أبواب تحصيل مرضاة الله كثيرة أفضلها هجر المحرمات

مصطفى دياب






لو لم يكن للمرء في حياته هدف سامٍ لم يكن لحياته معنىً، وما وجدتُّ أعظم من أن يكون هدفي (أن يرضى ربي عني)، وكيف لا؟ ورضوان الله سبب كل فوز وسعادة، ورضاه -عز وجل- أعظم العطايا والمنن {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}.

فيا هناه من اتبع رضوان الله وواظب على ما يحبه ربه ويرضاه، ويا بؤس من باء بسخطٍ من الله لتخلفه عن طاعته ومرضاته ورضوانه -عز وجل-، وما أدرك المسكين أن غمسةً واحدة في نار جهنم تكفيه! نعم تكفيه أن ينسى نعيم الدنيا فيقول: «ما رأيتُ نعيماً قط ما مر بي خيرٌ قط»، وقد كان في الدنيا يرضي شهواته ويتبع هواه، ولم يكن حريصاً على مرضاة ربه، ولم يجعل هدفه في حياته ان يرضى ربه عنه.

هدفي أن يرضى ربي عني، هدفي لا ينتهي حتى بعد دخول الجنة فقد قال - صلى الله عليه وسلم - «إن الله -تعالى- يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير كله في يديك فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ومالنا لا نرضى ياربنا وقد أعطيتنا مالم تُعطِ احداً من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يارب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً.

إن أبواب تحصيل مرضاة الله كثيرة ومن أفضلها هجر المحرمات وصون الخلوات؛ فاجعل ذلك هدفا لك يوصلك إلى مرضاة الله والجنة فاهجر ما حرم الله ولا تجعل شيطانك يقودك فتقع في هتك الأعراض وذنوب الخلوات والتفريط والتقصير في حق الله.

واستقم كما أُمرت

واستقم كما أُمرت لا كما ترغب وتحب؛ فالاستقامة أعظم كرامة، وإذا استقام قلب العبد استقامت جوارحه؛ فالقلوب كالقدور والألسن، مغارفها واحفظ سمعك وبصرك وفرجك ولا يغرك صمت أعضائك اليوم {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}، فإنها ستنطق يوم الحشر، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.

فاعرفوا ما حرم الله، واهجروه سراً وعلناً، واحذروا ذنوب الخلوات؛ فإنها أصل الانتكاسات، ولا تفتحوا على أنفسكم أبواب الفتن والشهوات كما قال الحبيب - صلى الله عليه وسلم - «ويحك لا تفتحه.. إنك إن تفتحه تلجه»، واعلموا أننا إلى الله راجعون {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} { ثُمّ تُوَفي كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}.

يا شباب المستقبل

اهجروا المحرمات، وصونوا الخلوات، واعلموا أن من يدخل تحت ظل عرش الرحمن يوم الحشر ليس شاباً عادياً، «يعجب ربك من الشاب ليس له صبوه»، ومن يهتز لموته عرش الرحمن، وينزل سبعون ألف ملك من السماء يشيعون جنازته ليس شاباً عادياً، ومن يصبر أمام الشهوات في الجهر والخلوات، ويصمد أمام الشبهات ولا سيما وقت الفتن ليس شاباً عادياً؛ فالقابض على دينه كالقابض على الجمر، وإن من يذكر الله وسط غفلة الملايين ليس شاباً عادياً «مثل الذاكر في الغافلين مثل الشجرة الخضراء في الهشيم»

أخي الحبيب: اهجر المحرمات، وصن الخلوات ما دامت الحياة؛ ولا تكن أمام الناس قديسا وفي الخلوات إبليسا، قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِيالسَّاجِدِين َ}.