هل كل رسول أو نبي معه كتاب أو بعضهم فقط؟
الراجح -والله أعلم- أن كثيرا من الأنبياء معهم كتاب لكن ليس كلهم مثل يحيى عليه السلام وسليمان عليه السلام وآدم عليهم السلام.
وإن كان القول الآخر قويا أيضا.


ويؤيد القول الأول قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} [آل عمران: 184]
ولم يقل الله سبحانه وتعالى: (فقد كذب الرسل) بل قالها بالتنكير وهو لا يدل على العموم. وإلا فكل الأنبياء والرسل قد كذبوا فلو كل رسول وكل نبي معه كتاب لعمهم سبحانه وتعالى لأنه أكثر تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.


وفيما يلي بيان للأقوال في هذه المسألة:
فيرى الكثير أن كل نبي معه كتاب وبعضهم يقول (كل رسول معه كتاب) ومن هؤلاء:
1 - البغوي في تفسيره.
2 - وهو قول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في تفسير سورة النحل بالدرر السنية. حيث قال: السادسة: أن كل رسول لا يرسل إلا ببينات. السابعة: لا يرسل إلا ومعه كتاب.
3 - ونقله الفخر الرازي المتوفى 606هـ وأبو حيان الأندلسي وأبو حفص النعماني صاحب اللباب كلهم نقلوه عن القاضي.
4 - والنيسابوري في تفسيره.
5 - وقال أبو شامة المقدسي في إبراز المعاني: كل مؤمني زمان لهم كتاب يخصهم.
6 - ظاهر تفسير ابن عرفة.
7 - رشيد رضا في تفسيره.
8 - العثيمين في كثير من كتبه وهو أكثر من تكلم في هذه المسألة وهو الذي أشهرها في هذا الزمان. ويرى أن كل رسول معه كتاب.
9 - العباد في شرح سنن أبي داود. يرى أن كل رسول معه كتاب.
10 - عبد الرحيم السلمي في تأصيل العقيدة.
11 - عطية سالم.
12 - عبد السلام بن برجس في كتاب ما يجب على كل مسلم اعتقاده. يرى أن كل رسول معه كتاب.
13 - ناصر بن علي بن عايض حسن الشيخ بمباحث العقيدة في سورة الزمر.
14 - كاملة الكواري في غريب القرآن. ترى أن كل رسول معه كتاب.
15 - ظاهر تفسير أصحاب المختصر في تفسير القرآن.
16 - ابن عاشور في التحرير والتنوير.
17 - المراغي
18 - محمد أبو زهرة في تفسيره


واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:
1 - كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. البقرة 213.
قلت: وهو من أقوى الأدلة.
2 - وقوله تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة. (آل عمران 81).
قلت: وهو دليل قوي.
3 - وقوله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (الحديد: 25).
قلت: وهو من أقوى الأدلة.
4 - وقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136]
قالوا في المختصر في تفسير القرآن الكريم ص 21:
(136 - قولوا -أيها المؤمنون- لأصحاب هذه الدعوى الباطلة من يهود ونصارى: آمنا بالله وبالقرآن الَّذي أنزل إلينا، وآمنا بما أنزل على إبراهيم وأبنائه إسماعيل وإسحاق ويعقوب، وآمنا بما أنزل على الأنبياء من ولد يعقوب، وآمنا بالتوراة التي آتاها الله موسى، والإنجيل الَّذي آتاه الله عيسى، وآمنا بالكتب التي آتاها الله الأنبياء جميعًا، لا نفرق بين أحد منهم فنؤمن ببعض ونكفر ببعض، بل نؤمن بهم جميعًا، ونحن له سبحانه وحده منقادون خاضعون).
5 - وقوله تعالى: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 84]
قالوا في المختصر في تفسير القرآن الكريم ص 61:
(84 - قل -أيها الرسول-: آمنا بالله إلهًا، وأطعناه فيما أمرنا به، وآمنا بالوحي الذي أنزله علينا، وبما أنزله على إبراهيم وإسماعيل واسحاق ويعقوب، وبما أنزله على الأنبياء من ولد يعقوب، وبما أوتي موسى وعيسى والنبيون جميعًا من الكتب والآيات من ربهم لا نفرق بينهم فنؤمن ببعض ونكفر ببعض، ونحن منقادون لله وحده مستسلمون له تعالى).
6 - وقوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ}.
قلت وائل: لكنه لم يقل (فقد كذب الرسل) بل قال (رسل) بالتنكير فلا يدل على العموم.
7 - وقوله تعالى: {ما أنزل الله من الكتاب} أي على رسله.
قلت وائل: لكن ليس فيه دليل على العموم.


بينما يرى البعض أنه ليس كل نبي معه كتاب بل بعضهم ومن هؤلاء:
1 - الطبري في تفسيره. حيث قال في تفسيره (3/ 627): {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213] يَعْنِي بِذَلِكَ لِيَحْكُمَ الْكِتَابَ وَهُوَ التَّوْرَاةُ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفَ الْمُخْتَلِفُون َ فِيهِ فَأَضَافَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْحُكْمَ إِلَى الْكِتَابِ، وَأَنَّهُ الَّذِي يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ دُونَ النَّبِيِّينَ، وَالْمُرْسَلِين َ، إِذْ كَانَ مَنْ حَكَمَ مِنَ النَّبِيِّينَ، وَالْمُرْسَلِين َ بِحُكْمٍ، إِنَّمَا يَحْكُمُ بِمَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ الْكِتَابُ بِدَلَالَتِهِ عَلَى مَا دَلَّ وَصَفْهُ عَلَى صِحَّتِهِ مِنَ الْحُكْمِ حَاكِمًا بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَفْصِلُ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ غَيْرُهُ...
2 - المطهر بن طاهر المقدسي المتوفى نحو 355هـ في البدء والتاريخ.
3 - مجير الدين العلمي المقدسي الحنبلي. في فتح الرحمن في تفسير القرآن.
4 - والبيضاوي في تفسيره.
5 - وصديق خان في تفسيره.
6 - والشربيني في تفسيره.
7 - وأبو السعود في تفسيره.
8 - الخازن في تفسيره.
9 - ومحمد محمود حجازي من علماء الأزهر في التفسير الواضح.
10 - وظاهر قول كل من فسر آية (وأنزل معهم الكتاب) بأن معناها التوراة حكم بها موسى ومن بعده من النبيين.


وفيما يلي ذكر من قال: إن كل نبي معه كتاب وبعضهم يقول (كل رسول معه كتاب):
تفسير البغوي - طيبة (1/ 244)
"وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا فبعث الله النبيين" (19 - يُونُسَ) وَجُمْلَتُهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَالرُّسُلُ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَالْمَذْكُورُو نَ فِي الْقُرْآنِ بِاسْمِ الْعَلَمِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ نَبِيًّا {مُبَشِّرِينَ} بِالثَّوَابِ مَنْ آمَنَ وَأَطَاعَ {وَمُنْذِرِينَ} مُحَذِّرِينَ بِالْعِقَابِ مَنْ كَفَرَ وَعَصَى {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} أَيِ الْكُتُبَ، تَقْدِيرُهُ وَأَنْزَلَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْكِتَابَ {بِالْحَقِّ} بِالْعَدْلِ وَالصِّدْقِ

تفسير الطبري (3/ 627)
{وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213] يَعْنِي بِذَلِكَ لِيَحْكُمَ الْكِتَابَ وَهُوَ التَّوْرَاةُ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفَ الْمُخْتَلِفُون َ فِيهِ فَأَضَافَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْحُكْمَ إِلَى الْكِتَابِ، وَأَنَّهُ الَّذِي يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ دُونَ النَّبِيِّينَ، وَالْمُرْسَلِين َ، إِذْ كَانَ مَنْ حَكَمَ مِنَ النَّبِيِّينَ، وَالْمُرْسَلِين َ بِحُكْمٍ، إِنَّمَا يَحْكُمُ بِمَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ الْكِتَابُ بِدَلَالَتِهِ عَلَى مَا دَلَّ وَصَفْهُ عَلَى صِحَّتِهِ مِنَ الْحُكْمِ حَاكِمًا بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَفْصِلُ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ غَيْرُهُ...

تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس) (ص: 212)
الخامسة: أن كل الرسل رجال، لا جني فيهم ولا أنثى.
السادسة: أن كل رسول لا يرسل إلا ببينات.
السابعة: لا يرسل إلا ومعه كتاب.


وقول شيخ الإسلام: (لا يرسل إلا ومعه كتاب)
قال المحقق في حاشية منهج محمد بن عبد الوهاب في التفسير (ص: 439)
12 كما يدل عليه ظاهر الآية إذ "الباء" في قوله: {بِالْبَيِّنَات وَالزُّبُرِ} متعلقة بقوله أرسلنا. فتأويل الكلام كما قال الطبري: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم أرسلناهم بالبينات والزبر. وهو اختيار أبي حيان أيضاً وقدر البغوي الكلام: وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر غير رجال يوحى إليهم.
والزبر: هي الكتب كما ورد ذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم.
انظر تفسير الطبري "14: 109 - 111" وتفسير البغوي "3: 70"، والبحر المحيط "5: 494". وتفسير ابن كثير "4: 493".


القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ العثيمين (2/ 411)
5 - الإيمان بأن كل رسول أرسله الله معه كتاب; كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ} 1 وقال عيسى: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ} 2 وقال عن يحيى كذلك3.


شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (1/ 65)
ولكل رسول كتاب، قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: 25]، وهذا يدل على أن كل رسول معه كتاب، لكن لا نعرف كل الكتب


عقيدة أهل السنة والجماعة للعثيمين (ص: 17)
ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتابا، لقوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} 4.


مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (8/ 49)
ولكل رسول كتاب، قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: 25]،
وهذا يدل على أن كل رسول معه كتاب، لكن لا نعرف كل الكتب، بل نعرف كل الكتب،


فتاوى نور على الدرب للعثيمين (4/ 2، بترقيم الشاملة آليا)
فكل رسول معه كتاب


شرح رياض الصالحين (1/ 446)
فكل رسول له كتاب، كما قال تعالى (اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ) (الشورى: من الآية17)، وقال: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (الحديد: من الآية25)


الشرح الممتع على زاد المستقنع (14/ 418)
ولكن مع ذلك نؤمن بأن كل رسول معه كتاب، كما قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213]، وقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25]


لقاء الباب المفتوح (221/ 4، بترقيم الشاملة آليا)
وقوله: (الكتاب) هل هو واحد أو المراد الجنس؟ المراد الجنس، يعني: الكتب، لأنه قال: {رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ} [الحديد:25] ليس كتاباً واحداً بل كل رسول معه كتاب، وقوله: {وَالْمِيزَانَ} [الحديد:25] أي: العدل


لقاء الباب المفتوح (229/ 3، بترقيم الشاملة آليا)
كما قال الله عز وجل: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة:213] وقوله: {وَالْكِتَابَ} المراد به الجنس؛ لأن كل رسول معه كتاب كما قال عز وجل: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد:25].


تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (2/ 261)
وقوله تعالى: {ما أنزل الله من الكتاب} أي على رسله؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب} [الحديد: 25]؛ فكل رسول فإن معه كتاباً من الله عز وجل يهدي به الناس.


تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (3/ 28)
قوله تعالى: {وأنزل معهم الكتاب}؛ المعية هنا للمصاحبة؛ والمعية كلما أطلقت فهي للمصاحبة؛ لكنها في كل موضع بحسبه؛ و {الكتاب} هنا مفرد يراد به الجنس؛ فيعم كل كتاب؛ إذ لكل رسول كتاب؛ وقد زعم بعض المفسرين أن قوله تعالى: {أنزل معهم} أي مع بعضهم؛ وقال: ليس كل الرسل معهم كتاب؛ ولكن هذا خلاف ظاهر القرآن؛ وقد قال الله تعالى في سورة الحديد: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان} [الحديد: 25]؛ فظاهر الآية أن مع كل رسول كتاباً؛ وهذا هو مقتضى الحال حتى يكون هذا الكتاب الذي معه يبلغه إلى الناس؛ ولا يرد على هذا أن بعض الشرائع تتفق في مشروعاتها - وحتى في منهاجها -، ولا يكون فيها إلا اختلاف يسير، كما في شريعة التوراة والإنجيل؛ فإن هذا لا يضر؛ المهم أن كل رسول في ظاهر القرآن معه كتاب؛ و «كتاب» بمعنى مكتوب؛ فمنه ما نعلم أن الله كتبه؛ ومنه ما لا نعلم أن الله كتبه لكن تكلم به.


تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد (ص: 427)
ب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه}. وقوله: {الكتاب}، المراد الجنس، لأن كل رسول معه كتاب، كما قال - عز وجل -: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب}


الضياء اللامع من الخطب الجوامع (1/ 91)
وأما ما لم يعينه الله لكم من الكتب فتؤمنون به على وجه الإجمال أي تؤمنون بكل كتاب أنزله الله على كل نبي من الأنبياء


تأصيل علم العقيدة - عبد الرحيم السلمي (3/ 14، بترقيم الشاملة آليا)
وقد أنزل الله عز وجل كثيراً من الكتب، فكل نبي وكل رسول معه كتاب،


شرح سنن أبي داود للعباد (528/ 6، بترقيم الشاملة آليا)
كل رسول قد أنزل الله عليه كتاباً كما قال الله عز وجل: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد:25]، فنؤمن بالذي سمي باسمه، والذي لم يسم نؤمن به على سبيل الإجمال وإن لم نعرف اسمه


شرح سنن أبي داود للعباد (528/ 19، بترقيم الشاملة آليا)
كل رسول قد نزل عليه كتاب من عند الله
السؤال: ذكرتم في التفريق بين النبي والرسول أن الرسول ينزل عليه كتاب بشريعة جديدة، ألا يشكل على ذلك سليمان، فهو رسول، ولم ينزل عليه كتاب بشريعة؟ وكذلك آدم؟
الجواب
ما هو الدليل على أنه لم ينزل عليه كتاب؟ فإن عدم ذكر الكتاب الذي أنزل عليه لا يدل على أنه لم ينزل عليه كتاب، وقد جاء في القرآن أن كل رسول أنزل الله عليه كتاباً: ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ)) والألف واللام في (الكتاب) للجنس وليست لكتاب معين؛ لأن الله ما أنزل على رسله كتاباً واحداً وإنما أنزل عليهم كتباً، ولهذا لفظ الكتاب يأتي كثيراً في القرآن ويراد به الجنس، كما أنه يراد به العهد الذهني مثل قول الله عز وجل: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:1 - 2] أي: القرآن؛ لأن (أل) للعهد الذهني، يعني: الكتاب المعهود بالأذهان، وقول الله عز وجل: ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ)) المراد به: الكتب لأن المراد به: الجنس.
وقول الله عز وجل: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة:48] فالأول القرآن والثاني الكتب السابقة، وكلها بلفظ الإفراد إلا أن هذا للجنس وهذا للإفراد.
وكما قال الله عز وجل: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ} [البقرة:177] أي: الكتب، وكذلك قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} [النساء:136] وهو القرآن {وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء:136] أي: الكتب.
وكذلك أيضاً يأتي الكتاب مضافاً إلى معرفة فيكون عاماً ويراد به الكتب، كما في قول الله عز وجل في آخر سورة التحريم: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} [التحريم:12] على قراءة جمهور القراء (كتابه) وهي لا تخالف قراءة: ((وَكُتُبِهِ)) لأن الكتاب المقصود به الكتب؛ لأنه مفرد مضاف إلى معرفة فيكون عاماً.
فالحاصل أن الكتاب يأتي مفرداً محلى بالألف واللام، ويأتي مضافاً إلى معرفة فيراد به الجنس، ولا يراد به خصوص كتاب معين.
وأما آدم فهو نبي وهو رسول إلى أولاده، ونوح إنما أرسل بعدما حصل الشرك وتغيرت الفطرة، وأما آدم فإنه يعمل بما أوحى الله تعالى به إليه، وكذلك أبناؤه يعملون بما أوحي إليه به، ولا ينافي هذا ما جاء في حق نوح: {كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء:163] لأن نوحاً عليه السلام أرسل بعدما وجد الشرك، وأما في زمن آدم فلم يحصل الخروج عن الشيء الذي فطر الله الناس عليه، كما جاء في الحديث: (خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين) وكما جاء في الحديث الآخر: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).


تفسير غريب القرآن - الكواري (2/ 213، بترقيم الشاملة آليا)
• {وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} والظَّاهِرُ أن كل الرسل معهم كتب، وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بعض الرسل مَعهم كتب، والظاهر أن كل رسول معه كتاب.




تفسير المنار (2/ 226)
(وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ) وَعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ مَا يُفِيدُ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مَعَ كُلِّ نَبِيٍّ كِتَابًا - مُعْجِزًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُعْجِزٍ طَوِيلًا كَانَ أَوْ قَصِيرًا - دُوِّنَ وَحُفِظَ لِيُؤَدَّى مِنْ سَلَفٍ إِلَى خَلَفٍ


تفسير المراغي (2/ 123)
وفي الآية إيماء إلى أن الله أنزل مع كل نبىّ كتابا سواء كان طويلا أو قصيرا دوّن وحفظ، أو لم يدوّن ولم يحفظ ليبلغه للناس، فيبلّغ السلف الخلف، والسابق اللاحق.


زهرة التفاسير لمحمد أبو زهرة (2/ 665)
ولقد ذكر الكتاب بصيغة المفرد، مع أن كل نبي مبعوث له كتاب،


المعتقد الصحيح الواجب على كل مسلم اعتقاده لعبد السلام برجس (5/ 6)
فإن الله تعالى قد أنزل مع كل رسول كتابا، كما قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (الحديد: 25)


التحرير والتنوير (2/ 308)
وَهُوَ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ عَلَى مَعْنَى التَّوْزِيعِ، فَالْمَعْنَى أَنْزَلَ مَعَ كل نَبِي كِتَابَهُ وَقَرِينَةُ التَّوْزِيعِ مَوْكُولَةٌ لِعِلْمِ السَّامِعِينَ لِاشْتِهَارِ ذَلِكَ.
وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الْكِتَابَ وَلَمْ يَقُلِ الْكُتُبَ، لِأَنَّ الْمُفْرَدَ وَالْجَمْعَ فِي مَقَامِ الِاسْتِغْرَاقِ سَوَاءٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعَ مَا فِي الْإِفْرَادِ مِنِ الْإِيجَازِ وَدَفْعِ احْتِمَالِ الْعَهْدِ إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ كِتَابٌ وَاحِد مَعَ جمع النَّبِيئِينَ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِاسْتِغْرَاقَ لَا الْعَهْدَ، وَجَوَّزَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» كَوْنَ اللَّامِ لِلْعَهْدِ وَالْمَعْنَى أَنَزَلَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ كِتَابَهُ.


مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (8/ 47، بترقيم الشاملة آليا)
وجوب الحكم بما أنزل الله
للشيخ عطية محمد سالم
القاضي بالمحكمة الشرعية بالمدينة
ثم جميع الأنبياء من بعد نوح عليه السلام في قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} فكان الناس أمة واحدة على التوحيد فاختلفوا فبعث الله النبيين من نوح وما بعده.
قيل كانوا على التوحيد حتى وقع الشرك في قوم نوح فبعث الله النبيين وأنزل مع كل نبي كتاباً بالحق ليحكم الله بكتابه أو يحكم النبي في قومه بكتاب الله، فيما اختلفوا فيه، فلم يترك الحكم لأحد من الخلق حتى الأنبياء، ولكن كان الحكم لله بمقتضى كتابه الذي ينزله على أنبيائه وهذا عام في الأنبياء.


البحر المحيط في التفسير (2/ 365)
قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا نَبِيَّ إِلَّا وَمَعَهُ كِتَابٌ مُنَزَّلٌ فِيهِ بَيَانُ الْحَقِّ، طَالَ ذَلِكَ الْكِتَابُ أَوْ قَصُرَ، دُوِّنَ أَوْ لَمْ يُدَوَّنْ، كَانَ مُعْجِزًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، لِأَنَّ كَوْنَ الْكِتَابِ مَنَزَّلًا مَعَهُمْ لَا يَقْضِي شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.


اللباب في علوم الكتاب (3/ 505)
قال القاضي: ظاهرُ الآيةِ يدلُّ على أَنَّه لا نَبيَّ إِلاَّ ومعه كتابٌ، أنزل فيه بيانُ الحق: طال ذلك الكتابُ، أم قصُرَ، ودُوِّنَ، أَو لَمْ يُدَوَّن، وكان ذلك الكتابُ مُعجزاً، أَمْ لم يكن.
وقيل: هو مفردٌ وُضِعَ موضع الجمع: أي وأَنزلَ معهم الكُتُبَ، وهو ضعيفٌ.


تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان (1/ 587)
وفي قوله «معهم» والضمير يعود إلى عامة النبيين دليل على أنه لا نبي إلا ومعه كتاب منزل فيه بيان الحق والباطل، طال ذلك الكتاب أم قصر، ودوّن ذلك الكتاب أو لم يدوّن، معجزا كان أو غير معجز. قيل: إنزال الكتاب قبل وصول الأمر والنهي إلى المكلفين، ووصول الأمر والنهي إليهم قبل التبشير والإنذار، فلم قدم التبشير والإنذار على إنزال الكتاب؟


إبراز المعاني من حرز الأماني (ص: 379)
وهو في البقرة مسند إلى المؤمنين، ومؤمنو كل زمان لهم كتاب يخصهم، وفي التحريم الفعل مسند إلى مريم وحدها فأشير إلى الكتاب المنزل في زمانها، ووجه الجمع أن قبلها: {بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا}.


مباحث العقيدة في سورة الزمر (ص: 452)
فهذه الكتب يجب الإيمان بها على التفصيل.
وأما الكتب الأخرى التي نزلت على سائر الرسل، ولم يخبرنا الله ـ تعالى ـ بأسمائها وإنما جاء الخبر في كتاب الله أن لكل نبي أرسله الله رسالة بلغها إلى قومه. قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ


تفسير ابن عرفة (2/ 607)
قال ابن عرفة: الآية دالة على أن الجمع المحلي بالألف واللاّم لا يفيد العموم إذ ليس كل نبي مبعوثا وبدأ بالبشارة لأن الرحمة سبقت غضبه.
قوله تعالى: {وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكتاب ... }.
قيل لابن عرفة: فهلا قيل: أنزل عليهم الكتاب، كما في سورة النساء {وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الكتاب والحكمة} {إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق لِتَحْكُمَ بَيْنَ الناس بِمَآ أَرَاكَ الله} لأَنَّكَ تقول: قام زيد مع عمرو، فيقتضي اشتركهما في القيام، والرسل ليسوا منزلين مع الكتاب.
قال ابن عرفة: المراد أنزل مع بعثهم والإنزال مصاحب للبعث ولا اشتراك بينهما لأنه معنوي لا يمكن إنزاله وهم من أول بعثهم إلى آخره لايزال الكتاب منزلا عليهم حتى يموتوا.


المختصر في تفسير القرآن الكريم ص 21:
(136 - قولوا -أيها المؤمنون- لأصحاب هذه الدعوى الباطلة من يهود ونصارى: آمنا بالله وبالقرآن الَّذي أنزل إلينا، وآمنا بما أنزل على إبراهيم وأبنائه إسماعيل وإسحاق ويعقوب، وآمنا بما أنزل على الأنبياء من ولد يعقوب، وآمنا بالتوراة التي آتاها الله موسى، والإنجيل الَّذي آتاه الله عيسى، وآمنا بالكتب التي آتاها الله الأنبياء جميعًا، لا نفرق بين أحد منهم فنؤمن ببعض ونكفر ببعض، بل نؤمن بهم جميعًا، ونحن له سبحانه وحده منقادون خاضعون).


المختصر في تفسير القرآن الكريم ص 61:
(84 - قل -أيها الرسول-: آمنا بالله إلهًا، وأطعناه فيما أمرنا به، وآمنا بالوحي الذي أنزله علينا، وبما أنزله على إبراهيم وإسماعيل واسحاق ويعقوب، وبما أنزله على الأنبياء من ولد يعقوب، وبما أوتي موسى وعيسى والنبيون جميعًا من الكتب والآيات من ربهم لا نفرق بينهم فنؤمن ببعض ونكفر ببعض، ونحن منقادون لله وحده مستسلمون له تعالى).




وهناك من قال بل بعض الأنبياء هم الذين معهم كتاب وليس كلهم ومن هؤلاء من يلي:
البدء والتاريخ للمطهر بن طاهر المقدسي المتوفى نحو 355 هـ (3/ 2)
ذكر عدد ما نزل من الكتب
قال وهب والكتب الذي أنزلت من السماء على جميع الأنبياء مائة كتاب وأربعة كتب منها على شيث بن آدم كتاب في [1] خمسين صحيفة وعلى ادريس كتاب في ثلاثين صحيفة وعلى موسى التوراة وعلى داود الزبور وعلى عيسى الإنجيل وعلى محمّد صلى الله عليه وسلم القرآن وروينا عن غير وهب أن الله تعالى أنزل على آدم إحدى وعشرين صحيفة فيها تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وقيل لم يكن فيها غير الحروف المقطعة وهي كل حرف يلفظ بها اللافظ من العربية والعجمية فيها ألف لغة من أمهات اللغات حدّ الله تعالى عليها الألسنة كلّها والتوراة تجمع كتبا كثيرة للأنبياء وهي خمسة أسفار وأربعة وعشرون وقد روى ثمانية عشر كتيفى [2] يعنون كتب الأنبياء وقد قص الله تعالى في القرآن ما أوحى إلى
نوح وهود ولوط وغيرهم من الأنبياء عم فلا أدري إنهم لم يؤمروا بنسخها والتحفظ لها أو كانت مثبتة عندهم فنسخت بكتاب بعدها أو كان الوحي والصوت لا يعد كتابا أو كان علمهم وأحكامهم على موجب العقل أو كانوا يتبعون صحيفة آدم وسنته لأن هذا كله محتمل بقول الله تعالى كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ 2: 213 فعموم هذه الآية يوجب أن يكون لكل نبي كتاب يعمل به وراثة عن من قبله وتخصيصا به وحده وقد كانت الأنبياء من بني إسرائيل بعد موسى [76] يعلّمون بالتوراة ويحكمون بها إلى أن أنزل الفرقان ومع ذلك يوحى إليهم وينزل الكتب عليهم،


تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (3/ 258)
وقيل (1): جملة الأنبياء مئة ألف وأربعة وعشرون ألفًا، والرسل منهم ثلاث مئة وثلاثة عشر، والمذكور في القرآن باسم العلم ثمانية وعشرون. {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ}؛ أي: مع كل واحد منهم {الْكِتَابَ}؛ أي: كتابه حال كون ذلك الكتاب ملتبسًا {بِالْحَقِّ}؛ أي: ببيان الحق والتوحيد، أو متعلق بأنزل؛ أي: وأنزل معهم الكتاب بالعدل والصدق (2)، وقيل: جملة الكتب المنزلة من السماء مئة وأربعة كتب: أنزل على آدم عشر صحائف، وعلى شيث ثلاثون، وعلى إدريس خمسون، وعلى موسى عشر صحائف والتوراة، وعلى داود الزبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى محمَّد صلى الله وسلم عليه وعليهم القرآن


تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل (1/ 135)
وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ يريد به الجنس ولا يريد به أنه أنزل مع كل واحد كتاباً يخصه، فإن أكثرهم لم يكن لهم كتاب يخصهم، وإنما كانوا يأخذون بكتب من قبلهم


تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (1/ 214)
{وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكتاب} أي جنسَ الكتابِ أو مع كل واحد منهم ممن له كتابٌ كتابُه الخاصُّ به لا مع كلِّ واحدٍ منهم على الإطلاق إذ لم يكنْ لبعضهم كتابٌ وإنما كانوا يأخُذون بكتب مَن قبلَهم وعمومُ النبيين لا ينافي خصُوصَ الضمير العائد إليه بمعونة المقام


تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل (1/ 142)
وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ أي الكتب أو يكون التقدير وأنزل مع كل واحد الكتاب بِالْحَقِّ أي بالعدل والصدق وجملة الكتب المنزلة من السماء مائة وأربعة كتب أنزل على آدم عشر صحائف، وعلى شيث ثلاثون، وعلى إدريس خمسون، وعلى موسى عشر صحائف والتوراة، وعلى داود الزبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى محمد صلّى الله عليه وسلّم وعليهم القرآن لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ يعني الكتاب وإنما أضيف الحكم إلى الكتاب وإن كان الحاكم هو الله تعالى لأنه أنزله.


السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير (1/ 138)
{وأنزل معهم الكتاب} المراد به الجنس فهو بمعنى الكتب لكنه تعالى لم ينزل مع كل واحد كتاباً يخصه، فإنّ أكثرهم لم يكن له كتاب يخصه، وإنما كانوا يأخذون بكتب من قبلهم


التفسير الواضح (1/ 127)
فينعم الله عليهم بإرسال مبشرين ومنذرين يخرجونهم من الظلمات إلى النور لئلا يكون للناس على الله حجة بعد إرسال الرسل، وأنزل مع كل
واحد منهم ممن له كتابه الخاص به لا مع كل واحد منهم على الإطلاق، ومن هنا نعلم أن العقل وحده لا يكفى في إدراك الخير والاهتداء إلى الحق، ولذا أرسلت الرسل.


فتح البيان في مقاصد القرآن (1/ 428)
(مبشرين) بالثواب لمن آمن وأطاع (ومنذرين) بالعقاب لمن كفر وعصى (وأنزل معهم الكتاب) أي الجنس، وقيل المراد به التوراة أو أنزل مع كل واحد الكتاب، وجملة الكتب المنزلة من السماء مائة وأربعة كتب كما قيل


فتح البيان في مقاصد القرآن (11/ 242)
(وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم) من الأمم الماضية أنبياءهم (جاءتهم رسلهم بالبينات) أي بالمعجزات الواضحة والدلالات الظاهرة (وبالزبر) أي الكتب المكتوبة كصحف إبراهيم وهي ثلاثون، وكصحف موسى قبل التوراة وهي عشرة. وكصحف شيت وهي ستون فجملة الصحف مائة تضم لها الكتب الأربعة فجملة الكتب المنزلة على الأنبياء مائة وأربعة. قاله الحفناوي.
(وبالكتاب المنير) كالتوراة والإنجيل، قيل: الكتاب المنير داخل تحت الزبر، وتحت البينات، والعطف لتغاير المفهومات وإن كانت متحدة في الصدق، والأولى تخصيص البينات بالمعجزات، والزبر بالكتب التي فيها مواعظ، والكتاب بما فيه شرائع وأحكام، وجواب الشرط محذوف، أي فاصبر كما صبروا، وأن المذكور دليل له.


فتح الرحمن في تفسير القرآن لمجير الدين بن محمد العليمي المقدسي الحنبلي (1/ 298)
{وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} المرادُ: الجنسُ، لا أنه معَ كلِّ نبيٍّ كتابٌ؛ لأن منهم من لم يكن له كتابٌ، وإنما أخذ بكتبِ مَنْ قبلَه.