تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: المعلقات في «صحيح مسلم»، وتحقيق القول فيها، وبيان مواضعها

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي المعلقات في «صحيح مسلم»، وتحقيق القول فيها، وبيان مواضعها

    المعلقات في «صحيح مسلم»، وتحقيق القول فيها، وبيان مواضعها[1]
    ذكر الحافظ ابن الصلاح في «صيانة صحيح مسلم» (ص81) أن التعاليق في صحيح مسلم» في اثني عشر موضعًا.
    وذكر الحافظ ابن حجر في «نكته» أنها ثلاثة عشر موضعًا.
    قلت: عند التحقيق ليست إلا ستةً فحسب، وكلها قد وصلها مسلم في «صحيحه»، إلا موضعًا واحدًا لم يوصله، وهو موصول عند البخاري.
    وإليك تحقيق القول في ذلك:
    الموضع الأول: قال مسلم في التيمم، رقم (369): وروى الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن عمير مولى ابن عباس، أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث بن الصِّمَّة الأنصاري، فقال أبو الجهم: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل، فسلَّم عليه، فلم يَرُدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، حتى أقبل على الجدار، فمسح وجهه ويديه، ثم ردَّ عليه السلام.
    وهذا الحديث لم يوصله مسلم في «صحيحه» في موضع آخر، ووصله البخاري في «صحيحه» (337)، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، فذكره.
    قال العراقي في «نكته» (1/ 226): «ليس في كتاب مسلم بعد المقدِّمة حديث معلَّق لم يوصله إلا حديث أبي الجهم».
    قلت: وهو كما قال.
    الموضع الثاني: قال مسلم عند باب استحباب الوضع من الدَّين، رقم (1558): حدثنا حرملة بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني عبد الله بن كعب بن مالك، أخبره عن أبيه، أنه تقاضى ابن أبي حدرد دَينًا كان له عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سِجْف حجرته، ونادى كعب بن مالك، فقال: «يَا كَعْبُ»، فقال: لبيك يا رسول الله، فأشار إليه بيده أن ضع الشطر من دينك، قال كعب: قد فعلت يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قُمْ فَاقْضِهِ».
    وحدثناه إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا يونس، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، أن كعب بن مالك أخبره أنه تقاضى دَينًا له على ابن أبي حدرد، بمثل حديث ابن وهب.
    قال مسلم: وروى الليث بن سعد، قال: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن كعب بن مالك، أنه كان له مال على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، فلقيه، فلزمه، فتكلما حتى ارتفعت أصواتهما، فمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يَا كَعْبُ»، فأشار بيده، كأنه يقول النصف، فأخذ نصفًا مما عليه، وترك نصفًا.
    فقوله: «وروى الليث بن سعد، قال: حدثني جعفر بن ربيعة...»، تعليق، وقد ذكره أولًا بالأسانيد الموصولة.
    الموضع الثالث: قال مسلم عند باب قوله صلى الله عليه وسلم: لا تأتي مئة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم، رقم (2537): حدثنا محمد بن رافع، وعبد بن حميد، عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني سالم بن عبد الله، وأبو بكر بن سليمان، أن عبد الله بن عمر قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلَّم قام فقال: «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِئَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ».
    حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: أخبرنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب.
    ورواه الليث، عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، كلاهما، عن الزهري، بإسناد معمر كمثل حديثه.
    فقوله: «ورواه الليث عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر»، تعليق، وقد ذكره أولًا بالأسانيد الموصولة.
    الموضع الرابع: قال مسلم عند باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، رقم (630): حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: أخبرنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا الفضيل بن مرزوق، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب ﭭ، قال: نزلت هذه الآية: «حافظوا على الصلوات، وصلاة العصر»، فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله، فنزلت: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [البقرة: 238]، فقال رجل كان جالسًا عند شقيق له: هي إذًا صلاة العصر، فقال البراء: قد أخبرتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله، والله أعلم.
    قال مسلم: ورواه الأشجعي، عن سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب، قال: قرأناها مع النبي صلى الله عليه وسلم زمانًا. بمثل حديث فضيل بن مرزوق.
    فقوله: «ورواه الأشجعي، عن سفيان الثوري...»، تعليق، وقد ذكره أولًا بالأسانيد الموصولة.
    الموضع الخامس: قال مسلم عند باب من اعترف على نفسه بالزنا، رقم (1691): حدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، قال: حدثني أبي، عن جدي، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فناداه، فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأعرض عنه، فتنحى تلقاء وجهه، فقال له: يا رسول الله، إني زنيت، فأعرض عنه، حتى ثنَّى ذلك عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أَبِكَ جُنُونٌ؟»، قال: لا، قال: «فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟»، قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ»، قال ابن شهاب: فأخبرني مَن سَمع جابر بن عبد الله يقول: فكنت فيمن رجمه، فرجمناه بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة هرب، فأدركناه بالحرة، فرجمناه.
    ورواه الليث أيضًا عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، بهذا الإسناد مثله.
    وحدثنيه عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، بهذا الإسناد أيضًا، وفي حديثهما جميعًا قال ابن شهاب: أخبرني من سمع جابر بن عبد الله، كما ذكر عقيل.
    وحدثني أبو الطاهر، وحرملة بن يحيى، قالا: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، وابن جريج، كلهم عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو رواية عقيل، عن الزهري، عن سعيد، وأبي سلمة، عن أبي هريرة.
    فقوله: «ورواه الليث أيضًا عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، بهذا الإسناد مثله»، تعليق، وقد ذكره بالأسانيد الموصولة.
    الموضع السادس: قال مسلم عند باب خيار الأئمة وشرارهم، رقم (1855): حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: أخبرنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا الأوزاعي، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن رُزَيْق بن حَيَّان، عن مسلم بن قَرَظَة، عن عوف بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُم ْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُ مْ، وَتَلْعَنُونَهُ مْ وَيَلْعَنُونَكُ مْ»، قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: «لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ».
    حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد؛ يعني: ابن مسلم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: أخبرني مولى بني فزارة، وهو رُزَيق بن حيَّان، أنه سمع مسلم بن قَرَظَة ابن عم عوف بن مالك الأشجعي يقول: سمعت عوف بن مالك الأشجعي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.
    وحدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا ابن جابر، بهذا الإسناد.
    قال مسلم: ورواه معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن مسلم بن قَرَظَة، عن عوف بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله.
    فقوله: «ورواه معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد...»، تعليق، وقد ذكره أولًا بالأسانيد الموصولة.
    وهناك ما ذُكِر أنه من التعاليق، وليس كذلك، بل هو من باب المبهم، والله أعلم، وسيأتي ما يؤيد هذا من كلام القاضي عياض، وكذا كلام الإمام النووي رحمهما الله.
    وإليك بيانه:
    الموضع الأول: قال مسلم عند باب إذا نهض من الركعة الثانية، رقم (599): وحُدِّثت عن يحيى بن حسان، ويونس المؤدب، وغيرهما، قالوا: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثني عمارة بن القعقاع، قال: حدثنا أبو زرعة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولم يسكت.
    وهذا الحديث من باب المبهم، وليس من المعلَّق.
    الموضع الثاني: قال مسلم عند باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، رقم (974): حدثني مَن سمع حجاجًا الأعور، قال: حدثنا حجاج بن محمد، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله - رجل من قريش - عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب، أنه قال يومًا: ألا أحدِّثكم عني وعن أمي، قال: فظننا أنه يريد أمه التي ولدته، قال: قالت عائشة: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: بلى، قال: قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي، انقلب فوضع رداءه، فذكرت الحديث، وفيه: «إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ»، قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: «قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِين َ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِ ينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِ رِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ».
    فقوله: «حدثني من سمع حجاجًا الأعور...»، من باب الإبهام، وليس هو من باب التعليق.
    وقد اعترض القاضي عياض على مَن عدَّ هذا من المعلَّق، فقال في قول مسلم: «حدثني من سمع حجاجًا الأعور»: «قال أبو علي الغسَّاني الجَيَّاني: هذا الحديث أحد الأحاديث المقطوعة في مسلم. وقوله: إن هذا مقطوع لا يوافَق عليه، بل هو مسند، وإنما لم يُسمِّ رواته، فهو من باب المجهول، لا من باب المنقطع؛ إذ المنقطع ما سقط من رواته راو قبل التابعي» اهـ.
    ذكره عنه النووي في «شرح مسلم»، وقال (7/ 42): «وتقدير كلام مسلم: حدثني مَن سمع حجاجًا الأعور، قال هذا المحدِّث: حدثني حجاج بن محمد، فحكى لفظ المحدِّث هذا كلام القاضي. قلت: ولا يقدح رواية مسلم لهذا الحديث عن هذا المجهول الذي سمعه منه عن حجاج الأعور؛ لأن مسلمًا ذكره متابعة، لا متأصلًا معتمدًا عليه، بل الاعتماد على الإسناد الصحيح قبله» اهـ.
    قلت: الإسناد الصحيح ذكره مسلم، فقال: حدثني هارون بن سعيد الأيلي، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرنا ابن جريج، عن عبد الله بن كثير بن المطلب، أنه سمع محمد بن قيس يقول: سمعت عائشة تحدِّث فقالت: ألا أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعني، قلنا: بلى...
    وذكر قبله (974) إسنادًا آخر، فقال: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، ويحيى بن أيوب، وقتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، عن شريك؛ وهو ابن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن عائشة ڤ، بنحوه.
    فتبين أن الإسناد الذي فيه إبهام إنما جاء متابعة لا تأصيلًا، كما قال النووي رحمه الله.
    الموضع الثالث: قال مسلم عند باب استحباب الوضع من الدَّين، برقم (1557): حدثني غير واحد من أصحابنا، قالوا: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثني أخي، عن سليمان؛ وهو ابن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الرِّجال محمد بن عبد الرحمن، أن أُمَّه عَمْرَة بنت عبد الرحمن قالت: سمعت عائشة تقول: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما، فقال: «أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ؟»، قال: أنا، يا رسول الله، فله أي ذلك أحب.
    قال النووي في «شرح مسلم» (10/ 220): «قال جماعة من الحفاظ: هذا أحد الأحاديث المقطوعة في «صحيح مسلم»، وهي اثنا عشر حديثًا سبق بيانها في الفصول المذكورة في مقدمة هذا الشرح؛ لأن مسلمًا لم يذكر من سمع منه هذا الحديث، قال القاضي: إذا قال الراوي: حدثني غير واحد، أو حدثني الثقة، أو حدثني بعض أصحابنا، ليس هو من المقطوع ولا من المرسل ولا من المعضل عند أهل هذا الفن، بل هو من باب الرواية عن المجهول، وهذا الذي قاله القاضي هو الصواب»اهـ.
    الموضع الرابع: قال مسلم عند باب تحريم الاحتكار في الأقوات، رقم (1605): حدثني بعض أصحابنا، عن عمرو بن عون، قال: أخبرنا خالد بن عبد الله، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن عمرو، عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن أبي معمر أحد بني عدي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر بمثل حديث سليمان بن بلال عن يحيى.
    قلت: حديث سليمان بن بلال عن يحيى، أخرجه مسلم (1605)، قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، قال: حدثنا سليمان؛ يعني: ابن بلال، عن يحيى؛ وهو ابن سعيد، قال: كان سعيد بن المسيب يحدِّث أن معمرًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ».
    والحديث أخرجه مسلم أيضًا بنفس الرقم، قال: حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عجلان، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن عبد الله رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ».
    وعليه، فلا يضر الإبهام الحاصل في هذا الحديث؛ لأنه في باب المتابعات، وقد ذكر مسلم الأسانيد الصحيحة للحديث.
    قال النووي في «شرح مسلم» (11/ 43، 44): «قول مسلم: «وحدثني بعض أصحابنا، عن عمرو بن عون، قال حدثنا خالد بن عبد الله، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن عمرو، عن سعيد بن المسيب»، قال الغسَّاني وغيره: هذا أحد الأحاديث الأربعة عشر المقطوعة في «صحيح مسلم»، قال القاضي: قد قدَّمنا أن هذا لا يسمى مقطوعًا إنما هو من رواية المجهول. وهو كما قال القاضي، ولا يضر هذا الحديث لأنه أتى به متابعة، وقد ذكره مسلم من طرق متصلة برواية من سماهم من الثقات، وأما المجهول فقد جاء مسمى في رواية أبي داود وغيره، فرواه أبو داود في «سننه»، عن وهب بن بقية، عن خالد بن عبد الله، عن عمرو بن يحيى، إسناده، والله أعلم»اهـ.
    الموضع الخامس: قال مسلم عند باب إذا أراد الله تعالى رحمة أمة قبض نبيها قبلها، رقم (2288): حُدِّثت عن أبي أسامة، وممن روى ذلك عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني بُرَيْد بن عبد الله، عن أبي بُردة، عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ لَهَا فَرَطًا وَسَلَفًا بَيْنَ يَدَيْهَا، وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَهْلَكَهَا وَهُوَ يَنْظُرُ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوْا أَمْرَهُ».
    قلت: هذا موصول؛ فإبراهيم بن سعيد الجوهري من شيوخ مسلم.
    وقال النووي في «شرح مسلم» (15/ 52): «قال المازري والقاضي: هذا الحديث من الأحاديث المنقطعة في مسلم، فإنه لم يُسمِّ الذي حدَّثه عن أبي أسامة. قلت: وليس هذا حقيقة انقطاع، وإنما هو رواية مجهول، وقد وقع في حاشية بعض النسخ المعتمدة: قال الجلودي: حدثنا محمد بن المسيب الأرغياني، قال حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، بهذا الحديث عن أبي أسامة، بإسناده»اهـ.
    الموضع السادس: قال مسلم عند باب اتباع سنن اليهود والنصارى، رقم (2669): حدثني سويد بن سعيد، قال: حدثنا حفص بن ميسرة، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُو هُمْ»، قلنا: يا رسول الله، آليهود والنصارى؟ قال: «فَمَن؟».
    وحدثنا عدة من أصحابنا، عن سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا أبو غسان؛ وهو محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد، نحوه.
    قلت: وهذا فيه إبهام، وليس معلَّقًا.
    قال النووي في «شرح مسلم» (16/ 220): «قوله: «حدثني عدة من أصحابنا عن سعيد بن أبي مريم»، قال المازري: هذا من الأحاديث المقطوعة في مسلم، وهي أربعة عشر، هذا آخرها، قال القاضي: قلَّد المازري أبا علي الغساني الجَيَّاني في تسميته هذا مقطوعًا، وهي تسمية باطلة، وانما هذا عند اهل الصنعة من باب رواية المجهول، وانما المقطوع ما حُذِف منه راو. قلت: ... متن الحديث المذكور صحيح متصل بالطريق الأول، وإنما ذكر الثاني متابعة، وقد سبق أن المتابعة يحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول، وقد وقع في كثير من النُّسَخ هنا اتصال هذا الطريق الثاني من جهة أبي إسحاق إبراهيم بن سفيان راوي الكتاب عن مسلم، وهو من زياداته وعالي إسناده، قال أبو إسحاق: حدثني محمد بن يحيى، قال: حدثنا ابن أبي مريم، فذكره بإسناده إلى آخره، فاتصلت الرواية، والله أعلم»اهـ.
    ---------------
    [1] من حاشيتي على «علوم الحديث» لابن الصلاح، المسماة: «الحاشية المغنية»، الطبعة الثانية.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,564

    افتراضي رد: المعلقات في «صحيح مسلم»، وتحقيق القول فيها، وبيان مواضعها

    جزاكم الله شيخنا الفاضل . بحث ماتع نافع . نفع الله بكم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2016
    المشاركات
    1,147

    افتراضي رد: المعلقات في «صحيح مسلم»، وتحقيق القول فيها، وبيان مواضعها

    جزاكم الله خيرا، ونفع بكم... موضوع قيم وطيب.
    أبو يوسف الفلسطيني
    https://t.me/ZawadAlshamela

  4. #4

    افتراضي رد: المعلقات في «صحيح مسلم»، وتحقيق القول فيها، وبيان مواضعها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    الموضع الأول: قال مسلم عند باب إذا نهض من الركعة الثانية، رقم (599): وحُدِّثت عن يحيى بن حسان، ويونس المؤدب، وغيرهما، قالوا: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثني عمارة بن القعقاع، قال: حدثنا أبو زرعة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولم يسكت.
    وهذا الحديث من باب المبهم، وليس من المعلَّق.
    الموضع الثاني: قال مسلم عند باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، رقم (974): حدثني مَن سمع حجاجًا الأعور، قال: حدثنا حجاج بن محمد، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله - رجل من قريش - عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب، أنه قال يومًا: ألا أحدِّثكم عني وعن أمي، قال: فظننا أنه يريد أمه التي ولدته، قال: قالت عائشة: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: بلى، قال: قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي، انقلب فوضع رداءه، فذكرت الحديث، وفيه: «إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ»، قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: «قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِين َ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِ ينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِ رِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ».
    فقوله: «حدثني من سمع حجاجًا الأعور...»، من باب الإبهام، وليس هو من باب التعليق.
    وقد اعترض القاضي عياض على مَن عدَّ هذا من المعلَّق، فقال في قول مسلم: «حدثني من سمع حجاجًا الأعور»: «قال أبو علي الغسَّاني الجَيَّاني: هذا الحديث أحد الأحاديث المقطوعة في مسلم. وقوله: إن هذا مقطوع لا يوافَق عليه، بل هو مسند، وإنما لم يُسمِّ رواته، فهو من باب المجهول، لا من باب المنقطع؛ إذ المنقطع ما سقط من رواته راو قبل التابعي» اهـ.
    الموضع السادس: قال مسلم عند باب اتباع سنن اليهود والنصارى، رقم (2669): حدثني سويد بن سعيد، قال: حدثنا حفص بن ميسرة، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُو هُمْ»، قلنا: يا رسول الله، آليهود والنصارى؟ قال: «فَمَن؟».
    وحدثنا عدة من أصحابنا، عن سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا أبو غسان؛ وهو محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد، نحوه.
    قلت: وهذا فيه إبهام، وليس معلَّقًا.
    قال النووي في «شرح مسلم» (16/ 220): «قوله: «حدثني عدة من أصحابنا عن سعيد بن أبي مريم»، قال المازري: هذا من الأحاديث المقطوعة في مسلم، وهي أربعة عشر، هذا آخرها، قال القاضي: قلَّد المازري أبا علي الغساني الجَيَّاني في تسميته هذا مقطوعًا، وهي تسمية باطلة، وانما هذا عند اهل الصنعة من باب رواية المجهول، وانما المقطوع ما حُذِف منه راو. قلت: ... متن الحديث المذكور صحيح متصل بالطريق الأول، وإنما ذكر الثاني متابعة، وقد سبق أن المتابعة يحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول، وقد وقع في كثير من النُّسَخ هنا اتصال هذا الطريق الثاني من جهة أبي إسحاق إبراهيم بن سفيان راوي الكتاب عن مسلم، وهو من زياداته وعالي إسناده، قال أبو إسحاق: حدثني محمد بن يحيى، قال: حدثنا ابن أبي مريم، فذكره بإسناده إلى آخره، فاتصلت الرواية، والله أعلم»اهـ.
    ---------------
    قلتُ: يسمي بعض أهل العلم المبهم في الإسناد منقطعا.
    وأدخل بعضهم في المنقطع الحديث الذي في إسناد راو مبهم. وهذا واضح في كلام الحاكم وابن القطان.
    ونقل ابن الصلاح وغيره عن الأصوليين أنهم يسمون هذا النوع مرسلا، وممن أخرج المبهمات في المراسيل: أبو داود.
    قال العراقي:"وكل من القولين خلاف ما عليه الأكثرون فإنهم ذهبوا إلى أنه متصل في سنده مجهول، حكاه الرشيد العطار واختاره شيخنا صالح الدين العلائي". اهـ.

    وقال الدارقطني كما في العلل (3/8) في حديث مروي عن أبي مودود، قال: حدثني رجل، عمن سمع أبان بن عثمان، عن عثمان.
    فتابعه عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عن أبيه.
    قال الدارقطني عن الإسناد الأخير: "وهذا متصل". اهـ، فدل على أن الأول الذي فيه مبهمان عند الدارقطني منقطع.
    والله أعلم.
    .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •