تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات

    قال ابن القيم رحمه الله :

    حجاب أهل الكبائر الباطنة ، كحجاب أهل الكبر والعجب والرياء والحسد ، والفخر والخيلاء ونحوها .

    و حجاب أهل الكبائر الظاهرة ، وحجابهم أرق من حجاب إخوانهم من أهل الكبائر الباطنة ،
    مع كثرة عباداتهم وزهاداتهم واجتهاداتهم ،
    فكبائر هؤلاء أقرب إلى التوبة من كبائر أولئك
    ،
    فإنها قد صارت مقامات لهم لا يتحاشون من إظهارها وإخراجها في قوالب عبادة ومعرفة
    ،
    فأهل الكبائر الظاهرة أدنى إلى السلامة منهم وقلوبهم خير من قلوبهم .

    فتراه أزهد ما يكون ، وأعبد ما يكون ، وأشد اجتهادا
    ،
    وهو أبعد ما يكون عن الله ،

    وأصحاب الكبائر أقرب قلوبا إلى الله منه ، وأدنى منه إلى الإخلاص والخلاص .

    فانظر إلى السجاد العباد الزاهد الذي بين عينيه أثر السجود (ذو الخُوَيْصرةاعتر ض على تقسيم النبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال له إعدل يامحمد، فرد عليه الرسول الكريم قائلا:
    "ويلك إن لم أعدل فمن يعدل"،
    فذهب الرجل فقال الرسول: "ليخرجن من ظئظء هذا أقوام تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم يقرئون القرآن لايتعدى تراقيهم يكونون دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم ادخلوه فيها)،

    انظر كيف ورثه طغيان عمله أن أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم ،
    وأورث أصحابه احتقار المسلمين ، حتى سلوا عليهم سيوفهم ، واستباحوا دماءهم .


    وانظر إلى الشريب السكير الذي كان كثيرا ما يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيحده على الشراب
    ، كيف قامت به قوة إيمانه ويقينه ، ومحبته لله ورسوله ، وتواضعه وانكساره لله حتى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعنه .


    فظهر بهذا :
    أن طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات
    ..... .

    فالطاعة قد تكون سببا للطغيان والإعجاب بالنفس والرياء للخلق واحتقار الغير مما يكون سببا في سخط الله على ذلك الذي قام بالطاعة.

    وقد تكون المعصية سببا للندم والخوف من الله واحتقار النفس والإخلاص في العمل والتواضع لله سبحانه،
    فيكون ذلك سببا لرضا الله تعالى عن العبد...


    فرب انسان بات قائما واصبح معجبا
    ورب انسان بات مذنبا واصبح منكسرا تائبا

    فاحـــــذر كل الحذر من ان تعجبك طاعتك .. او أن ترى لنفسك قدرا
    مدارج السالكين


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات

    الطغيان من أعظم أسباب هلاك الإنسان وهوانه على الله عز وجل، وما كفر من كفر ولا عصى من عصى إلا طغى إذ تجاوز حده، وحد الإنسان إنما هو الوقوف عند عتبة العبودية لله عز وجل بتوحيده وفعل المأمور وترك المحظور.
    إن أسباب الطغيان متعددة؛فمن الناس من يطغيهم ملكهم، وشَرُّ سَلِفٍ لهم فرعون الذي ظن لنفسه فضلاً على كليم الله موسى -عليه السلام- بحجة فارغة حيث قال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [الزخرف:51]، ثم جاوز الحد في الطغيان حتى قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:24]،
    ومنهم من تطغيهم قوتهم وهؤلاء سلفهم عاد قوم هود حيث قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت:15]،
    ومن الناس من تطغيهم أموالهم وسلفهم قارون الذي قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص:78]، ثم لم يلبث أن اختال بما أوتيه من مال {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} [القصص:79].
    والجزاء من جنس العمل؛ فلما كان الطغيان علواً في الأرض بغير الحق كانت عاقبته الذلة والهوان،
    أما فرعون الذي غره ملكه وادعى أنه الرب الأعلى فقد سلبه الله ملكه وغيبه أسفل اليم وملأ فمه طيناً ثم جعله الله لمن خلفه آية،
    وأما عاد الذين غرتهم قوتهم فقد أخزاهم الله وأرسل عليهم جنداً من جنده،
    قال الله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت:16]،
    وأما قارون الذي اختال على الناس بكنوزه وأمواله وعلا بها عليهم
    فقد صيره الله -عز وجل أسفل- سافلين، قال الله: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص:81] هذا في الدنيا وللظالمين أمثالها؛ وأما في الآخرة
    فقد قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:37-39].

    وليس الطغيان قاصراً على أهل الكفر والعصيان،
    بل قد يطغى المرء وهو من أهل الطاعة أن رأى نفسه استغنت بشيء من النعم؛ من العلم أو العبادة أو النسب، أو غير ذلك.
    أما العلم فقد قال وهب بن منبه:
    إن للعلم طغياناً كطغيان المال، وهذا إن ترفع به صاحبه على من دونه ولم يزكه بالعمل به، أو إن دفعه علمه للتحايل على شرع الله وتتبع الرخص”.
    أما العبادة
    فمن العُبَّاد من يرى لنفسه فضلاً على من هم دونه فيها ولا يراهم إلا مقصرين وكسالى مع أن منهم من في قلبه من الإيمان أضعاف ما في قلبه هو، ومن العُبَّاد من يحسب أنه هو الناجي وحده وكل الناس هلكى،
    وفي الحديث (إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم) بضم الكاف وفتحها، والضم أشهر أي أنه أكثرهم هلاكاً.

    وأما النسب
    فالتطاول به على الناس من أمور الجاهلية التي وضعها النبي -صلى الله عليه وسلم- تحت قدميه الشريفتين، وفي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام خطب الناس يوم فتح مكة فقال: (يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية [كبر الجاهلية] الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان؛ بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}.

    هذا، وقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام أمته أشد تحذير من نوع خفي من الطغيان
    وهو أن يعمل الرجل عملاً صالحاً في ظاهره الذي يبدو للناس بينما هو لا يريد به وجه الله سبحانه وتعالى، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار).

    ولو تأمل المرء في كل صور الطغيان لوجد أن مرجعها جميعاً إلى خلل في التصور وفساد في العقل،
    فمن لم يعرف قدر ربه جل وعلا فيقدره حق قدره، ولم يعرف قدر نفسه وحقيقتها وافتقارها وعوزها إلى خالقها سبحانه،
    غره ما قد يجده منها من استغناء عما سواها -في الظاهر-
    فيوقعه سوء فكره في الطغيان
    {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى} [العلق:6-7]،
    وسلفه في هذا إبليس الذي أوقعه سوء فكره في قياس فاسد فعارض أمر الملك سبحانه وتعالى قائلاً: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[ص:76]!

    ولإن ذكرت آيتا العلق سبب الطغيان فإن العلاج الرباني لم يتأخر فجاء الكلام مذكراً ومنبهاً {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} [العلق:8]، وكما قال الحسن رحمه الله: “من علم أنه إلى الله راجع علم أنه بين يديه موقوف مسؤول فليعد لكل سؤال جواباً”.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات

    نفع الله بكم،

    هل يصح : أن النفس تقع بالعجب أولا فإن لم تتب تقع بالكبر؟
    ونعوذ بالله منهما، وهل يعلم من أصابه العجب والكبر أنه وقع بالذنب أم أنه يبرر لنفسه ويصدق ما يبرر به؟!!
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة

    هل يصح : أن النفس تقع بالعجب أولا فإن لم تتب تقع بالكبر؟
    بارك الله فيك
    فرق القرافي بين الكبر والعجب فقال:
    (الفرق الستون والمائتان بين قاعدة الكبر وقاعدة العجب)
    قد تقدمت حقيقة الكبر، وأنه في القلب، ويعضد ذلك قوله تعالى:
    {إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه}
    فجعل محله القلب والصدور.
    وأما العجب فهو رؤية العبادة، واستعظامها من العبد،
    فهو معصية تكون بعد العبادة، ومتعلقة بها هذا التعلق الخاص، كما يتعجب العابد بعبادته، والعالم بعلمه، وكل مطيع بطاعته،
    هذا حرام غير مفسد للطاعة؛ لأنه يقع بعدها،
    بخلاف الرياء، فإنه يقع معها فيفسدها،
    وسر تحريم العجب أنه سوء أدب على الله تعالى،
    فإن العبد لا ينبغي له أن يستعظم ما يتقرب به إلى سيده،
    بل يستصغره بالنسبة إلى عظمة سيده، لا سيما عظمة الله تعالى؛
    ولذلك قال الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره}
    أي: ما عظموه حق تعظيمه، فمن أعجب بنفسه وعبادته فقد هلك مع ربه، وهو مطلع عليه، وعرض نفسه لمقت الله تعالى، وسخطه، ونبه على ضد ذلك قوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} معناه: يفعلون من الطاعات ما يفعلون وهم خائفون من لقاء الله تعالى بتلك الطاعة احتقارًا لها، وهذا يدل على طلب هذه الصفة، والنهي عن ضدها، فالكبر راجع للخلق والعباد، والعجب راجع للعبادة. انتهى.
    وقال ابن القيم في مدارج السالكين:
    العارف لا يرضى بشيء من عمله لربه، ولا يرضى نفسه لله طرفة عين، ويستحيي من مقابلة الله بعمله... وكان بعض السلف يصلي في اليوم والليلة أربعمائة ركعة، ثم يقبض على لحيته ويهزها ويقول لنفسه: يا مأوى كل سوء، وهل رضيتك لله طرفة عين. وقال بعضهم: آفة العبد رضاه عن نفسه، ومن نظر إلى نفسه باستحسان شيء منها فقد أهلكها، ومن لم يتهم نفسه على دوام الأوقات فهو مغرور. انتهى.

    وقال ابن الجوزي في صيد الخاطر: وتأمل على الفطناء أحوالهم في ذلك، فالملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، قالوا: ما عبدناك حق عبادتك، والخليل عليه السلام يقول: "والذي أطمع أن يغفر لي" وما أدل بتصبره على النار، وتسليمه الولد إلى الذبح، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما منكم من ينجيه عمله، قالوا ولا أنت؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته. وأبو بكر رضي الله عنه يقول: وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟ وعمر رضي الله عنه يقول: لو أن لي طلاع الأرض لافتديت بها من هول ما أمامي، قبل أن أعلم ما الخبر. وابن مسعود يقول: ليتني إذا مت لا أبعث. وعائشة رضي الله عنها تقول: ليتني كنت نسيًا منسيًا، وهذا شأن جميع العقلاء، فرضي الله عن الجميع. اهـ.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة

    النفس تقع بالعجب أولا فإن لم تتب تقع بالكبر؟
    البواعث على التكبر وأسبابه :
    الكِبْر الظاهر أسبابه ثلاثة :
    1- سبب في المتكبر : وهو العجب، فهو يورث الكِبْر الباطن، والكِبْر يثمر التكبر الظاهر في الأعمال، والأقوال، والأحوال .
    2- وسبب في المتكبر عليه : وهو الحقد والحسد، فأما الحقد فإنه يحمل على التكبر من غير عجب، كالذي يتكبر على من يرى أنه مثله، أو فوقه، ولكن قد غضب عليه بسبب سبق منه، فأورثه الغضب حقدًا، ورسخ في قلبه بغضه فهو لذلك لا تطاوعه نفسه أن يتواضع له، وإن كان عنده مستحقًّا للتواضع، فكم من رذل لا تطاوعه نفسه على التواضع لواحد من الأكابر؛ لحقده عليه، أو بغضه له، ويحمله ذلك على ردِّ الحق إذا جاء من جهته، وعلى الأنفة من قبول نصحه، وعلى أن يجتهد في التقدم عليه، وإن علم أنه لا يستحق ذلك، وعلى أن لا يستحله وإن ظلمه، فلا يعتذر إليه وإن جنى عليه، ولا يسأله عما هو جاهل به .
    وأما الحسد فإنه أيضًا يوجب البغض للمحسود، وإن لم يكن من جهته إيذاء وسبب يقتضي الغضب والحقد، ويدعو الحسد أيضًا إلى جحد الحق، حتى يمنع من قبول النصيحة وتعلم العلم، فكم من جاهل يشتاق إلى العلم، وقد بقي في رذيلة الجهل؛ لاستنكافه أن يستفيد من واحد من أهل بلده أو أقاربه حسدًا وبغيًا عليه، فهو يعرض عنه، ويتكبر عليه، مع معرفته بأنه يستحق التواضع بفضل علمه، ولكن الحسد يبعثه على أن يعامله بأخلاق المتكبرين، وإن كان في باطنه ليس يرى نفسه فوقه .
    3- وسبب فيما يتعلق بغيرهما : وهو الرياء، فهو أيضًا يدعو إلى أخلاق المتكبرين حتى إن الرجل ليناظر من يعلم أنه أفضل منه، وليس بينه وبينه معرفة، ولا محاسدة، ولا حقد، ولكن يمتنع من قبول الحق منه، ولا يتواضع له في الاستفادة، خيفة من أن يقول الناس إنه أفضل منه، فيكون باعثه على التكبر عليه الرياء المجرد، ولو خلا معه بنفسه لكان لا يتكبر عليه .
    وأما الذي يتكبر بالعجب، أو الحسد، أو الحقد، فإنه يتكبر أيضًا عند الخلوة به، مهما لم يكن معهما ثالث، وكذلك قد ينتمي إلى نسب شريف كاذبًا، وهو يعلم أنه كاذب، ثم يتكبر به على من ليس ينتسب إلى ذلك النسب، ويترفع عليه في المجالس، ويتقدم عليه في الطريق، ولا يرضى بمساواته في الكرامة، والتوقير، وهو عالم باطنًا، بأنَّه لا يستحق ذلك، ولا كبر في باطنه لمعرفته بأنه كاذب في دعوى النسب، ولكن يحمله الرياء على أفعال المتكبرين، وكأنَّ اسم المتكبر إنَّما يطلق في الأكثر على من يفعل هذه الأفعال عن كبر في الباطن، صادر عن العجب والنظر إلى الغير، بعين الاحتقار، وهو إن سمي متكبرًا، فلأجل التشبه بأفعال الكِبْر،
    فتصير الأسباب بهذا الاعتبار أربعة:
    العجب، والحقد، والحسد،والرياء .[احياء علوم الدين بتصرف]

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    الكبر؟
    الكِبْر من أوَّل الذنوب التي عُصي الله تبارك وتعالى بها، قال الله تعالى مبيِّنًا سبب امتناع إبليس عن السجود لآدم : " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ " [البقرة: 34] .
    قال الطبري: (وهذا، وإن كان من الله جل ثناؤه خبرًا عن إبليس، فإنه تقريعٌ لضُربائه من خلق الله الذين يتكبرون عن الخضوع لأمر الله، والانقيادِ لطاعته فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه، والتسليم له فيما أوجب لبعضهم على بعض من الحق) [جامع البيان] .
    وقال عوف بن عبد الله للفضل بن المهلب : إنِّي أريد أن أعظك بشيء، إيَّاك والكِبْر، فإنَّه أول ذنب عصى الله به إبليس، ثم قرأ : " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ " [البقرة: 34][مفاتيح الغيب].
    - والكِبْر سبب رئيس في هلاك الأمم السابقة : فهؤلاء قوم نوح ما منعهم عن قبول الدعوة، والاستماع لنداء الفطرة والإيمان، إلا الكِبْر، فقد قال الله تعالى على لسان نبيِّهم نوح عليه السلام : " وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا " [نوح: 7] .
    وهؤلاء قوم عاد ظنوا بسبب تكبرهم أنَّه لا قوة أشدُّ من قوتهم، فقد قال الله عنهم : " فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ " [فصلت: 15-16] .

    - وهو سبب للصرف عن دين الله، قال الله تبارك وتعالى : " سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ " [الأعراف: 146] .
    - وهو سبب لدخول النَّار والخلود فيها، قال الله تبارك وتعالى : " وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُ م بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ " [الأحقاف: 20] .





  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات

    بارك الله فيكم
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2020
    المشاركات
    54

    افتراضي رد: طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    فظهر بهذا :
    أن طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات
    فالطاعة قد تكون سببا للطغيان والإعجاب بالنفس والرياء للخلق واحتقار الغير مما يكون سببا في سخط الله على ذلك الذي قام بالطاعة.

    وقد تكون المعصية سببا للندم والخوف من الله واحتقار النفس والإخلاص في العمل والتواضع لله سبحانه،
    فيكون ذلك سببا لرضا الله تعالى عن العبد...
    ..... .


    وهذا واقع مشاهد وملاحظ وملموس في حياتنا اليومية في العمل والمدرسة والسوق ومع الأقارب والجيران والحياة الزوجية ومع الأولاد الخ ..
    تجد أهل الغلو ممن ظاهره الصلاح أحيانا يميل إلى إنزال العقوبة والتثريب وإطلاق الأحكام الطائرة ...في المقابل تجد ممن ظاهرة التقصير أكثر هين لين ودود لا يتعدى على أحد متواضع محب للسلام والخير للناس ..




  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات

    بارك الله فيكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •