بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين و الحمد لله رب العالمين، أما بعد فهذه كلمة برقية حول حديث "ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله و ما والاه، و عالم أو متعلم" و هذا اللفظ ورد في سنن الترمذي.

هذا الحديث في الواقع هو حديث عظيم يلخص حال الدنيا و حقارتها لمن من الله عليه بفضله و رزقه الإيمان و البصيرة و قد يفهم بعض الناس هذا الحديث خطأ فيعتقدون أن معناه ترك الدنيا بما فيها و ليس الأمر كذلك فالدنيا إنما وُجدت لكي تُعاش، بل معناه أن ذكر الله يَجِبُ أن يكون حاضرا في كل أمر دنيوي مهما بلغت درجة دنيويته و حقارته فَفِي الأكل مثلا يتذكر الإنسان عظمة الخالق الذي خلق من المأكولات و المشروبات ما لذ و طاب و كيف هي تسقى بماء واحد و مع ذلك يفضل الله بعضها على بعض في الأُكل.

و الأَكل هو شأن دنيوي صرف و هو ملعون ما لم يكن لِذكر الله فيه نصيب أما عندما يكون لله فيه نصيب يصبح شأنا دينيا بل و يصبح عبادة يُتقرب بها إلى الله و قس على ذلك أي شأن دنيوي آخر.

إن الطبيب و هو يداوي المريض يجب عليه أن يتفكر في عِظم خلق الله الذي خلق الإنسان و خلق فيه العلل و خلق لتلك العلل الأدوية و رزق الناس معارف مختلفة و سخرهم لخدمة بعضهم البعض و عليه أن يُذكِّر المريض بالإبتلاءات التي يبتلي بها الله عباده و بضرورة الصبر و ما فيه من عظيم أجر. عند ذلك يصير الأمر من شأن دنيوي حقير إلى شأن ديني عظيم.

و الحمد لله رب العالمين.