تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,491

    افتراضي وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة

    وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة
    (1) المساواة بين الرجال والنساء











    قضية التمييز ضد المرأة والصبغة الدولية:
    أول اهتمام أخذ الطابع الدولي للمساواة بين الرجال والنساء كان في ميثاق الأمم المتحدة، الذي أبرم في سان فرانسيسكو في 26/6/1945م، والذي نص على عدم التفرقة بين الناس، بسبب الجنس[1]. وفي عام 1948م صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي تنص المادة الثانية منه على أن: (لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي؛ سياسياً وغير سياسي، أو الأصل الوطني، أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر)[2].

    وفي عام 1951م: أُبرمت اتفاقية المساواة في الأجور بين العمال والعاملات، ثم الاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة عام 1952م، ثم جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية عام 1966م، فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في نفس العام، وتلاهما الإعلان الخاص بالقضاء على التمييز ضد المرأة سنة 1967م، ثم جاء إعلان طهران لحقوق الإنسان عام 1968م؛ وجميع هذه الاتفاقيات والمعاهدات لم تكن ملزمة، كما أنها لم تُخصص للمرأة.


    ومنذ عام 1975م بدأ عقد المؤتمرات المتخصصة في قضايا المرأة، كما بدأت مقرراتها تأخذ منحى إلزامياً، فكان أول هذه المؤتمرات:

    • 1975: المؤتمر العالمي الأول للمرأة (مؤتمر مكسيكو لعقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم)، واعتمدت فيه خطة عمل للأعوام 1976- 1985م، واعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ذلك العام عام المرأة الدولي.

    • 1979م: اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)[3]: خرج المؤتمرون بما يعرف باتفاقية سيداو، والتي تتضمن ثلاثين مادة، وردت في ستة أجزاء، للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، على أن يبدأ نفاذها في 3 سبتمبر 1981م. وجاءت هذه الاتفاقية لأول مرة بصيغة ملزمة قانونياً للدول التي توافق عليها؛ إما بتصديقها أو بالانضمام إليها. وحددت الأمم المتحدة العام2000م موعداً نهائياً لتوقيع جميع الدول عليها.


    وتعد هذه الاتفاقية من أخطر الاتفاقيات المتعلقة بالمرأة لعدة أسباب منها:

    - أنها تعد الدين شكلاً من أشكال التحيز ضد المرأة.

    - أن فيها رسماً لنمط الحياة في مجالاتها المختلفة سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وغير ذلك؛ بناء على الثقافة الغربية القائمة على المساواة المطلقة بين الجنسين، دون اعتبار لخصوصية أي منهما، والحرية التامة للأفراد دون مراعاة لأي قيمة خلقية، أو إنسانية.


    • 1983م: المؤتمر العالمي لعقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم في كوبنهاجن- الدنمرك.


    • 1985م: المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم في نيروبي- كينيا، والذي عرف باسم: استراتيجيات نيروبي المرتقبة للنهوض بالمرأة من 1986م إلى 2000م.


    • 1995م: المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بكين- الصين، والذي تميز عن غيره من المؤتمرات بجرأته على الأخلاق، ودعوته الصريحة للحرية الجنسية (بما فيها ما يسمى زواج المثلين)، والتنفير من الزواج المبكر، والعمل على نشر وسائل منع الحمل، والحد من خصوبة الرجال، وتحديد النسل، والسماح بالإجهاض المأمون، والتركيز على التعليم المختلط بين الجنسين وتطويره، وكذلك التركيز على تقديم الثقافة الجنسية للجنسين في سن مبكرة حتى اضطرت إحدى الدول الغربية وهي السويد للتحفظ على بعض البنود.


    أما المرأة المسلمة فقد خصت بعدة مؤتمرات لتسريع تفعيل تغريبها منها:

    1 - عقد مؤتمرات قمة للمرأة على مستوى قرينات رؤساء وملوك الدول العربية: وقد عقدت ثلاث قمم الأولى في القاهرة بمصر، والثانية في عمان بالأردن، والثالثة ببيروت. وقد انبثق عنها عدة مؤتمرات إقليمية ناقشت كل منها موضوعاً خاصاً، كالمرأة والإعلام، والمرأة والتعليم، والمرأة والتنمية،...إلخ.

    2 - إنشاء مؤسسات خاصة بشئون المرأة على مستوى أعلى مثل: المجلس القومي للمرأة بمصر، المجلس الأعلى لشؤون المرأة في بعض دول الخليج كالبحرين وقطر.


    3 - إنشاء مكتب كبير منسقي قضايا المرأة الدولية بوزارة الخارجية الأمريكية والذي تقول رئيسته إبريل بالمرلي في كلمة لها بعنوان (النساء في مجتمع عالمي): "حدد مكتبي ثلاثة مجالات عامة للسياسة سوف نستهدفها في جهودنا القادمة، وهذه المجالات هي:

    - المشاركة السياسية للمرأة.
    - المشاركة الاقتصادية للمرأة.
    - الاتصال والتواصل مع النساء في الدول التي يشكل المسلمون غالبية سكانها."

    وتلخص أهداف المكتب فيما يلي:

    - دفع عجلة مفهومات حقوق المرأة الإنسانية، وتمكين النساء ومنحهن سلطة؛ كعنصرين مهمين في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
    - دمج هذا الهدف في السياسات، وتحويله إلى جزء من مؤسساتها عن طريق الدبلوماسية العامة، وبرامج التبادل المحلية والدولية، وتدريب العاملين في السلك الخارجي( الدبلوماسي).
    - تشجيع الحرية، والأسواق الحرة، عبر برامج تروج لقضايا المرأة.
    - إنشاء تحالفات مع الحكومات الأخرى، والمؤسسات الدولية، والمنظمات غير الحكومية المحلية والخارجية، والقطاع الخاص؛ لصيانة هذه المصالح.
    وتعدد بعض إنجازاتهم فتقول: "وقد كان بعض أهم ما قمنا به حتى الآن دورنا القيادي في قضايا المرأة الأفغانية البالغة الأهمية، والتي تحظى باهتمام واسع عن طريق العمل مع الحكومة الأفغانية، وإنشاء المجلس النسائي الأمريكي - الأفغاني. وعلاوة على ذلك؛ زودنا المشرعين الأمريكيين بمعلومات حيوية - تقريرنا الشامل للكونغرس - عن دعم الولايات المتحدة للنساء والأطفال واللاجئين الأفغان"[4].

    بجانب هذه المؤتمرات التي تخصصت في قضايا المرأة فقد عقدت الأمم المتحدة مؤتمرات خاصة بالسكان، غير أنها ناقشت بعض القضايا المتعلقة بالمرأة، وبالعقد الأممي الخاص بها، وهي:-


    • "19-30 أغسطس 1974م: المؤتمر العالمي الأول للسكان ببخارست – رومانيا، وقد اعتمدت في هذا المؤتمر خطة عمل عالمية، جاء فيها:-

    - الدعوة إلى تحسين دور المرأة ودمجها الكامل في المجتمع.
    - الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل.
    - الدعوة إلى تحديد النسل، وتخفيض المرأة لمستوى خصوبتها.

    • 6-14 أغسطس 1984م: المؤتمر الدولي المعني بالسكان في مكسيكو سيتي - المكسيك، وقد جاء في هذا المؤتمر:

    - الدعوة إلى إعطاء المرأة حقوقها المساوية لحقوق الرجل في جميع مجالات الحياة.
    - الدعوة إلى رفع سن الزواج، وتشجيع التأخر في الإنجاب.
    - إشراك الأب في الأعباء المنزلية، وإشراك المرأة في المسؤولية على الأسرة!
    - الإقرار بالأشكال المختلفة والمتعددة للأسرة[5].
    - الدعوة إلى التثقيف الجنسي للمراهقين والمراهقات.
    - الإقرار بالعلاقات الجنسية خارج نطاق الأسرة.
    - تقديم الدعم للزناة والزواني، بتقديم الدعم المالي، وتوفير السكن المناسب لهم!

    ويبدو أن المؤتمرين لم يسمعوا بالملايين من اللاجئين والنازحين والمشردين والمرضى المعوزين ومن هم تحت خط الفقر، لذا لم يجدوا حرجاً في إحداث مصرف لدولارات المنظمات الدولية، فجعلوها في جيوب الساقطين والساقطات، الذين لا يستحقون غير الضرب، والرجم؛ دون رأفة، بعد أن كفلوا لهم من التشريعات ما يجعلهم في عداد الآدميين، الذين تصح لهم الصدقات!


    ثم عقد في:

    • 5-13 سبتمبر 1994م: المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، في القاهرة - بمصر. وقد نوقشت في هذا المؤتمر قضايا شبيهة تماماً بالقضايا التي سبق ذكرها في المؤتمر الرابع للمرأة ببكين، الذي عقد بعده بعام.

    كما عقدت مؤتمرات أخرى للأمم المتحدة نوقشت فيها بعض قضايا المرأة، ومنها:

    • 1990م: المؤتمر العالمي لتوفير التعليم للجميع في جومتيان-تايلند، والذي تم فيه الإعلان العالمي لتوفير التعليم للجميع، وأشار هذا المؤتمر إلى أن هناك 60 مليون بنت (من بين 100مليون) محرومة من التعليم الابتدائي. كما أن ما يزيد على ثلثي الأميين بين البالغين في العالم (وعددهم 960 مليون) من النساء، وهن من سكان الدول النامية، لاسيما في أفريقيا، وبعض الدول العربية.

    • 1990م: مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل في نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أكد على ما ورد في اتفاقية حقوق الطفل، والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989م، ومن ذلك: حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين، والدعوة إلى سلب ولاية الآباء على الأبناء، وذلك من خلال الدعوة إلى تمكين الطفل من الحصول على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية، ولاسيما تلك التي تستهدف تعزيز رفاهيته الاجتماعية، والروحية، والمعنوية، وصحته الجسدية والعقلية. كما أكد المؤتمر على أهمية حضانة الطفل لتيسير عمل المرأة.


    • 1992م: المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية في ريودي جانيرو- البرازيل، والذي دعي فيه إلى:

    - حقوق النساء في التحكم في قدرتهن على الإنجاب.
    - تحديد النسل.
    - إنشاء مرافق صحية وقائية وعلاجية لرعاية صحية تناسلية مأمونة وفعالة.
    - تحسين مركز النساء الاجتماعي والاقتصادي، ومن ذلك وضع استراتيجيات للقضاء على العقبات الدستورية، والقانونية، والإدارية، والثقافية، والسلوكية، والاجتماعية، والاقتصادية، التي تحول دون مساواة المرأة بالرجل.
    - مشاركة المرأة بصورة كاملة في التنمية المستدامة، وفي الحياة العامة.

    • 1993م: المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا - النمسا، أو ما يسمى إعلان وبرنامج عمل فينا، والذي حث على تمكين المرأة من التمتع الكامل- وعلى قدم المساواة - بجميع حقوق الإنسان السياسية، والاقتصادية، والقانونية، والاجتماعية، والثقافية، وغيرها من الحقوق، وأن يكون هذا الأمر أولوية من أولويات الحكومات والأمم المتحدة. كما طالب المؤتمرُ الأمم المتحدة بالتصديق العالمي من قبل جميع الدول على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بحلول عام 2000م.


    • 1993م: إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد النساء.


    • 1995م: مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في كوبنهاجن - الدنمرك، والذي اعترف فيه بأشكال الأسرة المختلفة، والدعوة إلى الإنصاف والمساواة بين المرأة والرجل؛ ومن ذلك إسقاط قوامة الرجل على المرأة داخل مؤسسة الأسرة، ودعوة الرجل لتحمل الأعباء المنزلية، ودعوة المرأة للخروج للمساهمة في سوق العمل، وكذلك إزالة القيود المفروضة على المرأة في وراثة الممتلكات.


    • 1996م: مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل الثاني ) في استنبول - تركيا، والذي دعا إلى كفالة مشاركة النساء - مشاركة تامة وعلى قدم المساواة مع الرجال - في الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. والالتزام بالمساواة بين الجنسين في تنمية المستوطنات البشرية، وبإدماج الاعتبارات المتعلقة بنوع الجنس [6] في التشريعات، والسياسات، والبرامج والمشاريع المتصلة بالمستوطنات البشرية، عن طريق التحليل الذي يراعي نوع الجنس.كما اعترف بالأشكال المختلفة للأسرة. ودعا المؤتمر إلى إجراء إصلاحات تشريعية وإدارية؛ من أجل الحصول الكامل - وعلى قدم المساواة - على الموارد الاقتصادية، بما في ذلك الميراث، والائتمان. وأكد على تنفيذ توصيات المؤتمر الرابع للمرأة في بكين 1995م.


    • 2000م: مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين، في نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تضمنت وثيقته التحضيرية ما يلي:

    - الدعوة إلى الحرية الجنسية والإباحية للمراهقين والمراهقات.
    - تشجيع جميع أنواع العلاقات الجنسية[7].
    - تهميش دور الزواج في بناء الأسرة.
    - إباحة الإجهاض.
    - تشجيع المرأة على رفض الأعمال المنزلية، بحجة أنها أعمال بغير أجر!
    - المطالبة بإنشاء محاكم أسرية لمحاكمة الأزواج الذين يغتصبون زوجاتهم!
    - إباحة الشذوذ الجنسي والدعوة إلى مراجعة ونقض القوانين التي تجرمه.
    - محاولة فرض مفهوم المساواة المطلقة في العمل، وحضانة الأطفال، والأعمال المنزلية، والحقوق، وغير ذلك.
    - المطالبة بإلغاء التحفظات التي أبدتها بعض الدول الإسلامية على وثيقة مؤتمر بكين 1995م.
    - وأهم هدف للمؤتمر هو: الوصول إلى صيغة نهائية ملزمة للدول بشأن القضايا المطروحة على أجندته، والتي صدرت بحقها توصيات ومقررات في المؤتمرات الدولية السابقة، تحت إشراف الأمم المتحدة.

    عقدت عدة مؤتمرات إقليمية لمتابعة توصيات مؤتمر بكين، والتمهيد للمؤتمر التنسيقي الدولي لمتابعة تطبيق قرارات المؤتمرات الدولية للمرأة، وقد عقدت عدة مؤتمرات إقليمية لتحقيق هذا الهدف:-

    • نوفمبر 1999م: مؤتمر تونس، لدول المغرب العربي.

    • نوفمبر 1999م: المؤتمر النسائي الأفريقي السادس في أديس أبابا- إثيوبيا، نظمه المركز الأفريقي التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية.


    • مارس 2000م: مؤتمر المرأة الخليجية في البحرين والذي نظمته جمعية فتاة البحرين تحت شعار (الفرص، والمعوقات، والأدوار المطلوبة).


    • مارس 2000م: بكين+5[8] في نيويورك- الولايات المتحدة، وقد أدخلت فيه بعض التعديلات على وثيقة مؤتمر بكين"[9].


    • 8-10يوليو 2004م: المنتدى الإقليمي العربي: دعوة للسلام في بيروت- لبنان، وقد نظمته المفوضية الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)[10] التابعة للأمم المتحدة، ودعت له أكثر من 400 امرأة عربية بين وزيرة، وبرلمانية، وعضوات في مجالس الشورى، وممثلات لجهات غير حكومية، بالإضافة لبعض الشخصيات الدولية التي من شأنها إثراء الحوار، والاتحادات المتخصصة، والمنظمات غير الحكومية التي تنتمي للجنة الاستشارية للإسكوا، والمانحين، ومراكز البحوث، والمتخصصين في قضايا المرأة، وقد نظمت فيه أربع سمنارات:

    - سمنار للبرلمانيات لمناقشة دور المرأة في التشريع والحياة السياسية.
    - سمنار للوزيرات والتنفيذيات لمناقشة دور المرأة في الحياة العامة.
    - سمنار للمفكرات والإعلاميات لمناقشة دور المرأة في التعليم والإعلام.
    - سمنار لممثلي المنظمات المدنية بما فيها الاتحادات والروابط والأحزاب السياسية لمناقشة دور المرأة السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المجتمع المدني.
    وقد ضمنت توصيات هذه السمنارات ضمن مقررات إعلان بيروت[11].

    • أغسطس 2005م: بكين+10[12] للتضامن من أجل المساواة بين الجنسين، والتنمية، والسلام في بكين- الصين، والذي أمه ممثلون للحكومات، والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني. خرج المجتمعون بإعلان بكين + 10 الذي شدد على ضرورة الإسراع في تنفيذ إعلان بكين وبرنامج العمل المصاحب له، وإعلان الألفية، والأهداف التنموية للألفية، وسيداو[13].

    بعد كل هذا لعاقل أن يسأل: أحقٌّ ما يزعمه هؤلاء من أن الانتصاف للمرأة، وانتزاع حقوقها، ومحاربة العادات والتقاليد التي تجور عليها، هو الدافع وراء كل هذه المؤتمرات والندوات، وورش العمل والسمنارات، والمنظمات، والمفوضيات أم أن قضيتها مجرد (ساتر) لتحقيق مآرب أخرى؟

    ولم تتعامى هذه المؤتمرات عن النتائج الوبيلة لدعاوى التحرير في كثير من بلاد الله؟

    ولم تسعى لفرض نمط واحد على كل المجتمعات، رغم اختلاف مشكلات النساء فيها؟

    ولم لا تراعي الفروق الثقافية والدينية بين المجتمعات، في تحديد ما يعتبر ظلماً، وما يعتبر واجباً دينياً، ما دامت نساء ذلك المجتمع يدنَّ بذلك الدين؟

    ألا يعد فرض ثقافة واحدة على كل العالم إرهاباً حضارياً، وتمييزاً ثقافياً؟


    بإمكاننا أن نقول: إن كل مؤتمر من هذه المؤتمرات، وما يترتب عليه من مقررات ما هو إلا خطوات في طريق تغريب المجتمعات كافة، وحملها على تبني الثقافة الغربية في شتى مناحي الحياة بالترغيب تارة، وبالترهيب تارات. وهي بذلك غزو صريح يستهدف الدين والثقافة، وأقل ما يجب على المسلم والمسلمة تجاهه أن يعرفا ما يراد بهما، ويسعيا لصده بتوعية أبناء أمتهما ما استطاعا إلى ذلك سبيلا، وبث الثقافة الإسلامية في صفوف المجتمع ليستمسك بدينه على هدى وبصيرة فلا تصده عنه شبهة، وتربية الأجيال على الاستمساك بحبل الله فلا ترضى بالحياة إلا في ظل الإسلام.

