رُوِي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة، تردها السباع، والكلاب، والحمر، وعن الطهارة بها، فقال: «لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا، وَلَنَا مَا غَبَرَ طَهُورٌ».
ضعيف جدًّا.
أخرجه ابن ماجه (519)، والطبري في «تهذيب الآثار» مسند ابن عباس (1058)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (2647)، والدارقطني في «سننه» (56)، والبيهقي في «الكبير» (1220)، وابن الجوزي في «التحقيق» (47)، من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، به.
وأخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (1059)، من طريق عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
فجعله عبد الرحمن بن زيد هنا من مسند أبي هريرة، بدلًا من أبي سعيد.
قال الطحاوي عقيب روايته للحديث: «هذا الحديث ليس من الأحاديث التي يُحتج بمثلها؛ لأنه إنما دار على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وحديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف»اهـ.
وقال البيهقي عقيبه: «وعبد الرحمن بن زيد ضعيف لا يُحتج بأمثاله»اهـ.
وقال ابن الجوزي عقيبه: «عبد الرحمن بن زيد ضعيف بإجماعهم؛ ضعفه أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو داود، وأبو زرعة الرازي، والدارقطني، وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم؛ فيرفع المراسيل، ويسند المواقيف؛ فاستحق الترك»اهـ.
وضعفه الألباني في «الضعيفة» (1609).
♦♦♦♦♦
وهذا الحديث له شواهد:
الشاهد الأول: أخرجه الدارقطني في «سننه» (34)، ومن طريقه ابن الجوزي في «التحقيق» (46)، من طريق أيوب بن خالد الحراني، أخبرنا محمد بن علوان، عن نافع، عن ابن عمر، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فسار ليلًا، فمرُّوا على رجل جالس عند مِقْراة له، فقال عمر: يا صاحب المقراة أَوَلَغَت السباع الليلة في مقراتك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا صَاحِبُ الْمُقْرَاةِ لَا تُخْبِرْهُ؛ هَذَا مُتَكَلِّفٌ؛ لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ وَطَهُورٌ».
قال ابن عبد الهادي في «التنقيح» (1/ 74): «هذا حديث منكر، ومحمد بن علوان ضعيف».
وقال الذهبي في «التنقيح» (1/ 22): «رُوِي عن أيوب بن خالد الحراني؛ وهو منكر الحديث، عن محمد بن علوان، وليس بعمدة... وهذا لم يصح»اهـ.
وأيوب بن خالد الحراني.
قال ابن عدي في «الكامل» (2/ 218): «حدَّث عن الأوزاعي بالمناكير».
وقال ابن حجر في «التقريب»: «ضعيف».
ومحمد بن علوان؛ قال ابن الجوزي في «الضعفاء والمتروكين»
(3/ 86): «قال أبو الفتح الأزدي: متروك الحديث».
♦♦♦♦♦
الشاهد الثاني: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (253)، عن ابن جريج، قال: أُخبرت أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ورد ومعه أبو بكر وعمر على حوض، فخرج أهل الماء، فقالوا: يا رسول اللَّه، إن الكلاب والسباع تلغ في هذا الحوض، فقال: «لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا، وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ وَطَهُورٌ».
وهذا معضل.
♦♦♦♦♦
الشاهد الثالث:أخرجه الشافعي في «الأم» (1/ 20)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (252)، والبيهقي في «الكبير» (1179)، وفي «الصغير» (181)، عن إبراهيم بن محمد، عن داود بن الحصين، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله ﭭ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بما أفضلت السباع.
قلت: هذا إسناد ساقط.
♦ إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، كذاب متروك.
روى العقيلي في «الضعفاء» (1/ 218)، بإسناده إلى يحيى بن سعيد، قال: «سألت مالك بن أنس عن إبراهيم بن أبي يحيى، أكان ثقة في الحديث؟ قال: لا، ولا ثقة في دينه».
قال الدوري في «تاريخه» (721): «سمعت يحيى يقول: إبراهيم بن أبي يحيى كان كذابًا، وكان رافضيًّا».
وقال ابن أبي شيبة في «سؤالاته لابن المديني» (153): «سمعت عليًّا يقول: إبراهيم بن أبي يحيى كذاب، وكان يقول بالقدر».
وقال العقيلي في «الضعفاء» (1/ 218): «حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: سألت أبي عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، فقال: ثقة، ولكن ابنه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ترك الناس حديثه»اهـ.
وفيه أيضًا، عن أحمد بن حنبل أنه ذَكَر إبراهيم بن أبي يحيى، فقال: يأخذ حديث الناس فيجعله في كتبه ويرويه عنهم يدلسه، فقيل له: مَن هذا؟ فقال: إبراهيم بن أبي يحيى.
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 323): «كان يرى القدر، وكلام جهم. عن يحيى بن سعيد: تركه ابن المبارك، والناس. حدثني محمد بن المثنى، قال: حدثنا بشر بن عمر، قال: نهاني مالك عن إبراهيم بن أبي يحيى، قلت: من أجل القدر تنهاني عنه؟ قال: ليس في دينه بذاك. قال يحيى: كنا نتهمه بالكذب»اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 126): «سمعت أبي يقول: إبراهيم بن أبي يحيى كذاب متروك الحديث، ترك ابن المبارك حديثه.
وسئل أبو زرعة عن إبراهيم بن أبي يحيى، فقال: ليس بشيء»اهـ.
♦ وحصين والد داود بن الحصين.
قال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (3/ 199): «ليس حديثه بالقائم، ضعيف».
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 7): «حديثه ليس في وجه صحيح».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 334): «كان ممن اختلط في آخر عمره، حتى كان لا يدري ما يحدِّث به، واختلط حديثه القديم بحديثه الأخير، فاستحق الترك»اهـ.
وتوبع إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى.
فقد أخرجه الشافعي في «الأم» (1/ 20)، وفي «مسنده» (40)، ومن طريقه الدارقطني في «سننه» (176) و (177)، والبيهقي في «الكبير» (1180)، عن سعيد بن سالم، عن ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن أبيه[1]، عن جابر ﭭ، قال: قيل: يا رسول الله أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال: «وَبِمَا أَفْضَلَتِ السِّبَاعُ».
♦ سعيد بن سالم، صدوق يهم.
♦ وابن أبي حبيبة؛ هو إبراهيم بن إسماعيل، ضعيف.
♦♦♦♦♦
وله شاهد موقوف.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (249) و (250) و (251)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (1509)، والقاسم بن سلام في «الطهور» (222) و (223)، والطبري في «تهذيب الآثار» (1084)، والبيهقي في «الكبير» (1222)، من طرق، عن عكرمة، أن عمر بن الخطاب ورَدَ حوض مجَنَّة، فقيل له: يا أمير المؤمنين، إنما ولغ فيه الكلب آنفًا، قال: «إنما ولغ بلسانه، فاشربوا منه وتوضؤوا».
وفيه انقطاع بين عكرمة وعمر بن الخطاب.
قال البيهقي: «وهذه قصة مشهورة عن عمر، وإن كانت مرسلة».
----------------
[1] (عن أبيه) سقطت من «مسند الشافعي»، ومن «الأم»؛ وهي مثبتة عند الدارقطني والبيهقي من طريق الشافعي.