تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,469

    افتراضي فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين

    فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (1)


    فهد بن عبد العزيز الشويرخ

    بسم الله الرحمن الرحيم
    فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (1)
    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فهذا هو الجزء الأول من فوائد متفرقة في أمور متنوعة انتقيتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.
    من السفه في العقل والضلال في الدين: عبادة غير الله جل جلاله
    قال الشيخ رحمه الله: لا أحد أضل في الدين, ولا أسفه في العقل ممن يعبدُ غير الله, والدليل قول الله تبارك وتعالى في السفه : ) ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه [ [البقرة :130] وقوله في الضلال : {ومن أضلُّ ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة} [الأحقاف:5]
    فكل من دعا غير الله فإن هذا المدعو لا يمكن أن يستجيب للداعي, ولو بقي يدعو إلى يوم القيامة, ولا أحد أضل في الدين من هذا, ولذلك نرى أن من أسفه الخلق عُقُولاً, وأضلهم ديناً أولئك الذين يأتون إلى قبر فلان أو فلان, ويقول أحدهم : يا فلان أعطني, والمرأة تأتي إلى القبر, وتقول : يا سيد فلان إني لا أحمل فاجعلني أحملُ, تقول هذا لجثة هامدة ربما تكون الديدان قد أكلتها كُلها إلا عجب الذُّنب, لأن عجب الذنب باقٍ لا تأكُلُهُ الأرضُ, فتأتي إلى جثةٍ هامدةٍ تدعوها أن تأتي لها بولدٍ, أو تكون امرأة لا يأتيها إلا إناث, وهي تريد ذكراً, فتأتي إلى السيد فلان تقول : يا سيد لا ألدُ إلا إناثاً, فهب لي من لدنك ذكراً, فهذا ضلال وسفه.
    وقال رحمه الله: زيارة القبور لدعاء القبور, فهو سفه في العقل وضلال في الدين, سفه في العقل لأن هذا الميت لا ينفع نفسه, فكيف ينفعك أنت؟...هو نفسه محتاج للدعاء فكيف تدعوه؟ هذا سفه فلو أن الإنسان جاء إلى شخص حي لكنه أشلُّ, وقال: يا فلان, أدعوك أن تحمل متاعي معي إلى السيارة, سيعتبر الناسُ هذا سفيهاً إذ كيف تقول للميت: يا فلان أعطني كذا ارزقني مالاً؟ سُبحان الله! امرأتي لا تحمل اجعلها تحمل هذا سفه في العقل وضلال في الدين.
    الأديان السماوية منسوخة بالدين الإسلامي
    قال الشيخ رحمه الله: الأديان السماوية هي التي شرعها الله عز وجل, لأنها نزلت من السماء, إلا أنه يجب أن يعلم السائلُ وغيره أن جميع الأديان منسوخة بالدين الإسلامي, وأنها ليست مما يُدان به الله عز وجل, لأن الذي شرعها ووضعها ديناً هو الذي نسخها بدين محمد صلى الله عليه وسلم, وكما أن النصارى مُقرُّون بأن دين المسيح قد نسخَ شيئاً كثيراً من دين موسى عليه الصلاة والسلام, وأنه يجب على أتباع موسى عليه الصلاة والسلام, أن يتبعوا عيسى, فإننا كذلك أيضاً نقول : إن الإسلام مُلزم للنصارى أن يدينوا به, ولجميع الأمم أن يدينوا بالإسلام, لأن العبرة للمتأخِّر.
    وقال رحمه الله: ندحض قول من يحاولون اليوم أن يخلطوا بين الحق والباطل, ويقولون: هذه أديان سماوية! اليهود على دين سماوي, والنصارى على دين سماوي, والمسلمون على دين سماوي! نقول: هذا أكذب الكذب, وأكذب كلمة قالها قائلها هذه الكلمة, هل اليهود الآن على دين سماوي؟ لا والذي فطر السموات والأرض, ليسوا على دين سماوي, بل على دين باطلٍ, نسخه الله تعالى بشريعة موسى.
    وهل النصارى الذين يُسمُّون أنفسهم ( مسيحيين ) نسبة للمسيح, هل هم على دين الحقِّ؟ لا والذي فطر السموات والأرض, إنهم على دين باطل, أي: منسوخ, نسخ برسالة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فليسوا على دين.
    أهمية التاريخ الإسلامي العربي
    قال الشيخ رحمه الله: التوقيت الذي يسمى الميلادي مبنى على ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام, فالذي وضعه النصارى, وعجباً لقوم يقولون إنهم عرب, ثم ينتسبون أيضاً للإسلام فيعدلون عن التوقيت العربي الإسلامي إلى هذا التوقيت, وهذا يعطى الكفرة من النصارى وغيرهم زُهُواً وعلواً واستكباراً علينا, حيث عدلنا عن تاريخنا العربي الإسلامي إلى تاريخهم, والتاريخ ليس بالأمر الهِّين, فإنه يعتبر عزاً للأمة وفخراً...فلهذا ينبغي لنا أن نكون أمة لنا شخصيتنا, ولنا مقوماتنا, ولنا تاريخنا, وأن لا نكون أذيالاً لغيرنا, وإذا اضطررنا إلى أن نؤرخ بتاريخهم, نظراً لانفتاح الناس بعضهم لبعض, أو دعت الحاجة لذلك...فمن الممكن أن نجعل الأصل : التاريخ الإسلامي العربي, ونقول الموافق لكذا, أما أن نمحو التاريخ الإسلامي, ولا يعرف, ثم نجعل بديلاً عنه هذا التاريخ النصراني فلا شك أن هذا خطأ عظيم.
    إخراج المشركين من جزيرة العرب جسدياً ومعنوياً:
    قال الشيخ رحمه الله: قال رسول البرية عليه الصلاة والسلام في مرض موته : «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» ...إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا بإخراج أجسادهم, فإنه يأمرنا أمراً أولوياً بإخراج أفكارهم وأخلاقهم التي يبثونها بين الناس ليضلوا عباد الله عز وجل....فهذه الجزيرة لها شأن عظيم وميزان كبير في نظر الشرع باعتبار حماية الدين الإسلامي.
    من فوائد صلاح الإنسان أن كل عبد يدعو له في صلاته
    قال الشيخ رحمه الله: قوله : ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) فيه دليل على فوائد الصلاح, وأنَّ من فائدة صلاح الإنسان : أنَّ كلَّ عبدٍ يدعو له في صلاته, فإذا كان العبد صالحاً- ونسأل الله أن يجعلنا جميعاً من الصالحين- فان النبي صلى الله عليه وسلم نفسه قد دعا له في كُلِّ صلاة.
    رحمة المجرم بعقوبته
    قال الشيخ رحمه الله: رحمة المجرم بعقوبته, لأن في عقوبته مصلحتين له, ومصلحة عامة للمسلمين, فأما المصلحتان له : فالأولى : أنه تكفير له, فإذا زنى المسلم وأُقيم عليه الحدُّ صار ذلك كفّارة له, وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة, والمصلحة الثانية : أنها ردع له في المستقبل لأن هذا يُعينه على نفسه.
    و...المصلحة العامة فهي ردع لأمثاله الذين يُحدِّثون أنفسهم بهذه الجناية ألاّ يفعلوها
    فوائد وعجائب القرآن لا تنقضي ولا تنتهي
    قال الشيخ رحمه الله: فوائد القرآن وعجائب القرآن لا تنقضي, وكلما كرّر الإنسان التأمل والتدبر في كتاب الله انفتح له من المعاني والأسرار والحكم ما لم يكن معلوماً له من قبل, فعليك أخي المسلم بتدبر كلام الله عز وجل, واستنباط الفوائد منه, فإن ذلك مما يُعينك على تعظيم القرآن وبيان أن من لدن حكيم خبير, وأن عجائبه لا تنقضي, نفعني الله وإياكم بكلامه, وجعلنا الله وإياكم من أهل كلام الله عز وجل ومن الذين يتلونه حق تلاوته, إنه على كل شيءٍ قدير.
    وقال رحمه الله: فعليك – يا أخي – بتدبر القرآن فستجد فيه العجائب من المواعظ والأحكام والحكم, فإن هذا القرآن – يا إخواني – كلامُ رب العالمين, الذي أنزله لنتدبر آياته ونتعظ به, والقرآن خير وبركة, فعليك بتدبر آياته, وتصديق أخباره, والعمل بأحكامه, إن كنت تريد السعادة في الدنيا والآخرة.
    وقال رحمه الله: تأملوا...كلام الله عز وجل تجدوا الخير الكثير في كلام الله عز وجل, وتجدوا العجائب التي لا تنتهي ولا تنقضي, ولهذا قالت الجنُّ وهم أقلُّ عقولاً من الإنس: { إنا سمعنا قُرآناً عجباً ~ يهدي إلى الرشد فآمنا به} [الجن:1-2] هؤلاء هم الجن, وهم أبلد من الإنس, وأبعدُ من الصواب من الإنس, ومع ذلك أقرُّوا بأن القرآن عجب يهدي إلى الرشد وأمنوا به.
    نسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاُ حقَّ تلاوته, وأن يرزقنا فهمهُ فقهاً وتطبيقه عقلاً, إنه جواد كريم.
    الوساوس : أسبابها وطرق التخلص منها
    قال الشيخ رحمه الله: الوسواس في الغالب يحدث من الفراع النفسي والفكري, بل والجسمي, لأن الإنسان إذا انشغل اهتم بما يشتغل به, فبعُد عن الأفكار والوساوس الرديئة, ولكن مع ذلك يحدث الوسواس حتى مع وجود ما يشغل الفكر والجسم والنفس....والطريق إلى التخلص منه يكون بالتالي :
    أولاً : عدم الالتفات إليه والاهتمام به فلا يلتفت إليه المرء ولا يهتم به ولا يجعل له شأناً في نفسه حتى لو وسوس فليوطن نفسه أن هذا الأمر ليس بحقيقة ثم يدع التفكير فيه وهذه طريقة التَّخلِّي بمعنى أن يُخلِّي نفسه منه وألا يهتم به.
    الطريق الثاني للتخلص : أن يستعمل الأسباب المُنجية منه, وذلك بكثرة التعوذ بالله تعالى, من الشيطان الرجيم, ومن الوساوس, ويكون حين التعوذ مستشعراً بأمرين :
    أحدهما : الافتقار إلى الله تبارك وتعالى, الافتقار الكامل مع جميع الوجوه, بحيث يتبرأ الإنسان في هذه الحال من حوله وقُوَّته, ويُفوِّض الأمر إلى الله سبحانه وتعالى.
    الثاني أن يشعر بأن الله تعالى قادر على إزالة ذلك, لأنه جلا وعلا { إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} [يس:82]وينبني على هذا الأمر...قوة الرجاء لله سبحانه وتعالى وحسن الظن به, حتى يتخلص من هذا الداء الذي أصابه في نفسه
    الطريق الثالث للتخلص من هذا الأمر: أن يكون حين اشتغاله بأمور دينه ودنياه جاداً فيها بمعنى أن يُحضر قلبه عند العمل للعمل وحينئذ إذا انصرف القلب عن الوسواس والخمول الفكري إلى الجدِّ في العمل والنظر إلى الأمور بعين الجدِّية, فإن القلب يتحرك وينصرف ويتجه إلى هذه الأعمال وبذلك ينسي وتزول عنه تلك الوساوس والأفكار الرديئة.
    من يسألون الناس أموالهم
    قال الشيخ رحمه الله: من الناس من يسأل لحاجته, ومنهم من يسأل لضرورته, ومنهم من يسأل تكثراً, ومنهم من يسأل مرضاً –والعياذ بالله- فيه مرض يحب السؤال, فالذين لهم حق هم الذين يسألون لضرورتهم, فإذا علمت أن هذا السائل في ضرورة إلى ما سأل, وأنت تعرف حاله تماماً, فعليك أن تعطيه.
    أو علمت أنه في حاجة, بأن عرفت أن هذا يحتاج, ليس في ضرورة من أكله وشربه ولباسه وسكنه, فكل هذا موجود, لكن يحتاج إلى ما يحتاج الناس إليه في وقتنا الحاضر : الثلاجة, والمروحة, والمكيف, فهذا ليس ضرورياً, لكنه حاجة لا شك, فإذا سأل لحاجته وأنا أعرف فإنه يشرعُ لي أن أعطيه.
    أما إذا سأل تكثراً فقد قال النبي علية الصلاة والسلام : «من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسألون جمراً, فليستقل أو ليستكثر » فإذا عرفت أن هذا الرجل يسأل تكثراً –لأني أعرفُ أنه غني- فإنني لا أُعطيه, بل إن من حقه عليَّ أن أنصحهُ, وأن أقول له : اتق الله, فإن المسألة كد يُكدُّ بها وجه الرجل, حتى يأتي يوم القيامة, وليس على وجهه مزعة لحم, لأنني لو أعطيته في هذه الحال لأغريتهُ, وشجعته أن يسأل بدون حاجة, فهنا لا نعطيه, بل ننصحه, لأنه معتد بسؤاله, والسؤال حرام عليه, وقد قال الله تعالى : { ولا تعانوا على الإثم والعدوان} [المائدة:2]
    كذلك أيضاً من كان سؤاله مرضاً, لأن بعض الناس يُحبُّ السؤال, فهو مريض, فهل الأحسن أن نتابع مرضه, أم الأحسن أن نحاول القضاء على مرضه ؟
    الجواب: الثاني لا شك, إذن : فلنحاول القضاء على المرض, وننصحه ونقول : هذا لا ينبغي, بل هذا حرام عليك أن تسأل بغير حاجة, هذه مواقفنا مع هؤلاء السُّؤال
    ينبغي أن نكون أمة اقتصادية لا أمة مالية:
    قال الشيخ رحمه الله: الواجب أن نعتني بالأموال, وأن نكون أمة اقتصادية, لا أمة مالية, والفرق بينهما ظاهر, فإن الأمة المالية كثيرة المال, لكنها تُبذره بغير فائدة, كرجل تاجر عنده أموال كثيرة, فيُخبِّط بهذا المال, ولا يهتمُّ به, أما الأمة الاقتصادية فهي التي تعرف أين تضع المال كما تعرف من أين تأخذ المال ؟ وتجد الرجل يُوازن دائماً بين الصادر والوارد, حتى يعرف ما هو عليه, وتجده إذا قلَّ المال في يده قلَّ إنفاقه, وإذا كثر في يده اتسع إنفاقه, لكن على وجه سليم لا يكون فيه تبذير.
    وما أكثر ما رأينا من قوم أوسع الله عليهم المال, فأساءوا التصرُّف, فافتقروا ! وكم رأينا من أناس مالهم قليل لكن لحسن تصرفهم استغنوا عما سوى الله عز وجل
    وعن عمرو بن شعيب, عن أبيه عن جده, قال: قال رسول الله صلى الله عليم وسلم: « كُل, واشرب, والبس, وتصدق في غير سرفٍ, ولا مخيلة» [أخرجه أبو داود وأحمد]
    وقال رحمه الله : من فوائد هذا الحديث: أن الإنسان يأكل ويشرب ويلبس ويتصدق لكن على وجه لا إسراف فيه ولا مخيلة, وهذه قاعدة مهمة جداً في الاقتصاد, ففيه إشارة أن ينبغي للإنسان أن يكون مقتصداً في إنفاقه, ولهذا يقال في المثل: ( ما عال من اقتصد) ما عال: أي ما افتقر, ويقال: الاقتصاد نصف المعيشة, وكثير من الناس لا يهتمُّ بالإنفاق, متى وقع في يده قرش ضيعه, وهذا غلط فينبغي للإنسان أن يكون معتدلاً { والذين إذا أنفقوا لم يُسرفوا ولم يقتروا} [الفرقان:67]
    الحذر من الاستدانة لأمر كمالي
    قال الشيخ رحمه الله: لا يحلُّ لأي إنسان أن يُسرف في إنفاقه, لأ في الأكل, ولا في الشرب, ولا في اللباس, ولا في غيره, وأشدُّ من ذلك وأخطر ما يفعله بعض الناس من الاستدانة لأمرٍ كمالي ليس بواجب.
    فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُوجه الرجل الذي لم يجد شيئاً يتزوج به إلى أن يستدين, فكيف يستدينُ الإنسانُ لشيءٍ ليس بضروري, ثم يتحمل ديناً ! وإذا حلَّ الدينُ ولم يُوفه فإنه يستدين مرةً ثانية, ويُزاد عليه, وإذا حلَّ الثاني ولم يُوف استدان ثالثة, وهكذا حتى يتراكم عليه الدين.
    وقال رحمه الله: أمرُ الدين عظيم, ألم تعلموا أن الرسول علية الصلاة والسلام سأله رجل عن الشهادة في سبيل الله فقال : يا رسول الله, أرأيت إن قُتلتُ في سبيل الله يُكفرُ عنِّي خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:( نعم إن قُتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مُقبل غير مُدبر) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كيف قُلت؟ ) قال : أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عنِّي خطاياي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعم, وأنت صابر محتسب, مُقبل غير مُدبر, إلا الدين, فإن جبريل عليه السلام, قال لي ذلك ) يعني الشهادة في سبيل الله لا تُكفِّر الدين وهي شهادة في سبيل الله ! وكان عليه الصلاة والسلام يُؤتى بالرجل المتوفى, عليه الدين, فيسألُ : ( هل ترك لدينه فضلاً ؟ ) فإن حُدث أنه لدينه وفاء صلى, وإلا قال للمسلمين:( صلوا على صاحبكم)..فإياك...أ ن تغتر وتتساهل.
    الحذر من شياطين الإنس
    قال الشيخ رحمه الله : كُلُّ من يأمرك بالسوء والفحشاء وينهاك عن الصلاح والاستفادة فهو شيطان لقول الله تبارك وتعالى {ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمره بالفحشاء والمنكر} [النور:21] وقال تعالى : { إنما يريدُ الشيطان أن يُوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة} [المائدة:91] فكل إنسان يأمرك بالفحشاء والمنكر وينهاك عن ذكر الله وعن الصلاة فهذا هو الشيطان
    وقال رحمه الله : الحذر من الشياطين ليس اسماً خاصاً الجن, بل حتى الإنس لهم شياطين, قال الله سبحانه وتعالى : {وكذلك جعلنا لكل نبيٍ عدواً شياطين الإنس والجن} [الأنعام:112]
    وقال رحمه الله : الغرور اسم جنس ليس خاصاً بالشيطان, بل هو عام للشيطان وأوليائه, فما أكثر شياطين الإنس الذين يغرون الإنسان ويسفهونه, ويوقعونه فيما يندم عليه, وهم جلساء السوء الذين حذر منهم النبي عليه الصلاة والسلام.
    وقال رحمه الله : فما أكثر ما يمُرُّ علينا ممن يتصلون بنا يشكون من قوم كانوا مستقيمين, وأئمة مساجد, أو مؤذني مساجد, اتصل بهم أناس من أصحاب السوء, فانحرفوا انحرافاً كاملاً"
    الميت بحادث سيارة أو صاعقة شهيد
    قال الشيخ رحمه الله: الذي يخرجُ من بيته ويموتُ بحادث سيارة أو سقوط عقار عليه أو ما أشبه ذلك يكون شهيداً, لأن صدم السيارة من جنس الغرق ومن جنس الحرق, ومن جنس الهدم, وكل ذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسم أن من مات به يكون شهيداً...فهو شهيد عند الله, لكنه في أحكام الدنيا ليس بشهيد, بل يجب أن يُغسل ويُكفَّن ويصلى عليه.
    وقال رحمه الله: إذا نزلت صاعقة بإنسان فإنها سوف تحرقه – لا شك- في لحظة, لأنها طاقة كهربائية عظيمة, فهل يكون هذا من جنس الذي مات بحرق النار, ويكون من الشهداء ؟
    نقول: نعم, هذا من الشهداء, ويكون الله قد أراد له خيراً أن يموت على هذه الحال إن شاء الله.
    وقال رحمه الله: ولكن ليعلم أننا لا نحكم على الشخص بعينه أنه شهيد حتى وإن عمل عمل الشهداء, لأن الحكم بالشهادة لشخص بعينه لا يجوز, كما لا تجوز الشهادة للشخص بعينه بالجنة إن كان مؤمناً, أو بالنار إن كان كافراً, ولكن نقول : إن من مات بحادث أم مات بهدم أو بغرق أو بحرق أو بطاعون فإنه من الشهداء, ولكن لا نخُصُّه بعينه, ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن لا نشهد لأحد بعينه بجنة ولا بنار, إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولكن نرجو لهذا الرجل أن يكون من الشهداء.
    بناء المساجد
    قال الشيخ رحمه الله: الصدقة الجارية من أوسعها وأعمِّها وأنفعها وأفضلها : بناء المساجد, لأن المسجد تُقام فيه الصلوات, وقراءة القرآن, ودروس العلم, ويُؤوى الفقراء في الحرِّ والبرد, وفيه مصالح كثيرة ليلاً ونهاراً, ثم هو أدوم من غيره...كذلك الماء حيث يحفر الإنسان عيناً يشرب منها الناس, فهذه صدقة جارية...وكذلك الأربطة-وهي مساكن لطلاب العلم- وكتبُ العلم.
    وقال الشيخ رحمه الله: أرى أنه ما دامت الأُمُّ قد أدت فريضتها فإن الحج في حقها يكون تطوعاً, وبذلُ سبعة آلاف ريال في حج تطوع مع وجود عمل أفضل من ذلك خلاف الحكمة, ولهذا أرى أن تصرفوا هذه السبعة الآلاف إلى جهة أُخرى أنفع لها, مثل أن تشاركوا لها في عمارة مسجد ينفع الله به المسلمين, وينفع الميتة, حيثُ إن المسجد أجره عظيم, لأن من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة, ولأن المسجد يرتاده المسلمون لأداء أعظم فريضة في الإسلام بعد الشهادتين, وهي الصلوات الخمس, ويرتاده المسلمون أيضاً لحفظ القرآن, ويرتاده المسلمون لتذاكر العلم, ولغير ذلك من المصالح العامة, فإذا صرفتم هذه الآلاف السبعة إلى مشاركة في بناء مسجد كان ذلك خيراً وأولى.

    وقال رحمه الله: جاء في الحديث : «لا تقوم الساعة حتى يتباهي الناس في المساجد» فلا يتخذونها مكان عبادة بل مكان مباهاة يقال ما شاء الله, فلان عَمَّر هذا المسجد العظيم مزخرفاً محلىً بالنقوش وبالمعادن وبالرخام...بعض المساجد رأيناها في بعض المناطق يكاد الإنسان يجزم بأن الإنسان بناها مباهاة, لأنه لا داعي لهذه الأشياء.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,469

    افتراضي رد: فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين


    فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (2)


    فهد بن عبد العزيز الشويرخ

    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فهذا هو الجزء الثاني من فوائد متفرقة في أمور متنوعة انتقيتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.
    بذل المال من أسباب انشراح الصدر
    قال الشيخ رحمه الله: ذكر ابن القيم رحمه الله أن بذل المال من أسباب انشراح الصدر, وهذه فائدة عظيمة: أنك إذا بذلت المال في طاعة الله وفيما يقرب إلى الله عز وجل فإنه من أسباب انشراح الصدر, ذكر هذا في زاد المعاد.
    عدم كشف نساء المشركين عن سُوقِهِنَّ
    قال الشيخ رحمه الله: قوله: ( حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل, رفعن عن سُوقِهِنَّ ) والمراد بالنساء: نساء المشركين, وفي هذا دليل على أنه كان من عادة نساء العرب حتى المشركات أنهن لا يكشفن عن سُوقِهِنَّ, بل يسترنها.
    الرابح
    قال الشيخ رحمه الله: الرابح: الذي منَّ اللهُ عليه فخرج من الدنيا وهو لا يستحق العقاب في الآخرة, سواء كان ذلك بتوبة, أو بمصائب تُكفر, أو بأعمال صالحة جليلة جداً, تضمحل معها الأعمال السيئة.
    المصائب قد تكون عقوبة وقد تكون امتحاناً
    قال الشيخ رحمه الله : المصائب تكون تارة عقوبة, وتارة امتحاناً, فهي عقوبة إذا فعل الإنسان محرماً, أو ترك واجباً, فقد يعجل الله له العقوبة في الدنيا ويصيبه بما يشاء من مصيبة, وقد يصاب الإنسان بالمصيبة لا عقوبة على ترك واجب, أو فعل محرم, ولكن من باب الامتحان إذ يمتحن الله بها الإنسان ليعلم أيصبر أم لا يصبر ؟ فإن صبر كانت المصيبة منحة لا محنة يرتقى بها الإنسان إلى المراتب العليا.
    الإنسان مفتقر إلى اللباس المعنوي كما هو مفتقر إلى اللباس الحسيِّ
    قال الشيخ رحمه الله: من حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل بشرة الإنسان بادية لا تُغطى بلباس...والحكمة في هذا والله أعلم من أجل أن يعلم الإنسان أنه مفتقر إلى اللباس المعنوي كما هو مفتقر إلى اللباس الحسيِّ, فيتذكر بحاجته إلى هذا اللباس أنه محتاج أيضاً إلى اللباس المعنوي الذي هو خير منه, وهو لباس التقوى.
    ذكر الله عز وجل يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح
    قال الشيخ رحمه الله: ذكر الله عز وجل يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح: فيكون بالقلب بأن يتفكر الإنسان في آيات الله تعالى, وفي أسمائه وصفاته, ويكون بالجوارح باللسان كالتسبيح والتهليل والتحميد, وما أشبه ذلك, ويكون بالجوارح غير اللسان مثل : الصلاة فيها ركوع وسجود وقيام وقعود وهي ذكر...فكلُّ ما يُقرب إلى الله تعالى كلُّ عبادة فهي من ذكر الله.
    نبيا الله يوسف وأيوب عليهما السلام اجتمع في حقهما أنواع الصبر الثلاثة
    قال الشيخ رحمه الله: صبر يوسف عليه السلام عن فعل الفاحشة في امرأة العزيز صبر عن معصية الله, وفي صبره على ما ناله من أَلَمِ السجن وأذيَّته صبر على أقدار الله تعالى المؤلمة...وفي دعوته أهل السجن إلى عبادة الله تعالى وإلى توحيده هذا من الصبر على طاعة الله تعالى, فاجتمع في حقه أنواع الصبر الثلاثة.
    وقال رحمه الله: صبر أيوب عليه السلام كان صبراً على قدر الله, وهذا ظاهر لأنه صبر على ما مسه من الشيطان, وكان صبراً عن معصية الله, لأنه لم يجزع ولم يسخط, وكان صبراً على طاعة الله, لأنه لجأ إلى الله ودعا الله عز وجل فأجابه.
    من أراد الحكمة فليجأ إلى الله عز وجل
    قال الشيخ رحمه الله: الله سبحانه وتعالى يمنُّ على من يشاء من عباده بالحكمة, فتجدُ الرجل حكيماً في قوله, وفي فعله, وفي تركه, وفي إقدامه, وفي جميع أحواله, متأنياً, مُطلعاً إلى المستقبل, وإلى الآثار, فيزن بعضها ببعض, ويُقدم حيث كان الإقدام خيراً, ويُحجم حيث كان الإحجام خيراً...ومن أوتي الحكمة...فأموره تكون مرتبة...قليل الزلل, وإن كان الإنسان ليس معصوماً لكن من أوتي الحكمة فهو أقل زللاً من غيره...فإلى من نلجأ إذا أردنا الحكمة ؟ إلى الله عز وجل, فأنت أخي المسلم إذا أردت الحكمة فاطلبها ممن يقدر على إعطائك إياها, ولكن مع هذا نقول : إن التجارب لها دور عظيم في الوصول إلى الحكمة, وإن مصاحبة العقلاء أيضاً لها دور عظيم في تحصيل الحكمة.
    المنتحر لا يستفيد من قتل نفسه في تخليصها من ويلات الحياة وهمومها
    قال الشيخ رحمه الله: قتل النفس كبيرة...وسؤال يطرح نفسه : هل قاتل نفسه للتخلص من ويلات الحياة الدنيا ونكباتها هل يفيده ذلك شيئاً ؟ الجواب : لا يفيده, بل يفيده أنه ينتقل إلى عذاب أشد, فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار, كما قال الشاعر : والمستغيث بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار
    فالرمضاء أهون, المهم أن أولئك الذين ينتحرون والعياذ بالله, ليتخلصوا من ويلات الدنيا وهمومها ونكدها لا يزيدهم ذلك إلا وبلاً وعذاباً, لأنه من حين أن تخرج أرواحهم تخرج إلى العذاب, نسأل الله العافية.
    كل إنسان مبطل الغالب أن يُعاقب بنقيض قصده
    قال الشيخ رحمه الله في قوله تعالى : } قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس [ [طه:97] : فهذا الرجل السامري فعل فعلته القبيحة, ليكون زعيماً متبوعاً, لكنه عُوقب بنقيض قصده } قال فاذهب فإن لك في الحياة [ أي طول حياتك, } أن تقول لا مساس [ فكل من دنا منه, يقول : أبعد عنِّي, لا تمسَّني, وهذا أشد من الأجرب, لأنه هو بنفسه يقول : ( لا مساس) أي لا مماسة بيني وبينك, أبعد عنِّي وأُبعد عنك, وهذا مرض نفسي, لكنه عقوبة من الله عز وجل, وهكذا كل إنسان مُبطل الغالب أن يُعاقب بنقيض قصده...فهذا الرجل لما أراد أن يكون متبوعاً وزعيماً كان نتيجة ذلك أن يتبرأ من الناس.
    القدر ليس له مشيئة
    قال الشيخ رحمه الله: إذا قال قائل: هل يجوز أن نقول: إنَّ للقدر مشيئة ؟ فالجواب: أن هذا لا يجوز أيضاً, لأن القدر ليس له مشيئة, المشيئة لله عز وجل.
    كل شيء يخاف الإنسان على نفسه من الفتنة به يتلفه
    قال الشيخ رحمه الله: ينبغي للإنسان في كل شيء يخاف على نفسه من الفتنة به أن يتلفه, وذلك لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم, فقد تقول في نفسك : إن هذا لن يؤثر عليَّ, لكن مع معاودة الشيطان لك يُؤثر عليك, وعلى هذا فلو قرأت كتاباً, ووجدت أنه باطل, لكنك تخشى في يوم من الأيام أن نفسك تُوسوس لك فيما جاء في هذا الكتاب, فإن الواجب عليك إتلافه, والناس يختلفون في هذا, وفرق بين إنسان رسخ العلم الصحيح في قلبه, ويعرف – مثل الشمس – أن هذه باطلة, ولا يخاف على نفسه منها, وبين إنسان يخشى على نفسه, ومن هذا ردُّ النبي علية الصلاة والسلام الخميصة على أبي جهم, لأنها أشغلته, نظر إليها نظرة, وهو يصلي فقال : ( اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم, وأتوني بأنبجانية أبي جهم )
    ومن أيضاً فعل سليمان عليه الصلاة والسلام, لما ألهته الخيل عن صلاة العصر طفق مسحاً بالسوق والأعناق, قال الله تعالى : } فقال إني أحببتُ حُبَّ الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ~ رُدُوها علي فطفق مسحاً بالسوق والأعناق [ [ص:32-33] أي صار يُقطع سيقانها وأعناقها, فقتلها وعقرها وأتلفها, لأنها ألهته
    سؤال الناس مرض سرطاني
    قال الشيخ رحمه الله: سؤال الناس من الأمراض الخطيرة, وهو مرض سرطاني لا يُشفى, إذا تعود الإنسان على سؤال الناس...فالإنسان كلما سأل ازداد فقره, وصار يتلهف دائماً, وإذا حمى نفسه ومنعها وصار يحمى نفسه عن السؤال أغناه الله سبحانه وتعالى, والدنيا لا تدوم على حال
    معنى حديث " ماء زمزم لما شرب له "
    قال الشيخ رحمه الله: الحديث " ماء زمزم لما شُرِبَ له " حديث حسن, ولكن ما معنى قوله : " لِمَا شُرِبَ له " هل معناه العموم حتى لو شربه الإنسان ليكون عالماً صار عالماً أو ليكون تاجراً صار تاجراً, أو المراد : " لما شرب له " مما يتغذي به الإنسان فقط, بمعنى: أنك إذا شربته لإزالة العطش رويت أو لإزالة الجوع شبِعت ؟ الحديث ليس صريحاً في أنه لكُلِّ ما شُرِبَ له حتى لو كان خارج البدن, فالذي يظهر لي – والله أعلم - : أن ماء زمزم لما شرب له مما يتغذى به البدن, بمعنى : أنك لو اكتفيت به عن الطعام كفاك وعن الشراب كفاك, وأما الدعاء عند شربه فقد استحب كثير من العلماء أن يدعو الله سبحانه وتعالى عند شربه.
    لا يطلق على النساء سيدات
    قال الشيخ رحمه الله: لا يوجد في القرآن ولا في السنة ولا في كلام الصحابة ولا التابعين ولا العلماء إطلاق السيدات على النساء, لكن جاءتنا هذه من الكفار الذين يقدِّسون النساء, وقال رحمة الله : أنا لا أرى أن يطلق كلمة سيدة على المرأة...وإنما يُقال : امرأة أو أنثى أو فتاة, وما أشبهها, هذه هي الألفاظ التي جاءت في الكتاب والسنة.
    من الحكمة إذا كثر اللغط والاختلاف أن يتفرق الناس:
    قال الشيخ رحمه الله: ينبغي التفرق عند كثرة اللغط والاختلاف, لأن هذا يحلُّ المشكلة, إذ لو بقي الناس في مكانهم زاد اللغط والاختلاف, ورُبما يُؤدي إلى المقاتلة, فلهذا كان من الحكمة أنه إذا كثُر اللغط والاختلاف أن يتفرق الناس.
    قسمة الإنسان ماله على ورثته
    قال الشيخ رحمه الله: لا ينبغي أن يقسم الإنسان ماله على الورثة كما يفعله بعض الناس, لأنه لا يدري : هل يموتون قبله, أو يموت قبلهم ؟ ولا يدري : هل تتغير الحال أو لا تتغير ؟ ولا يدري فرُبما هو في نفسه يحتاج المال في المستقبل, فمن الخطأ والتسرع- ولا أستطيع أن أقول : السفه أيضاً- أن يقسم الإنسان ماله بين ورثته, لأنه لا يدري, والأولى أن يحتفظ بماله.
    ثمار الإيمان بالأسماء والصفات:
    قال الشيخ رحمه الله: مسالة تغيب عن كثير من الذين يتكلمون عن صفات الله, فتجدهم يتكلمون عن إثبات الصفة, لكن لا يتكلمون عمَّا يُثمره الاعتقاد بالنسبة لهذه الصفة من الأحوال المسلكية, وهذه مهمة...وهذه مسألة ينبغي للإنسان أن يجعلها على باله: أنه ليس المقصود أن نعلم ما يتعلق بالعقيدة فقط من الأسماء والصفات, بل المقصود مع ذلك ما يترتب على هذا الاعتقاد من تصحيح المسلك, والاستقامة من الأمر.
    قال جامعه: رحم الله الشيخ, فقد ذكر الفوائد المسلكية للإيمان بالأسماء والصفات, في شرحه للعقيدة الواسطية.
    من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه:
    قال الشيخ رحمه الله: إبراهيم عليه السلام اتخذه الله عز وجل خليلاً, جزاءً على ذبح ابنه الذي هو أحب البشر إليه من أجل أن ينال محبة الله ورضاه فأثابه الله عز وجل, والرب عز وجل هكذا يفعل مع عباده فمن ترك شيئاً له عوضه الله خيراً منه
    فهذا سليمان عليه الصلاة والسلام لما ترك الخيل, فقال: ) رُدوها عليَّ فطفق مسحاً بالسوق والأعناق [ [ص:33] غضباً لله عز وجل, وقطعاً لدابر هذه الخيول التي ألهته, فأعاضه الله تعالى بالريح, ) فسخرنا له الريح تجري بأمره رُخاء حيثُ أصاب [ [ص:36] أي: حيث أراد, مع أن الريح عاصفة قوية, والعادة أن العاصفة القوية تقلق, ولا تكون رخاء, لكن هذه جعلها الله تعالى رخاء.
    الشيطان يفعل أشياء لا نشعر بها:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات, فإن الشيطان يبيتُ على خياشيمه ) [أخرجه مسلم] قال الشيخ رحمه الله: وفي هذا دليل على أن الشيطان يفعل الأفعال ولا نحُسُّ بها, فهو يبيت على خياشيمنا, ولكننا لا نحسُّ أن أحداً جثم على الخيوشم, مع أنه لو دبَّت عليه ذرة لأحسسنا بها, لكن عالم الشياطين وعالم الجن الأصل فيه أنه خفي, وكذلك عالم الملائكة, فالملائكة عن اليمين وعن القعيد, ولا نشعر بها, وإن كنا نؤمن بذلك لأنه حق.
    وفي الحديث دليل على أن الله تعالى مكّن للشيطان أن يتسلط علينا, وأخبرنا بذلك من أجل أن نتوقى شره, حتى نعرف حاجتنا وضرورتنا إلى الله.
    من الغلط الوعظ بعد صلاة الجمعة
    قال الشيخ رحمه الله: بعض الأئمة يعظ الناس بعد الصلاة, وهذا غلط, يعني: الكلام بعد صلاة الجمعة غلط, لأنه يؤدي إلى أن تكون الخطب ثلاثاً, لا سيما إذا اعتيدت, ولأنه أتى بموضوع هو موضوع الخطبتين فهذا تكرار لا فائدة منه, وربما يشعر بغمط الإمام وأنه مقصر في الأداء, وإن أتى بموضوع آخر نسي الناس موضوع الخطبة التي هي المشروعة في الواقع, ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله: إذا تكلم أحد بعد الصلاة فلا يستمع إليه إلا أن يكون كتاب السلطان أو كلمة نحوها, يعني: شيء جاء من السلطان يقرأ على الناس وإلا فلا يستمع إليه.
    الإنسان السعيد:
    قال الشيخ رحمه الله: تجد الإنسان السعيد – نسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم- يسهل عليه عمل أهل السعادة فتسهل عليه الصلاة, وتسهل عليه الصدقة, وتسهل عليه صلاة الأرحام ويسهل عليه كلُّ عمل خير فإذا رأيت أن الله قد منَّ عليك بهذا وأن عمل الخير مُيسر لك فأبشر بالخير, فإن هذا يدلُّ على أنك من أهل السعادة.
    الثقة بالنفس:
    قال الشيخ رحمه الله: قال تعالى: ) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون [ [النحل:128] هذه الآية إذا آمن بها الإنسان سوف تحمله على ثقته بنفسه, لكن ثقته بنفسه: لا لأنه قوي قادر, ولكن لأن الله معه, وقال رحمه الله: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) احرص على ما ينفعك: هذا بفعل ما تستطيع من الأسباب, واستعن بالله: يعني: لا تعتمد على نفسك, اطلب العون من الله عز وجل حتى يحصل المراد.
    الإنصاف والعدل في حكم الله عز وجل:
    قال الله عز وجل: )وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيراً ما أنزل إليك من ربك طغياناًَ وكفراً [ [المائدة:64]
    قال الشيخ رحمه الله: من فوائد الآية الكريمة: الإنصاف والعدل في حكم الله عز وجل, لأنه قال: ] كثيراً منهم [ ولم يقل: أكثرهم, ولم يقل: كلهم, ولهذا يجب على الإنسان إذا رأى في قوم انحرافاً من بعضهم, ألا يُجري الحكم على الجميع بل يقول: كثير أو بعض أو منهم أو ما أشبه ذلك, لأنه لو عمم مع وجود استقامة في الآخرين لكان ظالماً من وجه وكاذباً من وجه آخر.
    أكثر الناس أو غالبهم يخلون في مقام الشكر إما بالقلب أو باللسان أو بالجوارح.
    قال الشيخ رحمه الله: الشكر له ثلاثة محلات: القلب واللسان والجوارح والمواضع الثلاثة للشكر قلَّ من يقوم بها, فبعض الناس مثلاً يعتمد على السبب في جلب النعمة إليه وينسى المسبب, فعندما يعطيه إنسان حاجة من الحاجات تجد أنه يقومُ في قلبه من شكر هذا المعطى أكثر مما يقوم بشكر الله, تجده يثنى أيضاً على هذا أكثر مما يثنى على الله, فتجده يقوم بخدمة هذا أكثر مما يقوم بخدمة الله, مع أن هذا الذي وصلت النعمة على يده ما هو إلا طريق لوُصُولها إليك فقط, وإلا فالذي جعل في قلبه أن يوصل إليك هذه النعمة إليك: هو الله سبحانه وتعالى, وهو الذي يسر هذا, فالحاصل: أن الناس الآن أكثرهم أو غالبهم يخلون في مقام الشكر إما بالقلب أو باللسان أو بالجوارح.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,469

    افتراضي رد: فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين

    فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (3)


    فهد بن عبد العزيز الشويرخ



    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فهذا هو الجزء الثالث من فوائد متفرقة في أمور متنوعة انتقيتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.
    وصية بحفظ دعاء الاستفتاح في قيام الليل:
    عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: «(اللهم لك الحمد, أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن, ولك الحمد, أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن, ولك الحمد, أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن, ولك الحمد, أنت الحق, ووعدك الحق, ولقاؤك حق, وقولك حق, والجنة حق, والنار حق, والنبيون حق, ومحمد حق, والساعة حق, اللهم لك أسلمت, وبك آمنت, وعليك توكلت, وإليك أنبت, وبك خاصمت, وإليك حاكمت, فاغفر لي ما قدمت وما أخرت, وما أسررتُ وما أعلنتُ, وما أنت أعلمُ به مني, أنت المُقدم, وأنت المؤخر, لا إله إلا أنت, ولا إله غيرك)» [متفق عليه] قال الشيخ رحمه الله: ينبغي للإنسان أن يكتب هذا الدعاء في ورقة, وأن يحفظه شيئاً فشيئاً, ويقرأه كل يوم, وحينئذٍ لا ينساهُ بإذن الله, وهو كلام من خير قول البرية, كلام من رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم لرب العالمين, فالإنسان مُفتقر إليه.
    فأُوصى نفسي وإياكم أن تكتبوا ذلك في ورقةٍ, وتحفظوه, وتحرصوا على القيام به في كُل يوم للتهجد.
    من ليس معك فليس بالضرورة أن يكون ضدك:
    قال الشيخ رحمه الله: من المؤسف أن بعض الناس الآن صار يمشي في ولائه وبرائه على قاعدة من أفسد القواعد, وهي : (من ليس معي فهو ضدي ) فهل هذا صحيح ؟ أبداً من ليس معك فهو إما عليك إن كان ضدك, وإما أن يكون موقفه حيادياً.
    قاعدة ينبغي للإنسان أن يسير عليها في حياته:
    قال الشيخ رحمه الله: جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُذلَّ الرجل نفسه, قالوا: كيف يذل نفسه؟ قال: ( يتعرض من البلاء لما لا يطيق ) هذا هو الحديث, وصدق الرسول علية الصلاة والسلام, إياك أن تفعل ما يكون سبباً لإذلال نفسك, سواء في الأفعال أو في الأقوال, والإحجام خير من الإقدام, لأن الإنسان إذا أحجم فقد ملك الزمام, لكن إذا أقدم مُلِك, ولم يتمكن من التراجع, وهذه قاعدة ينبغي للإنسان أن يسير عليها في حياته, لا يُقدم إلا حيث يرى الإقدام مصلحةً, وإن تساوى الأمران فالإحجام خير, وإن ترجح الإحجام فالإحجام خير.
    لا ينكر على أحدٍ حتى يُعلم أنه فعل ما ينكر به عليه:
    عن عمران بن حصين رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم فقال: ( يا فلان, ما منعك أن تُصلي في القوم؟) فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة, ولا ماء, فقال: ( عليك بالصعيد, فإنه يكفيك)
    قال الشيخ رحمه الله: من فوائد الحديث: أنه لا ينكر على الشخص حتى يعلم أنه فعل ما يُنكر به عليه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه, بل سأل: ما الذي منعه, ولو أنكر عليه لوبخه, وقال: كيف تترك الصلاة ؟! فدلَّ هذا على أن الإنسان ينبغي له ألا يتعجل بالإنكار حتى يعلم وجه الإنكار.
    ويُؤيد ذلك أيضاً أن رجلاً دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب, فجلس, فلم ينكر عليه, بل قال له: ( هل صليت؟) قال:لا, قال: (قُم فصلِّ ركعتين وتجوز فيهما )
    فائدة ينبغي أن تقيد:
    قال الشيخ رحمه الله: إذا تأملت صلاة الجنازة وجدت أنه يُبدأ فيها أولاً بحق الله تعالى, ثم بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم بحق العموم, ثم بحق الخصوص, فالفاتحة, ثم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم, ثم الدعاء العام, ثم الدعاء الخاص, وفي التشهد كذلك, أولاً التحية لله, ثم السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم السلام على المُصلِّي وعباد الله الصالحين, وهذه الفائدة ينبغي أن تُقيد.
    الحكمة من أن القرآن يُنسي أكثرُ من غيره:
    قال الشيخ رحمه الله: القرآن تجب العناية به أكثر لأمر النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن أكثر الأشياء نسياناً, يعني أن تحفظ مثلاً متناً من متون الفقه لا يحتاج إلى تعهدٍ كثيرٍ, أما القرآن فلا بد أن تتعهَّده كثيراً وإلا نسيته قال النبي صلى الله عليه وسلم«تعهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشدُّ تفصياً أو تفلتاً من الإبل في عُقُلها»
    والحكمة من أن القرآن يُنسي أكثرُ من غيره:
    أولا :الابتلاءُ ليعلَمَ الله يتبارك وتعالى من هو راغب في حفظ القرآن ومن هو غير راغب.
    ثانياً: كثرة الأجر والثواب بترداده, فإن في كلِّ حرفٍ عشر حسنات.
    ثالثاً: أن يبقي ذكر الله تعالى في القلب, لأن القرآن كلام الله, فإذا كنت تقرأ القرآن فكأنما تُناجي الله عز وجل, لأنك تقرأ كلامه سبحانه وتعالى, ولهذا جعل الله تعالى من الحكمة أن يُنسي سريعاً حتى تحرص عليه.
    الأذى في سبيل الدعوة من باب تكميلها ومن باب قوتها ومن باب زيادة الأجر
    قال الشيخ رحمه الله: قال سبحانه { لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب} [يوسف/111] العبرة من هذا أن نصبر على ما نؤذى به, من قولٍ أو فعلٍ في سبيل الدعوة إلى الله, وأن نرى أن هذا رفعة لدرجاتنا, وتكفير سيئاتنا, فعسى أن يكون في دعوتنا خلل, من نقص في الإخلاص, أو من كيفية الدعوة وطريقها, فيكون هذا الأذى الذي نسمع يكون كفارة لما وقع منا, لأن الإنسان مهما عمل فهو ناقص, لا يمكن أن يكمل عمله أبداً, إلا أن يشاء الله, فإذا أُصيب وأُوذي في سبيل الدعوة إلى الله فإن هذا من باب تكميل دعوته ورفعة درجته فليصبر وليحتسب ولا ينكص على عقبيه لا يقول: لست بمُلُزم, أنا أصابني الأذى أنا تعبت بل الواجب الصبر الدنيا ليست طويلة أيام ثم تزول فاصبر.
    وقال رحمه الله: واعلم أنك كلما أُوذيت في الدعوة إلى الله تعالى فإن ذلك زيادة أجرٍ لك من جهة, وزيادةُ قوَّةٍ لدعوتك من جهة أُخرى, لأن الإنسان إذا أُوذي على شيء لابُدَّ أن يجد من يتعاطف معه كما تقتضيه سُنة الله عز وجل, حتى الذين يتكلمون بالباطل إذا أُوذوا على باطلهم وجدوا من يتعاطف معهم, فكيف من يتكلم بالحقِّ.
    تتبع الأخطاء فيه ضرر كبير, وإضعاف لجبهة الراد والمردود عليه:
    قال الشيخ رحمه الله: إن انشغال الإخوان بتتبع بعضهم بعضاً فيما يظنونه خطأ, ونشر الردود بينهم فيما هو في مسائل النزاع ومواقع الاجتهاد يحصل به ضرر كبير خاص وعام, وإضعاف لجبهة العلماء الراد والمردود عليه, حتى أنه قد يحصل التندر من بعض السفهاء في هذه الأمور والنزاعات.
    المخالف مريض ينبغي علاجه لا مجرم يُراد عقابه:
    قال الشيخ رحمه الله: المسائل التي تُخالف النص الصريح أو تخالف ما كان عليه السلف هذه لا يمكن السكوت عليها, بل يجب إنكارها وبيان بطلانها, ولكن لابُدَّ من اتباع الحكمة أيضاً, واتباع الحكمة بأن تتكلم مع صاحبك بهدوءٍ, وألا تقصد الانتصار لنفسك ورأيك, لأنك إذا قصدت الانتصار لرأيك فأنت إذن لا تدعو إلى الله, وإنما تدعو إلى نفسك, وإنما تريد الانتصار للحقِّ, فاجعل هذا الذي خالف الحقَّ فيما ترى كأنه مريض تريد أن تعالجه, لا كأنه مجرم تريدُ أن تعاقبه, لأن هناك فرقاً بين النظرتين..
    ولهذا تختلف مناهج الناس في بيان الحقِّ وبيان الصواب في هذه الأمور, والموفق من وفقه الله سبحانه وتعالى ولكن لا شكّ أن الرفق يأتي بالخير أكثر مما يأتي به العنف, كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    كلمة الحق لها تأثير بثلاثة شروط
    قال الشيخ رحمه الله: كلمة الحق لا بُدَّ أن يكون لها تأثير, ولكن لا تستعجل, قد لا يكون لها تأثير في الحاضر, لكنها في المستقبل ستوثرُ بثلاثة شروط, إذا كانت لله وبالله وفي الله...إذا كانت لله إخلاصاً وقصداً بحيثُ لا يقصدُ الإنسان أن يترفع عن الناس, أو يقال : ما شاء الله هذا رجل مُعلن,أو هذا رجل ناصح, وإذا كانت بالله استعانة, بحيث لا يعتمد الإنسان على نفسه فيعجبُ بها.والثالث في الله, أي في الطريق الذي شرعه الله كما قال سبحانه : { ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [سورة النحل/125] [ينظر كذلك:دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين:10/42]
    الاختلاف ينبغي ألاَّ يؤثر في القلوب:
    عن سعيد بن المسيب, قال: اختلف علي وعثمان رضي الله عنهما وهما بعسفان في المُتعة, فقال علي: ما تُريدُ إلا أن تنهى عن أمرٍ فعله النبي صلى الله عليه وسلم, فلما رأى ذلك علي أهلَّ بهما جميعاً. قال الشيخ رحمه الله: في هذا دليل على أن الكبار في العلم والمرتبة يجري بينهما الخلاف, ولكن هذا لا يؤثر اختلافاً في القلوب, بخلاف ما عليه بعض الناس اليوم, حيث تجده إذا خالفه صاحبه في شيء من الأشياء وجد عليه أو خاصمه, وهذا من نزعات الشيطان, والواجب عليك إذا خالفك أخوك في شيء أن تُناقشه, وتنظر ما عنده, فقد يكون عنده من العلم ما ليس عندك, ثم إن توصلتما إلى اتفاق في الرأي فهذا هو المطلوب, وإلا فلكل رأيه, وفي هذه الحال لا يقال: إنكما اختلفتما, لأن كلا منكما سلك طريقاً ظنه الحقَّ, فليعذر كل واحد منكما الآخر, بل إن مما يدل على ورعه: أنه خالفك لأجل الحق, ولم يُداهنك.
    تقويم الشخص يستلزم ذكر محاسنه ومساوئه, وعند رد باطله لا يلزم ذكر محاسنه:
    قال الشيخ رحمه الله: من أراد أن يُقوّم شخص فالواجب عليه أن يذكر محاسنه ومساوئه, أما من أراد أن يبطل ما يكون من باطل فهنا لا يلزم أن يذكر المحاسن, لأن ذكر المحاسن في مقام الرد عليه يرفع الرد عليه, والتنفير منه, ويوجب العطف عليه, فهنا يفرق بين شخص يريد أن يقوم شخصاً فلا بد أن يذكر المعايب والمحاسن, وبين إنسان يريد أن يرد على شخص باطله فيذكر الباطل ولا يذكر المحاسن لأنه لو ذكر المحاسن لضعف جانب الرد عليه [ينظر كذلك: تفسير سورة النساء:1/373, التعليق على صحيح مسلم::7/253, شرح عمدة الأحكام:2/418]
    كل مُبطل يستدل بدليل صحيح فهو دليل عليه وليس دليلاً له:
    قال الشيخ رحمه الله: هذه الآية: { ليس كمثله شيء } تدلُّ على أن له صفات, لكن لا يماثله شيء, وسبحان الله! أي إنسان – وهذه قاعدة أُعطيكُم إياها – مُبطل يستدلُّ بدليل صحيح, نجدُ أن هذا الدليل الصحيح دليل عليه, وليس دليلاً له.
    وقد أشار إلى هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم الذي قال عنه ابن القيم رحمه الله, ما في الوجود له نظير ثانٍ, وهو الكتاب المسمى بـ (العقل والنقل) أو ( درء تعارض العقل والنقل ) قال: " أيُّ إنسان مُبطل يأتي بدليلٍ صحيح من الكتاب والسنة, فإنه يكونُ دليلاً عليه, وليس دليلاً له" سبحان الله! لكن لا يُدركُ هذا إلا العباقرة.
    كن خفياً تكن عند الله تعالى عظيماً رفيعاً:
    عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه, قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: « إن الله يحبُّ العبد التقي, الغني, الخفي» [أخرجه مسلم]
    قال الشيخ رحمه الله: الإنسان الخفي الذي لا يحب أن يتظاهر أمام الناس, هذا هو الذي يحبه الله, أما من أحب أن يظهر فتجده مثلاً إذا جلس في المجلس قام يتحدث, وكأن لم يكن في المجلس سواه, أو إذا جلس في المجلس قام يلحف في المسألة, وإذا كان حوله طالب علم أخذ يسأله عن المسائل, وأدلتها, وكيفية الجمع بينها, وكأنه يفصل, ليظهر أنه من أكبر العلماء, كن خفياً تكن عند الله تعالى عظيماً رفيعاً.
    لا تحرص على إبراز نفسك, ثم اعلم أنك إذا أخفيت نفسك وكنت أهلا لأن تظهر وتبرز فإن الله سوف يظهرك...ويبرزك ويعلم الناس بك.
    أسباب الخطأ في الحكم الناتج عن الاجتهاد:
    قال الشيخ رحمه الله: الاجتهاد يكون صواباً, ويكون خطأً, والمراد بذلك الحكمُ الناتج عن الاجتهاد, وليس الاجتهاد, فالاجتهاد كله صواب, لكن الحكم الناتج عن الاجتهاد ينقسم إلى صواب وخطأ. وأسباب الخطأ كثيرة منها
    1- نقص العلم: بألا يكون عند الإنسان علم واسع, فيجتهد فيما عنده من النصوص مثلاً, ويكون هناك نصوص أخرى قد فاتته لا يُدركها, فيكون الخطأ
    2- قصور الفهم: يعني كإنسان عنده علم, يحفظ الأحاديث كلها, ويحفظ القرآن والتفسير, لكن فهمه رديء, فهذا يُخطئُ.
    فإن كان ناقص العلم قاصر الفهم فهو أقرب إلى الخطأ مما لو انفرد بأحدهما.
    3- سوء النية والقصد وذلك بأن لا يكون مراد الإنسان إلا أن يغلب قوله قول غيره لا أن يصل إلى الصواب فيريد أن ينتصر لنفسه لا للحق, فهذا يُحرمُ الصواب 4- المعاصي: فالمعاصي سبب للخطأ وأن لا يوفق الإنسان للصواب نسأل الله أن يمنعنا وإياكم منها, لقوله الله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً } [سورة الأنفال:29] فإذا لم يكن هناك تقوى لا يكون هناك فرقان.
    فهذه أربعة موانع تمنعُ من إصابة الحقِّ, وقد يكون هناك موانع أخرى
    [ينظر: تفسير سورة العنكبوت ص:75, التعليق على صحيح البخاري:16/649]
    ليس كل عالم إمام
    قال الشيخ رحمه الله: الإمام: هو من له أتباع, ومذهب يعرف به, وليس كل عالم إماماً, خلافاً لما عليه الناس اليوم يجعلون وصف الإمام رخيصاً, يصفون به كل إنسان فكل عالم له تأليفات كثيرة يسمونه إماماً, وهذا ليس بصحيح
    مسألة مهمة تحتاج إلى دليل
    قال الشيخ رحمه الله : هذه مسألة مهمة لكنها تحتاج إلى دليلٍ, وهي : أن أهل القبور يكرهون ما يُفعل عندهم من المعاصي, وقد نصَّ الفقهاء على أن الميت يتأذى بما يُفعل من المعاصي عنده, وهذا يحتاج إلى دليل, فإن وجد الدليل فعلى العين والرأس, وإذا لم يوجد فهذه مسألة غيبية لا يمكن أن يُجزم بها, وإن كُنَّا نجزمُ أنَّ هؤلاء الصالحين يكرهون المعصية حال حياتهم, لكن هل هم إذا كانوا ميِّتين يحسَّون بذلك, ويكرهونه, ويتألمون منه, ويحبُّون أن يكونوا أحياءً, حتى ينهوا عن هذا المنكر ؟!
    مسألة أدلتها نادرة
    عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولم يلحد بعد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وجلسنا معه [أخرجه أبو داود]
    قال الشيخ رحمه الله: من فوائد الحديث : مشروعية استقبال القبلة حال الجلوس, لقوله ( مستقبل القبلة ) وهذا في الحقيقة من الأدلة النادرة, لأنه لو طُلِبَ من الإنسان الدليل على أنه ينبغي للإنسان أن يكون جلوسه مُستقبلاً القبلة حال دفن الميت ما أمكن, ولو طُلِب منه ذلك فقد يتقاصر, أو يعييه الدليل, وهذا مما ينبغي أن يُقيَّد..وإذا قلنا باستحباب استقبال القبلة في الجلوس إذا كان هناك حاجة أو مصلحة ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة مُستدبراً القبلة.
    التقيد بالسنة وعدم تجاوزها قيد أنملة:
    قال الشيخ رحمة الله: رأيت أخيراً حدثاً إذا سلم قال : أحييكم بتحية أهل الجنة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وهذا يحتاج إلى دليل إلى العمل به, هل كان الصحابة رضي الله عنهم وهم أعلمُّ منَّا بشريعة الله وأحرص منا على تطبيقها, هل كانوا يفعلون هذا ؟ فأنا لا أعلمُ أنهم كانوا يفعلون هذا, وإنما يسلم الإنسان السلام المعتاد, وسلام أهل الجنة في الجنة أما في الدنيا فسلامها معروف, لكن تجد أن بعض الناس يتكلم بهذه الكلمة, ثم يعشقها الناس وتذهب كأنها سنة, فانتبه لهذا لا تتجاوز السنة قيد أُنملة فإن هذا هو صلاح القلب وصلاح المجتمع وصلاح الفرد
    الجواب علي من إذا أُنكر عليه قال: فعلت هذا بحضرة العالم ولم ينكر عليَّ:

    قال الإمام البخاري رحمه الله في جامعه الصحيح: كتاب " الاعتصام بالكتاب والسنة" باب من رأى ترك النكير من النبي صلى الله عليه وسلم حُجَّةً, لا من غير الرسول, قال الشيخ رحمه الله: إذا أُنكر على شخص فعل من الأفعال, ثم قال: قد فعلتُ هذا بحضرة العالم الفلاني, فلم يُنكر عليَّ, فنقول: هذا ليس بحجة, لأن هذا العالم قد يكون عاجزاً عن الإنكار, وقد يكون عنده تردُّد في الحكم, فلا يُحبُّ أن ينكر وهو عنده تردُّد, وقد يرى جواز هذا الشيء, ويكون أخطأ في رأيه, لكن الرسول علية الصلاة والسلام عدم إنكاره حجَّة.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,469

    افتراضي رد: فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين


    فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (4)


    فهد بن عبد العزيز الشويرخ

    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فهذا هو الجزء الرابع من فوائد متفرقة في أمور متنوعة انتقيتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.

    القومية
    قال الشيخ رحمه الله: القومية هذه لم يفتحها على المسلمين إلا الكفار, أرادوا بالقومية شيئين, كما يقولون : ارِم عصفورين بحجر, أرادوا أن يفرقوا المسلمين, لأن المسلم غير العربي ما يكون لديه الحماس في معونة العرب المسلمين الذين فصلوا أنفسهم عنه, وثانياً : أن يُذهِبَ عن المسلمين الغيرة الإسلامية, حتى يقاتلوا لا لدين الله, ولكن للقومية.
    وقال رحمه الله: على الرغم من قوة الدعاية للقومية العربية لم نستفد منها شيئاً! اليهود استولوا على بلادنا, نحن تفككنا, دخل في ميزان هذه القومية قوم كفار من النصارى وغير النصارى, وخرج منها قوم مسلمون من غير العرب, فخسرنا ملاين المسلمين, من أجل هذه القومية, ودخل فيها قوم لا خير فيهم, قوم إذا دخلوا في شيءٍ كُتِبَ عليه الخذلان والخسارة.
    وقال رحمه الله: حصل لهذه الدعوة الجاهلية الفاسدة الفاشلة عُنفوان عظيم وقوة فيما مضى من قُرب, ومع ذلك ما كُتِبَ لها النجاح, ولن يُكتب لها النجاح, لأن العرب باسم العروبة ما انتصروا, وإنما كما قال عمر رضي الله عنه فيما يروى عنه, قال : نحن قوم أعزنا الله بالإسلام, فمتى أردنا العزة بغيره أذلنا الله...فراية العروبة فاشلة, ولا يُمكن أن يقوم لها سعادة ما دامت تضمُّ تحت لوائها اليهودي والنصراني والمجوسي والشيوعي باسم العروبة, ولكن يجب أن تكون الدعوة إلى الإسلام باسم الإسلام حتى يخرج منَّا هؤلاء الذين ما رأينا منهم إلا شراً.
    الإنسانية
    قال الشيخ رحمه الله : ليس بين الناس إخوة إنسانية, لكن بينهم جنسية إنسانية, يعني أن الكافر من جنس المسلم في الإنسانية, لكن ليس أخاه, ألم تروا إلى نوح قال : } ربِ إن ابني من أهلي وإن وعدك الحقُ وأنت أحكم الحاكمين ~ قال يا نوح إنه ليس من أهلك { [سورة هود/45-46] هذا هو المهم مع أنه ابنه, ومن زعم أن هناك أخوة إنسانية بين البشر فقد أبعد النجعه, لأن الأخوة إما دينية, كما في قوله سبحانه وتعالى : { فإخوانكم في الدين} [سورة الأحزاب/5] ومثلها الأخوة الإيمانية كما في قوله: {إنما المؤمنون إخوة} [سورة الحجرات/10] وإما أخوة في النسب, كقوله تعالى {وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثلُ حظ الأنثيين} [سورة النساء/176] [ ينظر التعليق على صحيح البخاري10/432]
    وقال الشيخ رحمه الله: أكثر الناس يظنون : أن الإنسانية إنسانية حتى فيمن انحرف عن مقتضى الإنسانية, ولكن الإنسانية إنسانية إذا وافق الإنسان الطبيعة والفطرة التي خلق عليها, وهي فطرة الله, أن أقوم بدين الله } فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله { [سورة الروم:30] هذه فطرة الله أن تقيم وجهك للدين حنفياً, فإذا لم تقم وجهك للدين حنيفاً فقد خالفت الفطرة, وخرجت عن مقتضى الإنسانية, وصرت مثل البهائم, بل أشرُّ, قال تعالى : {إن شرَّ الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون } [سورة الأنفال:55] وقال تعالى : { إنَّ شرَّ الدواب عند الله الصُّمُ البُكمُ الذين لا يعقلون ~ ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم} [سورة الأنفال:22-23]
    الحزبية:
    قال الشيخ رحمه الله: لا يجوز للمسلمين أن يتفرقوا أحزاباً, لأن الحزبية تستلزم الخلاف حتماً, ولهذا نجد الأحزاب كلُّ حزب بما ليديهم فرحُون, كل يقول: الحق عندي, والمخالف لي ظالم, فتتفرق الأمة, وهذا أمر معلوم, لقول الله تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيءٍ إنما أمرهم إلى الله ثم يُنبئهم بما كانوا يفعلون} [الأنعام:159] ولهذا كان من لا ينتمي إلى حزب كلُّ الأحزاب تقبله, أما من ينتمي إلى حزب فهو الذي تكرهه الأحزاب الأخرى.
    وموقف الإنسان من هذا: أن يعتزل كلَّ هذه الفرق, وألا ينتمي إلى واحدة منها, بل يسير على ما سار عليه السلف الصالح بدون أن يقول: أنا كذا, أنا كذا, أنا كذا. من هذه الأحزاب.
    وقال رحمه الله: وقوله: { ولا تتفرقوا} يعني: ولا تكونوا فرقاً كل فرقةٍ تضلل الأخرى وتُبدعها وتُنكر عليها.
    ولهذا نرى أن التحزب وقوع فيما نهى الله عنه من التفرق, لأنه لا يجوز للأمة الإسلامية أن تتخذ أحزاباً, وأنَّ هذه تعنى قتل الإسلام, لأن الله قال: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} [الأنفال:46]
    من خزعبلات المشعوذين والجاهلين
    سئل الشيخ: مكتوب على كف اليد اليمنى (18) وعلى كف اليد اليسرى (81) فإذا جمعنا هذه صارت تسعاً وتسعين وهي الأسماء الحسنى, وإذا طرحناها صار(63) وهي عمر الرسول فهل هذا صحيح؟ فأجاب رحمه الله:هذا غير صحيح وهذا من خزعبلات المشعوذين والجاهلين وهذه الخطوط خلقة من الله عز وجل
    لا تقارب ولا وحدة بين الأديان
    قال الشيخ رحمه الله: ما بدأ يتكلم به أذناب الغرب من محاولة التوفيق بين اليهود والنصارى والمسلمين أعوذ بالله, هل يمكن أن يُحاول هذا مؤمن بالله واليوم الآخر؟ هل يمكن لأحد أن يجمع بين الماء والنار ؟ الجواب : لا يمكن, فيحاولون أن يجمعوا, وهذا هو الإدهانُ الذي قال الله تعالى فيه : {ودُّوا لو تدهن فيدهنون} [سورة القلم:9] وهو والكفار يعلمون أنه لو سرى هذا الفكر - لا أقامه الله-ما بقي للجهاد موضع, ولا بقي لمعاداتهم موضع, ولأصبح الكافر ولياً للمؤمن والمؤمن ولياً للكافر, لأن الاختلاف على حد زعمهم كالاختلاف بين الحنابلة والشافعية والمالكية فقط, وهذا مبدأ خطير للغاية ولهذا يجب على طلبة العلم إنكاره بكل وسيلة والتأمُّلُ والتفكُّرُ في المفاسد التي يُفضي إليها هذا الفكر الخبيث[ينظر للمزيد :لقاءات الباب المفتوح:9/509, واللقاءات الشهرية:2/259]
    الإضراب عن الطعام
    عندما علمت أم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بإسلامه قالت له : يا سعدُ ! بلغني أنك قد صبأت فوالله لا يُظلني سقف من الحر والبرد, وإن الطعام والشراب عليَّ حرام حتى تكفر بمحمدٍ. قال الشيخ رحمه الله: هذا إضراب عن الطعام وإضراب عن الاستظلال أيضاً إذن الإضراب عن الطعام كان له أصل من قديم
    وقال رحمه الله :ليس هناك سُنة في الأكل نفسه لكن لو فرض أنه أضرب عن الطعام صار الأكل في حقه حينئذ واجباًٍ لإنقاذ نفسه, وإذا مات في حال إضرابه فقد قتل نفسه
    وقال رحمه الله: :من السفه ما نسمع من إضراب الناس عن الطعام والشراب, لأن عدوك إذا امتنعت عن الطعام والشراب قال : زِد تُوفر لنا المال, وتهلك أنت ولا فائدة.
    وقال رحمه الله : الإضراب عن الطعام...ضلال في الدين.
    وقال رحمه الله: بعض الناس يضربون عن الأكل والشرب, حتى يموتوا جوعاً فيكون هؤلاء قد قتلوا أنفسهم, وكانوا من أهل النار والعياذ بالله, ولو أضربوا عن الطعام لأجل مصلحة للإسلام فلا يجوز إذا كان يؤدي إلى الموت.
    [ينظر: أحكام من القرآن الكريم:1/449]
    قاعدة مفيدة جداً:
    قال الشيخ رحمه الله: وهنا قاعدة مفيدة جداً يسلكها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مع الرافضي ابن المطهر, كلما أتى بشيء فأول ما يرد عليه يقول: نُطالبك بصحة النقل, وإذا لم يصح فهو جدار لا أساس له, وهذا مهم.
    أهمية الفراسة
    قال الشيخ رحمه الله : كثير من الناس يعطيهم الله سبحانه وتعالى علماً بالفراسة يعلمون أحوال الإنسان بملامح وجهه, ونظراته, وكذلك بعض عباراته, كما قال تعالى : {ولتعرفنهم في لحن القول} [محمد:30]
    وكم من إنسان سليم القلب ليس عنده فراسة, ولا بُعد نظر بخدع بأدنى سبب, وكم من إنسان عنده قوة فراسة وحزم, ونظر في العواقب يحميه الله سبحانه وتعالى بفراسته عن أشياء كثيرة.
    وقال رحمه الله: التقوى يحصل بها زيادة الهدي, وزيادة العلم, وزيادة الحفظ,...وقوة الفهم,...والفراسة , فإن الله يعطى المُتقي فراسة يميز بها حتى بين الناس, فبمجرد ما يرى الإنسان يعرف أنه كاذب أو صادق, أو بر أو فاجر,..ويدخل في ذلك أيضاً ما يحصل للمتقين من الكرامات التي لا تحصل لغيرهم.[ينظر أحكام من القرآن الكريم:2/307-306]
    شرط يستخدمه الإنسان في كل ِّ بخبر شك فيه
    عندما حدث الرسول صلى الله عليه وسلم قريش بحادثة الإسراء والمعراج, سعى رجال منهم إلى أبي بكر, فقال : إن كان قال ذلك فقد صدق.
    قال الشيخ رحمه الله: " إن كان قال ذلك " هذا الشرط يجب أن يستخدمه الإنسانُ في كُلِّ خبرٍ شك فيه, ولا يبني على خبر الناس, فالناس قد يُخبرونه بالكذب عمداً, وقد يخبِرُون بالكذِب وهماً, فقيِّد حتى تسلَّم, قُل : إن كان قد قال ذلك فقد صدق أو كذب.
    تحضير الأرواح
    قال الشيخ رحمه الله: التحضير لأرواح الموتى لا يصح, ولا يمكن أن يكون ثابتاً, وإذا قدر أن أحداً زعم أنه حضر روح فلان, وخاطبها وخاطبته, فإن هذا شيطان يخاطبه بصوت ذلك الميت, فإن الأرواح بعد الموت محفوظة, كما قال تعالى: { وهُو القاهرُ فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموتُ توفتهُ رُسُلنا وهم لا يفرطُون} [الأنعام :61] أي : لا يفرطون في حفظ هذه الروح....ثم إن الأرواح تكون بعد الموت في مقرها, ولا يمكن أن تحضر إلى الدنيا بأي حال من الأحوال, وتعاطي مثل هذا العمل محرم, لما فيه من الكذب والدجل, وغش الناس, وأكل المال الباطل, فالواجب الحذر منه والتحذير أيضاً, لما فيه من المفاسد الكثيرة العظيمة.
    الزلازل المعنوية
    عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( « لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم, وتكثر الزلازل» ...)
    قال الشيخ رحمه الله: قوله : ( وتكثر الزلازل ) المراد بالزلازل : زلازل الأرض, فتكثر زلازل الأرض في المكان القريب والبعيد, ويمكن أن يُقال : إن الزلازل تشمل الزلازل المعنوية التي تكون بالأفكار الرديئة المنحرفة, إذ تُنشر فيأتي الفكر الخبيث, ويأتي ما هو أخبث منه وأشرُّ.
    مقدار الصاع النبوي بضبط الشيخ
    قال الشيخ رحمه الله: الصاع النبوي يساوي ألفين وأربعين جراماً بالبر الرزين, على ما ضبطنا نحن.
    إعلان إسلام الكافر في المسجد من السنة
    في حديث إسلام ثمامة بن أُثال رضي الله عنه, أنه اغتسل ثم دخل المسجد, فقال : أشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمداً رسول الله, قال الشيخ رحمه الله: في هذا الحديث من الفوائد : أن إعلان الإسلام في المسجد من السنة, وعلى هذا فما يفعله الناس اليوم إذا أسلم الكافر جيء به إلى المسجد وأعلن إسلامه فيه, يكون له أصل في السنة, وهو حديث ثمالة بن أُثال رضي الله عنه
    سيئ الخُلُق يمكن أن يمنُّ الله سبحانه وتعالى عليه بالأخلاق الفاضلة
    قال الشيخ رحمه الله: الطبع والتطبع, فأما التطبُّع...فهو من كسب الإنسان, وأما الطبع فهو غزيرة, ولكن الإنسان بالكسب والمرونة رُبما تزول عنه هذه الغزيرة.
    فالأخلاق الفاضلة وغير الفاضلة منها ما هو غزيري جبله الله عليه, ومنها ما هو مكتسب يحصل بعمل الإنسان, فقد يكون الإنسان سيئ الخُلُق, لكنه بمعاشرة الناس الطيبين أو بالعلم والقراءة ومعرفة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم يتحول, ويمنُّ الله سبحانه وتعالى عليه بالأخلاق الفاضلة ويتعودها, حتى يزول عنه هذا الأمر, وهذا شيء كثير.
    وقال رحمه الله: هل الحياء طبيعة, أو مكتسب ؟
    نقول : هو طبيعة ومكتسب, يحصل بتهذيب الإنسان أخلاقه حتى يكون حيياً, ولهذا تجد بعض الناس في أول أمره فارهاً لا يستحيي ولا يُبالي, ثم إذا رزقه الله علماً وفهماً صار حيياً يضبط نفسه, ولا يقول ما يُخجله عند الناس.
    معاملة الناس التي يسلم بها الإنسان من الأمراض والضغوط
    قال الشيخ رحمه الله: الناس بالنسبة لمعاملة الناس على أقسام, فمنهم من يريد من غيره أن يُعطيه الحق كاملاً, ولا يقبل العفو, بل لا يُريد إلا الحق كاملاً, والغالب على هذا أنه لا يعيش مع الناس, وأنه يتعب ويكون دائماً في عناء, ويرى أن الناس مُقصِّرون في حقه.
    ومن الناس من يأخذ من بني آدم ما عفا ما تيسر, وإذا قصَّر أحد في شيء لا يهمُّه, ولا كأنه قصَّر في شيء, وهذا هو الذي يعيش مع الناس, ويسلم من القلق, ومن التعب الفكري.
    وقال رحمه الله: من أراد من الناس أن يُعطوه كل ما يُريدُ فاته كلُّ ما يريد, فالناس...إن آذوك فتحمل, وإن لم يقوموا بحقِّك فتحمل, وإن ظلموك فتحمل, فخُذ العفو الذي يأتي من الناس, ولو أنك عاملت الناس بهذه المعاملة لاطمأننت واستقرتك نفسك, وأبعد الله عنك مرض السكر والضغط, وما أشبه ذلك من الأمراض, فما عفا من الناس فخذه, وما فاتك فلا تطلبه.
    ليس في العمر إجازة
    قال الشيخ رحمه الله: ليس في العمر إجازة, فالعمر كله عمل, ولا إجازة إلا بالموت, لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له )» فلم يجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاطعاً للعمل إلا هذا الشيء الواحد وهو الموت.إذن لا بدَّ أن يعمل الإنسان دائماً وأبداً فـ الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت, والعاجز من اتبع نفسها هواها وتمنى على الله الأماني ) فكل الدنيا عمل.
    النية تكون سبباً للفلاح أو الخسارة
    قال الشيخ رحمه الله: النية...تكون سبباً للفلاح أو الخسارة...والنية لها شأن عظيم حتى في مجريات الأمور, ولهذا تقول العامة كلمة لها روح, يقولون : " النية مطية" والمطية هي الناقة التي تُركب, يعني : إن كانت نيتك طيبة فمطيتك طيبة, وإن كانت رديئة فمطيتك رديئة.
    العالم وتقوية الإيمان في نفوس طلابه
    قال الشيخ رحمه الله عن العلامة ابن القيم: رحمه الله ورحم شيخه, يقول : أنه قرأ أكثر هذه الكتب عليه, وإنه رحمه الله زاده علماً وزاده إيماناً, وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء, وهكذا فائدة العالم ألا يحقن طلابه علماً فقط, بل ينبغي أن يضيف إلى ذلك الإيمان, فيأتي بالأشياء التي تقوي إيمانهم ما استطاع.
    قاعدة عظيمة: يعود الإنسان نفسه المبادرة إلى الخير
    قال الشيخ رحمه الله: الذي ينبغي للإنسان أن يُعود نفسه المبادرة إلى الخير, وألا يترك عمل اليوم إلى غد, قال الإمام أحمد رحمه الله : لا تُوخِّر, فللتأخير آفات, ! وهذه من الإمام أحمد رحمه الله قاعدة عظيمة, لأنك قد تؤخر, فيحدث لك غداً أشياء ما كانت في خاطرك, ولا تدري عنها.
    الحيوان المتعلم أفضل من غيره:
    قال الله تعالى: { يسألونك ماذا أُحلّ لهم قُل أُحل لكم الطيباتُ من الرزق وما علمتم من الجوارح مُكلبِين تُعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب} [المائدة:44]
    قال الشيخ رحمه الله: من فوائد الآية الكريمة: فضيلة العلم, لأن الله تعالى فرق بين صيد ما ليس بمعلم وما كان معلماً, فأحل الثاني ولم يحل الأول, وهذا يدلُّ على فضل التعليم حتى في الحيوانات.
    إذا كان غيرك يخطئ في ظنك, فأنت تخطئ في ظنه:
    قال الشيخ رحمه الله: يجب على الإنسان أن ينظر إلى غيره كما ينظر إلى نفسه, أليس هو يجتهد ويخطئ ويصيب ؟ إذا غيره أيضاً يجتهد ويخطئ ويصيب, فكيف تكون من المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون, وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ؟! فالواجب أن تنظر إلى غيرك كما تنظر إلى نفسك, فكما أن غيرك يخطئ في ظنك, فكذلك أنت تخطئ في ظنه.
    [ ينظر كذلك: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ:14/130]
    الكأس الذي يعطى للفائز في المسابقات الرياضية:
    سئل الشيخ: عن الكأس الذي يعطي للفائز في المسابقات الرياضية؟
    فأجاب رحمه الله: لا بأس بذلك, ولكن...لماذا يكون شيئاً نافعاً ؟! إما ساعة أو قلماً أو كتاباً, فهذا أفضل.
    مقولة إن أصل الإنسان قرد:
    قال الشيخ رحمه الله: اعتقاد أن أصل كون الآدمي قرداً...كفر بالله عز وجل, لأنه تكذيب للقرآن الكريم, ولما أجمع عليه المسلمون, بل ولما أجمع عليه الناس اليوم, فإنه قد تبين أن هذه النظرية نظرية فاسدة باطلة, وأنه لا حقيقة لها
    الدواب تفهم الأصوات التي تصدرها مثيلاتها
    قال الشيخ رحمه الله: قال الله عز وجل: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحية إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيءٍ ثم إلى ربهم يحشرون} [الأنعام:38] قوله تعالى {وما من دابة في الأرض} [ المراد بالدابة كل ما يدب على الأرض بأرجل متعددة أو بأربع أو اثنتين أو يزحف بطنه...قوله: {إلا أمم أمثالكم} وهذه الأمم سبحان الله متنوعة متفرقة مختلفة في الأحجام وفي الألوان وفي القوى وفي كل شيء, أيضاً مختلفة في اللغات والألسن, فإن قيل : هل تفهم البقرة ما تصدره الهرة من أصوات؟ فالجواب لا تفهم ولا العكس لكن بقرة مع بقرة تفهم, وهرة مع هرة تفهم, وتأمل سبحان الله تجد أن الهرة لها أصوات مختلفة, فإذا كانت تريد الذَّكر فلها صوت خاص, وإذا كانت تريد أن تدعو أولادها الصغار فلها صوت خاص تجدها تدخل في المكان ثم تموء لصغارها فإذا هم مجتمعون عليها سبحان بصوت غير العادي كذلك غيرها مثلها فكل واحد من هذه الأمم لا يفهم لغة الأمم الأخرى.

    وقال رحمه الله: لا شك أن لكل جنس من الدواب لُغةً يتفاهم بها قد تكون مسموعة لغيرهم من أجناس المخلوقات وقد لا يسمعها إلا هم وقد لا يكون هناك أصوات وأنا شاهدت بنفسي مرَّةً نملاً يمشى على خط واحد فتعجبت لكن قالوا إنها تُفرز في مشيها بإذن الله أشياء لها رائحة وهذه الرائحة لا يشمُّها إلا هُم فيمشون على هذه الرائحة ولهذا كانوا على خط واحد.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,469

    افتراضي رد: فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين


    فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (5)


    فهد بن عبد العزيز الشويرخ

    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فهذا هو الجزء الخامس من فوائد متفرقة في أمور متنوعة انتقيتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.
    الشمس هي التي تدور على الأرض
    قال الشيخ رحمه الله: يجب علينا وجوباً أن نأخذ بظاهر القرآن وأن الشمس هي التي تدور حول الأرض وأنه بدورانها يحصل اختلاف الليل والنهر, هذا الواجب, ولا يجوز أن نحيد عن هذا أبداً إلا إذا قام الدليل الحسي على خلاف ذلك, فإنه حينئذ يتعين التأويل وصرف الكلام عن ظاهره, لأننا نعلمُ علم اليقين أن القرآن لا يُخالفُ الواقع, أما شيء يقولونه بأوهامهم ويُقدرونه, فإننا لا نُوافقهم على ذلك, ولا يسع المؤمن أن يحيد عن ظاهر كلام الله لمجرد قولهم أبداً.[ينظر كذلك : التعليق على صحيح مسلم:1/462]
    لا نصدق ولا نكذب أن الأرض تدور
    قال الشيخ رحمه الله: مسألة الأرض هل تدور أو لا تدور؟ فنحن نقول لا نُصدقُ ولا نُكذبُ فيمكن أن يكون لها دورة ومع ذلك للشمس دورة هم يقولون إذا أقررتم بدوران الأرض لزمكم أن تقولوا إن الشمس ثابتة فنقول ليس ذلك بلازم, يمكن أن يكون للشمس دورة وللأرض دورة أخرى ولا مانع من ذلك, ولكن مع هذا نقول إن الكلام في دوران الأرض من فضول العلم الذي لا ينبغي للإنسان أن يضيع وقته به, إلا رجلاً يحتاج إلى معرفة ذلك كما يُذكر أنهم يحتاجون إليه في الصواريخ المُوجهة وما أشبه ذلك مما هو معروف عند أهله فحينئذ إذا احتاج إليه فلا حرج أن يبحث فيه [ينظر كذلك: تفسير سورة يس:139, 150-وتفسير سورة ص:157- وتفسير سورة الزخرف:51, وتفسير سورة فصلت:70- والتعليق على صحيح البخاري:10/212, :15/682-683 ]
    لا نصدق ولا نكذب من يقولون عمر الدنيا كذا وكذا:
    قال الشيخ رحمه الله: الساعة قريبة كما قال الله تعالى : {وما يُدريك لعلَّ الساعة قريب} وقال الله تعالى في الآية الأخرى {وما يُدريك لعلَّ الساعة تكون قريباً } فهي قريبة ويدل لقربها أن محمداً خاتم الرسل فمعناه أن الأمر قريب وأما كون الله تعالى يذكر أن الأمر قريب وبيننا وبين نزول القرآن أربعة عشر قرناً ونحن في القرن الخامس عشر ومع ذلك يذكر الله عز وجل أن الساعة قريبة ومن هنا نعرف أن عُمر الدنيا طويل وبعيد ولكن هل نأخذ بقول هؤلاء الذين يتخرصون ويقولون عمر الدنيا الماضي كذا وكذا؟ والجواب: لا نأخذ بقولهم ولا نصدقهم ولا نكذبهم, أحياناً يقولون: إنهم عثروا على آثار حيوان له كذا وكذا من ملاين السنين, أو على أحجار فهذا لا نصدق ولا نكذب لأنهم لا يعلمون الغيب الماضي, وإنما يقيسونه بحال الحاضر أي يقيسون عمر هذا الأثر بحسب المؤثرات في الوقت الحاضر لكن من يعلمنا أن المؤثرات في الوقت الحاضر هي المؤثرات في الوقت الماضي لا ندري قد يتغير الطقس من حرارة إلى برودة, ومن برودة إلى حرارة وقد تتغير الرياح والأمطار وغير ذلك.
    انفصال الأرض والقمر من الشمس:
    قال الشيخ رحمه الله : من السفه قول الذين يقولون: إن الأرض انفصلت من الشمس, وبقيت زماناً, ويأتون بأرقام خيالية بملاين السنين, ثم تحجرت وصارت أرضاً, وإن القمر كذلك انفصل من الشمس, وما أشبه هذا, فهؤلاء نقول لهم: من أين لكم هذا الكلام, والله تعالى يقول: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم }
    القمر لا يمكن العيش فيه:
    قال رحمه الله: القمر لا يمكن العيش فيه, لأن الله عز وجل يقول في الأرض {فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} [الأعراف:25] و { فيها} معمول لـ: {تحيون} وكذلك { تموتون} والقاعدة في اللغة العربية: أن تقديم المعمول يُفيد الحصر, أي: لا حياة لنا إلا في هذه الأرض, وكذلك نموت, هذا هو الظاهر من الآية الكريمة, ولهذا الذين ذهبوا إلى القمر ونزلوا فيه لا يمكن أن يبقوا فيه لحظة إلا ومعهم شيء من الأرض: الأكسجين والأدوات الأخرى التي بها يحيون
    السموات أجرام ومحفوظة ولها أبواب:
    في حديث معراج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماء, قال الراوي: فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا, فاستفتح.
    قال الشيخ رحمه الله : "فاستفتح" أي: طلب أن يفتح له, وفي هذا دليل على أن السموات أجرام, وأنها محفوظة, وأن لها أبواباً, وأن إنكار هؤلاء الماديين وقولهم: إنها فضاء لا نهاية له, أنه كفر, لأنه تكذيب للقرآن والسنة, فالسماء لها أبواب, وهي سقف, وتطوى, ويُنظر إليها, كما أمرنا سبحانه وتعالى بذلك: فقال: { أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج } [ق:6]
    نقر الديوك, ونطاح الكباش
    قال الشيخ رحمه الله: ويشترط في المسابقة على الحيوانات نفسها أن لا يكون في ذلك أذيه لها, فإن كل في ذلك أذية, كما يفعله بعض الناس في المسابقة على نقر الديوك بعضها ببعض, فإن بعض الناس – والعياذ بالله - يربي ديكه على أن يكون قوياً في الناقرة, فهذا حرام ولا يجوز, ومثل ذلك نطاح الكباش, ومثل ذلك صراع الثيران, إذاً كل ما فيه أذية للحيوان فإن المسابقة فيه محرمة.
    مصارعة الثيران
    قال الشيخ رحمه الله: إذا كان في المصارعة بين الثيران ضرر على الثور وألم له فإنها حرام, لأنه لا يجوز لنا أن نؤذي الحيوان, أو أن نشق عليه, وإذا لم يكن بها ألم فإنها عبث ولهو لا خير فيها, ولا فائدة منها, وهي مضيعة للوقت, وشراء الثيران من أجل المصارعة إضاعة للمال, وأما إن كانت المصارعة على عوض, فإنها حرام بكلِّ حال.
    فصار الآن الحكم في مصارعة الثيران, إن كانت تضُرُّ الثيران وتُؤلمهم فهي حرام, أو بعوض فهي حرام, وإذا لم تكن كذلك فهي مضيعة للوقت, مضيعة للمال, فلا يليق بعاقل أن يفعلها.
    وكذلك ننصح إخواننا الذين تروق لهم هذه المصارعة, ويضيعون عليها أوقاتاً طويلة في مشاهدتها...نقول لهم: إن الوقت أغلى من أن يفني في هذا العبث الذي لا خير فيه.
    مشاهدة المباريات
    قال الشيخ رحمه الله: مشاهدة المباريات فيها:
    أولاً: إضاعة للوقت...والوقت ثمين, وأثمن من المال ومن كل شيءٍ, فكلُّ وقت يمضي عليك في غير طاعة الله فهو خسارة.
    ثانياً: إضاعة للمال, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن إضاعة المال, لأن التلفزيون يحتاج إلى كهرباء, والمكان الذي أنت فيه يحتاج إلى كهرباء, ولولا بقاؤك في هذا المكان لأغلقت الكهرباء.
    ثالثاً : إضاعة للطاقة, أي: الطاقة الجسمية, لأن السهر يهدم الجسم, ويؤثر عليه تأثيراً بالغاً, فربما لا يظهر الأثرُ في الوقت الحاضر أو القريب, ولكن في المستقبل.
    رابعا: إنك ربما تُشاهدُ من يتفوق على غيره في هذه المباريات, وهو من أهل الكفر, أو من أهل الفسق, أو من أهل الفجور, فيتعلق قلبك, ويكون فيه تعظيم لهذا المتفوق, وربما تكون فيه محبة له, ومعلوم أن هذا يُخلُّ بالإيمان والعقيدة.
    خامساً: إن مشاهدة هذه المباريات لا تخلو غالباً من مشاهدة العورة.
    فنصيحتي لهؤلاء أن يعدلوا عن مشاهدة المباريات إلى ما هو أنفع في الدين والدنيا.
    وقال رحمه الله: إني والله أنصحكم نصيحة أخٍ مشفق, ألا تُذهبوا أوقاتكم الثمينة في مشاهدة المباراة, لأني لا أعلم لكم خيراً في ذلك, لا في الدنيا, ولا في الآخرة, وإنما هي إضاعة أوقات.
    لعب الورق
    قال الشيخ رحمه الله: بعض العلماء يقول بتحريمه, لأنها تضيع الوقت وصاحبه لا يدري, والوقت ثمين أثمن من الدراهم, فلا تلعبها.
    قال شيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله عن لعب الورق أنه حرام, والعلة فيه أنه يصُدُّ عن ذكر الله وعن الصلاة, لأن الذي ينغمس فيها قد يمُرُّ عليه الوقت بالساعات ولا يشعر به.
    وقال رحمه الله: البلوت – بارك الله فيك – لو سألت الذين يلعبون البلوت: ما يكون الوقت في حقهم ؟ لقالوا: إنه يذهب بسرعة, وإننا نقضي الساعات الطويلة, ونحن منكبون عليه, وهذا ضياع للوقت, والوقت في الحقيقة أغلى من الأموال, قال الله تعالى: { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ~ لعلي أعملُ صالحاً فيما تركتُ} [المؤمنون:99-100] ما قال: لعلي أكمل لعبي.وهي أيضاً ليست فيها مصلحة للإنسان, لا في جسمه, ولا في تفكيره, وعقله, إنما هي لهو وضياع وقتٍ, وإذا كان لعبها ضياع وقت, فلا ينبغي للعاقل أن يمضي وقته بلا فائدة.
    شيعة آل البيت هم أهل السنة
    قال الشيخ رحمه الله : هؤلاء الشيعة يُشبهون اليهود في الحيل والمكر, وليسوا شيعة لآل البيت, أما شيعة آل البيت حقيقة, فهم أهل السنة الذين ينزلونهم منزلتهم, ويعرفون حقهم وفضلهم, ولا يجعلون لهم حظاً من الربوبية أو تدبير الخلق, كما يزعم غلاتهم ذلك.
    من كلام الشيخ رحمه الله
    * من لم يجعل الله له نوراً, فما له من نور! الذي أعمى الله بصيرته كالذي أعمى الله بصره, فكما أن أعمى البصر لو وقف أمام الشمس التي تكسر نور البصر لم يرها, فكذلك من أعمى الله بصيرته لو وقف أمام أنوار الحق ما رآها والعياذ بالله.
    * ما أذلَّ المُحارب لله ورسوله وأخذله وأعظم جُرمه.
    * الشريعة كُلُّها إزالة الهم والغم عن بنى آدم, حتى يبقوا فرحين مُستبشرين دائماً, وهذا كما أنه غذاء للقلب, فإنه غذاء للنفس والروح, وفي نفس الوقت غذاء للبدن, فإن البدن...تزول عنه الآلامُ والأوجاعُ إذا صار فرحاً مسروراً.
    * الأولى في حق الذين يكونون في مكان واحد أن يجتمع بعضهم إلى بعض, سواء في حلقة القرآن أو العلم أو غير ذلك, وأن لا يتفرقوا, لأن الناس إذا تفرقوا بالأجسام تفرقت القلوب.
    * المبتدعون : ابتدعوا في دين الله تعالى ما ابتدعوا : إما لقلة علمهم, أو لقصور فهمهم, أو لسوء قصدهم, فأفسدوا الدنيا بهذه البدع التي ابتدعوها.
    * لو رأيت الآن حال الناس في هذا الوقت الذي كثر فيه المال, وحالهم قبل ذلك لوجدت أنهم قبل ذلك أشد إقبالاً على الطاعات, وأسلم قلوباً, وأحسن سيرة.
    * لا تجد أكثر من كلام أهل الكلام, ولا أقل من بركته – والعياذ بالله
    * أنت إذا فعلت الخير بنية خالصة لله فإن الله سبحانه وتعالى سوف ينشره...سوف ينشر ما عملت بين الناس ما دُمت مخلصاً لله.
    * إذا رأيت قلبك لا يتأثر بالقرآن, فاتهم نفسك, لأن الله أخبر أن هذا القرآن لو نزل على جبل لتصدع, وقلبك يتلي عليه ولا يتأثر, أسال الله أن يعينني وإياكم
    ــــ(534)
    * تجد أهل العقوق دائماً في حسرة, وفي ضيق, وفي ووساوس, وربما يُضيقُ رزقُهم, بسبب عقوقهم, وعدم القيام ببر الوالدين.
    * إذا رأيت من نفسك أن الله عز وجل قد منَّ عليك بالهداية, والتوفيق والعمل الصالح ومحبة الخير وأهل الخير, فأبشر فإن في هذا دليلاً على أنك من أهل اليسرى الذين كتبت له السعادة.
    * العلم في الحقيقة يحتاج إلى أمرين : إلى باب مفتوح لقبوله, وإلى باب مغلق لمنعه من الخروج, نسأل الله أن يوفقنا إلى هذا.
    * لا يكن همَّك أن تنصر قولك, اجعل همَّك أن تنصر الحقَّ.
    * كلام الرسول صلى الله عليه وسلم اجتمع فيه أربعةُ أوصافٍ هي: العلم, وهذا أخذه من الرحمن عز وجل, وكمالُ النُّصح, وكمالُ الفصاحة, وكمالُ الصدق, أفبعد هذه الأوصاف الأربعة نحتاجُ إلى أن نطلب الحقَّ من غير كلامه؟!الجواب أبداً
    * الكتب لطالب العلم بمنزلة السيف والبندقية ونحوهما للمقاتل.
    * الشيطان يفتح لبعض الناس إتباع المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليُبرِّر لهم ما كانوا يعملون, والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
    * كل محنة من الله عز وجل إذا صبرت عليها فأبشر بعقباها منحة.
    * الصدقة لا تنقص المال, وإن نقصتهُ عدداً, فإنها تزيدُهُ بركةً وحماية.
    * العاقل من وفقه الله تعالى للعلم والعمل ولو كان من أبلد الناس...باعتبار الذكاء.
    * إذا رأيت من نفسك الحرص على استماع قول الخير واتباع أحسنه, فاعلم أن هذا من هداية الله لك.
    * لا تيأس من أي شيء تريده من الله عز وجل.
    كلام الشيخ في تناقض الرافضة وغرائب أقوالهم:
    قال الشيخ رحمه الله: العجب أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه – وهو إمام الأئمة عند الرافضة – هو الذي روى تحريم المتعة عن إمام الأئمة حقاً رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك لا يقولون بهذا !! كما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ممن روى المسح على الخفين, والرافضة لا يقولون بذلك!!
    وقال الشيخ رحمه الله بعد أن أتم التعليق على باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما من صحيح الإمام البخاري رحمه الله: هذا الباب أكثرُ المناقب التي فيه للحسن بن علي رضي الله عنهما, والغريب أن الرافضة يرون أن الحسين أفضلُ من الحسن, ويقولون: إنه قتل شهيداً, وينعونه, وهذا من جهلهم.
    وقال رحمه الله: والعجيب أنني رأيت كتاباً في موسم الحج لأحد الرافضة قبحهم الله, عنوانه " ثبوت نبوة أبي طالب " هذا فوق أنه مسلم, وأتى بأحاديث فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم تسلسل من آدم إلى أن ولدته أُمُه, وهو في أصلاب آبائه ينتقل نبياً, وقال: إن عم الرجل صنو أبيه, فعلى هذا يكون أبو طالب نبيناً.
    لكن هل كان عبدالله نبيناً ؟! لا, ولا أبو طالب, ولا كان أبو طالب مسلماً, لكن لأنه أبو علي بن أبي طالب, وهو يغلون في علي رضي الله عنه.
    قال رحمه الله: الرافضة يقولون: إن لم تتبرأ من أبي بكر وعمر وبقية الصحابة فأنت ناصب العداوة لآل البيت, ولهذا عندهم هذه القاعدة النكرة الكاذبة يقولون: لا وولاء إلا ببراءةٍ. يعني: لا ولاية لآل البيت إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر, وهذه أكذب قاعدة على وجه الأرض, فنحن نتولى أبا بكر وعمر, ونتولى علياً وحمزة والعباس وغيرهم من آل البيت من آل الرسول علية الصلاة والسلام
    الشر والفساد في الخروج على ولاة الأمور:
    قال الشيخ رحمه الله: تجد هؤلاء الذين نعتبرهم سفهاء خرجوا على ولاة الأمر لمجرد أنهم رأوهم فسقه فماذا حصل؟ حصل من الشر والفساد ما هو أعظم مما كان عليه هؤلاء الولاة, اقرأ التاريخ من حين حصل الاختلاف على الأئمة إلى يومنا هذا تجد الشرور والفساد كله في الخروج على ولاة الأمور, ماذا حصل من قتل عثمان رضي الله عنه؟ ومن قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ ومن...قُتل من بقية الخلفاء؟ حصل الشر والفساد حتى أولئك السفهاء الذين خرجوا على ولاتهم, واستحلوا كراسيهم وسمّوها ثورة وما أشبه ذلك, ما ذا حصل منهم ؟ هل أصلحوا على الوضع؟ أبداً, بل إن المتأمل يجد أن الوضع الذي كان في السابق خير مما هو عليه الآن .كل ذلك بسبب الخروج عن طاعة الله ورسوله فلو أن هؤلاء أطاعوا الله ورسوله في الصبر على ولاة الأمور, وطاعتهم في غير معصية الله, لرأوا خيراً كثيراً.
    وقال الشيخ رحمه الله: الإنسان يجب عليه أن يتأمل قبل أن يقدم ما هي النتيجة وما هي الفائدة, والأحداث تشهد أن أولئك الذين خرجوا على أئمتهم بُحجة أنهم يريدون أن ينتصروا للإسلام وأن أئمتهم على الضلال والكفر نرى أن الحال تنعكس وتكون أسوأ بكثير مما سبق...وتأملوا الآن كل البلاد التي حصلت فيها ثورات يتمنى شعوبها الآن أنهم كانوا على الحال الأولى السابقة يتمنون هذا بكل قلوبهم ولكن هذا لا يحصل.
    وقال رحمه الله: علينا أن نفكر وننظر إلى كل البلاد التي حصلت فيها الثورة ما ازدادت بعد الثورة إلا شراً في دينها ودُنياها.
    القدح في الإمام نوع من الخروج عليه
    قال الشيخ رحمه الله: هل تُعدُّ المعصية خروجاً على الإمام؟ فالجواب : المعصية لا تُعتبر خروجاً لكن القدح فيه يُعتبر خروجاً ولهذا ذكر بعض العلماء رحمهم الله أن أول الخارجين هم الذين قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام اعدل فإنك لم تعدل فالقدح في الإمام نوع من الخروج عليه وفعلاً هو خروج في الواقع لأنه إظهار لقبائحه ويُوجب لقلوب الناس أن تكره هذا الإمام حتى وأن كان الإمام مُتصفاً بهذا ومعلوم أن أول الحرب ينشأ من كلام ثم يتوقد حتى يكون الخروج بالسيف ولكن نقول : اصبر واحتسب.
    المظاهرات السِّلمية
    قال الشيخ رحمه الله: أنا لا أرى المظاهرات أبداً لأن المظاهرات كلها شر ولم تكن معروفة في السلف ويحصل بها مضايقات وإفزاع الناس وربما يتسلط المتظاهرون على الدكاكين والسيارات مع الفرح والنشوة فيحصل شر كثير, فلا نراها إطلاقاً.
    العمل بتخطيط وبتنظيم:
    قال الشيخ رحمه الله: المؤمن يصبر ويتئد ويعمل بتؤده ويوطن نفسه, ويخطط تخطيطاً منظماً يقضي به على أعداء الله من المنافقين والكفار ويفوت عليهم الفرص, لأنهم يتربصون الدوائر بأهل الخير...فإذا صبر وثابر وسلك الطُّرق التي توصل إلى المقصود بدون فوضى وبدون استنفار وبدون إثارة بطرق مُنظمة, لأن أعداء المسلمين من المنافقين والكفار يمشون على خُطأ ثابتة منظمة ويحصلون مقصودهم. فأنت...لا تسكت عن الشرَّ ولكن اعمل بنظام وتخطيط وبحسن تصرف وانتظار الفرج من الله, ولا تمل فالدرب طويل.
    ــــ(538)
    التعامل مع أخطاء العلماء:
    قال الشيخ رحمه الله : نحن لا شكُّ في أن العلماء لهم أخطاء, وأنه ليس كل واحد منهم معصوماً, لكن إذا أخطأ العالم الذي يُقتدى به فعلينا أن ننصحه فيما بيننا وبينه, دون أن ننشر مساوئه, لأنك إذا نشرت مساوئ العالم أسأت إليه شخصياً, وأسأت إلى الشريعة التي يحملها, لأن الناس إذا قلت ثقتهم في العالم فإنه يكون قوله بينهم مردوداً, وليس له قيمة, فتُهدم شريعة من الشرائع تأتي على لسان هذا العالم.
    فإذا كنت حقيقةً ناصحاً فتكلم مع العالم بينك وبينه, قل له: يا حضرة الشيخ, قُلت كذا وكذا, وأنا أعرف خلاف ذلك, فما هو الصواب, يعني بأدبٍ ولباقة.
    وقال رحمه الله: الشيطان هو الذي يؤز هؤلاء على أن يقدحوا في العلماء, لأنهم إذا قدحوا في العلماء وسقطت أقوالهم عند الناس ما بقي للناس أحد يقودهم بكتاب الله, بل تقودهم الشياطين وحزب الشيطان...وغيبة العلماء تضرُّ الإسلام كُلّه لأن العلماء حملة لواء الإسلام فإذا سقطت هيبة الثقة بأقوالهم, سقط لواء الإسلام, وصار في هذا ضرر على الأمة الإسلامية.
    كلام الإنسان وهو نائم:
    قال الشيخ رحمه الله: لو فُرض أن إنساناً خاطب رُوح النائم وقال له : أطلقت زوجتك ؟ قال : نعم, فإنه لا طلاق عليه, لأنَّ بعض النُّوَّم تُخاطب رُوحُه, وتعطى جميع ما عندها, وحدثني الثقات أن من الناس من يجلس إلى جنب النائم, ويقول : السلام عليكم, فيرُد عليه السلام, ثم يبدأ يحدثه ويقول : ماذا صنعت اليوم ؟ فيقول : النائم : صنعت كذا وكذا...وهذا الذي ذكرته حقيقة, لأن الذي حدثني به ثقة, لكني لا أظنُّ أن جميع الناس يستطيع الإنسان أن يأخذ ما عندهم وهم نُوَّم
    من أُصيب بمصيبة في ذات الله, وقابلها بالصبر والاحتساب, فإنها تكون له رفعةً.
    قال الشيخ رحمه الله: المصائب أحياناً تكون سبباً للرفعة, ولو فكرت في التاريخ ما وجدت أحداً أُصيب في ذات الله إلا كان ذلك له رفعةً, وما قصة الحديبية عنا ببعيد, فقد أُصيب المسلمون في ذات الله, لكنها كانت لهم رفعةً, وكذلك عائشة رضي الله عنها أُصيبت, فكانت لها رفعةً, وهذا إبراهيم علية الصلاة والسلام جعل الله له ذكراً حسناً بالولد الذي أُمر أن يذبحه, فسلم لأمر الله وبالنار التي أُلقي فيها, فصارت برداً وسلاماً عليه, وذكراً له إلى يوم الدين.
    واقرأ تاريخ العلماء من هذه الأمة تجد أن الإنسان الذي جري عليه ما يجري من حبس وتنكيل وتعذيب أشهرُ عند الناس ممن لم يجرِ عليه مثل ذلك, لأن هذا من ثواب الصابرين الذين يصبرون في ذات الله, يجعل الله لهم ذكراً حسناً , فكل إنسان أُصيب بمصيبة في ذات الله, وقابلها بالصبر والاحتساب, فإنها تكون له رفعةً.
    عبر من قصة أصحاب الكهف:
    قال رحمه الله: أصحاب الكهف...في قصتهم عبرة عظيمة, حيث حماهم الله عز وجل, من تسلط أولئك المشركين عليهم, وآواهم في ذلك الغار هذه المدة الطويلة من غير أن يتغير منهم شيء, وجعل سبحانه وتعالى يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال, لئلا تتأثر الجنوب التي يكون عليها النوم,...والخلاصة التي تستخلص من هذه القصة هي : أن كل من التجأ إلى الله عز وجل, فإن الله تعالى يحميه, بأسباب قد يدركها وقد لا يدركها وهو مصداق قوله تعالى:]إن الله يدافع عن الذين آمنوا [ [الحج:38] فإن مدافعة الله عن المؤمنين قد تكون بأسباب معلومة, وقد تكون بأسباب مجهولة لهم فهذا يرشدنا إلى أن نحقق الإيمان بالله عز وجل والقيام بطاعته.
    ذكر القصص المرتبطة بالقضايا الأخلاقية في مقام عام أو خاص:
    سئل الشيخ: ذِكرُ بعض القصص التي ترتبط بالقضايا الأخلاقية لعظة يعدُّهُ البعض من إشاعة الفاحشة, فما صحة ذلك؟ فأجاب الشيخ رحمه الله :
    أولاً: لابُدَّ من ثُبُوت هذه القصة.
    ثانياً: إن كانت ثابتة ننظر: هل من المصلحة أن تقال ؟ أخشى أن يظن السامع أن هذا منتشر في المجتمع.
    ثالثاً: اعلم أن القصة المنكرة إذا جرت على الألسن والأسماع سوف تُقللُ من هيبتها, فلا أرى هذا.
    فإذا كانت مثل هذه القصص تُحكى لأشخاص مُعينين يُخشى وقوعُهُم في هذه الفاحشة فلا بأس, على أن يكون كلامك معهم بينك وبينهم, وليس على المنابر ولا في الخطب, أما إذا كان ذلك على المنابر أو في المجامع فلا أُراهُ صواباً, وليس ذلك في مصلحة لهم, واعلم أن المنكر إذا اعتاد الناس سماعه, استمرأته النفوس, وهان عليها, ولذلك لو سمعت قصة معينة في الأخلاق رُبما تنفر منها كثيراً, وإذا جاءت المرة الثانية قلَّت في نفسك.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,469

    افتراضي رد: فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين

    فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (6)


    فهد بن عبد العزيز الشويرخ

    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فهذا هو الجزء السادس من فوائد متفرقة في أمور متنوعة انتقيتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.
    كلام عظيم
    ** قال الشيخ رحمه الله: هذا الكلام العظيم من أبي بكر رضي الله عنه, " من كان منكم يعبدُ مُحمداً فإن محمد قد مات " ففيه قطع التعلق بالأشخاص مهما كانت منزلتهم عند الله عز وجل, وأن واحداً من الناس ليس أهلاً أن يُعبد من دون الله, ولا يعبد مع الله, ولو كان أشرف الخلق عند الله عز وجل.
    وقال أيضاً: " ومن كان يعبُدُ الله فإن الله حي لا يمُوتُ " سبحانه وتعالى ! فهو باقٍ حي حياة كاملة, لا يطرأ عليها موت أبداً ثم تلا الآية, وأيقن الناس أن الأمر حقيقة, وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مات, وجعلوا يقرؤونها وكأنها لم تنزل إلا تلك الساعة.
    ** قال الشيخ رحمه الله: يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, أنه قال: " من بورك له شيء فليلزمه" كلمة عظيمة, يعني إذا بورك لك في أي شيء كائنا ما يكون فالزمه ولا تخرج عنه مرة هنا ومرة هنا, فيضيع عليك الوقت ولا تبنى شيئاً, وقال رحمه الله: كلمة عظيمة, يعني: إذا رأيت أنك مطمئن لهذا الشيء وأنك راض به, وأنك سائر فيه, فالزمه, ولا تبق مرة تشتغل بهذا ومرةً بهذا, ومرةً بهذا, فيضيع عليك الوقت, ولا تكن مركزاً في عملك.
    ** قال الشيخ رحمه الله: كتب خالد بن الوليد إلى هرمز ملك فارس: " جئتك بقوم يحبُّون الموت كما تحبون الحياة " فهذه كلمة عظيمة, يعني: نحن نحب الموت في سبيل الله كما تحبون الحياة, يعني: فلا نبالي.
    ** قال ابن القيم:
    هربوا من الرق الذي خلقوا له فبُلُوا برقِّ النفسِ والشيطـان
    قال الشيخ رحمه الله: كلام عظيم, الرقُّ الذي خلقنا له هو الرقُّ لله عز وجل نحن عبيد الله, {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات:56] وبُلوا برِقِّ النفس والشيطان, استعبدتهم نفوسهم وشياطينهم, حتى اتبعوا الهوى واتبعوا الشيطان.
    ** قال أبو طالب:
    لقد علموا أن ابننا لا مُكذب لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل
    قال الشيخ رحمه الله: كلام عظيم, يقول: ابننا ليس مُكذَّباً لدينا ولا نُكذِّبه, ولا يُعنى بقولِ الأباطل, يعني السحرة أو الهالكين, بل قوله حق وصدق, وهذا ثناء عظيم على النبي عليه الصلاة والسلام.
    ** قال الشيخ رحمه الله: يُذكر عن بعض العابدات أنها أصيبت في إصبعها وأنها لم تتأثر, وقالت :حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها, وهذه كلمة عظيمة.
    ** قال الشيخ رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: ( «ورجل دعته امرأة ذات منصبٍ وجمالٍ» ) يعني: دعته إلى نفسها ليفعل بها الفاحشة, فقال: «(إني أخاف الله » ) وهي امرأة ذات منصب, يعني: ذات حسب شرف, ليست من الدنيئات, بل هي عزيزة شريفة, وليست أيضاً من القبيحات, بل هي جميلة, فهي ذات منصب وجمال, وهو أيضاً عنده شهوة النكاح, ( فقال: إني أخاف الله ) لم يذكر إلا هذا السبب, فلم يقل: لا رغبة لي في النساء, ولم يقل: أنت قبيحة, ولم يقل: أنت من أناس أهل دناءة, ولم يقل: حولنا أحد نخشى أن يشعر بنا, إنما الذي منعه شيء واحد وهو خوف الله عز وجل.
    وعلى رأس هؤلاء يوسف عليه الصلاة والسلام, فإن يوسف دعته امرأة العزيز وهي سيدته, دعته إلى نفسها في موضع خال لا يطلع عليه إلا الله, وقالت: {هيت لك} {قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون } { [يوسف:23]
    ومن ذلك فيما يظهر قصة الرجل الذي كان يراود ابنة عم له على فعل الفاحشة, ولكنها تأبي عليه, وفي سنة من السنوات ألمت بها حاجة, فجاءت إليه تستعينه, فأبى إلا أن تمكنه من نفسها, فلما رأت أنها في ضرورة مكنته من نفسها, ولما جلس منها ما يجلس الرجل من امرأته قالت: " اتق الله, ولا تفضَّ الخاتم إلا بحقه " كلمة عظيمة يقشعر منها البدن !! فقام وهي أحب الناس إليه, لكنها ذكرتها بهذه الكلمة العظيمة: " اتق الله, ولا تفضَّ الخاتم إلا بحقه " فقام عنها وهي أحبُّ الناس إليه, وترك ما أعطاها...قالت له: اتقِ الله, ولا تفُضَّ الخاتم إلا بحقه, وهي كلمة تُزلزلُ الجبال, فقام, ولم يحدث شيئاً, وهذا يدلَّ على كمال عفته.
    كلمات تكتب بماء الذهب
    ** قال الشيخ رحمه الله: عثمان بن عفان رضي الله عنه, في الحج في منى, صار يصلي الظهر أربعاً والعصر أربعاً والعشاء أربعاً, والسنة أن تصلى ركعتين...فحًدث بذلك عبدالله بن مسعود, فقال: " إنا لله وإنا إليه راجعون" استرجع, رآها مصيبة, أن يصلى أربعاً, والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان في أول خلافته صلوا ركعتين, وكان يصلي خلفه أربعاً وهو ينكرها, وزيادة العدد في صلاةٍ واحدةٍ يُبطلها, فقيل له: يا أبا عبدالرحمن, كيف تنكر على عثمان أن يصلي أربعاً وأنت تصلى خلفه أربعاً ؟ قال: " الخلاف شر"
    كلمة تستحق أن تكتب بماء الذهب على صفائح الفضة, كلمة عظيمة لها وزنها " الخلاف شر " فانظر كيف كان هدى الصحابة يوافقون الإمام في الزيادة في نفس الصلاة الواحدة, ويقولون: " الخلاف شر "
    ** قال الشيخ رحمه الله: لما سئل عمر بن عبدالعزيز رحمه الله الذي اعتبره بعض العلماء الخليفة الخامس عما وقع بين علي ومعاوية, قال كلمة هي جديرة أن تكتب بماء الذهب قال للذي سأله: هذه دماء طهر الله أسيافنا منها فيجب أن نطهر ألستنا منها
    ** قال الشيخ رحمه الله: ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية: "من تدبر القرآن طالباً للهدى منه, تبين له طريق الحق " هذه في الحقيقة عبارة تكتب بماء الذهب, وإن كان الذهب لا يستعمل مداداً لكن قصدي هذه عبارة ممتازة, من تدبر القرآن طالباً الهدى منه تبين له طريق الحق, فلا بدَّ من هذين الأمرين.
    ** لما سئل مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه:5] كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاهُ الرُّخصاءُ (العرق) ثم قال: " الاستواء غير مجهول, والكيف غير معقول, والإيمان به واجب, والسؤال عنه بدعة.[متفق عليه] قال الشيخ رحمه الله: هذه الكلمات من الإمام مالك رحمه الله, تستحق أن تكتب بمداد من ذهبٍ على صحائف الفضة, لأنها كلمات عظيمة من إمام في السنة رحمه الله.
    وقال رحمه الله : فتح الله عليه بهذه الكلمات العجيبة التي تستحق أن تكتب بمداد النور, ومداد الذهب.
    وقال رحمه الله: كلمات تكتب بالذهب, وهي كلمات من نور.
    وقال رحمه الله: كلماته الشهيرة التي لو كتبت بماء الذهب والبلاتين لكان رخيصاً.
    ** قال الشيخ رحمه الله: وعظ أحد السلف عالماً موعظة نافعة جداً, قال: إن الله قد زين ظهرك بالعلم والعمل, وجعل لك منزلة بين الناس وشرفاً وجاهاً, فاحرص على أن تزين باطنك, ليكون لك عند الله منزلة وجاه.
    هذه موعظة عظيمة جداً تُكتب بماء الذهب, لأن كثيراً من الناس يغترُّ بمنزلته بين الناس لأيِّ سبب من الأسباب, إما لعلم, أو دين, أو عبادة, أو غيرها, ثم ينسى عمارة الباطن, وهذه خطيرة جداً, ويجب على الإنسان أن يُلاحظ المنزلة الأخرى والشرف والجاه عند الله, فهذا هو المهم, أما عند الناس فلا يهمُّ, ورُب أشعث أغبر, مدفوع بالأبواب, لو أقسم على الله لأبره.

    كلام مختصر فيه بلاغة عظيمة
    قال الشيخ رحمه الله: قوله علية الصلاة والسلام : ( «أَسلِم تسلم » ) هذا الكلام المختصر فيه بلاغة عظيمة, وقد أُعطي الرسول علية الصلاة والسلام جوامع الكلم, واختُصر له الكلام اختصاراً, ولو أن أحداً قام بشرح هذه الكلمة بمُجلدات ما استطاع أن يصل إلى الغاية, فقوله : ( أسلم تسلم ) أي : تسلم من مسؤولية قومك, ومن مسؤولية نفسك, ومن الآفات في الدنيا, ومن الآفات في الآخرة, ومن السمعة السيئة, ومما لا يُحصيه إلا الله, فإن الإنسان مُعرض للشرور في الدنيا وفي الآخرة, وهذه الشرور من يحصيها ؟
    كلمتان حاسمتان تطردان كل شكٍّ يرِد على القلب
    قال الشيخ رحمه الله: انظر إلى قوله علية الصلاة والسلام فيمن يتساءلون : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم: ( « فليستعذ بالله ثُم لينته» ) كلمتان حاسمتان تطردان كل شكٍّ يرِد على القلب, ولو أن الفلاسفة وأهل الكلام أرادوا أن يدفعوا مثل هذه الوساوس لرأيتهم يكتبون صفحات, ولا يثمرون الثمرة التي أثمرتها هاتان الكلمتان.
    كلام صحابي يعجز كثير من أهل المنطق أن يتكلموا بمثله.
    ** قال الشيخ: رسول الله صلى الله عليه وسلم...لما سلَّم في إحدى صلاتي العشي سلم من ركعتين...فقال له ذو اليدين : " «أنسيت أم قصرت الصلاة ؟» " ولله در الصحابة, فهذا واحد من عامة الصحابة يقول هذا الكلام, الذي لو اجتمعت عليه الفلاسفة السنين ما أتوا بمثله. وقال: فتكلم بكلام يعجز كثير من أهل المنطق أن يتكلموا بمثله

    عبارة واضحة مختصرة
    قال الشيخ رحمه الله: أصل العقل في القلب, لكن له اتِّصال بالدماغ, وإنك لتعجب أن تقع هذه الكلمة من الإمام أحمد رحمه الله حيث قال: "العقل في القلب, وله اتِّصال بالدماغ ", وهذه عبارة لو اجتمع الأطباء كلهم على أن يأتوا بمثل هذه العبارة الواضحة المختصرة ما استطاعوا إلى هذا سبيلاً, لكن الله سبحانه وتعالى يهب من يشاء من خلقه فيُوفقه لكلمات جامعةٍ واضحةٍ مختصرةٍ.
    كلمات جيدة:
    قال الشيخ رحمه الله: وقول الزهري رحمه الله: " من الله الرسالة, وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ, وعلينا التسليم "هذه كلمات جيدة.
    كلمة موجزة نافعة
    قال الشيخ رحمه الله: بعض العلماء, ذكر كلمة موجزة, نافعة, قال: قل: بِمَ أمر الله ؟ ولا تقل: لِمَ أمر الله ؟ لأنك إذا قلت: بِمَ أمر الله؟ فإنك تسأل عن المأمور به لتفعله, لكن إذا قلت: لِمَ ؟ فمعناه قد تكون مُتعنتاً تسأل عن الحكمة إن بدت لك, وإلا استكبرت.
    كلمة لو وزنت بالجبال لرجحت
    ** قال الشيخ رحمه الله: قال ابن رجب رحمه الله في كتابه " القواعد الفقهية في المقدمة كلمة لو وزنت بالجبال لرجحت, يقول: " المُنصفُ من اغتفر قليل خطأ المرءِ في كثير صوابه" وهي كلمة عظيمة, فهذا هو المُنصفُ, وليس المُنصفُ الذي يأخذ السيئات وينسى الحسنات, فالمنصف من يقارن بين الحسنات والسيئات, فإذا رجحت الحسنات انغمرت السيئات بها.
    وقال رحمه الله: المُنصفُ من ينظر إلى الصواب وإلى الخطأ, فإذا الصوابُ أكثر فليغتفر الخطأ, وإن كان الخطأ أكثر اضمحلَّ به الصواب, وإن كان سواء لا يحكم عليه بمدح ولا ثناء, فتجد واحداً يُصيبُ في مِئةِ مسألةٍ ويُخطئُ في مسألةٍ, ثم يقال : هذا الرجُل فيه وفيه إلى آخره, فهنا المؤلف يقول : إن أنا أخطأتُ فليعلم أن الله لم يعط العصمة لكتابٍ غير كتابه, فالمنصفُ من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه.
    ** قال الشيخ رحمه الله: سأل الإمام أحمد رحمه الله رجل وقال: يا أبا عبدالله, إن أبي أمرني أن أطلق زوجتي, فقال له الإمام: هل تعيب عليها في خلقٍ أو دينٍ ؟ قال: لا. فقال: لا تطعه, قال: يا أبا عبدالله, كيف لا أطيعه وعمر لما أمر ابنه عبدالله أن يطلق امرأته أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطيع أباه عمر ويطلقها؟ لكن الإمام أحمد قال كلمة لو وزنت بجبال الذهب لرجحت بها, قال له: وهل أبوك عمر ؟! والإمام أحمد يدري أن أباه ليس عمر وأن الرجل يعرف أن أباه ليس عمر, لكن المعنى هل أن أباك أمرك بسببٍ مثل السبب الذي أمر عمر ابنه أن يطلق امرأته من أجله ؟ وهل يُتهمُ عمرُ بأنه يريدُ التفريق بين ابنه وزوجته! لا والله لا يُتهمُ, فهذا الرجل الذي أمر ابنه أن يُطلق زوجته ما ندري لعله حملهُ الحسد أو الغيرة.
    كلمات عجيبة
    قال الشيخ رحمه الله: قيل لأحد الصحابة رضي الله عنهم: إن اليهود يقولون: نحن لا نوسوس في صلاتنا؟ وأنتم أيها المسلمون توسوسون في الصلاة! فقال كلمة عجيبة: " وما يصنع الشيطان بقلب خراب! " فالقلب الخراب لا يأتيه الشيطان ليخربه, لأنه قد خرب, إنما يخرب القلب العامر السليم, حتى يدمره, فنسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الشيطان الرجيم.
    وقال الشيخ رحمه الله: عمر بن الخطاب رضي الله, حينما سافر إلى الشام, وفي أثناء الطريق قيل له: إن الشام فيها طاعون, والطاعُون وباء معروف, فتاك- والعياذ بالله- فتوقف رضي الله عنها وشاور الصحابة: هل يرجع إلى المدينة خوفاً من هذا الوباء, أم يذهب إلى هذا الوباء, ويتوكل على الله ولا يهتمُّ؟...واستقر رأي الأكثر على أن يرجع إلى المدينة, فأمر بالرجوع, فجاء أو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه, وقال: يا أمير المؤمنين, كيف ترجع, "أفراراً من قدر الله ؟!" فقال له عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة...ثم قال: نعم نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله", سبحان الله! كلمة عجيبة, لو أن المُتأخِّرين تكلموا عليها لكتبوا فيها مجلدات, ولم يصلوا إلى هذا المعنى الذي قاله عمر, يقول: " نعم نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله " أي: إننا إن ذهبنا إلى الشام فبقدر الله, وإن رجعنا إلى المدينة فبقدر الله, فنحن لم نفرَّ, إن رجعنا فبتقدير الله, وإن مضينا فبتقدير الله.
    كلمة منكرة
    سئل الشيخ : هناك أناشيد للأطفال : بسمة أُمِّي سر وجُودي " فما رأيكم فيها ؟ فأجاب رحمه الله: هذا كذب, ولا يجوز للإنسان أن يقولها, وليس لأحد صفة للوجود, وهذه كلمة صوفية منكرة, الذي أوجد الخلق هو الله.
    ما أعظم هذا القول وأبطله وأكذبه
    كلمة ظاهرها الحق وباطنها من قبله العذاب
    قال الشيخ رحمه الله: الحقيقية أن الدين الإسلامي دين العدل, كما قال عز وجل : ] إن الله يأمرُ بالعدلِ والإحسان [ [النحل :90] وما قال الله عز وجل ولا في آية واحدة : إن الله يأمر بالمساواة.
    وكلمة المساواة قد يكون ظاهرها الحق وباطنها من قبله العذاب, فقد يُراد بها التسوية في أمور فرَّق الشرع بينهما, فتُتخذ وسيلةً, ونحن إذا قلنا : إن الإسلام يأمر بالعدل لزم من ذلك التسوية بين المتفقين, والتفرقة بين المختلفين, ولا يرِدَ علينا أيُّ شيء, فلا يُقال مثلاً : لماذا فضل الإسلام الذكر, فأعطاه مثل حظ الأُنثيين في الميراث, مع أنك تقول : إن الإسلام دين المساواة...فإذا كنت تقول : إن الإسلام دين المساواة فساو بين الرجل والمرأة, لكن إذا قلت : إن الإسلام دين العدل خرجت من هذه المسألة ومن غيرها.
    كلمة حق أريد بها باطل
    ** قال الشيخ رحمه الله: قد أبطل الله حٌجة المجادلين في ذلك في قوله : { سيقولُ الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيءٍ } [الأنعام:148] وهذه كلمة حقٍّ لكن يرادُ بها باطل, فإنهم يُريدون من هذه الكلمة الاستمرار على شركهم, ودفع الحُجّة عليهم, وإلا فهم لا يريدون الحق, ولو قالوا : لو شاء الله ما أشركنا, ولا آباؤنا, ولا حرمنا من شيء, ولكن ذلك وقع بمشيئة الله, ونحن نستغفر الله, ونتوب إليه, ونُوحد الله عز وجل, ونلتزم أحكامه الشرعية, فلا نُحلُّ إلا ما أحلَّ, ولا نُحرم إلا ما حرم, لقلنا لهم : هذا كلام صحيح, وتشكرون عليه.
    ** قال الشيخ رحمه الله : القلوب لو صلحت لصلحت الجوارح, لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي القلب» وهذا الحديث يُبطل كل دعوى يدَّعيها بعض الناس, إذا نصحته في أمر من الأمور مما عصى الله به قال لك : " التقوى ها هنا " ويشير إلى صدره, وهي كلمة حق أريد بها بطل, والكلمة قد تكون في مدلولها العام, لكن يريد بها القائل أو المتكلم معنى باطلاً...فالذي قال : " التقوى ها هنا " هو النبي صلى الله عليه وسلم....الذي قال : ( « ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله» ) فإذا كان في القلب تقوى, لزم أن يكون في الجوارح تقوى, والعمل الظاهر عنوان على العمل الباطن.

    ** قال الله تعالى : {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعمُ من لو يشاء اللهُ أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين } [يس:47] قال الشيخ رحمه الله في [يس:171] : من فوائد هذه الآية الكريمة : أن الإنسان قد يقول كلمة الحق يريد بها الباطل, ] أنطعمُ من لو يشاء اللهُ أطعمه [ فنحن نؤمن بأنه لو شاء الله لأطعم هؤلاء لكن حكمته عز وجل اقتضت أن يجعل هؤلاء فقراء وهؤلاء أغنياء.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •