حكم وضع الثياب على الكعبين بحيث لا ينزل أسفل الكعبين:
اختلف العلماء فمنهم من من أجاز فلم يحرم ولم يدخله في نصوص النهي عن الإسبال:
1 - كبعض الحنابلة: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة: وأما الكعبان أنفسهما فقد قال بعض أصحابنا: يجوز إرخاؤه إلى أسفل الكعب وأما المنهي عنه ما نزل عن الكعب وقد قال أحمد أسفل من الكعبين في النار وقال ابن حرب سألت أبا عبد الله عن القميص الطويل فقال إذا لم يصب الأرض لأن أكثر الأحاديث فيها ما كان أسفل من الكعبين في النار وعن عكرمة قال رأيت ابن عباس يأتزر فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهر قدمه ويرفع من مؤخره فقلت لم تأتزر هذه الأزرة قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتزرها" رواه أبو داود.
قلت وائل: ويلاحظ أن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يعط رأيا معينا بل ذكر الأقوال والأدلة لكن تشعر بل تكاد تتيقن أنه لا يحرم بل إما يكره تنزيها أو يبيح.
2 - وهي رواية عن أحمد حيث نسب إليه أنه يبيح ما كان على الكعبين ولا يحرم إلا ما أصاب الأرض أو كان أسفل من الكعبين.
وله رواية أخرى بالكراهة.
3 - وهو ظاهر قول الشيخ الألباني حيث منعه مستدلا بحديث: (من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه).
قلت: فهو لم يمنعه لأنه داخل في نصوص الإسبال لكن من باب سد الذرائع. فإن كان في نصف الكعب أو أوله من أعلى فالذريعة ليست قريبة والله أعلم. إنما يمكن أن تكون هناك ذريعة إذا كان في آخر الكعبين.
لذا قال الشيخ: الشيخ: يعني هو رايح يزيد سنت، لا، اقطع دابر الشر من أصله.
4 - والإباحة هي ظاهر قول من أجاز وضع مقدم الإزار من الأمام على ظهر القدم: مثل العظيم آبادي في عون المعبود والعباد وغيرهما
5 - وهو ظاهر قول محمد المختار الشنقيطي في شرح الزاد (106/ 3، بترقيم الشاملة آليا)
إذاً عندك وجهان: أحدهما: يقتضي الحظر والحكم بالفطر. والثاني: يقتضي الإباحة، وأنه لا يوجب فطر صاحبه. والقاعدة عند بعض العلماء: أنه إذا تردد الفعل أو القول بين مأذون به شرعاً، وبين غير مأذون به شرعاً وهو المحرم، وأصبح فيه شبهاً من هذا وشبهاً من هذا فإنه يكره. هذا ضابط للمكروه عند بعض العلماء، ولذلك يمثلون بإسبال الإزار، قال صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) وأجاز الأزر إذا كانت فوق الكعبين، وقد ثبت عنه أنه قال: (أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه) فإذا ارتفع الإزار عن الكعبين فالإجماع على حله، وإذا نزل عن الكعبين فإنه يعتبر داخلاً في قوله: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار). لكن لو أنه وصل إلى الكعبين ولم يجاوز ولم يرتفع عنهما وكان محاذياً للكعبين؛ فليس عندك نص يقتضي التحريم، وليس عندك نص يقتضي الإباحة، فإذا جئت تقول: أبيحه. أجابك المجيب بأن الشرع أباح ما فوق الكعبين، وإذا قلت: أحرمه. أجابك المعترض بأن الذي حرمه الشرع ما نزل عن الكعبين، قالوا: فيصبح بين الحظر والإباحة فهو مكروه، فيسكت عنه الشرع لتردده بين الحظر والإباحة، فيقولون: هو مكروه. فإذاً: كأن المكروه يتردد بين الحلال والحرام، ويتردد بين الحظر والإباحة


قلت: والشيخ المختار الشنقيطي وإن كان يكرهه تنزيها لكنه لا يكرهه لأنه يدخله في نصوص الإسبال وإنما يدخله تورعا واحتياطا ولأنه بين النصوص المبيحة والنصوص المحرمة.


وممن يمنع وجعله داخلا في نصوص النهي عن الإسبال:
1 - الكراهة هي رواية عن الإمام أحمد فقد قال ابن تيمية في شرح العمدة: وقد روي عن [أبي] عبد الله أنه قال لم احدث عن فلان لأن سراويله كان على شراك نعله وهذا يقتضي كراهة ستر الكعبين أيضا لقوله في حديث حذيفة لا حق للإزار بالكعبين وقد فرق أبو بكر وغيره من أصحابنا في الاستحباب بين القميص وبين الإزار فقال يستحب أن يكون طول قميص الرجل إلى الكعبين أو إلى شراك النعلين وطول الإزار إلى مراق الساقين وقيل إلى الكعبين.
2 - وهو قول بعض الحنابلة كما أشار إلى ذلك ابن تيمية في شرح العمدة كتاب الصلاة.
3 - والشيخ بكر أبو زيد في حد الثوب والإزرة. حرمها لحديث (لا حق للكعبين في الإزار من باب تحريم الوسائل فالغاية هو الإسبال وهذا من باب تحريم الوسائل سدا للذريعة.
4 - والشيخ ابن مانع الروقي في شرح فصول الآداب. لحديث (لا حق للكعبين في الإزار). ونسب ابن مانع الروقي الكراهة إلى البعض ونسب التحريم إلى البعض ورجح التحريم.
5 - وهو قول الشيخ الوليد بن نبيه في كتاب الإسبال لغير الخيلاء واستدل بأحاديث لا حق لإزار في الكعبين وبمفهوم حديث لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وبحديث أبي هريرة: إزرة المؤمن من أنصاف الساقين فأسفل من ذلك إلى ما فوق الكعبين فما كان أسفل من ذلك ففي النار.
قلت: وقد حسنه الأرناؤوط في مسند أحمد وصححه الوليد بن نبيه بالرسالة.


قلت: والأرجح هو الجواز لحديث ابن عباس في حاشية الإزار على ظهر القدم ولا يكون على ظهر القدم إلا لو وازى نصف الكعبين أو أواخر الكعبين من أسفل على الأقل.
لكنه يكره تنزيها سدا للذريعة ولما قاله الشيخ محمد المختار الشنقيطي: فيصبح بين الحظر والإباحة فهو مكروه، فيسكت عنه الشرع لتردده بين الحظر والإباحة، فيقولون: هو مكروه. فإذاً: كأن المكروه يتردد بين الحلال والحرام، ويتردد بين الحظر والإباحة


قلت وائل: ويؤيد عدم التحريم وأنه غير داخل في الإسبال المحرم أن الأحاديث في جر الثياب. ولأنه لو وصل إلى وسط أو آخر الكعبين لا يزال أنقى لثوبه.
كما أن الخيلاء يكون في جر الثوب وليس في إظهار نصف الكعب خيلاء.
ولأنه في روايات: مس الأرض.
وهو ظاهر الأحاديث الكثيرة: ما أسفل من الكعبين ففي النار.
وقد يحمل أحاديث (لا حق للإزار في الكعبين) أي لا حق للإزار في كل الكعبين بحيث ينزل عن الكعبين كما يفهم من قول السندي: (فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ) أَيْ: لَا تَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ بِالْإِزَارِ.
وحديث إزرة المؤمن من أنصاف الساقين فأسفل من ذلك إلى ما فوق الكعبين فما كان أسفل من ذلك ففي النار. قد يكون المراد منه إلى ما فوق آخر الكعبين -من أسفل- أو قد يكون المراد ما كان أسفل من ذلك أي أسفل من الكعبين كما في الأحاديث الأخرى ويكون هناك شيء مسكوت عنه.
أو يكون هذه الرواية مخالفة لبقية الروايات أو فيها نقص أو إجمال لاسيما وأنها فيها صدوق حسن الحديث.


وفيما يلي نقول عما سبق:
شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة (ص: 366)
وبكل حال فالسنة تقصير الثياب وحد ذلك ما بين نصف الساق إلى الكعب فما كان فوق الكعب فلا بأس به وما تحت الكعب في النار لما تقدم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأبي جري وابن عمر ولما روى أبو سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إزره المؤمن إلى نصف الساق لا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه" رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وعن حذيفة: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضلة ساقي فقال: "هذا موضع الإزار فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فلا حق للإزار فيما دون الكعبين وأصرح منها رواية: (موضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعضلة فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فمن وراء الساق ولا حق للكعبين في الإزار. وأصرح منه رواية أخرى لحذيفة قال: أخذ النبي الله صلى الله عليه وسلم بعضلة ساقي أو بعضلة ساقه فقال: حق الإزار هاهنا فإن أبيت فهاهنا فإن أبيت فلا حق في الكعبين أو لا حق للكعبين في الإزار ....... وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إزرة المؤمن إلى نصف الساق لا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه" رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وعن حذيفة
رضي الله عنه قال: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضلة ساقي أو ساقي فقال: "هذا موضع الإزار فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فلا حق للإزار في الكعبين" رواه الخمسة إلا أبو داود قال الترمذي حديث حسن صحيح وعن سمرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما تحت الكعبين من الإزار في النار" رواه أحمد والنسائي.
وأما الكعبان أنفسهما فقد قال بعض أصحابنا: يجوز إرخاؤه إلى أسفل الكعب وأما المنهي عنه ما نزل عن الكعب وقد قال أحمد أسفل من الكعبين في النار وقال ابن حرب سألت أبا عبد الله عن القميص الطويل فقال إذا لم يصب الأرض لأن أكثر الأحاديث فيها ما كان أسفل من الكعبين في النار وعن عكرمة قال رأيت ابن عباس يأتزر فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهر قدمه ويرفع من مؤخره فقلت لم تأتزر هذه الأزرة قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتزرها" رواه أبو داود.
وقد روي عن [أبي] عبد الله أنه قال لم احدث عن فلان لأن سراويله
كان على شراك نعله وهذا يقتضي كراهة ستر الكعبين أيضا لقوله في حديث حذيفة لا حق للإزار بالكعبين وقد فرق أبو بكر وغيره من أصحابنا في الاستحباب بين القميص وبين الإزار فقال يستحب أن يكون طول قميص الرجل إلى الكعبين أو إلى شراك النعلين وطول الإزار إلى مراق الساقين وقيل إلى الكعبين.


حاشية السندي على سنن ابن ماجه (2/ 371)
3572 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نُذَيْرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسْفَلِ عَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ فَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَقَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نُذَيْرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
•---------------------------------•
قَوْلُهُ: (بِأَسْفَلِ عَضَلَةِ سَاقِي) الْعَضَلَةُ بِفَتْحَتَيْنِ كُلُّ عَصَبَةٍ مَعَهَا لَحْمٌ غَلِيظٌ (فَإِنْ أَبَيْتَ) أَيْ: رَغِبْتَ التَّسَفُّلَ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ (فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ) أَيْ: لَا تَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ بِالْإِزَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّحْدِيدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا خُيَلَاءً نَعَمْ إِذَا انْضَمَّ أَسْفَلُ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ بِالْخُيَلَاءِ اشْتَدَّ الْأَمْرُ وَبِدُونِهِ الْأَمْرُ أَخَفُّ.


تفريغ سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني - الإصدار 3 (77/ 7)
الطالب: ما جر على الكعبين إنما على الكعبين تماما؟.
الشيخ: الجواب كما أريد أن أقول لك (من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه).
يضحك الشيخ رحمه الله مع الطلبة.
الطالب: يعني لو زاد قليلا ... .
الشيخ: يعني هو رايح يزيد سنت، لا، اقطع دابر الشر من أصله.
الطالب: أحيانا عندما يريد أن يفصل ثوبه ويحدد مقاس طوله، يأتي عنده الثوب خلاف ما قصه فتروح أيام وتأتي أيام فيأتي في بالي هذه الوعود وعيد شديد من العذاب.


حد الثوب والأزرة لبكر أبو زيد (ص: 11)
1 - تغطيةُ الكعبين بالإِزار, وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَّه ليس للكعبين حق في الإِزار, كما تقدَّم في حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -. و ((الكعبان)): هما العظمان الناتئان في جانبي مَفْصلِ الساق من القدم, وهما حَدُّ غَسْلِ الرجلين في الوضوء. وهذا والله أَعلم من باب تحريم الوسائل, الموصلة إِلى المُحَرَّم, تحريم غاية: ((الإِسبال)). ونظائره في الشريعة كثيرة, ساق ابن القيم -رحمه الله تعالى- منها جملةً في: ((روضة المحبين)) و ((إِعلام الموقعين)) , وهكذا إِذا حُرِّمَ شيء حُرِّمت الأَسبابُ المُفْضِيَةُ إِليه, وفي: ((التوحيد)) مسائل لحِمَايَةِ التوحيد, وأُخرى لحماية حِمى التوحيد. والله أَعلم.


الخلاصة أحكام إسبال الإزار (ص: 93)
قال شيخ الإسلام رحمه الله في: ((شرح العمدة)) (ص367): "وأما الكعبان أنفسهما فقد قال بعض أصحابنا: يجوز إرخاؤه إلى أسفل الكعب، وأما المنهي عنه ما نزل عن الكعب. وقد قال أحمد: (أسفل من الكعبين في النار) وقال ابن حرب: (سألت أبا عبد الله عن القميص الطويل؟ فقال: إذا لم يُصِب الأرض؛ لأن أكثر الأحاديث فيها ما كان أسفل من الكعبين في النار). وعن عكرمة قال: رأيت ابن عباس يأتزر فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهر قدمه، ويرفع من مؤخره. فقلت: لِمَ تأتزر هذه الأزرة؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتزرها) رواه أبو داود. وقد رُوي عن أبي عبد الله أنه قال: (لم أحدث عن فلان لأن سراويله كان على شراك نعله). وهذا يقتضي كراهة ستر الكعبين أيضاً لقوله في حديث حذيفة: (لا حَقّ للإزار في الكعبين). وقد فَرَّق أبو بكر وغيره من أصحابنا في الاستحباب بين القميص وبين الإزار فقال: (يستحب أن يكون طول قميص الرجل إلى الكعبين أو إلى شراك النعلين، وطول الإزار إلى مراقّ الساقين، وقيل إلى الكعبين) "ا. هـ.
تنبيه:
قال شيخ الإسلام رحمه الله في: ((شرح العمدة)) (ص366):
" وبكل حال فالسنة تقصير الثياب، وحَدّ ذلك: ما بين نصف الساق إلى الكعب، فما كان فوق الكعب فلا بأس به وما تحت الكعب في النار " ا. هـ.


اللباب «شرح فصول الآداب» لابن مانع الروقي (ص: 251)
مسألة: وضع اللباس ينقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: أن يكون إلى نصف الساق, وهذا سنة.
القسم الثاني: أن يكون إلى الكعبين وهذا مباح.
القسم الثالث: أن يكون على الكعب, وهذا منهم من قال بالكراهة, ومنهم من قال: بالتحريم.
والصحيح أنه محرم, لرواية في حديث أبي سعيد: ليس للكعبين حق في الإزار. (1) وإسناده صحيح.
القسم الرابع: ما نزل من الكعبين وقد تقدم الكلام عليه.
مسألة: نصف الساق هل هو سنة وما تحته مباح إلى الكعبين أم كله سنة؟
_________
(1) أخرجه أحمد (رقم: 23632 و 23748) وابن ماجه (رقم: 3572) والترمذي (رقم: 1783) والنسائي (رقم: 9608)
ولفظه: عن حذيفة - رضي الله عنه -، قال: أخذ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعضَلَةِ ساقي فقال: هذا موْضِعُ الإزار، فإن أبيْتَ فأسفلُ، فإن أَبيت، فلا حقَّ للإزار في الكعبين» أخرجه الترمذي.
وفي رواية النسائي، قال: «الإزار إلى أنصَافِ السَّاقين: العَضَلَةِ، فإن أَبَيْتَ فأسفلَ، فإن أبيْتَ فمن وراءِ السَّاق، لا حقَّ للكعبين في الإزار».


الإسبال لغير الخيلاء للوليد بن نبيه ص 182:
(موضع الثياب إلى أين: قد يقول قائل: إن الحد الذي يسمح به من الثوب إلى نهاية الكعبين مستدلا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن عمر كل شيء مس ألأرض من الثياب ففي النار. وفي لفظ: يا عبد الله ارفع الإزار فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار. الجواب: أن يقال أكثر الروايات تدل على أن الكعبين ليس لهما نصيب من الثوب فمن المحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الوعيد البن عمر على اعتبار أنه أوحي إليه به أولا ثم أوحي إليه بشيء زائد بعدذ لك وهو أنه لا حظ للكعبين من الإزار على ما يأتي في الروايات وإنما قلت هذا جمعا بين الأحاديث حتى تأتلف ولا تتعارض وتختلف على أن الرواية المتقدمة لا تعارض الروايات الآتية ولا تنافي بينهما إذ إنه لا خلاف أن الثوب إذا مس الأرض قد شمله الوعيد المذكور وهذا الذي صرح به في الرواية المتقدمة ولكن بقي نعرفة حكم من مس ثوبه كعبيه هذا ما يتبين بالوقوف على الرواية الآتية: فعن حذيفة رضي الله عنه قال: إزره المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج أو قال ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ما كان أسفل من ذلك فهو في النار ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه يوم القيامة. وهذا بمفهومه يدل على أن الحرج والجناح إذا تعدى الحد المذكور وهو تجاوز الساق إلى الكعبين.
وفي رواية من حديث أبي هريرة مرفوعا: إزرة المؤمن من أنصاف الساقين فأسفل من ذلك إلى ما فوق الكعبين فما كان أسفل من ذلك ففي النار.
رواه أحمد 2/ 504 صحيح) انتهى كلام الوليد بن نبيه


قلت وائل: وهذا الحديث الأخير عن أبي هريرة رضي الله عنه حسنه الأرناؤوط في مسند احمد.


عون المعبود وحاشية ابن القيم (11/ 104)
[4096] (أنه رأى بن عَبَّاسٍ يَأْتَزِرُ) أَيْ يَلْبَسُ الْإِزَارَ ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ ائْتِزَارِهِ فَقَالَ (فَيَضَعُ حَاشِيَةَ إِزَارِهِ) أَيْ طَرَفَهُ الْأَسْفَلَ (عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ) أَيْ نَازِلًا وَوَاقِعًا عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ (وَيَرْفَعُ مِنْ مُؤَخَّرِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقَفَا بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ مُنْتَهَاهُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ لَعَلَّهُ وَقْتُ الرُّكُوعِ انْتَهَى
قُلْتُ نَشَأَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ قِلَّةِ التَّدَبُّرِ فِي أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ كَمَا لَا يَخْفَى (قُلْتُ) أَيْ لِابْنِ عَبَّاسٍ (لِمَ تَأْتَزِرُ هَذِهِ الْإِزْرَةَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَهِيَ لِلْحَالَةِ كَالْجِلْسَةِ وَالرِّكْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ لِمَ تَأْتَزِرُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ الَّتِي رَأَيْتُهَا مِنْكَ (قال) أي بن عَبَّاسٍ مُجِيبًا لِعِكْرِمَةَ عَنْ وَجْهِ ائْتِزَارِهِ بِالْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتَزِرُهَا) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى الْإِزْرَةِ أَيْ يَلْبَسُ إِزَارَهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي رَأَيْتَهَا مِنِّي بِأَنْ يَكُونَ طَرَفُهُ الْأَسْفَلِ مِنْ مُقَدَّمِهِ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ وَمِنْ جِهَةِ مُؤَخَّرِهِ مَرْفُوعًا بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِائْتِزَارَ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْإِسْبَالِ الْمُحَرَّمِ
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ كَانَ يُرْخِي الْإِزَارَ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَرْفَعُهُ مِنْ وَرَائِهِ رواه بن سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ
قُلْتُ قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنْوَاعِ الْكَلَامِ لَا تَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ وَهَذَا الَّذِي قُلْتُ بِهِ هُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْمَعَانِي وَرَضِيَ بِهِ شَيْخُنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحْسِنٍ الْيَمَانِيُّ وَإِلَيْهِ جَنَحَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ في شرح المشكاة والله أعلم
وحديث بن عَبَّاسٍ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ


مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 2792)
4370 - (وَعَنْ عِكْرِمَةَ): أَيْ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ (قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْتَزِرُ): أَيْ يَلْبَسُ الْإِزَارَ (فَيَضَعُ حَاشِيَةَ إِزَارِهِ مِنْ مُقَدَّمِهِ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ وَيَرْفَعُ مِنْ مُؤَخَّرِهِ، قُلْتُ: لِمَ تَأْتَزِرُ هَذِهِ الْإِزْرَةَ؟): بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهِيَ نَوْعٌ مِنَ الِاتِّزَارِ (قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتَزِرُهَا): أَيْ تِلْكَ الْإِزَارَةَ وَلَعَلَّهَا وَقَعَتْ مَرَّةً فَصَادَفَتْ رُؤْيَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ ; وَلِذَا خُصَّ بِهَذِهِ الْإِزْرَةِ مِنْ بَيْنِ الْأَصْحَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).


شرح سنن أبي داود للعباد (459/ 23، بترقيم الشاملة آليا)
شرح حديث ابن عباس أنه ائتزر فوضع حاشية إزاره على ظهر قدميه ورفعه من مؤخره
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن محمد بن أبي يحيى حدثني عكرمة أنه (رأي ابن عباس رضي الله عنهما يأتزر فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهر قدميه، ويرفع من مؤخره، قلت: لم تأتزر هذه الإزرة؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتزرها)].
أورد أبو داود حديث ابن عباس وفيه بيان كيفية الاتزار، وهي أنه كان يأتزر ويضع مقدم إزاره على ظهر قدميه ويرفعه من الخلف فقال عكرمة (لم تفعل ذلك؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلها) يعني: أن هذه من الهيئات التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وإذا أصابت الحاشية ظهر قدميه فيمكن أن تكون موازية للكعب؛ لأن الكعب نابٍ مرتفع.

شرح زاد المستقنع للشنقيطي (106/ 3، بترقيم الشاملة آليا)
إذاً عندك وجهان: أحدهما: يقتضي الحظر والحكم بالفطر.
والثاني: يقتضي الإباحة، وأنه لا يوجب فطر صاحبه.
والقاعدة عند بعض العلماء: أنه إذا تردد الفعل أو القول بين مأذون به شرعاً، وبين غير مأذون به شرعاً وهو المحرم، وأصبح فيه شبهاً من هذا وشبهاً من هذا فإنه يكره.
هذا ضابط للمكروه عند بعض العلماء، ولذلك يمثلون بإسبال الإزار، قال صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) وأجاز الأزر إذا كانت فوق الكعبين، وقد ثبت عنه أنه قال: (أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه) فإذا ارتفع الإزار عن الكعبين فالإجماع على حله، وإذا نزل عن الكعبين فإنه يعتبر داخلاً في قوله: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار).
لكن لو أنه وصل إلى الكعبين ولم يجاوز ولم يرتفع عنهما وكان محاذياً للكعبين؛ فليس عندك نص يقتضي التحريم، وليس عندك نص يقتضي الإباحة، فإذا جئت تقول: أبيحه.
أجابك المجيب بأن الشرع أباح ما فوق الكعبين، وإذا قلت: أحرمه.
أجابك المعترض بأن الذي حرمه الشرع ما نزل عن الكعبين، قالوا: فيصبح بين الحظر والإباحة فهو مكروه، فيسكت عنه الشرع لتردده بين الحظر والإباحة، فيقولون: هو مكروه.
فإذاً: كأن المكروه يتردد بين الحلال والحرام، ويتردد بين الحظر والإباحة، فجمع الريق فيه وجه لأن تجيزه، وفيه وجه لأن تمنعه، فإن قلت: الشرع رخص في الريق لمكان مشقة التحرز والتوقي؛ فإن الريق المجموع لا يشق التحرز عنه؛ لأنه بإمكانه أن يبصقه، قالوا: فحينئذٍ كأنه قصد الإخلال، فيعتبر هذا الوجه يقتضي الحظر.