    ـــــــــــــــ ــــــ
    [1] ينظر دستور الأمم المتحدة، على الرابط:
    http:\\www.un.org\arabic\aboutun\charter\charter
    [2] اعتمد هذا الإعلان ونشر بقرار الجمعية العامة 217 أ (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ ديسمبر 1948م. انظر: لمحمد الزحيلي، حقوق الإنسان في الإسلام 393.
    [3] CEDAW وهي مأخوذة من تجميع الحروف الأولى لـConvention on Elimination of All forms of Discrimination Against Women.[4] د. فؤاد بن عبد الكريم آل عبد الكريم: المرأة المسلمة بين موضات التغيير وموجات التغرير، ص16-17 بتصرف، وقد نقل عن الشبكة العنكبوتية، موقع وزارة الخارجية-مكتب برامج الإعلام الخارجي، على الرابط http://usinfo.state.gov/arabic/wfsub.htm.
    [5] بعبارة أكثر وضوحاً: من الممكن أن تتكون الأسرة من رجل وامرأة (أسرة تقليدية كما يسميها كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة)، أو من رجلين، أو من امرأتين (طبعاً يمكن أن تسمى الأسرة التقدمية أو العصرية كما يفهم من تعبير المسئول الأممي).
    [6] Gender كانت حتى منتصف القرن الميلادي الماضي مرادف للفظةsex والتي تعني جنس أو نوع، إلا أن الواقع الجديد الذي أفلحت أن تفرضه الجمعيات النسوية ودعاة الحقوق المدنية اضطر الأكاديميين لاسيما الباحثين في القضايا الاجتماعية والثقافية إلى التفرقة بين اللفظين، ثم صارت الحركة النسوية تدعو لتجاهل كلمة sex والاقتصار على gender لأنه لا داعي للتمييز بين الجنسين! ثم دخلت كلمة جندر المعجم الإعلامي العربي وابتدعت لها اشتقاقات مثل الجندرة، ويجندر..الخ. حسب الدراسة التي نشرتها الأكاديمية القومية الأمريكية في أبريل 2001م، sex: قاسم ثنائي على أساس الفروق العضوية، فالمرء إما ذكر أو أنثى. Gender: نوع مستمر التغير تؤثر فيه التنشئة الاجتماعية، فالمرء قد تكون فيه ذكورة عارمة، أو أنوثة خالصة، وقد يكون مزيجاً منهما.
    [7] ابتدعوا اسماً جديداً للداعرات وهو: عاملات الجنس!
    [8] هذا رمز مصلح عليه لمثل هذه المؤتمرات.
    [9] د. فؤاد بن عبد الكريم العبد الكريم: ورقة عمل بعنوان: العولمة الاجتماعية للمرأة والأسرة، بتصرف.
    [10] United Nations Economic and Social Commission for Western Asia)UNESCWA)
    [11] ملخص خبر بعنوان النساء العربيات يدعون للسلام في مؤتمر بكين+10 الإقليمي ببيروت منشور بموقع الأمم المتحدة الالكتروني، وهو موجود على الرابط:
    http://www.un.org/News/Press/docs/2004/rec169.doc.htm
    [12] هذا رمز مصلح عليه لمثل هذه المؤتمرات.
    [13] لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع لموقع رابطة المرأة الدولية للسلام والحرية، والموضوعات المتعلقة بإعلان بكين على الرابط: http://www.peacewomen.org/un/Beijing...ng10index.html
    ______________________________ ______________
    الكاتب: أسماء عبدالرازق












    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,491

    افتراضي رد: وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة


    وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة
    أسماء عبدالرازق

    (2) هل تقتضي المساواة العدل


    هل تقتضي المساواة العدل؟
    قامت دعوة مناهضة التمييز بين الجنسين باعتبار أن الإخلال بالمساواة التامة بين النساء والرجال ظلم للمرأة، وكل ما يمكن اعتباره امتيازاً يناله الرجل هو بالضرورة امتهان للمرأة، وحط من قيمتها، وتمييز يجب التصدي له؛ وهذا ما لا يسلم به نظار الشريعة.

    "أخطأ على الإسلام من قال: إن الدين الإسلامي دين المساواة. بل دين الإسلام دين العدل، وهو الجمع بين المتساويين، والتفريق بين المتفرقين، ومن أراد بالمساواة العدل فقد أصاب في المعنى وأخطأ في اللفظ. ولهذا كان أكثر ما جاء في القرآن نفي المساواة {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} [الزمر:9]، {هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور} [الرعد:16]، {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا} [الحديد: 10]، {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} [النساء:95]، ولم يأت حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبداً، إنما يأمر بالعدل"[1].


    فالإسلام يساوي بين المتساويين فـ"لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى"[2]، ويساوي بين ما بينهما اختلاف في الجملة لكن استويا في مواضع في محل التساوي بينهما، كما سوى بين الرجل والمرأة في ثواب العمل الصالح المشترك بينهما، كقراءة القرآن مثلاً، قال الله تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل: 97]، وبالمقابل يفرق الإسلام بين ما بينهما شبه في الجملة واختلاف في أمور في محل الاختلاف، كالتفريق بين الذكر والأنثى في كثير من التكاليف كالجهاد والإمامة الكبرى ونحوهما.


    قال ابن القيم رحمه الله: "وأحكام الله الأمرية الشرعية كلها هكذا، تجدها مشتملة على التسوية بين المتماثلين وإلحاق النظير بنظيره، واعتبار الشيء بمثله، والتفريق بين المختلفين، وعدم تسوية أحدهما بالآخر"[3].


    "وقد فطر الله سبحانه عباده على أن حكم النظير حكم نظيره، وحكم الشيء حكم مثله، وعلى إنكار التفريق بين المتماثلين، وعلى إنكار الجمع بين المختلفين، والعقل والميزان الذي أنزله الله سبحانه شرعاً وقدراً يأبى ذلك... وشرع الله، وقدره، ووحيه، وثوابه، وعقابه كله قائم بهذا الأصل؛ وهو إلحاق النظير بالنظير واعتبار المثل بالمثل"[4].


    وبالمقابل مهما وجدت شيئين مختلفين سَوَّت الشريعة بينهما في حكم من الأحكام وجدت المتعلق والمعتبر الذي أنيط به ذلك الحكم مستوياً في ذينك المختلفين، فيكون حكم الشريعة حينها من قبيل التسوية بين المختلفين في محل التساوي.


    قال ابن القيم رحمه الله: "وما امتازت صورة من تلك الصور بحكمها دون الصورة الأخرى إلا لمعنى قام بها أوجب اختصاصها بذلك الحكم، ولا اشتركت صورتان في حكم لاشتراكهما في المعنى المقتضى لذلك الحكم، ولا يضر افتراقهما في غيره كما لا ينفع اشتراك المختلفين في معنى لا يوجب الحكم، فالاعتبار في الجمع والفرق إنما هو بالمعاني التي لأجلها شرعت تلك الأحكام وجوداً وعدماً"[5].


    "وأما التسوية بينهما فى الحكم مع افتراقهما فيما يوجب الحكم ويمنعه، فهذا قياس فاسد، والشرع دائماً يبطل القياس الفاسد"[6]، فإذا نُزِّل هذا القياس الفاسد في الأحكام بين الناس كان ظلماً، وهذا مما ينزه رب العزة تبارك وتعالى عنه، قال شيخ الإسلام: "فقوله تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} [القلم: 35]، وقوله تعالى: {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} [ص: 28]، وقوله: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} [الجاثية: 21]، إلى غير ذلك يدل على أن التسوية بين هذين المختلفين من الحكم السيء الذي ينزه عنه، وأن ذلك منكر لا يجوز نسبته إلى الله تعالى، وأن من جوز ذلك فقد جوز منكراً لا يصلح أن يضاف إلى الله تعالى؛ فإن قوله: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} استفهام إنكار، فعلم أن جعل هؤلاء مثل هؤلاء منكر لا يجوز أن يُظن بالله أنه يفعله، فلو كان هذا وضده بالنسبة إليه سواء جاز أن يفعل هذا وهذا. وقوله: {ساء ما يحكمون} [الأنعام: 136] دل على أن هذا حكم سيء والحكم السيء هو الظلم الذي لا يجوز، فعلم أن الله تعالى منزه عن هذا. ومن قال إنه يسوي بين المختلفين فقد نسب إليه الحكم السيء، وكذلك تفضيل أحد المتماثلين. بل التسوية بين المتماثلين، والتفضيل بين المختلفين هو من العدل والحكم الحسن الذي يوصف به الرب سبحانه وتعالى، والظلم وضع الشيء في غير موضعه. فإذا جعل النور كالظلمة، والمحسن كالمسيء، والمسلم كالمجرم، كان هذا ظلماً وحكماً سيئاً يقدس وينزه عنه سبحانه وتعالى"[7].


    من نتائج المساواة:

    في أواخر القرن التاسع عشر ظهرت حركات التحرير النسائية في أوروبا وأمريكا ولم تكتف بالمطالبة برفع الظلم الواقع على المرأة بل طالبت بالمساواة الكاملة مع الرجل والاستقلال بشأن معاشها، وبعد طول كفاح وشغب سُنت القوانين والتشريعات التي ترمي للمساواة التامة بين الرجل والمرأة، ومما ساعد على ذلك النظام الرأسمالي الذي يمجد الحرية الفردية العارية من كل شرط أو قيد.

    فكانت ثمرة الكفاح والتحرير فظلم من نوع جديد!

    لقد تخلصت المرأة الغربية من قبضة الحرمان لتقع في هوة الانفلات.

    وها هي اليوم إما "بنت تتقاذفها أيدي الذئاب البشرية، أو زوجة كادحة لا تكاد تأوي إلى بيتها إلا كالّة مرهقة لتشارك الرجل حتى في دفع أقساط السيارة والبيت وإلا فلا قيمة لها، أو أم يقذفها أولادها في النهاية في إحدى دور الرعاية الاجتماعية"[8].

    إن الأضرار الصحية، والخلقية، والنفسية، والاجتماعية، والأسرية التي لحقت بالمجتمعات المتحررة[9] كثيرة لا يكاد يخفى أمرها على أحد، والشبكة العنكبوتية تطفح بمواقع المؤسسات الأكاديمية، ومراكز الدراسات والبحوث، والمؤسسات العدلية التي تبين حجم المشكلات التي تصبحهم وتمسيهم.


    بل تطفح بمواقع المنظمات الغربية المضادة لمنظمات الحركات النسوية والتي أصبحت تعرف بـ"Antifeminism "، فقد أدرك بعض العقلاء آثار المساواة، وعلموا أن تكليف المرأة بواجبات الرجل هو الظلم العظيم الذي ينبغي أن يرفع عن المرأة.

    ـــــــــــــــ ـــــــ
    [1] ابن عثيمين: شرح العقيدة الواسطية، 189، بتصرف يسير.
    [2] مسند أحمد: 5/411(23536)، الألباني: السلسلة الصحيحة، 6/203 (2700).
    [3] ابن القيم: إعلام الموقعين،1/195، بتصرف يسر.
    [4] ابن القيم: المصدر السابق،1/196، باختصار وتصرف يسير، وينظر كذلك في هذه المعاني زاد المعاد 4/269.
    [5] ابن القيم: إعلام الموقعين، 2/75.
    [6] ابن تيمية: الفتاوى 20/539.
    [7] ابن تيمية: منهاج السنة النبوية 5/106-107، بتصرف يسير، وينظر في نفس المعنى كلام ابن القيم في مفتاح دار السعادة 2/11-12.
    [8] د. زيد بن محمد الرماني: المرأة المسلمة بين الغزو والتغريب، ص16.
    [9] سواء الغربية أو العربية، والتناسب طردي بين الضنك والشقاء، والإعراض عن دين الله تعالى.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,491

    افتراضي رد: وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة

    وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة
    أسماء عبدالرازق


    هل تدفع المساواة المطلقة مع الرجل الظلم عن المرأة (2)




    شهادة امرأة غربية:
    قد تعكس الإحصاءات حجم المشكلة التي وقعت فيها المرأة الغربية بسبب مساواتها بمن لا يشبهها، وتكليفها بأعبائه، وتكليفه بأعبائها، لكنها لا تبين فداحة الخسارة التي تشعر بها نساء تلك المجتمعات، لذا لابد من الاهتمام بتقييم عقلائهن للواقع الذي يعشنه، وحقيقة الثمرة التي قطفنها.

    ودعيني أنقل إليك أخت الإسلام كلام امرأة غربية؛ ممرضة بريطانية ولدت عام 1959م. عاشت طفولتها وصباها في مدينة صغيرة جنوب انجلترا تدعى (قوسبورت) كان أهلها محافظون إلى حد كبير، ثم انتقلت إلى لندن لإكمال الدراسة وعملت فيها.


    قدر لهذه المرأة عام 1978م زيارة إحدى الدول العربية المحافظة في ذلك الزمان، وقدر لها أن تتعامل مع بعض المسلمات المتدينات اللاتي لا يخالطن الرجال، ولا يبدين من أجسادهن شيئاً عندما يخرجن. لقد كانت تعتقد جازمة أنهن متخلفات بلا ريب، وأنهن من مخلفات العصور المظلمة بلا شك.

    ثم قدر لها النزول عند عائلة مكونة من زوج وزوجة وستة أطفال، فكان مما أعجبها أدب الأبناء واحترامهم لأمهم، مع ما لحظته من عفة المرأة وكرمها، وذكرت مواقف لها تنم عن هذا. ثم علمت الممرضة أن مضيفتها ليست مجرد لبقة مثقفة، بل تحمل شهادات عليا في الفيزياء.


    وبعد مدة عرضت عليها أن تذهب معها إلى السوق فوافقت، فما لثبت المضيفة أن جاءت، وهنا عقدت الدهشة لسان صاحبتنا، فقد جاءت المضيفة وقد ارتدت نفس تلك الثياب التي كانت صاحبتنا تظنها من مخلفات العصور الوسطى! وهنا بدأت تلك النظرة السطحية تتغير...

    بعد نهاية تلك الزيارة القصيرة للبلد أحست الزائرة بالفرق الهائل بين واقع المرأة في الإمبراطورية العظمى، وواقعها في ذلك البلد العربي، لقد أدركت الفرق بين قيمة المرأة في المجتمع الذي يعد تحرير المرأة من أعظم إنجازاته، وقيمتها في ما يسميه الإنجليز بالمجتمعات البربرية حال كونها أُمّاً موقرة، أو زوجاً مصونة، أو أختاً محترمة. كما عرفت الفرق بين مكانة المرأة في دين الإسلام، ومكانتها في الجاهليات المعاصرة المختلفة على اختلاف مسمياتها، فما كان منها إلا أن بحثت عن نسخة من ترجمة معاني القرآن وقرأتها في ليلة واحدة من الدفة إلى الدفة، ثم قررت أن تدين بالإسلام وذكرت أنها لم تندم أبداً على هذا القرار كما تكرر دائماً، بل تركت عملها الذي يلزمها بترك الحجاب وتفرغت للدعوة إلى الدين الحق، وتسمت سمية.. سمية جيمس.


    عملت سمية في منظمة فيرنون الإسلامية، وترأست الحركة الإسلامية في ساوثامبتون 1992-1996م، مثلت بعض المنظمات في عدد من المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة، وشاركت في مؤتمر بكين سنة 1995م.

    وإليك الآن موضع العبرة من حديثها، تقول سمية جيمس: "صحيح أننا تخلصنا من كثير من العادات السيئة، إلا أننا فقدنا كثيراً من القيم العالية. صارت العلاقات الجنسية قبل الزواج هي الوضع الطبيعي في المجتمع، الزنا في ازدياد، أما التعفف فهو أمر مثير للسخرية"!


    وأستأذن القارئة هنا للخروج عن نص كلامها قليلاً بتنبيه لابد منه: إن ما تقوله سمية هنا ليس مجرد كناية عن انتشار الفساد بل هو حقيقة واقعة. أؤكد هذا بما ساقه الدكتور ليونارد ساكس[1] في بعض كتبه من قصة فتاة في الصف الثالث المتوسط شهدت حفلاً نظمه زملاؤها وزميلاتها، اضطرت فيه أن تستجيب لأحد الفتيان المخمورين رغم بغضها له وخوفها الشديد من التجربة لئلا يتندر بها الحاضرون إن اكتشفوا أنها لا تزال غرة! يقول ساكس معلقاً في آخرها: "الإحصاءات والدراسات تبين أن أحد الأسباب الرئيسة لممارسة الفتيات الجنس في سنوات المراهقة الأولى هو الخوف من العزلة وسخرية الزملاء والزميلات"[2].


    ولنعد الآن لما تقوله سمية، قالت: "كلنا يرى بوضح نتائج التنازل عن القيم: النِسب العالية للأمهات غير المتزوجات، معدلات الطلاق، معدلات الإجهاض، وقبول المجتمع التدريجي للوطيين والمساحقات، وانتشار الإيدز.


    إن الضرر الأعظم يقع على البنات والنساء، فهن اللاتي يحملن، وهن اللاتي يجهضن، وهن اللاتي يربين الأولاد وينفقن عليهم في ظل دخول متدنية"!.

    وهنا أجدني –أيتها القارئة الكريمة- محتاجة لتكرار المقاطعة فأستميحك عذراً فيها فلتتجملي، أما الضرر الأول الذي أشارت إليها سمية، فليس أبلغ من وصف القرآن: {حملته أمه وهنا على وهن}[لقمان: 14]، والمرأة تحتاج خلاله وبعده - كما هو معروف طبياً- لكثير من الرعاية البدنية والعون النفسي، فكيف بمن تفقد كل ذلك إضافة لشعورها بالإثم حتى ولو لم تكن تدين بدين يحرم الزنا؟

    وأما عبء تربية الأولاد والثمرة المرة للاستقلال الاقتصادي فيكفي لبيان خطره تصور موت الأب، ونشأة اليتم. فإن الاستقلال الاقتصادي للمرأة ومناهضة التبعية للرجل -ونحو ذلك مما تنعق به تلك المجتمعات- يقضي بتخلص الرجال من عبء الإنفاق على النساء، ثم المرأة مخيرة بين الإنفاق على الأولاد، أو الإجهاض ما دامت غير متزوجة، أما تدني دخول النساء فغالباً لأنهن يكن في بداية حياتهن، مع وجود أسباب أخرى يطول المقام بذكرها.


    والآن عوداً إلى سمية إذ تقول: "ربما نالت النساء مزيداً من الحقوق والاستقلال الاقتصادي، أما اجتماعياً فكثير من النساء يعانين أشد المعاناة. وعليّ أن أقول - كذلك -: إن النساء بدأن يتعمدن أن يربين الطفل دون مساعدة من أبيه، بل يقصين الأب تماماً من حياة طفله فيتعرض الرجال بدورهم لنوع من الضرر.


    الإنسان مجبول على الرغبة في رفيق يسكن إليه، ويقيم معه أسرة، ولا يوجد نظام محدد [في المجتمع الغربي] يمكن المرء من ذلك....في سنوات المراهقة الأولى كان الفوز بالفتى المناسب هو الشغل الشاغل لي ولكل الفتيات في مثل سني. وفي سبيل ذلك أهدرنا كثيراً من الأموال والأوقات: شراء أحدث الأزياء، الملابس الجذابة، أدوات التجميل، العطور، أدوات تزيين الشعر، والحرص على القوام الرشيق لتكون الواحدة منا أكثر إثارة للانتباه. كنا نكثر من ارتياد الأماكن التي يرتادها الشباب بحثاً عن السيد المناسب 'Mr. Right' ؛ صالات الديسكو، الحفلات، الحانات، أماكن اللقاءات التي تعزف فيها الموسيقى الصاخبة، وتقدم فيها الخمور، وترقص فيها الفتيات سوياً، بينما يتفرج الشباب ثم يحددوا أكثرهن جاذبية وإثارة. وفي أوائل العشرينات من أعمارنا مللنا ذلك وصرنا نسمي تلك الأماكن: أسواق الماشية.


    قد يبدو الأمر ممتعاً للمراهقات، لكنها لعبة خطيرة لاسيما للفتيات الصغيرات. قليل من الفتيات يعثرن على السيد المطلوب[3]، أما الأكثرية فتصدق عليهن الحالة المروية: (عليكِ تقبيل الكثير من الضفادع قبل أن تعثري على الأمير)[4]، وتقبيل الضفادع هذا هو الذي يوردهن الموارد.... بالرغم من أن القانون البريطاني يمنع الفتيات من العلاقات الجنسية دون سن السادسة عشر[5]، إلا أن كثيراً من الفتيات الصغيرات يدخلن ساحة المقامرة بحثاً عن شريك بسبب بلوغهن المبكر[6]، والنتيجة الطبيعية هي ظاهرة حمل المراهقات وطالبات المدارس. ولما كنت ممرضة كنت أرى كثيراً من الفتيات دون الرابعة عشرة يأتين ليجهضن حملهن.


    كذلك يجب ألا نتجاهل التوتر العاطفي. لما كنت أدرس التمريض كنت أسكن مع عشرة زميلات، ثلاث منهن كن لي صديقات وقد تناولن جميعاً جرعة زائدة من المخدرات بسبب ما يشعرن به من توتر بعد أن هجرهن أخدانهن[7]. ولما كنت أعمل في الوحدة النفسية كنت مسئولة عن رعاية عدد من الفتيات المصابات بالانهيار النفسي لذات السبب...

    أحياناً يتسبب تراكم مثل هذه المواقف في تعمد القسوة عند التعامل مع الجنس الآخر. بعض النساء صرن يفعلن بالرجال مثلما يفعلون بهن؛ تتعامل المرأة مع أحد الشباب حتى إذا ما استوثقت من تعلقه بها تركته ولم تلتفت إليه.


    قابلت بعض النساء المساحقات اللائي يبغضن الرجال ولا يتعاملن معهم بسبب بعض التجارب السيئة التي تعرضن لها. كانت إحدى جاراتي من هذا النوع، وكانت تسكن هي وابنتها السداسية مع امرأة أخرى. قالت لي ذات مرة أنها صارت تساحق بعدما ضربها زوجها ووالد ابنتها في بطنها وهي حامل في شهرها السابع حتى سبب لها تمزقاً في الرحم، وأن ابنتها نجت من الموت بأعجوبة، أما هي فلن تستطع الإنجاب مرة أخرى"[8].


    يحدث كل هذا للشابة التي قد تستغني عمن حولها فتعمل لتطعم وتكتسي، وقد (تبرمج) نفسها على استبدال عشيق بعشيق، ورفيق برفيق، أو حتى عشيق بعشيقة؛ أما من خطت نحو الشيخوخة فلن تجد أنيساً غير كلبها أو قطتها، ولا كفيلاً غير نظام الضمان الاجتماعي، حتى إذا ما أسنت واحتاجت لمن يخدمها ذهبت لدار المسنين، فإن لم تجد مكاناً انتظرت في أحد أقسام المسنين في المستشفى[9] حتى تموت أو يموت أحد نزلاء الدار. والمرأة نفسها قد تكون سبباً في هذه العاقبة، لأنها في شبابها رمت أبناءها في دور الحضانة لتتفرغ للعمل، وتحقق الاستقلال الاقتصادي عن الرجل، وربما تخلت عنهم كلياً لتربيهم الدولة في أحد دور الرعاية، هذا إن لم تقرر إسقاطهم، والقانون في بريطانيا يسمح بإسقاط الجنين حتى الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل، مع علمها بأن الطفل يمكن أن يعيش بعد الأسبوع السادس والعشرين إن وجد عناية مناسبة، بل إن الطفل قد يخرج حياً بعد عملية الإسقاط لكنه يموت بعد ذلك لأنه ببساطة يوضع مع بقية مخلفات العمليات لحرقها جميعاً في الجزء المخصص لذلك في المستشفى، والجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان.


    قالت سمية جيمس: "كثيراً ما يعثر على جثة أحد المسنين في بيته بعد موته بأيام، وربما أسابيع. وقد كانت هناك امرأة تحب تربية القطط، وبعد عدة أسابيع من موتها عثر على نصف جثتها في بيتها بعدما ما أكلت قططها نصفها الآخر"[10].

    وبعد: لو لم تكن للمساواة بين الجنسين عاقبة سوى ما ذكر لكفى بذلك شقاء. ولو عذرنا المرأة الغربية المسكينة لأنها ما طالبت بالمساواة إلا فراراً من الاضطهاد، فما بال المسلمة التي تغتر بمثل هذه الدعاوى؟

    وإذا سلمنا بأن بعض المجتمعات المسلمة قد تسلب المرأة بعض حقوقها –وهو كذلك- لأنها لم تلتزم بشريعة الله، أفيحل المشكلة استبدالها بمشكلة أخرى أعظم خطراً، وأشد ضرراً؟

    ما بال بنت الإسلام تخلِّف شريعة ربها وراءها ظِهريَّا، ثم تتلقف مقررات مؤتمرات الساقطين والفاسقين والشواذ وتدعو لتطبيقها في بلاد المسلمين؟

    أنى للمسلمة المصونة أن ترضى لنفسها بتقليد الغربية المبتذلة، فتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟

    لاشك أن التي تغتر بزخرف الحضارة الغربية وبهرجها، وتصدق الدعاية الموجهة التي تبثها وسائل الإعلام لا تعرف شيئاً عن حقيقة ما جنته المرأة الغربية من دعوات التحرير والمساواة والاستقلال بشأن المعاش.


    تقول سمية جيمس إنها لما زارت إحدى الدول العربية، التقت بأربع أخوات، ثلاث منهن محتجبات والرابعة حاسرة فسألتها: ما بالك غير محتجبة كأخواتك؟

    فأجابت: أريد أن أكون مثلك حرة أفعل ما أشاء، أذهب حيث أريد، وأشهد الحفلات. أخواتي متخلفات.

    تقول: حدقت في وجهها وقلت في نفسي: لابد أنها تظن أن حياتي حفلة طويلة، إنها لا تعرف حقيقة حياة المرأة الغربية؛ الألم، المشكلات، المكافحة من أجل الحياة...

    قلت لها: بل أنا التي تتمنى أن تكون مثلكن[11].

    وأخيراً أختي المسلمة:

    أعيذها نظرات منك صادقة أن تحسبي الشحم فيمن شحمه ورم
    وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظُلَـــم


    ـــــــــــــــ ـــــــــ

    [1] شخصية أكاديمية أمريكية نشطة، أنشأ منظمة هدفها فصل الجنسين في العملية التعليمة، وكان لجهودها أثر في حمل الحكومة الأمريكية على دعم مؤسسات التعليم غير المختلط، ملغية بذلك قانوناً سابق يحظر على الدولة مساعدتها بدعوى كونها مؤسسات عنصرية.
    [2] عن كتابه:Why Gender Matters? p.125
    [3] وتقول في موضع آخر الزواج ليس نهاية المطاف، فمعدلات الطلاق عالية جداً، وهذا يعني أن هؤلاء المحظوظات قد يجدن أنفسهن مرة أخرى مضطرات للعب الدور السابق، وقد لا يكون لهذا المسلسل من نهاية.
    [4] إشارة إلى القصة الخيالية المعروفة في التراث الإنجليزي –ولعجائز الإنجليز خرافاتهن- يُزعم فيها أن أميراً سُحر ومُسخ ضفدعاً، وكان شفاؤه الوحيد أن تشفق عليه أميرة وتقبله، فكان يطارد إحدى الأميرات ويتوسل إليها لتقبله وبعد محاولات كثيرة قبلته فتحول إلى أمير وسيم أحبها وأحبته ثم تزوجا وعاشا سعيدين.
    [5] طبعا ليس من مهام الشرطة هناك إيقاف كل مراهق ومراهقة للتأكد من بلوغهما العمر القانوني لارتكاب الموبقات، ولكن يبدو أن الغرض من القانون هو إرضاء ضمير الحكومة، وإن كانت تجارب المراهقين من الجنسين تبدأ في مدارسها المختلطة الابتدائية والمتوسطة حتى يسمح لهم بارتياد الحانات والمراقص.
    [6] في موضع آخر من الكتاب تشير إلى أنها أخبرت في بداية مراهقتها إلى أن اتخاذ الأخدان والصواحب دليل على نضج الفتاة والفتى. ثم تقول: ومما لاشك فيه أن الإعلام لعب دوراً مهماً في الترويج لهذا السلوك، فدور البطولة في الأفلام والروايات والمسلسلات محجوز في الغالب لفتى وفتاة، والنهاية دائماً لقاؤهما وحياتهما معاً في سعادة وهناء.
    [7] ثم ذكرت قصة ممرضة تسمى كارن كانت تقيم في ذات المسكن نامت يومين كاملين بتأثير جرعة عالية من الحبوب المنومة بعد تكرار مفارقة أخدانها لها رغم طيبتها ولطفها وكرمها، ورغم ما كانت تبذله لهم من هدايا غالية. ثم تعلق: قصة كارن ليست بالغريبة بل هي أمر مألوف في سن الشباب وكارن من المحظوظات لأنها في النهاية تزوجت، وقد فرحت لها لأنها أخيراً وجدت من يرعاها!
    [8] Summayya James: My Journey To Islam, English woman's story, p.20-29.
    [9] السابق 39.

    [10] السابق 41-42.
    [11] السابق 60-61.








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,491

    افتراضي رد: وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة

    وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة
    أسماء عبدالرازق

    (4) التمييز بين الرجال والنساء



    يعرف التمييز –بين الرجال والنساء- في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو[1]) بأنه: "أي تفرقة، أو استبعاد، أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين، أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين، أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية، وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل"[2]. ثم فصلت الاتفاقية في كيفية التسوية بين الجنسين في الميادين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والصحية. والملاحظ أن هذه الاتفاقية خالفت الشرع في أمور عدة منها[3]:

    الاتفاقية قائمة على المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والقانونية وغيرها. وهذا مبدأ تأباه الشريعة، وترفضه الفطرة السليمة، لأن الله تعالى يقول:{وليس الذكر كالأنثى}، [آل عمران:36]. والمساواة بين المختلفين في مواضع الاختلاف ظلم لأحد الطرفين، والتمييز الإيجابي بين الرجل والمرأة الذي ينتهجه الإسلام يحفظ حقوق الأفراد، ويراعي مصلحة المجتمع.


    الاتفاقية تجللها روح الرأسمالية التي لا تنظر إلا إلى الفرد، ولا تعبأ إلا بحاجاته المادية، وذلك واضح في اعتبار المرأة كياناً مستقلاً، لا ركناً في الأسرة ولبنة في المجتمع.


    الاتفاقية تطالب بـ"تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة"[4].

    وليس المقصود بالأدوار النمطية انصراف المرأة لرعاية الأبناء وتفرغ الرجل لكسب المعاش وحسب، بل فيه دعوة مبطنة لرفع الحرج عن الشذاذ والشاذات، واعتبار ذلك الفجور نوع من أنواع الزواج المعترف به قانونياً على الأقل.


    تدعو الاتفاقية للمساواة التامة بين الرجل والمرأة في التمثيل الحكومي الدولي، والاشتراك في أعمال المنظمات الدولية.[5] وكما هو معلوم فتمثيل الحكومات نوع من الولاية العامة التي خص بها الرجل في الإسلام.

    تدعو الاتفاقية للتساوي في المناهج الدراسية، وفى الامتحانات، وفى نوعية المرافق والمعدات الدراسية، ولتشجيع التعليم المختلط[6]، وقد أثبت العلم الحديث أن الفروقات بين الجنسين، ليست مجرد فروق عضوية بل هي أبعد من ذلك بكثير. فاختلاف الجنسين يؤثر في تركيب العقول وآلية عملها، وذلك ينعكس بطبيعة الحال على طريقة التعلم والتفكير ونوعية الخطاب المناسب لكل جنس في مراحله العمرية المختلفة([7]) .

    بالإضافة إلى أن الاختلاط بين الرجال والنساء آفة وبلية حذر منها الشرع المطهر وحرص السابقون الأولون إلى الإسلام -رضوان الله عليهم- على التحرز منها.

    فكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أعلم نساء هذه الأمة تتحرج من ذلك في أطهر البقاع، ففي البخاري: "قال ابن جريج أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال قال كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال! قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب. قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن. كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة[8] من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين قالت انطلقي عنك وأبت.."[9].

    هذا كما أن مخالفات الاشتراك في الأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية([10]) ظاهرة المخالفة.


    والخلاصة: هي أن الاتفاقية تدعو لرفض كافة أنواع التمييز، بينما التمييز بين المرأة والرجل في الإسلام نوعان:

    تمييز بينهما فيما استويا فيه كعموم العبادات من حيث الجملة، وكالجزاء والثواب على العمل، وكجواز التصرف في ملكها ونحو ذلك، فهذا تمييز يمقته الإسلام ولا يرضاه، وهو من جملة الظلم الذي جاء الإسلام برفعه.

    وتمييز بينهما فيما لا يستويان فيه، كإلزام المرأة بالإنفاق على نفسها، والقوامة، والحجاب، وغيرها مما أملته طبيعتها التي جبلت عليها، وهو مقتضى العدل ولذا جاء الإسلام به.

    وبهذا كان الإسلام وسطاً بين الجاهلية القديمة الداعية لسلب المرأة حقوقها، والجاهلية الحديثة المبتذلة للمرأة والمتذرعة بإناطة أعباء الرجال بها.

    هذا ولا يخفى أن في الاتفاقية مخالفة للشريعة في غير ما ذكر، وإنما اقتصرت هنا على الأظهر الذي يخص المرأة.


    ـــــــــــــــ ــــــ
    [1] سيداوCEADAW مأخوذة من تجميع الحروف الأولى لـConvention on Elimination of All forms of Discrimination Against Women
    [2] الجزء الأول، المادة (1).
    [3] ينظر كتاب الأستاذة عواطف عبدالماجد، رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وللأستاذ محمد إبراهيم محمد اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة المعيار الفقهي.
    [4] سيداو: الجزء الأول، المادة (5).
    [5] سيداو: الجزء الثاني، المادة الثامنة.
    [6] سيداو: الجزء الثالث، المادة العاشرة.
    [7] وفي ذلك عدة دراسات وبحوث، يجد الباحث في موقع منظمة NASSPE بعضها ورابط موقعهم.
    [8] ممتنعة عن مخالطتهم، ناحية بعيدة عنهم.
    [9] صحيح البخاري 2/585 وغيره.
    [10] سيداو الجزء الثالث المادة العاشرة والثالثة عشر.












    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •