تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: لماذا لم تهدم القبة الخضراء فوق القبر النبوي منذ عهد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب

  1. #1

    افتراضي لماذا لم تهدم القبة الخضراء فوق القبر النبوي منذ عهد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب

    مسألة عدم هدم الدولة السعودية من أيام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب إلى الآن للقبة الخضراء فوق قبر النبي صلى الله عليه وسلم:
    لاشك أنه لا تجوز هذه القبة لكن هناك عدة توجيهات:
    1 - قول أكثر العلماء هو أنهم لم يهدموها لأن هدمها يؤدي إلى مفسدة أكبر وفتن لا قبل للدولة السعودية بها وهذه المفاسد تشمل مفاسد أكبر على دعوة التوحيد وأنهم يبغضون النبي صلى الله عليه وسلم ومفاسد ايضا على الدولة السعودية وقد تحاربها الدولة العثمانية وجميع دول الإسلام. ومفاسد على العوام فسيظنون أن الدعوة الوهابية تبغض النبي صلى الله عليه وسلم ذاته.
    وهذا القول هو قول الجمهور مثل:
    الشيخ رشيد رضا
    والشيخ ابن باز
    واشتهر عن الشيخ محمد بن إبراهيم أنه قال: من بناها ظالم والذي يزيله أظلم منه
    ونقل عن الشيخ العثيمين أنه قال: عسى الله يسهل هدمها
    وهو قول الشيخ صالح آل الشيخ
    وقال الشيخ مقبل: ليت الإخوان (من طاع الله) فعلوا لكنهم خشوا من قيام فتنة من المقبورين
    والشيخ صالح العبود
    والشيخ ناصر العقل
    والشيخ صالح العصيمي
    وموقع الإسلام سؤال وجواب
    والشيخ عبد الله زقيل
    2 - وقال البعض ومنهم الشيخ الفوزان: إن ذلك غير منكر أصلا لأن القبة على بيت النبي صلى الله عليه وسلم وليس على قبر النبي صلى الله عليه وسلم كل ما هنالك أن أزالوا السقف ووضعوا القبة.
    قلت: لكن القبة يجب إزالتها وهي مبنية على القبر. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 198): (ثم عمر المسجد والسقف كما كان، وأحدث حول الحجرة الحائط الخشبي، ثم بعد ذلك بسنين متعددة بنيت القبة على السقف، وأنكره من كرهه) وأنكره الصنعاني وهو مشهور عنه كما سيأتي وأنكره الخجندي -انظر جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (3/ 1658 فما بعدها- وغيرهم كثير إنكارها منهم اللجنة الدائمة والشيخ الألباني والسيخ مقبل والسيخ حمود التويجري وغيرهم كثير.
    3 - أنكر العلماء لكن ولاة الأمور هم المسؤولون عن الهدم ولم يهدمها الولاة إما للفتنة كما هو الظاهر وإما لأنهم لا يرونها من المنكرات أصلا كما هو ظاهر كلام الملك عبد العزيز كما نقله الشيخ رشيد رضا في مجلة المنار فهي أمور دولية لا دليلية كما قال الصنعاني.
    4 - أشاع المستشرقون أنهم هدموها فعلا وهذا كذب وافتراء ويكذبه الواقع. وانظر كتاب مسعود الندوي وانظر كتاب صالح العبود
    5 - أشاع بعض المستشرقين أنهم أرادوا هدمها لكن لم يستطيعوا لقلة الإمكانيات ومتانة وصلابة القبة وهذا كذب أيضا. وانظر كتاب مسعود الندوي.
    6 - هناك من قال إنهم حاولوا وصعد رجلان فماتا فكفوا عن هدمها كما قيل في المنار 25/ 673.
    قلت: لكنها إشاعة لا تثبت.
    وفيما يلي نقول عما سبق:
    فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (2/ 331)
    92 - بيان الحكم في القبة الخضراء على قبره عليه الصلاة والسلام
    س: قد عرفنا من كلام سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أن البناء والقباب على القبور لا يجوز، فما حكم القبة الخضراء على قبر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة؟ (1)
    ج: لا ريب أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن البناء على القبور ولعن اليهود والنصارى على اتخاذ المساجد عليها، فقال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه مسلم في الصحيح، عن جابر أنه: نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها، والبناء عليها وفي رواية للترمذي وغيره والكتابة عليها (3).
    فالبناء على القبور، واتخاذ مساجد عليها من المحرمات التي حذر منها النبي عليه الصلاة والسلام، وتلقاها أهل العلم بما قاله - صلى الله عليه وسلم - بالقبول، ونهى أهل العلم عن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، تنفيذا للسنة المطهرة، ومع ذلك فقد وجد في كثير من الدول والبلدان، البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها، واتخاذ القباب عليها أيضا، وهذا كله
    مخالف لما جاءت به السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو من أعظم وسائل وقوع الشرك، والغلو في أصحاب القبور، فلا ينبغي لعاقل ولا ينبغي لأي مسلم أن يغتر بهؤلاء وأن يتأسى بهم فيما فعلوا؛ لأن أعمال الناس تعرض على الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة، أو وافق أحدهما قبل، وإلا رد على من أحدثه، كما قال الله سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (1)؛ وقال عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (2).
    أما ما يتعلق بالقبة الخضراء التي على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا شيء أحدثه بعض الأمراء في المدينة المنورة، في القرون المتأخرة في القرن التاسع وما حوله. ولا شك أنه غلط منه، وجهل منه، ولم يكن هذا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد أصحابه ولا في عهد القرون المفضلة، وإنما حدث في القرون المتأخرة التي كثر فيها الجهل، وقل فيها العلم وكثرت فيها البدع، فلا ينبغي أن يغتر بذلك، ولا أن يقتدى بذلك، ولعل من تولى المدينة من الملوك والأمراء، والمسلمين تركوا ذلك خشية الفتنة من بعض العامة، فتركوا ذلك وأعرضوا عن ذلك، حسما لمادة الفتن؛ لأن بعض الناس ليس عنده بصيرة، فقد يقول: غيروا وفعلوا بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا كذا، وهذا كذا، فيثير إلى فتن لا حاجة
    إلى إثارتها وقد تضر إثارتها، فالأظهر والله أعلم أنها تركت لهذا المعنى خشية رواج فتنة يثيرها بعض الجهلة، ويرمي من أزال القبة أنه يستهين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو بأنه لا يرعى حرمته عليه الصلاة والسلام هكذا يدعي عباد القبور، وأصحاب الغلو إذا رأوا من يدعو إلى التوحيد، ويحذر من الشرك والبدع، رموه بأنواع المعايب، واتهموه بأنه يبغض النبي عليه الصلاة والسلام، أو بأنه يبغض الأولياء، أو لا يرعى حرمته - صلى الله عليه وسلم -، أو ما أشبه هذه الأقاويل الفاسدة الباطلة، وإلا فلا شك أن الذي عملها قد أخطأ، وأتى بدعة وخالف ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحذير من البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها.
    وأما البناء الأول فهو بيت عائشة؛ كان دفن عليه الصلاة والسلام في بيت عائشة والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم خافوا على دفنه في البقيع من الفتنة، فجعلوه في بيت عائشة ثم دفنوا معه صاحبيه: أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يكن الدفن في المسجد بل كان في بيت عائشة، ثم لما وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك في آخر القرن الأول أدخل الحجرة في التوسعة، فظن بعض الناس الذين لا يعلمون أن الرسول دفن في المسجد وليس الأمر كذلك بل هو عليه الصلاة والسلام دفن في بيت عائشة في خارج المسجد، ولم يدفن في المسجد فليس لأحد حجة في ذلك أن يدفن في المساجد، بل يجب أن تكون المساجد خالية من القبور، ويجب ألا يبنى أي مسجد على قبر،
    لكون الرسول حذر من ذلك عليه الصلاة والسلام فقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. (1)» أخرجه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، وروى مسلم في صحيحه رحمه الله، عن جندب بن عبد الله البجلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمعه يقول: قبل أن يموت بخمس يقول: «إن الله اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» فذم من اتخذ المساجد على القبور، ونهى عن ذلك بصيغتين إحداهما: قوله فلا تتخذوها مساجد، والثانية: فإني أنهاكم عن ذلك، وهذه مبالغة في النهي والتحذير منه عليه الصلاة والسلام، من وجوه ثلاثة: الوجه الأول: ذم من اتخذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين قبلنا، والثاني: نهى عن ذلك بصيغة لا تتخذوا، والثالث: أنه نهى عنه بصيغة وإني أنهاكم عن ذلك، وهذه مبالغة في التحذير، وسبق في حديث عائشة أنه نهى عنه باللعن، قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)»، هذا يبين لنا ويبين لكل مسلم ولكل ذي فهم أن البناء على القبور، واتخاذ
    القباب عليها والمساجد أنه مخالف لشريعة الله التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه منكر وبدعة في الدين، وأنه من وسائل الشرك، ولهذا لما رأى العامة والجهلة هذه القبور المعظمة، بالمساجد والقباب وغير ذلك، والفرش ظنوا أنها تنفعهم، وأنها تجيب دعاءهم، وأنها ترد عليهم غائبهم، وتشفي مريضهم، فدعوها واستغاثوا بها، ونذروا لها ووقعوا في الشرك، بسبب ذلك.
    فالواجب على أهل العلم والإيمان أين ما كانوا أن يحذروا الناس من هذه الشرور، وأن يبينوا لهم أن البناء على القبور من البدع المنكرة، وهكذا اتخاذ القباب والمساجد عليها من البدع المنكرة وأنها من وسائل الشرك، حتى يحذر العامة ذلك، ليعلم الخاص والعام أن هذه الأشياء، حدثت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد أصحابه رضي الله عنهم، وبعد القرون المفضلة، حتى يحذروها وحتى يبتعدوا عنها والزيارة الشرعية للقبور هي أن يزوروها للسلام عليهم، والدعاء لهم والترحم عليهم، لا لسؤالهم، ودعائهم، وقضاء الحاجات وتفريج الكروب، فإن هذا شرك بالله، ولا يجوز إلا مع الله سبحانه وتعالى، ولكن الجهلة والمشركين بدلوا الزيارة الشرعية، بالزيارة المنكرة الشركية، جهلا وضلالا؛ ومن أسباب هذا الشرك والبدع وجود هذه البنايات، والقباب والمساجد على القبور، ومن أسباب ذلك سكوت كثير من العلماء عن ذلك، إما للجهل بالحكم الشرعي لذلك، من بعضهم وإما
    يأسهم من قبول العامة، وعدم الفائدة من كلامه منهم لما رأوه من إقبالهم عليها، وإنكارهم على من أنكر عليهم، وإما لأسباب أخرى.
    فالواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يوضحوا للناس ما حرم الله عليهم، وأن يبنوا ما أوجب الله عليهم، وأن يحذروهم من الشرك وأسبابه ووسائله، فإن العامة في ذمتهم، والله أوجب عليهم البلاغ والبيان، وحرم عليهم الكتمان.
    س: إنني أعلم أن بناء القباب على القبور لا يجوز، ولكن بعض الناس يقولون: إنها تجوز ودليلهم قبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويقولون: إن محمد بن عبد الوهاب أزال كل القباب، ولم يزل تلكم القبة، أي قبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالمفروض أن تزال ما دام الناس غير متشككين، فيما يبدو فكيف نرد على هؤلاء أفيدونا بارك الله فيكم؟ (1)
    ج: لا شك أن القباب على القبور بدعة ومنكر، كالمساجد على القبور كلها بدعة وكلها منكر؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)»، ولما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ألا وإن من
    كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1)» رواه مسلم في الصحيح، ولما ثبت أيضا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها، فنص - صلى الله عليه وسلم - على النهي عن البناء على القبور والتجصيص لها، أو القعود عليها ولا شك أن وضع القبة عليها نوع من البناء، وهكذا بناء المسجد عليها نوع من البناء، وهكذا جعل سقوف عليها وحيطان نوع من البناء.
    فالواجب أن تبقى مكشوفة على الأرض مكشوفة كما كانت القبور في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في البقيع وغيره مكشوفة، يرفع القبر عن الأرض قدر شبر تقريبا، ليعلم أنه قبر لا يمتهن، أما أن يبنى عليه قبة أو غرفة أو عريش أو غير ذلك، فهذا لا يجوز، بل يجب أن تبقى القبور على حالها مكشوفة، ولا يزاد عليها غير ترابها، فيؤخذ القبر من ترابه، الذي حفر منه يرفع قدر شبر ويكفي ذلك، كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أنه قال رضي الله عنه: الحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال في رواية: فرفع قبره عن الأرض قدر شبر، يعني قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    فالحاصل أن القبور ترفع قدر شبر، للعلم بأنها قبور، ولئلا تمتهن
    وتوطأ أو يجلس عليها، أما أن يبنى عليها فلا، لا قبة ولا غيرها، للأحاديث السابقة حديث جابر وحديث عائشة وغيرهما، وفي حديث جابر التصريح بالنهي عن البناء على القبور، وتجصيصها، أما قبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذه حادثة أحدثها بعض أمراء الأتراك، في بعض القرون المتأخرة في القرن التاسع أو الثامن وترك الناس إزالتها لأسباب كثيرة، منها جهل الكثير ممن يتولى إمارة المدينة ومنها خوف الفتنة؛ لأن بعض الناس يخشى الفتنة، لو أزالها لربما قام عليه الناس، وقالوا: هذا يبغض النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا كيت وكيت، وهذا هو السر في إبقاء الدولة السعودية لهذه القبة؛ لأنها لو أزالتها لربما قال الجهال، وأكثر الناس جهال: إن هؤلاء إنما أزالوها لبغضهم النبي عليه الصلاة والسلام ولا يقولون: لأنها بدعة، وإنما يقولون لبغضهم النبي - صلى الله عليه وسلم - هكذا يقول الجهلة وأشباههم، فالحكومة السعودية الأولى والأخرى إلى وقتنا هذا، إنما تركت هذه القبة المحدثة خشية الفتنة، وأن يظن بها السوء، وهي لا شك أنها والحمد لله تعتقد تحريم البناء على القبور، وتحريم اتخاذ القباب على القبور، والرسول - صلى الله عليه وسلم - دفن في بيت عائشة لئلا تقع الفتنة به، ولئلا يغلى فيه، فدفنه الصحابة في بيت عائشة حذرا من الفتنة والجدران قائمة من قديم، دفنوه في البيت حماية له من الفتنة عليه الصلاة والسلام لئلا يفتن به الجهلة، وأما هذه القبة فهي موضوعة متأخرة من جهل بعض الأمراء، فإذا أزيلت فلا بأس بذلك، بل هذا حق لكن قد لا يتحمل هذا بعض الجهلة، وقد يظنون بمن أزالها بأنه
    ليس على حق، وأنه مبغض للنبي عليه الصلاة والسلام، فمن أجل هذا تركت الدولة السعودية هذه القبة على حالها؛ لأنها من عمل غيرها ولا تحب التشويش والفتنة التي قد يتزعمها بعض الناس من عباد القبور وأصحاب الغلو في الأموات من المشركين فيرمونها بما هي بريئة منه، من البغض للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو الجفاء في حقه والعلماء السعوديون منهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وغيره من العلماء كلهم بحمد الله على السنة، وعلى طريق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان في توحيد الله، والإخلاص له والتحذير من الشرك والبدع، أو وسائل الشرك، وهم أشد الناس تعظيما للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه كالسلف الصالح هم من أشد الناس تعظيما للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم مشيا وسيرا على الطريق السلف الصالح، في محبته - صلى الله عليه وسلم - وتعظيم جانبه: التعظيم الشرعي، الذي ليس فيه غلو ولا بدعة بل تعظيم يقتضي اتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، والذب عن سنته ودعوة الناس إلى اتباعه وتحذيرهم من الشرك به أو بغيره، وتحذيرهم من البدع المنكرة، فهم على هذا الطريق أولهم وآخرهم، يدعون الناس إلى اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى تعظيم سنته وإلى إخلاص العبادة لله وحده، وعدم الشرك به سبحانه ويحذرون الناس من البدع التي كثرت بين الناس من عصور كثيرة، ومن ذلك بدعة هذه القبة التي وضعت على القبر النبوي، وإنما تركت من أجل خوف القالة والفتنة، والله ولي التوفيق.
    شرح عقيدة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب للفوزان (ص: 151)
    قوله: «وإني أقول: لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها»، وهذا من الكذب على الشيخ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم معلوم أنه دفن في بيته محافظة عليه من الغلو، وبيته له جدران، وله سقف، فالسقف موجود من وقت دفنه صلى الله عليه وسلم، غاية ما هنالك أنه أزيل السقف وجعل على شكل قبة، فالشيخ لا يرى أن هذا منكر، فالرسول صلى الله عليه وسلم دفن في بيته، واستمر صلى الله عليه وسلم مقبورا في بيته حفاظا عليه من الغلو؛ كما تقول عائشة لما ذكرت نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الغلو في القبور: «ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا»، فدفن في بيته محافظة عليه من الغلو، فيتهمون الشيخ، ويجعلون قبة الرسول مثل القباب التي على القبور المبنية عليها تعظيما لها، وهذا غلط، القباب المبنية على القبور مخالفة للشرع، يعني بأن يدفن الميت ويقام على قبره بناية وقبة، أو يجعل مسجدا، هذا الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا وسيلة إلى الشرك، الصحابة أفضل قرون الأمة كانوا يدفنون في البقيع، ولا يجعل على قبورهم شيء، وإنما الرسول - عليه الصلاة والسلام - عزل وجعل في بيته حفاظا عليه من الغلو، وفرق بين ما بني عليه غلوا فيه وبين ما دفن في بيته حفاظا عليه من الغلو.
    فالبناء على القبور تعظيما لها منهي عنه، وهو وسيلة من وسائل الشرك، ومما يجعل العوام يتعلقون بها، لكن قبر الرسول ما بني عليه،
    وإنما دفن في بيته عليه الصلاة والسلام، وعرفنا العلة: أنه لأجل المحافظة عليه، ما رأيكم لو كان الرسول مدفونا في البقيع، ماذا يكون عنده من الزحام والغلو، وفعل الجهال؟ ولكن الله أجاب دعاء نبيه فقد قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد»، فأجاب الله دعاءه ودفن في بيته محافظة عليه.
    قال ابن القيم رحمه الله:
    فأجاب رب العالمين دعاءه ... وأحاطه بثلاثة الجدران
    حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه ... في عزة وحماية وصيان
    هذا الفرق بين قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبر غيره مما بني عليه، فلا يشتبه هذا بهذا، ونقول: قبر الرسول مبني عليه، وعليه قبة، فعلى هذا يجوز البناء على القبور الأخرى وجعل عليها قباب؛ كما يقوله الخرافيون.
    شرح العقيدة الطحاوية لصالح آل الشيخ (5/ 50)
    والقبة الموجودة فوق سطح مسجد النبي عليه الصلاة والسلام هذه ليست على القبر بالمسامتة إنما هي على جزء كبير تشمل الجدران الأربعة كلها، ولذلك لأن قطرها كبير جدا والقبر في الداخل، وهذه القبة كانت في زمن مضى من الخشب بلون الخشب أول ما صنعها أظن المماليك، ثم بعد ذلك جعلت باللون الأبيض، ثم جعلت باللون الأزرق، وهي التي كانت في وقت الشيخ محمد بن عبد الوهاب ونحوه كان لونها أزرق، ثم في آخر عهد الدولة العثمانية جُعل لونها أخضر واستمر هذا اللون. ... فلما قيل للشيخ محمد بن عبد الوهاب أنك تقول: لو أني أقدر على قبة النبي عليه الصلاة والسلام القبة التي على قبر النبي (لهدمتها؟ قال: سبحانك هذا بهتان عظيم فما قلت هذا ولا أقوله. لأنه ما يترتب من المفاسد على إزالة هذا المنكر أكثر من المصالح، فالواجب التنبيه وتعليم الناس ودعوتهم إلى التوحيد وعدم تمكين الشرك، والنّهي عن بناء القباب على المساجد نُهي عنه سدا للذريعة، وللعلماء في ذلك كلام يعني في مسألة بقاء القبة. ... المقصود أنّ هذا الذي سار عليه أئمة الدعوة رحمهم الله في هذا الشأن فرأوا أن إبقاء القبة أن هذا أمر لازم، وذلك لما أشاعه الأعداء من بُغض أئمة الدعوة وبُغض أتباع دعوة الشيخ رحمه الله للنبي (؛ بل عظّموا النبي عليه الصلاة والسلام وسدّوا كل طريق يمكن أن يؤصل ما قالوه في هذا الباب؛ يعني ما قاله الأعداء. ... ... إذا كان القبر في مقبرة مستقلة عن المسجد فإن الصلاة في المسجد جائزة إذا كان في القبلة، بمعنى أنه يكون للقبر سور مستقل عن سور المسجد، فإذا قال القائل لا القبر في المسجد أو هذا السور محيط، أو أن القبر واضح أنه في جهة من المسجد فهذا يدلّ على أن المسجد بُني على القبر فلذلك لا تجوز الصّلاة فيه، والصلاة فيه باطلة.
    منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب في العقيدة لصالح آل الشيخ (ص: 19)
    هذه قضية ليست بشرعية هو انتهى وذهب إلى ربه إن كان صالحا فله جزاء الحسنى، وإن كان غير صالح فسيجد الجزاء عند الله. ... المهم في الدعوة هو تبيين توحيد الله جل وعلا، وتبيين ما اشتملت عليه الأدلة من عبادة الله وحده دون ما سواه وترك الشرك ووسائل الشرك والبعد عن البدع والمحدثات. ... فإذن كان من منهج الإمام رحمه الله أنه لم يكن يطعن في معظم الناس قبله حتى إنك تجد أنه لم يتكلم في البوصيري، لم يتكلم في ابن الفارض، لم يتكلم في البدوي لم يتكلم في الكواز، لم يتكلم في العيدروس، لا تجد له كلام في هؤلاء، مع أنه ذكر أن ما اشتمل عليه كلامهم فيه وفيه؛ لكن هل هم صالحين أو كانوا كذا، هذا ليس من منهج الدعوة. ... فإذن هذا دعا إلى القبول، دعاها إلى الانتشار لأنه ما تعرض لما تتعقب له النفوس بالباطل وهو الطعن في المقدمين. ... حتى أنه سئل مرة فقيل له إنك تقول إن الناس منذ أربعمائة سنة ليسوا على شيء أو أنهم كفار فقال في جوابه: أقول سبحانك هذا بهتان عظيم. ... حتى لما أتت مسألة البحث في القبة المقبوبة على حجرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي في وسطها القبر قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان يُنكر البناء على القبور، بناء القباب، القباب على قبور الصالحين يهدمها؛ لأنه لا يجوز ووسيلة من وسائل تعظيمها إلى آخره، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث عليا رضي الله عنه ألا يدع قبرا مشرفا إلا سواه، «وألا تدع قبرا مشرفا إلا سويته» المشرف يعني فيه علو. ... ولما قالوا له القبة التي على قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنك تقول: لو أقدر عليها لهدمتها.
    فقال: سبحانك هذا بهتان عظيم ولهذا أفتى هو يعني من جهة عملية، وعلماء الدعوة والولاة من آل سعود من الدولة السعودية الأولى إلى أنها لا تتعرض بشيء، وذلك لأن هذا من مصلحة الدعوة، وأن لا يفضي إلى ما هو أشد من رد التوحيد والتعرض إلى أننا لا نحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونتقصه؛ بل نهين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هذه وسيلة من وسائل الشرك، فيمنع الشرك وتمنع وسائله في أن يحصل شيء عند ذلك، والأمور تترك لرعاية المصالح والمفاسد في ذلك.
    الإمام محمد بن عبد الوهاب لصالح آل الشيخ (ص: 26)
    ومع ذلك كان الإمام رحمه الله صابرا محتسبا وما التفت إلى هذه الأقوال التي تعتدي على شخصه، لا تجد في رسالة إلا أنه يدافع عن الدين. ... حتى إنه قيل له مرة إنك تقول إني لو قدرت على القبة التي على قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهدمتها؟ قال: جوابي أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم. ... وهذا ولاشك ينبئ الدارس للدعوة ولسيرة الشيخ أنه كان في دعوته يريد الحق وهو أن يدعو الناس إلى ما كان عليه السلف الصالح من عبادة الله وحده لا شريك له، ومن عدم التعلق بالأموات والاستغاثة بالأولياء والاعتقاد فيمن ذهبوا إلى ربهم، ونرجوا لهم عنده المنزلة العليا والزلفى برحمة الله جل جلاله، فيمن كانوا يعتقدون في الولي، كل بلد فيها ولي، وكل بلد فيها قبر، وكل بلد فيها قبة. ... حتى في وقت قريب ربما رأيتم بعض الصور في مكة كانت مقبرة المعلاق كانت كلها قباب قبر السيدة خديجة، وقبر السيد فلان، في كل بلد حتى آمنة أم النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ رأيت بعض الصور الفوتوغرافية إلى أن الحجاج يذهبون يمكثون عند قبرها كان عليها قبة كبيرة يمكثون عدة أيام لابد يوم أو يومين أو ثلاثة يمكثون عند القبر، وفعل الجهال هذا لاشك أنه ليس بمرضي شرعا بل هو الشرك المحقق الذي أخبر الله جل وعلا به ونهى عنه عبادَه وأمر المرسلين بالنهي عنه. ... الحديث عن الدعوة وعن سيرة الإمام المصلح المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله يتنوع ويتشعب.
    شرح الطحاوية لناصر العقل (19/ 10، بترقيم الشاملة آليا)
    الموقف من دخول قبر رسول الله وصاحبيه في المسجد ومن قبة الحديد فوقه
    السؤال
    ذكرت أن وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فيه شبهة، فما الحل لهذه المشكلة، هل يهدم المسجد أم ينبش القبر؟
    الجواب
    هذه مشكلة واجهها المسلمون منذ زمن، وواجهها أيضاً أهل السنة والجماعة، خاصة بعد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولهم فيها موقف معروف، والقبة من حيث وجودها ليست شرعية، لكن مسألة هدمها ربما ينبني عليها مفسدة أكبر، والله أعلم، وعلى أي حال فالمشكلة كبيرة وتحتاج إلى عرض على أهل العلم.
    دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي لصالح بن عبد الله العبود (ص: 50)
    ولهذا لم يرد عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب شيئا عن القبة المقامة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، بل كذَّب في إحدى رسائله الذين قالوا إنه يستحسن هدمها ويأمر به (3) لذلك حينما دخل الإمام سعود بن عبد العزيز بجيشه المدينة سنة 1218 هـ (1803 م) هدم القباب الموجودة على قبور الصحابة وغيرهم، أما القبة المقامة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يتعرضوا لها واكتفوا بمنع الزائرين لقبره صلى الله عليه وسلم من الزيارات البدعية والشركية , ولعل السبب في عدم التعرض لها بالهدم - من بين القباب - أنهم رأوا في هدمها شرا مستطيرا على العالم الإسلامي يزيد في اختلافه ونزاعه وتفرق كلمته (4) ومع ذلك لم يسلم أتباع الدعوة من فرية هدم قبة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة من المؤرخين الأوربيين الذين أطلقوا لخيالاتهم العنان في هذا الشأن , فأخذوا يتلذذون بذكر هذه الأسطورة الباطلة (5).
    _________
    (5) مسعود الندوي: مرجع سابق ص 220، ورشيد رضا: الوهابيون والحجاز ص 56.
    محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه لسعود الندوي (ص: 183)
    هدم القبة المبنية على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم:
    ومما افتراه الأعداء من التهم المكذوبة أن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود (سنة 1218هـ / سنة 1229هـ / 1814م) كان هدم القبة المبنية على القبر النبوي. والغريب أن المؤرخين الأوربيين يتلذذون بذكر هذه الأسطورة الباطلة. فنرى ستودارد "حاضر 1: 64" وهيوجز "ذكشنري أوف إسلام: 660" وزويمر "ص: 195" وبلنت "مستقبل الإسلام ص: 45" ومرغليوث "دائرة معارف الأديان والأخلاق 2: 661" وجماعة أخرى غيرهم يرددون هذه التهمة المكذوبة بكل مناسبة وبدون مناسبة مع أنها باطلة أصلا ومفتراة قطعا.
    فأهل نجد مهما كانت آراؤهم في بنائها2 إلا أنهم لم يلقوا نظرة سوء على قبر الرسول في يوم من الأيام، فنجدهم يفرحون بذكر هدم القباب الأخرى وتوزيع الأموال المخصصة لها وهم يعترفون بكل ما ينسب إليهم في هذا.
    ولكن تهمة هدم القبة المبنية على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فرية محضة وأسطورة لا أساس لها، ولم يستطع برائجس الذي كان قد سكن بغداد والبصرة أيام ازدهار أهل نجد أن يصدق هذه الافتراءات إلا أنه لم يمتنع من اتهام أهل نجد في نيتهم فقال: "لقد أراد -يعني سعود بن عبد العزيز- أن يهدم القبة إلا أنه لم يتمكن من ذلك؛
    لأن القبة كانت محكمة، أو أن آلات الهدم ما كانت ميسرة له وهكذا بقيت محفوظة".
    وصاحبنا برائجس هذا سنعرفه وقيمة أقواله في الباب الآتي، ويكفى أن أذكر هنا أنه كان قد وصل إلى البصرة 1784م وقامت له صلات بالعالم العربي في حياة شيخ الإسلام، وبقيت مدة طويلة في صور مختلفة.
    شهادة إنجليزي خبير:
    هناك أكوام من الافتراءات والأكاذيب ولا يمكن إزالتها، فلذلك نأتي إلى نهاية هذا الكلام بتقرير من برائجس وقد نفى فيه هذه التهم كلها.
    "لقد أشاع الباب العالي أنه -أي سعود بن عبد العزيز- نهى الناس عن زيارة المدينة، إلا أن هذا ليس بصحيح فإنه نهي فقط عن ارتكاب الأعمال الشركية عند الروضة المطهرة، كما نهى عنها عند قبور الأولياء الآخرين.
    بعض الجهال يرونهم كفارا، وقد اعتمد الأتراك على الشائعات وروجها الأشراف إلا أن الحقيقة أنهم متبعون تماما للقرآن والسنة، وكانت حركتهم حركة تطهيرية خالصة ( puritanism) في الإسلام 1.
    لقد كتب فرنسي أحمق في سنة 1808 م بأنه أنشأ مذهبا جديدا ونسخ الحج، ويدعي أنه سمعه من رجل مقرب إلى سعود. وكل هذا كذب؛ فإن الوهابيين يعتقدون أن السنة أمر أساسي مع القرآن ( fundameeter) ، ولكنهم يرون الأنبياء والأولياء بشرا.
    وما أعلنه سعود بعد فتح مكة يسلم الآن بأنه موافق الكتاب والسنة، والتدخين ممنوع عند المالكية وهم أيضا نهوا عنه!.
    موقع الإسلام سؤال وجواب (5/ 699، بترقيم الشاملة آليا)
    سبب عدم هدمها
    فقد بَيَّن العلماء الحكم الشرعي في بناء القبة، وأثرها البدعي واضح على أهل البدع، فهم متعلقون بها بناءً ولوناً، ومدحهم وتعظيمهم لها نظماً ونثراً كثير جدّاً، ولم يبق إلا تنفيذ ذلك من ولاة الأمر، وليس هذا من عمل العلماء.
    وقد يكون المانع من هدمها درءً للفتنة، وخشيةً من أن تحدث فوضى بين عامة الناس وجهلتهم، وللأسف فإن هؤلاء العامة لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من تعظيم تلك القبَّة إلا بقيادة علماء الضلالة وأئمة البدعة، وهؤلاء هم الذي يهيجون العامة على بلاد الحرمين الشريفين، وعلى عقيدتها، وعلى منهجها، وقد ساءتهم جدّاً أفعالٌ كثيرة موافقة للشرع عندنا، مخالفة للبدعة عندهم! .
    وبكل حال: فالحكم الشرعي واضح بيِّن، وعدم هدمها لا يعني أنها جائزة البناء لا هي ولا غيرها على أي قبر كان.
    قال الشيخ صالح العصيمي حفظه الله:
    " إن استمرارَ هذه القبةِ على مدى ثمانيةِ قرونٍ لا يعني أنها أصبحت جائزة، ولا يعني أن السكوتَ عنها إقرارٌ لها، أو دليلٌ على جوازها، بل يجبُ على ولاةِ المسلمين إزالتها، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في عهدِ النبوةِ، وإزالة القبةِ والزخارفِ والنقوشِ التي في المساجدِ، وعلى رأسها المسجدُ النبوي، ما لم يترتب على ذلك فتنةٌ أكبر منه، فإن ترتبَ عليه فتنةٌ أكبر، فلولي الأمرِ التريث مع العزمِ على استغلالِ الفرصة متى سنحت " انتهى.
    " بدعِ القبورِ، أنواعها، وأحكامها " (ص 253) .
    والله أعلم
    فوائد متفرقة من عبد الله زقيل (ص: 1)
    المُخْتَصَرُ الجَلِيُّ فِي تَأْرِيخِ بِنَاءِ قُبَّةِ مَسْجِدِ َالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    ...................
    والقبةُ التي في مسجدِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم لم تكن موجودةً في الثلاثةِ القرونِ المفضلةِ، وإنما أُحدثت بعد ذلك، وقد حقق الشيخُ مقبلٌ الوادعي - رحمهُ اللهُ - في بحثٍ له ضمن كتابِ " رياضِ الجنةِ " (ص 225 - 255) هذه المسألةَ تحقيقاً لا مزيد عليه، سأنقلُ منه كلامَ الذين أرخوا لبناءِ القبةِ، وإنكارَ أهلِ العلمِ لهذه القبةِ المحدثةِ، لكي يكونَ المؤمنُ الموحدُ على بينةٍ من أمرهِ، وأن لا يغتر بما يتناقلهُ الصوفيةُ وغيرهم من تعظيمٍ لها................
    قال الشيخ مقبلٌ في ختام بحثه: " هذا وقد هم الإخوان - رحمهم اللهُ - في زمنِ عبدِ العزيز - رحمهُ اللهُ - عند دخولهم المدينة أن يزيلوا هذه القبةَ، وليتهم فعلوا، ولكنهم خشوا - رحمهم اللهُ - من قيامِ فتنةٍ من القبوريين أعظم من إزالةِ القبةِ، فيؤدي إزالةُ المنكرِ إلى ما هو أنكرُ منهُ ".ا. هـ.
    ...............
    قال أبو عبدِ الإلهِ صالحٌ العصيمي في " بدعِ القبورِ. أنواعها وأحكامها " (ص 253): " رابعاً: إن استمرارَ هذه القبةِ على مدى ثمانيةِ قرونٍ لا يعني أنها أصبحت جائزة، ولا يعني أن السكوتَ عنها إقرارٌ لها أو دليلٌ على جوازها، بل يجبُ على ولاةِ المسلمين إزالتها، وإعادة الوضعإلى ما كان عليه في عهدِ النبوةِ، وإزلة القبةِ والزخارفِ والنقوشِ التي في المساجدِ، وعلى رأسها المسجدُ النبوي، ما لم يترتب على ذلك فتنةٌ أكبر منه، فإن ترتبَ عليه فتنةٌ أكبر، فلولي الأمرِ التريث مع العزمِ على استغلالِ الفرصة متى سنحت، ومما يستأنسُ به قولهُ صلى اللهُ عليه وسلم لعائشةَ رضي اللهُ عنها: " يَا عَائِشَةُ؛ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَأَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ " [أخرجهُ البخاري (1586)، ومسلم (1333)].
    قال النووي - رحمهُ اللهُ - في " شرحِ مسلم " (9/ 94): " وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِقَوَاعِد مِنْ الْأَحْكَام مِنْهَا: إِذَا تَعَارَضَتْ الْمَصَالِح أَوْ تَعَارَضَتْ مَصْلَحَة وَمَفْسَدَة وَتَعَذَّرَ الْجَمْع بَيْن فِعْل الْمَصْلَحَة وَتَرْك الْمَفْسَدَة بُدِئَ بِالْأَهَمِّ ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ نَقْضَ الْكَعْبَة وَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَوَاعِد إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصْلَحَة , وَلَكِنْ تُعَارِضهُ مَفْسَدَة أَعْظَم مِنْهُ , وَهِيَ خَوْف فِتْنَة بَعْض مَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا , وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ فَضْل الْكَعْبَة , فَيَرَوْنَ تَغْيِيرهَا عَظِيمًا , فَتَرَكَهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وَمِنْهَا فِكْر وَلِي الْأَمْر فِي مَصَالِح رَعِيَّته , وَاجْتِنَابه مَا يَخَاف مِنْهُ تَوَلُّد ضَرَر عَلَيْهِمْ فِي دِينَ أَوْ دُنْيَا إِلَّا الْأُمُور الشَّرْعِيَّة كَأَخْذِ الزَّكَاة وَإِقَامَة الْحُدُود وَنَحْو ذَلِكَ. وَمِنْهَا: تَأَلُّف قُلُوب الرَّعِيَّة وَحُسْن حِيَاطَتهمْ وَأَلَّا يَنْفِرُوا وَلَا يَتَعَرَّض لِمَا يَخَاف تَنْفِيرهمْ بِسَبَبِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْك أَمْر شَرْعِيّ كَمَا سَبَقَ ".ا. هـ.
    .............................. ....
    كتبه
    عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
    مهذب كتاب دمعة على التوحيد حقيقة القبورية وآثارها في واقع الأمة (ص: 104)
    ... ثالثاً: أن سكوت العلماء عن هذه المظاهر الشركية والبدعية عند المشاهد والقبور لا يعني الرضا والإقرار، فقد يتعذر عليهم الإنكار باليد وباللسان، ولم يبق لهم إلا الإنكار بالقلب، لا سيما وهذه المشاهد والقباب قد بناها حكام وسلاطين؛ كما يقول الصنعاني: فما كل سكوت رضى؛ فإن هذه منكرات أسسها من بيده السيف والسنان، ودماء العباد وأموالهم تحت لسانه وقلمه، وأعراضهم تحت قوله وكلامه، فكيف يقوى فرد من الأفراد على دفعه عما أراد. فإن هذه القباب والمشاهد أعظم ذريعة إلى الشرك والإلحاد، وأكبر وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه، وغالب بل كل من يعمرها هم الملوك والسلاطين والرؤساء والولاة إما على قريب لهم، أو على من يحسنون الظن فيه. ... ومن هذا القبيل ما يحتج به القبوريون بأن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ضُمّن المسجد النبوي دون نكير، ولو كان ذلك حراماً لم يدفن فيه، كما يحتجون بوجود القبة على قبره صلى الله عليه وآله وسلم. ... والجواب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفن في حجرة عائشة رضي الله عنها شرقي المسجد، فلم يدفن في المسجد، والأنبياء يدفنون حيث يموتون كما جاءت بذلك الأحاديث. ... كما أن الصحابة رضي الله عنهم دفنوه في حجرة عائشة كي لا يتمكن أحد بعدهم من اتخاذ قبره مسجداً؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت: فلولا ذلك أُبرِزَ قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً)) (1). ... وأمر آخر وهو أن الحجرة النبوية إنما أُدخلت في المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة (2)؛
    حيث أمر الوليد بن عبد الملك سنة ثمان وثمانين بهدم المسجد النبوي وإضافة حُجر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه على سبيل التوسعة، فأدخل فيه الحجرةَ النبويةَ حجرةَ عائشة، فصار القبر بذلك في المسجد (1). ... فلا يصح الاحتجاج بما وقع بعد الصحابة؛ لأنه مخالف للأحاديث الثابتة وما فهمه سلف الأمة، وقد أخطأ الوليد في إدخاله الحجرة النبوية ضمن المسجد، وكان باستطاعته أن يوسعه من الجهات الأخرى دون أن يتعرض للحجرة النبوية. ... وأما دعوى عدم الإنكار فهذه دعوى بلا دليل، وعدم العلم ليس علماً بالعدم، وسكوت العلماء لا يعني الرضا والإقرار؛ كما سبق الإشارة إليه آنفاً؛ لا سيما وأن الذي أدخل القبر النبوي ضمن المسجد خليفة ذو شوكة وسلطان وهو الوليد بن عبد الملك وكذا الذي اتخذ القبة هو السلطان قلاوون. ومع ذلك فإن المعوّل عليه هو الدليل والبرهان وليس واقع الناس وحالهم، والله المستعان. ... ومما يبين تهافت هذه الدعوى؛ ما نقل عن علماء أنكروا هذا الصنيع وحذّروا منه. ... فيحكى عن سعيد بن المسيب رحمه الله: أنه أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد، كأنه خشي أن يتخذ مسجداً. ... وأشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى إنكار هذه القبة؛ حيث قال: ثم بعد ذلك بسنين متعددة بنيت القبة على السقف، وأنكره من كرهه (2). ... يقول العلاّمة حسين بن مهدي النعمي في الرد على هذه الدعوى: قوله - أي المخالف - ومن المعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - له قبة، وأولياء المدينة وأولياء سائر البلدان.
    ... أقول: الأمر كذلك؛ فكان ماذا؟ بعد أن حذر - صلى الله عليه وسلم - وأنذر وبرأ جانبه المقدس الأطهر - صلى الله عليه وسلم -، فصنعتم له ما نهى عنه، أفلا كان هذا كافياً لكم عن أن تجعلوا أيضاً مخالفتكم عن أمره حجة عليه وتقدماً بين يديه! فهل أشار بشيء من هذا أو رضيه أو لم ينه عنه؟ ... وقال العلاّمة الصنعاني في الجواب عن هذه الشبهة: فإن قلت: هذا قبر رسول الله قد عمرت عليه قبة عظيمة، أنفقت فيها الأموال. ... قلت: هذا جهل عظيم بحقيقة الحال، فإن هذه القبة ليس بناؤها منه، ولا من الصحابة، ولا من تابعيهم، ولا تابعي التابعين، ولا من علماء أمته وأئمة ملته، بل هذه القبة المعمولة على قبره - صلى الله عليه وسلم -، من أبنية بعض ملوك مصر المتأخرين، وهو قلاوون الصالحي المعروف بالملك المنصور في سنة 678هـ، ذكره في "تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة"، فهذه أمور دولية لا دليلية، يتبع فيها الآخر الأول. ... ويُذكر أن فئة من طلبة العلم رحمهم الله قد هموا في زمن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله عند دخولهم المدينة المنورة أن يزيلوا هذه القبة، ولكنهم خشوا من قيام فتنة أعظم من إزالة القبة.
    وهذا من الكذب على الشيخ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم معلوم أنه دفن في بيته محافظة عليه من الغلو، وبيته له جدران، وله سقف، فالسقف موجود من وقت دفنه صلى الله عليه وسلم، غاية ما هنالك أنه أزيل السقف وجعل على شكل قبة، فالشيخ لا يرى أن هذا منكر
    مجلة المنار (25/ 673)
    .............................. ...........
    وهذا نص السؤال:
    السلام عليكم، وبعد: أرأيتَك يا أستاذ , لو تم للإخوان الوهابيين فتح مكة
    والمدينة؛ أيهدمون قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أعني يحطمون ما حوله من
    بناء وما فوقه من قباب، إذ أنهم يدينون بتحريم ذلك، ويعتقدون أنها بدع يجب
    استئصالها …؟
    وهل لا يغضب العالم الإسلامي لمثل ما يأتون إذا حصل …؟ وإذا راعى
    الإخوان في ذلك شعور العالم الإسلامي , وتحاشوا تلك الأعمال عند هذا المقام، فما
    معنى تلك الأسطر الكثيرة التي خطوها في هذا الباب؟ أو هل كان النص تنقطع
    سلسلة اتباعه هنا، فهو مقصور على قبر غير النبي صلى الله عليه وسلم …؟
    عجِّل يا سيدي بإجابتي , وتقبل جميل احتراماتي
    ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... المخلص
    ... ... ... ... ... ... ... ... ... محمد إبراهيم خليل
    ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ببولاق
    جواب السؤال:
    (1) الذي نظنه أن الوهابيين لا يهدمون الحجرة التي فيها القبر الشريف ,
    وما قاله السائل من أنهم يدينون الله تعالى بتحريم ذلك البناء , ويعتقدون أنها بدع
    يجب استئصالها؛ فيه نظر فإن البدع المخالفة لصريح السنة هي اتخاذ القبور
    مساجد , بأن يدفن الميت في المسجد أو يبنى المسجد على القبر … كما يعلم مما
    يأتي , وقبر النبي صلى الله عليه وسلم منفصل من المسجد في بناء وحده كان بيت
    زوجه عائشة - رضي الله عنها - وعن أبيها , فالذي يصلي في المسجد لا يعد
    مصليًّا إلى القبر، وإذا كان بعض الناس يدخل الحجرة الشريفة فيصلي إلى القبر
    يسهل منعه.
    وقد استولى القوم على الحرمين الشريفين في فجر القرن الثالث عشر الهجري
    (الموافق لأول القرن التاسع عشر الميلادي) , ولم يهدموا الحجرة الشريفة، ولكن
    روى بعض المؤرخين أنهم أزالوا من فوق قبة الحرم النبوي الشريف ما كان من
    شكل الهلال والكرة المذهبين، وأنه كان من مرادهم هدم القبة , ولكن سقط اثنان
    من الفعلة الذين صعدوها لإزالة الكرة والهلال الذهبيين فماتا فامتنعوا من هدم القبة
    لذلك، والمعلوم قطعًا أنهم لم يهدموا قبة الحرم , ولم يحدثوا اعتداءً ولا تغييرًا في
    القبر الشريف، وربما كان نزع الكرة والهلال لاعتقادهم أنهما من الذهب , فرأوا
    أن الانتفاع بهما في خدمة الدين التي يعتقدون القيام بها أولى من وضعها فوق القبة ,
    على أن هذا الزخرف في بناء المساجد ليس من الدين في شيء , بل هو من
    البدع التي تفاخر بها الملوك , فأنكرها عليهم بعض العلماء وسكت عنها بعضهم
    خوفًا منهم، أو لأنهم عدوا الكثير منها من البدع الدنيوية التي لا تمس العقائد ولا
    العبادات , ثم ابتدع هؤلاء الملوك بناء المساجد على قبورهم , فكانوا يوصون بذلك
    فينفذه أخلافهم , وهو محرم بالنصوص الصحيحة الصريحة , فأنكره قليل من
    العلماء الربانيين، وسكت عنه الآخرون خوفًا من شرهم، أو طمعًا في برهم، كما
    يعلم من الشواهد التي نزيدها على جواب السائل الفاضل.
    (2) إن العالم الإسلامي يغضب أشد الغضب إن هدموا القبة الخضراء أو
    شيئًا من جدران الحجرة الشريفة؛ لأن هذه المظاهر الفخمة والزخارف الجميلة تعد
    في عرف جميع العوام وكثير ممن يسمون الخواص من قبيل شعائر الإسلام،
    والمشعر الحرام، بل هي عندهم أفضل من الركن والمقام، وأهم من الصلاة
    والصيام، ومنهم من يذهب إلى الحجاز؛ لأجل الزيارة , ولا يخشع إلا لرؤية هذه
    المباني الفخمة , فإذا كان في إزالة شيء منها مصلحة من بعض الوجوه كالرجوع
    في الأمور الدينية وما يتعلق بها إلى مثل ما كانت عليه في عصر السلف , والتمييز
    بين ما هو مطلوب شرعًا وما هو محذور أو غير مطلوب؛ فإن فيه مفسدة أكبر
    والحال في أكثر البلاد الإسلامية على ما ذكرنا , حتى صح فيها ما تنوه به خطباء
    المنابر من تحول المعروف منكرًا والمنكر معروفًا , ودرء المفاسد مقام على جلب
    المصالح بشرطه المعروف عند العلماء.
    (3) إذا راعى الإخوان شعور العالم الإسلامي في ترك بعض المنكرات
    المتفق على حظرها على حالها درءًا للمفسدة، واتقاء لتنفير الكثيرين عن الإصلاح
    المقصود من إنقاذ البلاد المقدسة، يكون عملهم هذا موافقًا للشرع، وقد علمنا مما
    دار في مؤتمر الشورى في عاصمة نجد , أن العلماء أفتوا السلطان بجواز تأخير
    أداء فريضة الحج في الموسم الأخير إذا كان يترتب على أدائه مفسدة راجحة ,
    ووجود الحجرة النبوية نفسها ليس من المنكرات , بل من المعروف المتواتر خبره
    في كتب السنة كالمسجد النبوي , وإنما تغير شكل البناء، وأمره هين لا يذكر مع
    تركهم للحج خوفًا من المفسدة.
    ومن دلائل السنة على هذه المراعاة بهذا القصد ما ثبت في الصحيحين
    وغيرهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - (أن النبي صلى الله عليه وسلم
    كان كارهًا لما عليه بناء قريش للكعبة مقتصرة من جهة الشمال عن قواعد جده
    إبراهيم (عليهما وآلهما الصلاة والسلام) ومن جعل بابها مرتفعًا؛ ليدخلوا من
    شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا، وأنه كان صلى الله عليه وسلم يود لو نقضها فأعاد
    بناءها على أساس إبراهيم , وجعل لها بابين لاصقين بالأرض؛ ليدخل كل من أراد
    من باب ويخرج من الآخر , وما منعه من ذلك إلا حداثة عهدهم بالكفر والجاهلية
    كما صرح به لعائشة) والحديث في ذلك مكرر في الصحيحين وغيرهما، فإذا كان
    المعصوم صلى الله عليه وسلم خاف أن تنكر قلوب حديثي العهد بالشرك من
    المؤمنين هدمه للكعبة وبناءها على أتم وأفضل مما بناها عليه المشركون , فمراعاة
    الإخوان مثل ذلك يعد عملاً شرعيًّا.
    الزيادة على الجواب:
    إذا أراد السائل وأمثاله نصًّا عن الأئمة المجتهدين في هذه المباني الفخمة
    والزينة في الحرم النبوي الشريف فليراجع ما قاله العلامة الشاطبي في كتابه
    الاعتصام: في بحث الشروط التي تشترط لعد البدع من المعاصي الصغائر كبائر ,
    حتى إذا ما بلغ الشرط الثالث وهو (أن لا تفعل البدعة في المواضع التي هي
    مجتمعات الناس , والمواضع التي تقام فيها السنن , وتظهر فيها أعلام الشريعة)


    مجلة المنار (26/ 394)
    الكاتب: محمد رشيد رضا
    __________
    الإنكليز والحجاز


    .............................. ...
    وأعجب من هذا السكوت والسكون أن الإنكليز مع هذا العدوان على الإسلام
    يهيجون الشعوب الإسلامية على السلطان ابن السعود الذي أعلن رسميًّا أنه يمنع أي
    نفوذ أجنبي أن ينفذ إلى الحجاز، ويحملونهم على الانتصار للشريف علي الذي
    وهب لهم منطقة من الحجاز حربية بحرية برية، فأذاعوا في العالم أن الوهابيين
    أطلقوا رصاصهم أو نارهم على قبة الحرم النبوي الشريف، وأنهم هدموا قبر
    حمزة - رضي الله تعالى عنه -، وهي فرية افتراها سماسرة الشريف علي
    بمصر، ونشروها في المقطم؛ فطارت بها البرقيات البريطانية، ودبر وفد الشريف .............................. .............................. .............................. ......................
    ما نشره الديوان الملكي في الجرائد
    بعنوان بين الحجاز ومصر
    ديوان جلالة الملك:
    (1) صورة البرقية المرسلة من حضرة صاحب الجلالة الملك إلى عظمة
    السلطان عبد العزيز سلطان نجد في 11 صفر سنة 1344 - 30 أغسطس سنة
    1925.
    عظمة السلطان عبد العزيز سلطان نجد:
    إن الحرب القائمة حول المدينة المنورة قد أقلقت خواطر المسلمين قاطبة؛ لما
    عساه يحدث من تأثيرها في الأماكن النبوية المقدسة التي نجهلها جميعًا؛ ونحافظ
    على آثارها الكريمة، ولا يخفى على عظمتكم ما لهذه الأماكن من الحرمة التي
    توجب أن تكون بعيدة عن كل أذى، رغم ما يقتضيه أي نزاع أو خلاف، ولكن ما
    نعهده في شديد غيرتكم الدينية لما يطمئن قلوبنا والمسلمين عامة على صيانة الحرم
    النبوي الشريف، وآثار السلف الصالح الدينية. والسلام عليكم ورحمة الله.
    ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... فؤاد
    (2) صورة البرقية الواردة من عظمة السلطان عبد العزيز سلطان نجد إلى
    حضرة صاحب الجلالة الملك في 16 صفر سنة 1344 - 4 سبتمبر سنة 1925.
    حضرة صاحب الجلالة ملك مصر المعظم الملك فؤاد دامت معاليه:
    إني أشكركم من صميم فؤادي على غيرتكم الدينية، وإني أقدر ما شرحتموه
    حق قدره - إن حرم المدينة كحرم مكة نفديه بأرواحنا وكل ما نملك، وإن ديننا
    يحمينا من الإتيان بأي حدث في المدينة المنورة، وسنحافظ على آثار السلف وكل
    ما هو في المدينة مما يهم كل مسلم المحافظة عليه - إن العدو يحاول أن يشوه
    وجهة جهادنا بما يفتريه من الكذب والبهتان، يحاول أن ينال بالبهتان ما عجز عنه
    بالسنان، ولكن الحق أبلج، والله مؤيد دينه، وآخذ بناصر أهله ولو كره المبطلون،
    هذا وأرجو أن تقبلوا تحياتي واحتراماتي.
    ... عبد العزيز بن عبد الرحمن السعود


    (3) صورة البرقية الواردة من جلالة الملك علي ملك الحجاز إلى حضرة
    صاحب الجلالة الملك في 13 صفر سنة 1344 (أول سبتمبر سنة 1925).
    صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول ملك مصر المعظم:
    أهدي لجلالتكم الملوكية أعظم الشكر على غيرتكم الإسلامية الجديرة بذاتكم
    العلية ومقامكم السامي، فيما رغبتم فيه من تنزه البقاع المقدسة عن أن تكون ساحة
    قتال، ولا يستكثر ذلك على سليل محمد علي الكبير الذي سبقت له خدمة هذه الديار
    المباركة من قبل، وفي مثل هذه الكارثة نفسها مادة ومعنى، ونبرأ إلى الله أن يكون
    أحد منا - نحن أبناء الحرمين الشريفين - أراد القتال أو أخذ على الاستمرار فيه،
    سواء ذلك في مكة المشرفة أو المدينة المنورة، ونسجل على المتسبب مسؤولية ما
    تهدم منها من آثار، وما لا يزال يصيبها من أذى كجعل القبة الخضراء النبوية هدفًا للرصاص، وسائر قبب وقبور أهل البيت في البقيع، وتخريب مسجد سيدنا
    حمزة، وهدم ضريحه الشريف طبقًا للأساس الذي قام عليه المذهب الوهابي
    المعلوم، وبهذه المناسبة نؤكد لجلالتكم أننا قائمون بالواجب الديني والوطني من بذل
    النفس والنفيس في صيانة ما بقي من تلك الآثار، وترميم ما خرب منها؛ حتى يتم
    إخراج المعتدي - بحول الله وقوته - من الوطن المقدس كله، ونثق أن العالم
    الإسلامي يشد أزرنا في ذلك، وفي مقدمتهم جلالتكم الملوكية بصفتكم
    أكبر ملوك المسلمين وأعزهم غيرة على الله والدين.
    أدام الله جلالتكم مؤيدين بالتوفيق والنصر.
    ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... علي
    (المنار)
    نشر الديوان الملكي هذه البرقيات الثلاث في الجرائد بهذا الترتيب، وقد راب
    المفكرين علم الشريف علي بالبرقية المرسلة إلى سلطان نجد قبل وصولها إليه
    وجوابه عنها، وجعلها وسيلة للدعاية الهاشمية التي كانت أساس ما يدعيه من
    امتلاك الحجاز الذي ترتب عليه بيعه منطقة من أعظم مناطقه البرية البحرية
    للإنكليز؛ بجعلها تحت الانتداب البريطاني على فلسطين وشرق الأردن، كما كانت
    أساس ادعاء أبيه الملك على جميع البلاد العربية والخلافة على الأمة الإسلامية.
    .............................. ..................
    _____________________
    .............................. .............................. .....................
    (2) وقد أرسل السلطان برقية أخرى لنقابة الصحابة كذب بها دعوى إطلاق الرصاص على قبة الحرم الشريف تكذيبًا صريحًا.




    مجلة المنار (27/ 634)
    الكاتب: محمد رشيد رضا
    __________
    الحجاز والمؤتمرات الإسلامية
    في الهند وجاوة


    ..........................
    (الكوكب) ونحن نقول: إن هذا القرار لم يكن له محل ولا مكان بعد البيان
    الرسمي الذي أذاعه جلالة ملك الحجاز بشأن المقامات الدينية في مكة المكرمة
    وإنصافًا للحقيقة نعيد اليوم نشر هذا البيان بنصه وهو نشر بعض المرجفين أن في النية هدم القبة النبوية؛ لذلك انشروا باسمنا أن كل ما يقال من العزم على هدم القبة النبوية كذب لا أصل له، والقبة الخضراء وقبر الرسول في حفظ وأمان بحول الله وإنا لنفديها بأموالنا وأولادنا وأنفسنا ولا يمكن أن يصيبها أذى وفينا عرق ينبض كذلك جميع قبور الصالحين نحافظ عليها ونحترمها ونصونها من كل أذى ونرى ذلك
    دينًا نعاهد الله عليه.
    ... ... ... ... ... ... ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها
    ... ... ... ... ... ... ... ... ... عبد العزيز
    وإنما ردت عليهم صحيفة كوكب الشرق بالبرقية الرسمية التي نشرها ملك
    الحجاز لظنها أنهم يعتقدون صحة ما رموه بها، وأنهم سيرجعون عنه بعد علمهم
    ببرقية الملك




    انحرافات القبوريين ... الداء الدواء لعبد العزيز آل عبد اللطيف (ص: 21)
    ومن هذا القبيل ما يحتج به القبوريون بأن قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- قد ضُمّن المسجد النبوي دون نكير، ولو كان ذلك حراماً لم يدفن فيه، كما يحتجون بوجود القبة على قبره صلى الله عليه وآله وسلم.
    والجواب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دفن في حجرة عائشة ـ رضي الله عنها ـ شرقي المسجد، فلم يدفن في المسجد، والأنبياء يدفنون حيث يموتون ـ كما جاءت بذلك الأحاديث ـ.
    كما أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ دفنوه في حجرة عائشة كي لا يتمكن أحد بعدهم من اتخاذ قبره مسجداً؛ كما في حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت: فلولا ذلك أُبرِزَ قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً) أخرجه البخاري ومسلم.
    ...........................
    وأما دعوى عدم الإنكار فهذه دعوى بلا دليل، وعدم العلم ليس علماً بالعدم، وسكوت العلماء لا يعني الرضا والإقرار؛ كما سبق الإشارة إليه آنفاً؛ لا سيما وأن الذي أدخل القبر النبوي ضمن المسجد خليفة ذو شوكة وسلطان ـ وهو الوليد بن عبد الملك ـ وكذا الذي اتخذ القبة ـ هو السلطان قلاوون.
    ومع ذلك فإن المعوّل عليه هو الدليل والبرهان وليس واقع الناس وحالهم. والله المستعان.
    ومما يبين تهافت هذه الدعوى: ما نقل عن علماء أنكروا هذا الصنيع وحذّروا منه.
    فيحكى عن سعيد بن المسيب ـ رحمه الله ـ: أنه أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد، كأنه خشي أن يتخذ مسجداً (11).
    وأشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى إنكار هذه القبة؛ حيث قال: (ثم بعد ذلك بسنين متعددة بنيت القبة على السقف، وأنكره من كرهه) (12).
    يقول العلاّمة حسين بن مهدي النعمي في الرد على هذه الدعوى: (قوله [اي المخالف]: ومن المعلوم أنه -صلى الله عليه وسلم- له قبة، وأولياء المدينة وأولياء سائر البلدان.
    أقول: الأمر كذلك؛ فكان ماذا؟ بعد أن حذر -صلى الله عليه وسلم- وأنذر وبرأ جانبه المقدس الأطهر -صلى الله عليه وسلم-، فصنعتم له ما نهى عنه، أفلا كان هذا كافياً لكم عن أن تجعلوا أيضاً مخالفتكم عن أمره حجة عليه وتقدماً بين يديه! فهل أشار بشيء من هذا أو رضيه أو لم ينه عنه؟) (13).
    وقال العلاّمة الصنعاني في الجواب عن هذه الشبهة: (فإن قلت: هذا قبر رسول الله قد عمرت عليه قبة عظيمة، أنفقت فيها الأموال. قلت: هذا جهل عظيم بحقيقة الحال: فإن هذه القبة ليس بناؤها منه، ولا من الصحابة، ولا من تابعيهم، ولا تابعي التابعين، ولا من علماء أمته وأئمة ملته، بل هذه القبة المعمولة على قبره -صلى الله عليه وسلم-، من أبنية بعض ملوك مصر المتأخرين، وهو قلاوون الصالحي المعروف بالملك المنصور في سنة 678هـ، ذكره في تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة، فهذه أمور دولية لا دليلية، يتبع فيها الآخر الأول) (14).
    ويُذكر أن الإخوان ـ رحمهم الله ـ قد هموا في زمن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ عند دخولهم المدينة المنورة أن يزيلوا هذه القبة، ولكنهم خشوا من قيام فتنة أعظم من إزالة القبة (15).
    ج - المسلك الاحتسابي: وهذا مسلك يقوم به أصحاب الحسبة، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، لاسيما أصحاب النفوذ والسلطة والشوكة.
    ويتمثل هذا المسلك في أمرين:
    أحدهما: أن يسعى إلى هدم هذه القباب ونقضها وإزالتها، امتثالاً للوصية النبوية واتباعاً لسلف الأمة.
    فعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول؟ أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته). أخرجه مسلم.
    ولما ذكر ابن القيم هدم مسجد الضرار وتحريقه، قال: ففي هذا دليل على هدم ما هو أعظم فساداً منه، كالمساجد المبنية على القبور، فإن حكم الإسلام فيها أن تهدّم كلها حتى تسوّى بالأرض، وهي أوْلى بالهدم من مسجد الضرار، وكذلك القباب التي على القبور، يجب أن تهدم كلها؛ لأنها أسست على معصية الرسول؛ لأنه قد نهى عن البناء على القبور .. فبناءٌ أسس على معصيته ومخالفته بناء غير محترم) (16).


    دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد ين عبد الوهاب (ص: 389، بترقيم الشاملة آليا)
    ويرد مسعود الندوي على فرية كاذبة … فيقول:
    (ومما افتراه الأعداء من التهم المكذوبة أن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود كان هدم القبة المبنية على القبر النبوي، والغريب أن المؤرخين الأوربيين يتلذذون بذكر هذه الأسطورة الكاذبة) (3).


    غربة الإسلام للتويجري (253)
    وقد مُحي منذ زمن قريب كثير من الكتابات التركية المرقومة في حوائط المسجد النبوي حين عثر على ما فيها من الشرك بالله العظيم، والله المسؤول أن ييسر هدم القبة الخضراء وتسويتها بالأرض، امتثالا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك في قوله لعلي - رضي الله عنه -: «لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته»، وأن ييسر إعادة المسجد من ناحية القبر على ما كان عليه في زمن الصحابة - رضي الله عنهم - قبل ولاية الوليد بن عبد الملك؛ حتى لا يتمكن أحد من استقباله في الصلاة ولا من الطواف به.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: لماذا لم تهدم القبة الخضراء فوق القبر النبوي منذ عهد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •