قال ابن القيم رحمه الله :
حجاب أهل الكبائر الباطنة ، كحجاب أهل الكبر والعجب والرياء والحسد ، والفخر والخيلاء ونحوها .
و حجاب أهل الكبائر الظاهرة ، وحجابهم أرق من حجاب إخوانهم من أهل الكبائر الباطنة ،
مع كثرة عباداتهم وزهاداتهم واجتهاداتهم ،
فكبائر هؤلاء أقرب إلى التوبة من كبائر أولئك
،
فإنها قد صارت مقامات لهم لا يتحاشون من إظهارها وإخراجها في قوالب عبادة ومعرفة
،
فأهل الكبائر الظاهرة أدنى إلى السلامة منهم وقلوبهم خير من قلوبهم .
فتراه أزهد ما يكون ، وأعبد ما يكون ، وأشد اجتهادا
،
وهو أبعد ما يكون عن الله ،
وأصحاب الكبائر أقرب قلوبا إلى الله منه ، وأدنى منه إلى الإخلاص والخلاص .
فانظر إلى السجاد العباد الزاهد الذي بين عينيه أثر السجود (ذو الخُوَيْصرةاعتر ض على تقسيم النبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال له إعدل يامحمد، فرد عليه الرسول الكريم قائلا:
"ويلك إن لم أعدل فمن يعدل"،
فذهب الرجل فقال الرسول: "ليخرجن من ظئظء هذا أقوام تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم يقرئون القرآن لايتعدى تراقيهم يكونون دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم ادخلوه فيها)،
انظر كيف ورثه طغيان عمله أن أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم ،
وأورث أصحابه احتقار المسلمين ، حتى سلوا عليهم سيوفهم ، واستباحوا دماءهم .
وانظر إلى الشريب السكير الذي كان كثيرا ما يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيحده على الشراب
، كيف قامت به قوة إيمانه ويقينه ، ومحبته لله ورسوله ، وتواضعه وانكساره لله حتى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعنه .
فظهر بهذا :
أن طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات
..... .
فالطاعة قد تكون سببا للطغيان والإعجاب بالنفس والرياء للخلق واحتقار الغير مما يكون سببا في سخط الله على ذلك الذي قام بالطاعة.
وقد تكون المعصية سببا للندم والخوف من الله واحتقار النفس والإخلاص في العمل والتواضع لله سبحانه،
فيكون ذلك سببا لرضا الله تعالى عن العبد...
فرب انسان بات قائما واصبح معجبا
ورب انسان بات مذنبا واصبح منكسرا تائبا
فاحـــــذر كل الحذر من ان تعجبك طاعتك .. او أن ترى لنفسك قدرا
مدارج السالكين