كثير من العلماء على أن الأولى على العامي أن يستفتي أو يقلد [في المسائل الفقهية] من يثق فيهم من علماء بلده لا العلماء من خارج بلده:
وهو قول الشيخ السعدي.
والشيخ العثيمين حيث قال: (فالعامي يجب عليه أن يقلد علماء بلده الذين يثق بهم، وقد ذكر هذا شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، وقال: العامة لا يمكن أن يقلدوا علماء من خارج بلدهم؛ لأن هذا يؤدي إلى الفوضى والنزاع).
وهو ما يفهم من مواقف الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ منعا من تشويش وبلبلة العامة.
وهو قول المجلس العلمي الأعلى الذي يمثل علماء المغرب كما في رده على.
وهو قول الشيخ خالد العروسي.
والشيخ عبد الكريم بن حمود التويجري.
والشبكة الإسلامية.
وما يظهر من موقع الإسلام سؤال وجواب حيث أتى بكلام للشيخ العثيمين مقرا له.

لاسيما في الأمور التي تعتمد على العرف أو تتطلب تفاصيل في الفتوى كقضايا الطلاق والمواريث وأمور المنازعات ومواقيت الصلاة والصيام والإفطار ونحو ذلك لاسيما أن العامة دائما في أي بلد إنما يمشون وراء علمائهم ويثقون فيهم وحل المنازعات يكون على يد علمائهم لاسيما في مسائل النكاح والطلاق والمواريث ونحوها مما اختار فيها ولي الأمر رأيا فقهيا من الأقوال السائغة العمل بها.


وفيما يلي نقول عما سبق:
لقاء الباب المفتوح (32/ 20، بترقيم الشاملة آليا)
حكم تقسيم الناس إلى درجات من جهة التلقي
السؤال
بعض أهل العلم يقسم الناس من حيث التلقي إلى ثلاث مراتب: مرتبة الاجتهاد وهم العلماء، ومرتبة الاتباع وهم طلبة العلم، ومرتبة التقليد وهم العوام، فما رأي فضيلتكم في هذه القسمة؟
الجواب
نعم.
الناس يختلفون، فمنهم من يصل إلى درجة الاجتهاد ومنهم دون ذلك، ومنهم من يكون مجتهداً في مسألة من المسائل، يحققها ويبحث فيها ويعرف الحق فيها دون غيره، ومن الناس من لا يعرف شيئاً.
فالعامة مذهبهم مذهب علمائهم، ولهذا لو قال لنا قائل: إنني أشرب الدخان؛ لأن في البلاد الإسلامية الأخرى من يقول: إنه جائز، وأنا لي حرية التقليد، قلنا: لا يسوغ لك هذا؛ لأن فرضك أنت هو التقليد، وأحق من تقلد علماؤك، ولو قلدت من كان خارج بلادك أدى ذلك إلى الفوضى في أمر ليس عليه دليل شرعي، ولو قال: إنه سيحلق لحيته؛ لأن من علماء الأمصار من قال: لا بأس بذلك، نقول له: لا يمكن، أنت فرضك التقليد، لا تخالف علماءك، ولو قال: أنا أريد أن أطوف على قبور الصالحين؛ لأن من علماء الأمصار من قال: لا بأس بذلك، أو قال: أريد أن أتوسل بهم إلى الله، وما أشبه ذلك، قلنا: لا يمكن هذا.
فالعامي يجب عليه أن يقلد علماء بلده الذين يثق بهم، وقد ذكر هذا شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، وقال: العامة لا يمكن أن يقلدوا علماء من خارج بلدهم؛ لأن هذا يؤدي إلى الفوضى والنزاع، ولو قال: أنا لا أتوضأ من لحم الإبل؛ لأنه يوجد من علماء الأمصار من يقول: لا يجب الوضوء منه، ولقلنا: لا يمكن، يجب عليك أن تتوضأ لأن هذا مذهب علماءك وأنت مقلد لهم.
لكن العامي إذا استفتاك فأفته بما تراه أنه الراجح، وإذا كان الراجح يخالف ما عليه الناس؛ فأفته به سراً ما دامت المسألة اجتهادية وليس فيها نص، وقل له: هذه فتوى بيني وبينك.
أما إذا كان الذي عليه الناس مخالف للنص؛ فأفته علناً ولا تُبالِ، لكن لا تذكر له الخلاف، فإن العوام يقولون: إذا أردت أن تحيِّر فخيِّر، ولهذا دائماً نقول للطلبة: لا تبينوا الخلاف للعامة فتذبذبوهم، ونقول: أيضاً لمن يعرف القراءات السبع: لا تقرأ بها أمام العامة؛ لأنك لو قرأت بقراءة أخرى غير التي في المصحف عندهم شوش عليهم ذلك.


لقاء الباب المفتوح (49/ 14، بترقيم الشاملة آليا)
والمسائل الخلافية تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: اجتهادية يسوغ فيها الخلاف؛ بمعنى: أن الخلاف ثابت حقاً وله حكم النظر، فهذه لا إنكار فيها على المجتهد، أما عامة الناس فإنهم يلزمون بما عليه علماء بلدهم؛ لئلا ينفلت العامة؛ لأننا لو قلنا للعامي: أي قول يمر عليك لك أن تأخذ به، لم تكن الأمة أمة واحدة، ولهذا قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: العوام على مذهب علمائهم.


لقاء الباب المفتوح (232/ 22، بترقيم الشاملة آليا)
الفترة الزمنية بين أذان الفجر وإقامته
السؤال
أذن المؤذن لصلاة الصبح ثم دخل الإمام بعد خمس دقائق فأقام الصلاة وصلى، فما حكم الصلاة؟ الشيخ: في أي بلد؟ السائل: في المسجد.
الشيخ: أي بلد؟ السائل: في مصر.
الشيخ: والله! اسأل عنها شيخ الأزهر.
السائل: هناك خلاف بين العلماء عندنا الشيخ: إذا وجد الخلاف فخذ بالأحوط، انتظر حتى تعلم أو يغلب على ظنك أن الوقت قد دخل السائل: يعني إذا صلى.
الشيخ: أنت تريد أن أفتيك أم لا؟ السائل: نعم أريد أن تفتيني.
الشيخ: فتوى تأخذ بها؟ السائل: فتوى آخذ بها.
الشيخ: قل: إن شاء الله، قل: إن شاء الله.
السائل: إن شاء الله، وأريد كتابتها.
الشيخ: اصبر، أفتيك فتوى تأخذ بها إن شاء الله؟ السائل: إن شاء الله.
الشيخ: ارجع إلى شيخ الأزهر.


قلت وائل: الشيخ العثيمين أرشد السائل إلى سؤال شيخ الأزهر عن الفجر الكاذب.
مع أن شيخ الأزهر حينها كان محمد سيد طنطاوي لأنه ترأس الأزهر من 1996 م إلى 2010 م. وهذا اللقاء كان في نهاية حياة الشيخ العثيمين حيث كان هو اللقاء 232 من مجموع 236 لقاء. وهو انتهى من اللقاءات قبل موته.


مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (26/ 483)
أما الثالث: وهو من ليس عنده علم، فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم لقوله تعالى: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (1) وفي آية أخرى: (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) (2) فوظيفة هذا أن يسأل، ولكن مَنْ يسأل؟
في البلد علماء كثيرون، وكلٌ يقول: إنه عالم، أو كل يقال عنه: إنه عالم. فمَنْ الذي يسأل؟
هل نقول: يجب عليك أن تتحرى من هو أقرب إلى الصواب فتسأله ثم تأخذ بقوله، أو نقول: اسأل من شئت ممن تراه من أهل العلم، والمفضول قد يوفق للعلم في مسألة معينة، ولا يوفق من هو
أفضل منه وأعلم؟
اختلف في هذا أهل العلم:
فمنهم من يرى: أنه يجب على العامي أن يسأل من يراه أوثق في علمه من علماء بلده؛ لأنه كما أن الإنسان الذي أصيب بمرض في جسمه، فإنه يطلب لمرضه من يراه أقوى في أمور الطب، فكذلك
هنا؛ لأن العلم دواء القلوب، فكما أنك تختار لمرضك من تراه أقوى فكذلك هنا يجب أن تختار من تراه أقوى علمًا إذ لا فرق.
ومنهم مَنْ يرى: أن ذلك ليس بواجب؛ لأن من هو أقوى علمًا قد لا يكون أعلم في كل مسألة بعينها، ويرجح هذا القول أن الناس في عهد الصحابة- رضي الله عنهم- كانوا يسألون المفضول مع وجود الفاضل.
والذي أرى في هذه المسألة أنه يسأل من يراه أفضل في دينه وعلمه لا على سبيل الوجوب؛ لأن من هو أفضل قد يخطئ في هذه المسألة المعينة، ومن هو مفضول قد يصيب فيها الصواب، فهو على سبيل الأولوية.
والأرجح: أن يسأل من هو أقرب إلى الصواب لعلمه وورعه ودينه.


موقع الإسلام سؤال وجواب (5/ 8515، بترقيم الشاملة آليا)
هل يختلف حكم قيادة السيارة من بلد إلى آخر؟
وهذا إنما ينطبق تمام الانطباق على بلاد الحرمين، وأما ما عداها من البلاد فإنه يرجع إلى علمائها الثقات الأثبات فإنهم أعلم بأحوال بلادهم.


موقع الإسلام سؤال وجواب (8/ 81، بترقيم الشاملة آليا)
7 - وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ردًا على من قال: "المسائل الخلافية لا إنكار فيها".
" لو أننا قلنا: المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق، ذهب الدين كلّه حين تتبع الرخص لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس. . .
المسائل الخلافية تنقسم إلى قسمين؛ قسم: مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف؛ بمعنى أن الخلاف ثابت حقاً وله حظ من النظر، فهذا لا إنكار فيه على المجتهد، أما عامة الناس، فإنهم يلزمون بما عليه علماء بلدهم، لئلا ينفلت العامة؛ لأننا لو قلنا للعامي: أي قول يمرُّ عليك لك أن تأخذ به، لم تكن الأمة أمة واحدة، ولهذا قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: "العوام على مذهب علمائهم". . .


فتاوى الشبكة الإسلامية (18/ 347، بترقيم الشاملة آليا)
حكم استفتاء من هو على مذهب الأشاعرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة ..... وبعد:
سؤالي هو: هل يجوز لي الأخذ بفتوى شيخ من شيوخ الأشاعرة؟ مع العلم بأنني سني على المذهب الحنفي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت الفتوى تتعلق بالعبادات أو المعاملات أو الأخلاق، وكان الشيخ المذكور أهلاً لأن يفتي في ما ذكر، أي عنده الكفاءة العلمية والورع المطلوب، فإنه لا مانع من استفتائه والأخذ بأقواله.
ولم يزل العلماء ينقلون هذه العلوم عن كثير ممن كانوا على المذهب الأشعري.
أما ما يتعلق بمسائل الاعتقاد فلا تستفت فيها إلا من عرف عنه الالتزام بمذهب السلف الصالح، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وسفيان والليث والأوزاعي وابن المبارك والبخاري والترمذي، وغيرهم من أهل العلم والفضل، ومعلوم أن الأشاعرة مخالفون للسلف في جملة من مسائل الاعتقاد، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5719.
والله أعلم.


فتاوى الشبكة الإسلامية (1/ 78، بترقيم الشاملة آليا)
منهج المفتين بالشبكة الإسلامية
وكوننا لم نعايش بلدكم لا يمنع من إفتاء المستفتين منكم، لأن الشريعة لها ثوابت ومتغيرات، فما كان منها من الثوابت فإنه لا يتغير بتغير الزمان أو المكان، وما كان منها من المتغيرات، فإننا ننصح فيه غالباً بالرجوع إلى علماء البلد ومحاكمه، وفي بعض الحالات نسأل من لهم علم ببلد السائل إن كانت الفتوى تقتضي ذلك، ولك أن تراجع لزيادة التعريف بنا الفتوى رقم: 1122.


فتاوى الشبكة الإسلامية (11/ 4861، بترقيم الشاملة آليا)
كما يمكنك الرجوع لعلماء بلدك فإنهم أعلم بصحة المواقيت عندكم


فتاوى الشبكة الإسلامية (11/ 20194، بترقيم الشاملة آليا)
نقلا من موقع الإسلام اليوم وينبغي التوجه بهذه المسألة إلى أهل العلم في بلد الله الحرام فهم أعلم بالواقع ما دام الحكم متوقفا على ثبوت ما ذكر.


فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 9771، بترقيم الشاملة آليا)
والذي ننصحك به هو الرجوع إلى المحكمة الشرعية إن وجدت فإن لم توجد فإلى من تثق في علمه من أهل العلم في بلدك، وذلك لاحتمال وجود ملابسات لم تذكرها لنا قد تغير من الحكم، لأن جوابنا إنما هو بناء على ظاهر سؤالك.


فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 16925، بترقيم الشاملة آليا)
وبما أننا نجهل ما جرى بين السائلة وزوجها ونجهل أيضاً حالة الرجل هل هو ممن يطلب الثواب على هبته أو لا كما نجهل العرف السائد في بلد السائلة على افتراض أن ما وقع كان هبة وليس عقد معاوضة، فإننا لا نستطيع أن نفتيها بحقها في رفض طلب الرجل للأثاث المذكور وعدم تمكينه منه، وننصحها بمراجعة أهل العلم في بلدها ومشافهتهم بالسؤال عنها، فالمسائل التي تخضع للعوائد والأعراف والحالات الفردية أدرى بها أهل بلدها.


فتاوى الشبكة الإسلامية (14/ 1262، بترقيم الشاملة آليا)
كما ننصحكن باستشارة أهل العلم في بلدكم لأنهم أدرى بمثل هذه الأمور وأكثر اطلاعا على ملابساتها .. أو الرجوع إلى المحكمة الشرعية إذا اقتضى الأمر ذلك.


فتاوى الشبكة الإسلامية (16/ 1273، بترقيم الشاملة آليا)
وعلى العامي أن يسأل من يراه أعلم وأورع من علماء بلده ثم يقلده، وبهذا تبرأ ذمته، ويحرم عليه تتبع الرخص والشواذ من أقوال أهل العلم، ولمزيد الفائدة عن هذا تراجع الفتوى رقم
6787 والفتوى رقم 4145




مجلة البحوث الإسلامية (91/ 55)
وقفات عند قوله عز وجل:
{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}
لفضيلة الدكتور: عبد الكريم بن حمود بن عبد الله التويجري
...............
الوقفة التاسعة: الإفتاء بغير المشهور في البلد.
تقع الفتوى في بلد على مذهب من المذاهب الشرعية المعتبرة؛ ويجري العمل على وفق تلك الفتوى، ثم ينشأ في البلد أو يطرأ عليها من يرى خلاف ما عليه أهل البلد؛ فهل له أن يفتي العامة بما يراه خلاف ما هو معمول به أم يسكت؟.
أما إن كانت الفتوى في البلد مخالفة لدليل شرعي قطعي الثبوت والدلالة فتبيين خطئها؛ والإفتاء بما يوافق الشرع هو المتعين لأن ذلك من النصح للعامة والخاصة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث تميم الداري رضي الله عنه: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ"، قلنا: لمن يا رسول الله؟، قال: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» (1). رواه مسلم
ثم إن مخالفة الدليل منكر؛ وإزالة المنكر متعيّنة، ففي الحديث:
«مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» (1)
أما إن كانت الفتوى في البلد مما يحتملها الدليل باجتهاد سائغ من ذي أهلية معتبر؛ فلا يجوز التشويش على العامة بمخالفة من يقتدى به في البلد لاجتهاد يخالفه فيه غيره.
وعلى هذا فينبغي مراعاة مذاهب الدول والبلدان، وما استقر فيها من عمل؛ إذا كان من الاجتهاد السائغ، فلا يصح أن يأتي من هو خارج عنهم فيُشَغِّب على أهلها وعلمائها، بفتاوى تثير البلبلة والتشويش، فعلماء البلد أعلم بأحوال أهلها، وأعرف بما ينفعهم ويضرهم (2) (3)
وقد ذكر الإمام الذهبي في السير عن علي بن جعفر قال: أخبرنا إسماعيل ابن بنت السدي، قال: كنت في مجلس مالك، فسئل عن فريضة، فأجاب بقول زيد، فقلت: ما قال فيها علي وابن مسعود رضي الله عنهما؟، فأومأ إلى الحجبة، فلما هموا بي عدوت وأعجزتهم، فقالوا: ما نصنع بكتبه ومحبرته؟، فقال: اطلبوه برفق، فجاؤوا إلي فجئت معهم. فقال مالك: "من أين أنت؟ "، قلت: من الكوفة. قال: "فأين خلفت الأدب؟ "، فقلت: إنما ذاكرتك لأستفيد. فقال: "إن عليا وعبد الله لا ينكر فضلهما، وأهل بلدنا على قول زيد بن ثابت، وإذا كنت بين قوم، فلا تبدأهم بما لا يعرفون، فيبدأك منهم ما تكره" (1) أهـ.
وجاء في المسودة لآل تيمية أن القاضي أبا يعلى الحنبلي رحمه الله تعالى قصده فقيه ليقرأ عليه مذهب أحمد، فسأله عن بلده فأخبره، فقال له: "إن أهل بلدك كلهم يقرؤون مذهب الشافعي، فلماذا عدلت أنت عنه إلى مذهبنا؟ "، فقال له: إنما عدلت عن المذهب رغبة فيك أنت، فقال له: "إن هذا لا يصلح، فإنك إذا كنت في بلدك على مذهب أحمد، وباقي أهل البلد على مذهب الشافعي، لم تجد أحدًا يعبد معك، ولا يدارسك، وكنت خليقًا أن تثير خصومة وتوقع نزاعًا، بل كونك على مذهب الشافعي حيث أهل بلدك على مذهبه أولى"، ودلّه على الشيخ أبي إسحاق وذهب به إليه، فقال: سمعًا وطاعة؛ أقدمه على الفقهاء، والتفت إليه،
وكان هذا من علمهما معًا (1)
ومما يورد هنا وهو أيضا من باب دفع الخلاف في المسائل الاجتهادية؛ ومنع البلبلة على العامة ما نقل عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أنه صلى الصبح في مسجد أبي حنيفة رحمه الله فلم يقنت؛ ولم يجهر ببسم الله (2)
وفعله رحمه الله - مع فقهه - قد اشتمل على الأدب مع أبي حنيفة رحمه الله حيث لم يخالفه في داره ومحل الاقتداء به، ثم فيه ترك البلبلة والتشويش على العامة.
وقد كان الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية رحمه الله يقرر هذا المبدأ؛ ويؤصله؛ ويؤكد عليه؛ لعلمه بالأثر المترتب على إهماله.
قال رحمه الله تعالى في شرحه على فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي: "فالراجح في الدليل فعل ذوات الأسباب كما تقدم.
لكن إذا كان بين أناس فشا فيهم ما عند الأصحاب فترك فعلها أكثر مصلحة، لأن الناس إذا كانوا مستقيمين على طريقة ولو كانت
مرجوحة خير. الناس إذا اجتمعوا على شيء وألفوه وهو قول طائفة من أهل العلم فلا يشوش عليهم، فوجود التغييرات تشوش على العوام. وبعض الناس قصده خير ولكن قصير معرفة" (1)
وفي تقريرٍ له حول المنع من جمع الظهرين للمطر - كما هو المذهب عند الحنابلة - قال: "ومخالفة ما مضى عليه علماء الوطن المحققون سبب نقص في الدين، لا زيادة ولا ركود، بل يسبب النزاع والشقاق، ويهون عند العوام أمر الدين؛ حتى لا يكتفون أن يسألوا من وجدوا لتحصيل الرخص؛ بل يسلكون بنيات الطريق؛ بخلاف ما إذا ساروا على طريقة بعيدة عن النزاع والشقاق" (2)
وفي جوابِ استفتاء ورد إليه من بعض القضاة عَقَّب بعد الجواب بقوله: "فلا ينبغي لأحد أن يفتي بخلاف ما عليه الفتوى في عموم المحاكم في سائر أنحاء المملكة، لما في ذلك من الاختلاف الذي هو شر" (3)
وفي جوابٍ آخر قال: "تفريق الناس على الفتاوى فيه تشويش عليهم، وبلبلة لأفكارهم" (1)
وكتب تأنيبًا لمن صدرت منه فتاوى تخالف المشهور المعمول به في البلد؛ وختم الكتاب بقوله: "فنأمل منك بارك الله فيك الكف عن إرباك العامة بفتاوى شاذة أو مرجوحة، ومتى تقدّم إليك من يطلب الفتوى فعليك بالإشارة لهم إلى الجهة المختصة بالفتاوى، ونرجو أن يكون لديك من أسباب احترامك نفسك ما يغنينا عن إجراء ما يوقفك عند حدك"
فتأمل رعاك الله المفسدة الحاصلة من تفريق العامة، والتشويش عليهم، وتشكيكهم في أحكام دينهم قبل أن تتعجل في فتياهم.


مجلة جامعة أم القرى 19 - 24 (11/ 126، بترقيم الشاملة آليا)
الترخُّص بمسائل الخلاف
ضوابطه وأقوال العلماء فيه
الدكتور خالد العروسي
الأستاذ المساعد بقسم الشريعة
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة أم القرى
...............
رابعاً: وهذا الضابط يعود إلى دين المفتي وإنصافه، وهو مراعاة مذاهب الدول والبلدان، وما استقر فيها من عمل، إذا كان من الاجتهاد السائغ، فلا يصح أن يأتي من هو خارج عنهم فيشغب على أهلها وعلمائها، بفتاوى تثير البلبلة والتشويش، فعلماء البلد أعلم بأحوال أهلها، وأعرف بما ينفعهم ويضرهم، واستمع إلى ما نقله ابن تيمية في ((المسودة)): ((حكى عن القاضي أبي يعلى أنه قصده فقيه ليقرأ عليه مذهب أحمد فسأله عن بلده فأخبره، فقال: إن أهل بلدك كلهم يقرأون مذهب الشافعي، فلماذا عدلت أنت عنه إلى مذهبنا؟ فقال له: إنما عدلت عن المذهب رغبة فيك أنت، فقال له: إن هذا لا يصلح، فإنك إذا كنت في بلدك على مذهب أحمد، وباقي أهل البلد على مذهب الشافعي، لم تجد أحداً يعبد معك، ولا يدارسك وكنت خليقاً أن تثير خصومة ونزاعاً، بل كونك على مذهب الشافعي حيث أهل بلدك على مذهبه أولى، ودلّه على الشيخ أبي إسحاق وذهب به إليه، فقال: سمعاً وطاعة، أقدمه على الفقهاء)) (3)، وسياق القصة يغني عن أي تعليق.
: ((يتعين على العالم إذا كان يفتي بما كان الإمام على خلافه مما يسوغ فيه الاجتهاد في مثل هذه المسألة وذلك الموطن أن يترك ما كان عليه ويصير إلى ما عليه الإمام)) (1). وقد ذكر القرافي (2) - رحمه الله - أنه لولا هذا، الضابط لما استقرت للحكام قاعدة ولبقيت الخصومات، ودام التنازع والعناد، وهو مناف للحكمة التي لأجلها نصب الحكام. ثم إن الحاكم هو نائب لله تعالى، فهو مخبر عن الله بهذا الحكم الذي قضى به، وقد جعل الله له أن ما حكم به فهو حكمه، فهو كالنص الوارد من قبل الله تعالى في تلك الواقعة (3).


الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف للدهلوي (ص: 69)
انَ من خبر الْعَامَّة أَنهم كَانُوا فِي الْمسَائِل الإجماعية الَّتِي لَا اخْتِلَاف فِيهَا بَين الْمُسلمين أَو بَين جُمْهُور الْمُجْتَهدين لَا يقلدون إِلَّا صَاحب الشَّرْع وَكَانُوا يتعلمون صفة الْوضُوء وَالْغسْل وَأَحْكَام الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَنَحْو ذَلِك من آبَائِهِم أَو عُلَمَاء بلدانهم فيمشون على ذَلِك وَإِذا وَقعت لَهُم وَاقعَة نادرة استفتوا فِيهَا أَي مفت وجدوا من غير تعْيين مَذْهَب قَالَ ابْن الْهمام فِي آخر التَّحْرِير كَانُوا يستفتون مرّة وَاحِدًا وَمرَّة غَيره غير ملتزمين مفتيا وَاحِدًا انْتهى


إحياء علوم الدين (2/ 115)
واتقاء مواضع الخلاف مهم في الورع في حق المفتي والمقلد وإن كان المقلد يجوز له أن يأخذ بما أفتى له مقلده الذي يظن أنه أفضل علماء بلده ويعرف ذلك بالتسامع كما يعرف أفضل أطباء البلد بالتسامع والقرائن وإن كان لا يحسن الطب


صناعة الفتوى وفقه الأقليات(ص: 191)
وإذا نشأ المسلم العامي في بلد ووجد كل علمائه يتبعون مذهباً معيناً، فلا مانع أن يتبع المذهب السائد في بلده لأنه في الواقع يتبع علماء البلدة وهذا مذهبهم.


أرشيف ملتقى أهل الحديث - 3 (76/ 152)
علماء المغرب في فتوى شجاعة
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن] •---------------------------------• [25 - 09 - 06, 07:02 م]ـ
علماء المغرب يهاجمون {القرضاوي} ويتهمونه بالغرور والسعي للزعامة
الرباط - خدمة قدس برس
في {أعنف} رد يصدر منهم:
في موقف مفاجئ أصدر المجلس العلمي الأعلى الذي يمثل علماء المغرب، بيانا شديد اللهجة،
واتهم بيان علماء المغرب صراحة، دون ذكره بالاسم بـ "الغرور"، و"التطاول على علماء المغرب وبتجاوز الحدود".
واعتبر العلماء، أن ما وصفوه بـ "التدفق الإعلامي" فتح الأبواب أمام الفتوى، وقال ما نصه "إن الفتوى أصبح يتولاها كل من هب ودب، سيما وقد صار أمرها بيد متنطعين مغرورين أساء بعضهم استخدام العلم في غير ما ينفع الناس، واتخذه سلما لاعتلاء كرسي الرئاسة والزعامة العلمية، فأعطى لنفسه الحق في إصدار فتاواه لأهل المغرب، ونصب نفسه إماما عليهم متجاهلا ما للمغرب من مؤسسات علمية وشيوخ أعلام متخطيا بذلك كل الأعراف والتقاليد التي احتكم إليها العلماء قديما وحديثا"، في إشارة إلى الشيخ يوسف القرضاوي، الذي استفتاه بعض المغاربة عن مدى جواز الاقتراض من البنوك الربوية للحصول على سكن، خصوصا أن المغرب لا يتوفر على أبناك إسلامية، فأباح القرضاوي لهم التعامل بالربا اضطرارا من أجل السكن، قياسا على فتوى صدرت في السابق وتهم المسلمين المقيمين في ديار المهجر.
وأعرب علماء المغرب عن رفضهم لأن يتولى الإفتاء للمغاربة من وصفوه بـ "عالم من الشرق"، مؤكدين في بيانهم الذي اتسم بلهجته الحادة، أن "الفتوى في المملكة المغربية موكولة إلى مؤسسة علمية، ولم يعد بإمكان أي جهة أخرى، أفرادا وجماعات، أن تتطاول عليها"، على حد تعبيرهم.
ووجه خطاب البيان الكلام بشكل مباشر إلى القرضاوي، وللفتوى التي استشاط لها غضبهم بقولهم "وأما فتوى من أجاز للمغاربة الاقتراض من البنوك من أجل السكن، فإن هذا المفتى قد تجاوز في فتواه حدود اللياقة، وارتكب أخطاء فادحة علمية وأخلاقية، في مقدمتها التطاول على حق علماء المغرب في إفتاء أهل بلدهم، غير ملتزم بأدب الفتوى الذي درج عليه علماء السلف، لأنهم اشترطوا على المفتي ألا يفتي إلا إذا كان من أهل البلد، الذي يعرف أوضاعه وأحواله ويطلع على دقائق أموره، والحال أن هذا المفتي بعيد عن المغرب، جاهل لأحواله وأعرافه وتقاليده، وعلماؤه أدرى به، ومؤسساته العلمية أجدر بالإفتاء في نوازل أهله وقضاياهم، كما أنه أساء إلى المغرب وأهله، حين قاس بلدهم ببلاد المهجر"
وقد توارثوا هذه الاختيارات وحافظوا عليها وعضوا عليها بالنواجد واقتفى اللاحق منهم أثر السابق فيها, وعلى أساسها أنشأوا صبيانهم وربوا أجيالهم ويسروا حفظها لعامة الناس منهم وتعاون أمراؤهم وعلماؤهم على هذا السنن القويم واعتنوا بالعلم ونشره في المساجد والجوامع والزوايا, وكان الفقه المالكي محط اعتبار لحاجة الناس له في حياتهم العملية فنبغ منهم علماء أعلام وفقهاء عظام كانت مؤلفاتهم أمهات يحتكم إليها ويعول عليها وما كانوا يجدون حرجا في الرجوع إلى آراء علماء خارج المذهب المالكي, ولكنهم حين يفتون لم تكن تغيب عنهم خصوصية المغرب وهوية أهله فيقتدون بآراء مذهبهم الذي ارتضوه وأجمعوا عليه
مراعين أعرافهم وتقاليدهم وما جرى به العمل عندهم وما درج عليه سلفهم لا يضرهم من خالفهم مكتفين بعلماء بلدهم وفتاوى أسلافهم يجدون فيها ضالتهم توخا لجميع الناس على رأي واحد يضمن اجتماع الكلمة ووحدة الصف.
والهيئة العلمية للإفتاء بالمجلس العلمي الأعلى وهي تستحضر هذه الحقائق تستشعر المخاطر التي ينطوي عليها هذا التدفق الإعلامي الذي فتح الأبواب أمام الفتوى فأصبح يتولاها كل من هب ودب, سيما وقد صار أمرها بيد متنطعين مغرورين أساء بعضهم استخدام العلم في غير ما ينفع الناس واتخذه سلما لاعتلاء كرسي الرئاسة والزعامة العلمية فأعطى لنفسه الحق في إصدار فتاواه لأهل المغرب ونصب نفسه إماما عليهم متجاهلا ما للمغرب من مؤسسات علمية وشيوخ أعلام متخطيا بذلك كل الأعراف والتقاليد التي احتكم إليها العلماء قديما وحديثا.
من أجل ذلك وجب التذكير بما للمغرب من علماء أعلام كانوا ولا يزالون ملء السمع و البصر منفتحين على فقه المذاهب ومتقيدين في فتواهم بأعراف بلدهم وظروف أهله وأحوالهم اجتهادا واستنباطا وإفتاء, قدوتهم في ذلك عالم أهل المدينة الذي كان يرى أن يستفتي أهل كل بلد علماء بلدهم.
ومحافظة على هذا النهج القويم وإحياء لرسومه وتحقيقا لغاياته وأهدافه, أسس أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله المجالس العلمية المحلية والمجلس العلمي الأعلى الذي يتشرف برئاسته, وهو الجهة الموكول إليها النظر في الفتوى الشرعية بضوابطها وشروطها في المملكة المغربية. فالفتوى في المملكة المغربية موكولة إلى مؤسسة علمية ولم يعد بإمكان أي جهة أخرى, أفرادا وجماعات, أن تتطاول عليها.
وأما فتوى من أجاز للمغاربة الاقتراض من البنوك من أجل السكن فإن هذا المفتى قد تجاوز في فتواه حدود اللياقة وارتكب أخطاء فادحة علمية وأخلاقية في مقدمتها التطاول على حق علماء المغرب في إفتاء أهل بلدهم, غير ملتزم بأدب الفتوى الذي درج عليه علماء السلف لأنهم اشترطوا على المفتي ألا يفتي إلا إذا كان من أهل البلد الذي يعرف أوضاعه وأحواله ويطلع على دقائق أموره, والحال أن هذا المفتي بعيد عن المغرب جاهل لأحواله وأعرافه وتقاليده. وعلماؤه أدرى به ومؤسساته العلمية أجدر بالإفتاء في نوازل أهله وقضاياهم. كما أنه أساء إلى المغرب وأهله حين قاس بلدهم ببلاد المهجر.
والهيئة العلمية للإفتاء بالمجلس العلمي الأعلى إذ تندد بهذا المسلك الغريب تعرب عن استنكارها لموقف لا يمكن أن يصدر إلا عن غافل.