شهد كل العشرة المبشرين بالجنة بدرا:
عدا عثمان لتمريضه لرقية فأخذ سهم بدر وأجره.
وطلحة وسعيد بن زيد كانا بالشام وقدما بعد رجوع النبي من بدر. فأخذا سهم بدر وأجره
وقال الواقدي وغيره لأنه أمرهما يتحسسان العير فجاءا بعد بدر. فأخذا سهم بدر وأجره
وأفضل من تكلم عن هذا التعارض صاحب رسالة الروايات المتعارضة في غزوة بدر جمعا وتوثيقا.


قلت: وهذا هو الواجب لأن العشرة المبشرين بالجنة هم أفضل الصحابة على الإطلاق وأهل بدر هم أفضل الصحابة فتعين أن العشرة المبشرين بالجنة كلهم حضر بدرا أو أخذ أجر من حضرها.


وفيما يلي نقول عما سبق:
ففي السيرة النبوية وأخبار الخلفاء لابن حبان (2/ 584)
وطلحة «4» بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، وهو قرشي «5» ، وكنيته «6» أبو محمد، وكان يقال له: الفياض «7» ، لكثرة بذله الأموال، لحق النبي صلى الله عليه وسلم ببدر بعد فراغه من بدر، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى حوراء «8» ليتجسس أخبار العير، فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره


وفي السيرة النبوية وأخبار الخلفاء لابن حبان (2/ 586)
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح «12» بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، كنيته أبو الأعور، قدم من الحوراء «13» مع طلحة بعد ما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من بدر، فضرب له «14» النبي صلى الله عليه وسلم «14» بسهمه «15» وأجره


وفي جوامع السيرة لابن حزم ط العلمية (ص: 91)
وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، كان بالشام فى تجارة، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، فهو بدرى


وفي جوامع السيرة لابن حزم ط العلمية (ص: 92)
وكان سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل غائبا بالشام، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، فهو بدرى.


وفي الدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر (ص: 116)
فَجَمِيع من شهد بَدْرًا من الْمُهَاجِرين سِتَّة6 وَثَمَانُونَ رجلا، كلهم شَهِدَهَا بِنَفسِهِ إِلَّا ثَلَاثَة رجال، وهم: عُثْمَان وَطَلْحَة وَسَعِيد بْن زيد، ضرب لَهُم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهامهم وأجورهم، فهم كمن شَهِدَهَا إِن شَاءَ اللَّه


وفي مغازي الواقدي (1/ 101)
وَثَمَانِيَةُ نَفَرٍ لَمْ يَحْضُرُوا وَضَرَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِهَامِهِمْ وَأُجُورِهِمْ، فَكُلّهُمْ مُسْتَحِقّ فِي بَدْرٍ، ثَلَاثَةٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَا اخْتِلَافَ فِيهِمْ عِنْدَنَا: عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ، خَلّفَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَتِهِ رُقَيّةَ، وَمَاتَتْ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، بَعَثَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَسّسَانِ الْعِيرَ، بَلَغَا الْحَوْرَاءَ- الْحَوْرَاءُ وَرَاءَ ذِي الْمَرْوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا لَيْلَتَانِ عَلَى السّاحِلِ، وَبَيْنَ ذِي الْمَرْوَةِ وَالْمَدِينَةِ ثَمَانِيَةُ بُرُدٍ أَوْ أَكْثَرُ قَلِيلًا.


وفي مغازي الواقدي (1/ 156)
وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، كَانَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ هُوَ وَطَلْحَةَ يَتَحَسّبَانِ الْعِيرَ، فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ


وفي السيرة النبوية لابن كثير (2/ 470):
وَكَانَ زَوْجُهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدِ احْتَبَسَ عِنْدَهَا يُمَرِّضُهَا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ فِي بَدْرٍ


وفي السيرة النبوية لابن كثير (2/ 497):
سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ الْعَدَوِيُّ ابْنُ عَمِّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، يُقَالُ: قَدِمَ مِنَ الشَّام بعد مرجعه مِنْ بَدْرٍ فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ


وفي السيرة النبوية لابن كثير (2/ 498):
طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ أَحَدُ الْعَشَرَةِ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ بَعْدَ مَرْجِعِهِمْ مِنْ بَدْرٍ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ


وفي السيرة النبوية لابن كثير (2/ 509)
* * * قُلْتُ: وَفِي الَّذِينَ عَدَّهُمُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي أَهْلِ بَدْرٍ مَنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمٍ فِي مَغْنَمِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهَا، تَخَلَّفَ عَنْهَا لِعُذْرٍ أُذِنَ لَهُ فِي التَّخَلُّف بِسَبَبِهَا، وَكَانُوا ثَمَانِيَةً أَوْ تِسْعَةً وَهُمْ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ تَخَلَّفَ عَلَى رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمَرِّضُهَا حَتَّى مَاتَتْ فَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَانَ بِالشَّامِ فَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.
وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ بِالشَّامِ أَيْضًا فَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.
...................


وفي الروايات المتعارضة في غزوة بدر جمعا وتوثيقا للدكتور محمد بن محمد العواجي (ص: 42 فما بعدها):
المسألة الرابعة عشرة: في سبب تخلف طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد رضي الله عنهما.
وردت روايتان عن سبب تخلف طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - وسعيد بن زيد - رضي الله عنه - عن بدر، وإعطائهما رسول الله صلى الله عليه وسلم سهميهما بل وأجر من شهدها.
فتذكر الرواية الأولى: أنهما كانا بالشام(3) ولم يكونا حاضرين وقت خروج النبي صلى الله عليه وسلم للغزوة.
__________
(1) .........
(2) ........
(3) ذكر الذهبي في السير، 1/25، تحقيق: شعيب الأرناؤوط،، ط: الثانية، 1403هـ، مؤسسة الرسالة. والحافظ ابن حجر في الإصابة، 2/ 229، في ترجمة طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - أن سبب تغيبه عن بدر هو وسعيد بن زيد أنهما كانا في تجارة لهما بالشام.


أما الرواية الثانية: فتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسلهما يتحسسان خبر عير قريش ولم يكونا بالشام لغرض التجارة.
1- ذكر ابن إسحاق في معرض حديثه عمن شهد بدراً طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - وسعيد بن زيد - رضي الله عنه - ، فقال:" ...وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن تيم، كان بالشام، فقدم بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فكلمه، فضرب له بسهمه، فقال: وأجري يا رسول الله؟ قال: "وأجرك"(1)، ثم قال: "... وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب، قدم من الشام بعدما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر، فكلمه، فضرب له رسول الله صلى الله علهي وسلم بسهمه، قال: وأجري يا رسول الله؟ قال: "وأجرك"(2).
__________
(1) السيرة النبوية، لابن إسحاق، (تهذيب ابن هشام، 1/682).
(2) المصدر السابق، وقد ذكر هذه الرواية موسى بن عقبة، انظر: مغازيه، 174، جمع ودراسة وتخريج، محمد با قشيش.


2- وأما الرواية الثانية فقد أخرجها الواقدي عن جمع من شيوخه قال: قالوا: ولما تحيَّن(1) رسول الله صلى الله عليه وسلم انصراف العير من الشام ندب أصحابه للعير، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - وسعيد بن زيد - رضي الله عنه - ، قبل خروجه من المدينة بعشر ليال يتحسسان خبر العير حتى نزلا على كَشَد(2) الجهني بالنخبار(3) من الحوراء، والنخبار من وراء ذي المروة، على الساحل، فأجارهما وأنزلهما، ولم يزالا مقيمين عنده في خباء حتى مرت العير، فرفع طلحة وسعيد على نشز(4) من الأرض، فنظرا إلى القوم وإلى ما تحمل العير، وجعل أهل العير يقولون:يا كشد: هل رأيت أحداً من عيون محمد؟ فيقول: أعوذ بالله، وأنى عيون محمد بالنخبار؟ فلما راحت العير باتا حتى أصبحا ثم خرجا وخرج معهما كشد خفيراً(5) حتى أوردهما ذا المروة، وساحلت العير، فأسرعت، وساروا الليل والنهار فرقاً من الطلب، فقدم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد في اليوم الذي لاقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر، فخرجا يعترضان النبي صلى الله عليه وسلم فلقياه بتُربَان(6)، بين مَلَل(7)
__________
(1) الحين: الوقت، القاموس، حين.
(2) ذكر الصالحي في سبل الهدى والرشاد، 4/19، نقلاً عن عمر بن شبَّة، أنهما نزلا على كثيِّر بن مالك الجهني.
(3) النخبار: لم أجد من عرَّفه، ولكنه قريب من الحوراء، كما قال المؤلف، والحوراء: بفتح أوله ممدود، تأنيث أحور: فُرضة من فرض البحر تلقاء ينبع، كانت ترفؤ إليها السفن من مصر لمن يريد المدينة، المعالم الأثيرة، 105.
(4) النشز: المكان المرتفع. القاموس نشز.
(5) خفيراً لهما: أي أجارهما ومنعهما، وآمنهما. القاموس، خفر.
(6) تربان: بضم الأول ثم السكون: واد نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طريقه إلىبدر، المعالم الأثيرة، 72.
(7) ملل: واد من أودية المدينة، يطؤه الطريق إلى مكة- عن طريق بدر- على مسافة(41) كيلاً... ، ويقال: فرش ملل)، وكذلك ( الفريش). المصدر السابق..


والسَّيالة(1)، على المحجة، وكانت منزل ابن أُذينة الشاعر، وقدم كشد بعد ذلك، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم سعيد وطلحة إجارته إياهما فحياه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكرمه وقال: ألا أقطع لك ينبع؟ فقال: إني كبير وقد نفد عمري، ولكن اقطعها لابن أخي، فقطعها له.(2)
الجمع بين الروايتين:
1- أنه في حال الأخذ بالروايتين دون طرح لأحدهما يمكن الجمع بينهما،بأن يكون طلحة وسعيد رضي الله عنهما كانا قد تجهزا للخروج إلى الشام للتجارة، وفي نفس الأمر يتحسسان خبر العير فلقيا أخبار العير فرجعا يخبران النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، لكنهما لم يدركاه بالمدينة، ثم حصل منهما طلب إشراكهما في الأجر والغنيمة،فتم لهما ذلك. والله أعلم.
2- بالنظر إلى الروايتين نجد أن الرواية الأولى هي الأقوى وهي التي تفيد أن طلحة وزيداً كانا في تجارة لهما بالشام.
ويبدو لي أن رواية الواقدي هي الأقرب إلى الصواب من الناحية النظرية؛ لأن كثيراً من الصحابة كانوا غائبين عن المدينة وقت الوقعة ومع ذلك لم يقسم لهم النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة ولم يشركهم في الأجر، فكون طلحة وزيد - رضي الله عنه - ما خرجا في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهما من الجيش، لذلك أشركهما في الأجر. أما إذا قبلنا الجمع المذكور فيمكن الأخذ بالروايتين. والله اعلم.




__________
(1) السيالة: على وزن سحابة، موضع بين مكة والمدينة، يبعد(47) عن المدينة في جنوبها الغربي. المصدر السابق.
(2) مغازي الواقدي، 1/19-20، والطبقات الكبرى، لابن سعد، 3/216عن شيخه الواقدي، وفيها اختلاف يسير في السياق، والمعنى واحد، وسبل الهدى والرشاد، للصالحي، 4/19، نقلاً عن عمر بن شبة، وزاد بعد قوله: فأ قطعها له: فا بتاعها منه عبد الرحمن بن أ سعد بن زرارة. و ذكر ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء، 1/136، نقلاً عن ابن سعد. وانظر: الزرقاني في شرحه على المواهب اللدنية، 1/409.