث واحد رواه أصحاب الكتب الخمسة (الموطأ، النسائي، أبو داود، الترمذي، ابن ماجه) جميعهم يعتبر حديثا ضعيف. كما أنه لا يوجد سوى حديث واحد (وقد حسنه بعض الأئمة) رواه أصحاب الكتب الأربعة (الموطأ، النسائي، أبو داود، الترمذي) ضمن الأحاديث الضعيفة. كما يتضح ذلك من الجدول أدناه. وهذا مما يشير إلى النعمة العظيمة التي أنعم الله بها على هذه الأمة وحفظ بها دينه واتم بها نعمته عليهم. وعلى عظيم اهتمام أئمة الحديث بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
1 الأحاديث الضعيفة المروية في كتابين 150
2 الأحاديث الضعيفة المروية في ثلاث كتب 25
3 الأحاديث الضعيفة المروية في أربع كتب 1
5 الأحاديث الضعيفة المروية في خمس كتب 0


6. ندرة الأحاديث الضعيفة جدا والموضوعة بالنسبة للعدد الكلي الواردة في الأصول السبعة. وبنظرة سريعة يمكن ملاحظة أن ما يزيد عن 80% من الأحاديث الموضوعة والضعيفة جدا هي في سنن ابن ماجه. وقد ميزنا هذه الأحاديث بوضع خط تحت رقم الحديث للتنبيه.

لتحميل الكتاب
http://saaid.net/book/open.php?cat=3&book=18417