نقل بعضهم عن الحافظ ابن حجر رحمه الله:
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ قَالَ كُنَّا نُعَفِّي السِّبَالَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ.
وَقَوْلُهُ: نُعَفِّي بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ نَتْرُكَهُ وَافِرًا، وَهَذَا يُؤَيّد مَا نقل عَن ابن عُمَرَ،
وَقَوْلُهُ: نُعَفِّي بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ نَتْرُكَهُ وَافِرًا، وَهَذَا يُؤَيّد مَا نقل عَن ابن عُمَرَ،
فَإِنَّ السِّبَالَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ سَبَلَةَ بِفَتْحَتَيْنِ وَهِيَ مَا طَالَ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ،
فَأَشَارَ جَابِرٌ إِلَى أَنَّهُمْ يُقَصِّرُونَ مِنْهَا فِي النُّسُكِ ..
قلتُ: لكن خرجه أبو داود في سننه بَاب فِي أَخْذِ الشَّارِبِ.
ففهم من كلمة السبال أنه طرفا الشارب وليس اللحية.
فقد نقله أبو زرعة العراقي طرح التثريب، فقال:
اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ قَصِّ الشَّارِبِ، هَلْ يُقَصُّ طَرَفَاهُ أَيْضًا وَهُمَا الْمُسَمَّيَانِ بِالسِّبَالَيْن ِ، أَمْ يُتْرَكُ السِّبَالانِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؟
فَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي إحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ: لا بَأْسَ بِتَرْكِ سِبَالَيْهِ، وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ، فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ رضي الله عنه، وَغَيْرُهُ؛
لِأَنَّ ذَلِكَ لا يَسْتُرُ الْفَمَ وَلا يُبْقِي فِيهِ غَمْرَةَ الطَّعَامِ، إذْ لا يَصِلُ إلَيْهِ انْتَهَى.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا نُعْفِي السِّبَالَ إلا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ بَقَاءَ السِّبَالِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالأَعَاجِمِ بَلْ بِالْمَجُوسِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَجُوسُ، فَقَالَ: " إنَّهُمْ يُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ وَيَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ فَخَالِفُوهُمْ ".
فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَجُزُّ سِبَالَهُ كَمَا تُجَزُّ الشَّاةُ أَوِ الْبَعِيرُ".
وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ لِأَبِي أُمَامَةَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، " فَإِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
"قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ، وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ"/ وَالْعَثَانِينُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَتَكْرَارِ النُّونِ، جَمْعُ عُثْنُونٍ: اللِّحْيَةُ.
. انتهى.
وقال دبيان الدبياني في موسوعة أحكام الطهارة:
"وهذا الاستدلال [أي استدلال الحافظ ابن حجر] يسلم إن كان يطلق السبال على اللحية. والحق أن السبال فيه سبعة أقوال، كلها تدور حول الشارب واللحية". اهـ.
ثم أورد الأقوال، ثم أورد ما يدل على اضطراب الأثر.
فقد رواه أبو داود في سننه [3672]، فقال:
حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَرَأَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى أَبِي الزُّبَيْرِ، وَرَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " كُنَّا نُعْفِي السِّبَالَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ". اهـ.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق المزني، عن النفيلي به، بلفظ: "كنا لا نقصر السبال إلا في حج أو عمرة". اهـ.
وعلى القول بأن السبال المقصود به اللحية فقد خولف عبد الملك فيما خرجه ابن أبي شيبة [25895]، فقال:
حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نُوفِيَ السِّبَالَ، وَنَأْخُذَ مِنَ الشَّوَارِبِ ". اهـ.
وتوبع فيما خرجه الطبراني في الأوسط [8908]، فقال:
حَدَّثَنَا مِقْدَامٌ، ثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ، ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " نَهَى عَنْ جَزِّ السِّبَالَ ". اهـ.
على أن الطريق مداره على أبي الزبير وهو مدلس كما ذكر الحافظ ابن حجر وقد عنعن ولم يصرح بسماعه من جابر.
ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح عن عطاء، عن ابن عباس قال: التفث: الرمي والذبح، والحلق والتقصير، والأخذ من الشارب والأظفار واللحية .

قلتُ: هذه اللفظة مضطربة.
خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه [15900] فقَالَ: نا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فذكره.
وتوبع فيما خرجه الأزهري في تهذيب اللغة، فقال:
وحدثنا محمد بن إسحاق السندي قال: حدثنا علي بن خشرم عن عيسى عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس، بنحوه.
وقد خولفا فيما خرجه الطبري في تفسيره [16 : 526] والمحامل في أماليه، من طريق هُشَيْمٌ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: "{ثُمَّ ليَقْضُوا تَفَثَهُمْ}، قَالَ:
التَّفَثُ: حَلَقُ الرَّأْسِ، وَأَخْذٌ مِنَ الشَّارِبَيْنِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَالأَخْذُ مِنَ الْعَارِضَيْنِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، وَالْمَوْقِفُ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَ ةِ ". اهـ.
ولا يبعد أن يكون الاضطراب من عبد الملك ابن أبي سليمان فقد ذكر الإمام أحمد بن حنبل أنه يخطئ في أحاديثه عن عطاء.

وقال الحسين بن إدريس الأنصاري، عن أبي داود قلت لأحمد: عبد الملك بن أبي سليمان؟ قال: ثقة.
قلت: يخطىء ؟ قال: "نعم، وكان من أحفظ أهل الكوفة،
إلا أنه رفع أحاديث عن عطاء". اهـ.
قلتُ: وقد أخطأ هنا عبد الملك في رفعه إلى ابن عباس وإنما هو عن عطاء قوله وليس فيه ذكر حلق اللحية.
وذلك فيما خرجه يحيى بن سلام في تفسيره (1/367)، فقال:

وحدثنا حماد، عن قيس بن سعد، عن عطاء قال: التفث: "حلق الشعر وقطع الأظفار". اهـ.
وقد قدم الإمام مسلم في صحيحه رواية قيس بن سعد الحبشي على رواية عبد الملك.
سيما وأن قيس بن سعد مكي ورواية المكيين أعلم بحديث المكي عطاء عن غيرهم وعبد الملك كوفي.

وقد فسر الآية بمثل ما فسرها ابن عباس تابعيان جليلان: مجاهد، ومحمد بن كعب القرظي.

لعلك تقصد ما خرجه الطبري في تفسيره [16 : 527]، من طريق عيسى ووَرْقَاءُ، جَمِيعًا:
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، "{ثُمَّ ليَقْضُوا تَفَثَهُمْ}، قَالَ: حَلْقُ الرَّأْسِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، والشَّارِبِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، وَقَصُّ اللِّحْيَةِ ". اهـ.
قلتُ: ابن أبي نجيح لم يسمع من مجاهد فروايته منقطعة فكيف به وقد خولف سندا ومتنا فيما خرجه الطبري عقبه فقال:
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ، إِلا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثِهِ: وَقَصُّ اللِّحْيَةِ". اهـ.
بل وتوبع على ذلك فيما ورد في تفسير الثوري [675]/ فقال:
عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ : " {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}، قَالَ: حَلْقُ الرَّأْسِ، وَرَمْيُ الْجَمْرِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ ". اهـ.
وإن قالوا بأن ابن أبي نجيح قد أخذ تفسير مجاهد من كتاب القاسم فقد أخذه منه أيضا
الحكم بن عتيبة وخالفه وذلك فيما خرجه الطبري في تفسيره، فقال:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، أنه قال في هذه الآية: {ثم ليقضوا تفثهم} [الحج: 29] قال: "هو حلق الرأس". اهـ.
بل وتابعهم ابن أبي نجيح على ذلك في رواية معمر عنه فيما خرجه الطبري في تفسيره
[16 : 528]، فقال:
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " التَّفَثُ: حَلْقُ الرَّأْسِ، وَتَقْلِيمُ الظُّفُرِ ". اهـ.
أما أثر محمد بن كعب القرظي:
فقد خرجه الطبري في تفسيره
[16 : 526]، فقال:
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: "{ثُمَّ ليَقْضُوا تَفَثَهُمْ}:
رَمْيُ الْجِمَارِ، وَذَبْحُ الذَّبِيحَةِ، وَأَخْذٌ مِنَ الشَّارِبَيْنِ وَاللِّحْيَةِ وَالأَظْفَارِ، وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ". اهـ.
قلتُ: أبو صخر وهو حميد بن أبي المخارق المدني "صدوق يهم" كذا قال الحافظ ابن حجر.
وقد ضعفه البعض فكيف به يخالف ممن هو أوثق منه؟ حيث لم يذكر الأخذ من اللحية وذلك فيما خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه [15896] فقَالَ:
نا الْعُكْلِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: "التَّفَثُ: حَلْقُ الْعَانَةِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَأَخْذٌ مِنَ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ". اهـ.
ومن الأدلة على جواز الأخذ من اللحية ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن جابر بن عبدالله، قال:
رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - رجلاً مجفل الرأس واللحية، فقال: على ما شوه أحدكم أمس، قال: وأشار النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى لحيته ورأسه يقول: خذ من لحيتك ورأسك .

قلتُ: لماذا لم تورد كلام البيهقي فيه؟
فقد خرجه في الشعب [6440] من طريق: يَحْيَى بْن أَبِي طَالِبٍ، قال:
ثَنَا شَبَابَةُ، أَنَا أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: فذكره.
قال البيهقي: أَبُو مَالِكٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّخَعِيُّ غَيْرُ قَوِيٍّ.

وَقَدْ رُوِّينَا، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
" فِي الشَّعَثِ وَالْوَسَخِ، لَمْ يَذْكُرِ الأَخْذَ مِنَ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ ".
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الأَخْذُ مِنَ الشَّارِبِ فَلَيْسَ كَالأَخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ، لَكِنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ". اهـ.
قلتُ: وأبو مالك النخعي "متروك"، كذا قال الحافظ ابن حجر، فحديثه شديد الضعف والمخالفة تجعله منكرا.
فلا يعتضد به ولا يستشهد به.
ومع ذلك فحديث حسان بن عطية هنا أنكره أحمد بن حنبل، فقد سأله عنه أبو داود في مسائله [1913]، فقال:
سَمِعْتُ أَحْمَدَ، سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ:
أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا ثَائِرَ الشَّعَرِ، فَقَالَ: " أَمَا وَجَدَ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعَرَهُ "، وَرَأَى رَجُلًا وَسِخَ الثِّيَابِ،

فَقَالَ: مَا أَنْكَرَهُ مِنْ حَدِيثٍ، لَيْسَ إِنْسَانٌ يَرْوِيهِ، يَعْنِي: عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ غَيْرُ حَسَّانَ،
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ رَجُلًا صَالِحًا، وَكَانَ يُعْرَفُ بِجَابِرٍ مِثْلُ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ،
وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، فَرُبَّمَا حَدَّثَ بِالشَّيْءِ مُرْسَلًا، فَجَعَلُوهُ عَنْ جَابِرٍ". اهـ.
وله شاهد مرسل صحيح الإسناد:
فقد روى أبو داود في المراسيل، .. عن عثمان بن الأسود، سمع مجاهدًا يقول: رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - رجلاً طويل اللحية، فقال: لِمَ يشوه أحدكم نفسه؟ .

قلتُ: قد بينت أن الحديث لا يتقوى؛ لشدة وهائه.
فيبقى أنه مرسل ليس هناك له أصل مسند يصح فيعضده.
بل إن حديث مجاهد يؤكد على ضعف حديث أبي مالك النخعي فليس فيه الأمر بالأخذ من اللحية.
وتكملة الحديث فيما خرجه أبو داود في مراسيله [448]، فقال:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ ، سَمِعَ مُجَاهِدًا، يَقُولُ:
رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلا طَوِيلَ اللِّحْيَةِ، فَقَالَ: " لِمَ يُشَوِّهُ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ؟ "،
قَالَ: وَرَأَى رَجُلا ثَائِرَ الرَّأْسِ، يَعْنِي شَعَثًا، فَقَالَ: " مَهْ، أَحْسِنْ إِلَى شَعْرِكَ أَوِ احْلِقْهُ ". اهـ.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلق الشعر ولم يأمر بحلق اللحية.
والله أعلم.