وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً)." النساء: من الآية:125".
وهذا هو الإسلام دين الله،
ليس لله إلا دين واحد -وهو الاستسلام لله بالتوحيد،
وهو أحسن الأديان،
فمن استسلم لله وحده واتبع ما جاءت به رسله وكان على الحنيفية ملة إبراهيم متبرئاً من الشرك وأهله فهو المسلم؛
ومن صرف العبادة لغير الله فهو مشرك
من استسلم لله ولغيره فهو مشرك
قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله -
((ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده فلابد أن يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكون مشركا، و قال (( فكل من لم يعبد الله مخلصا له الدين ، فلا بد أن يكون مشركا عابدا لغير الله . وهو في الحقيقة : عابد للشيطان . فكل واحد من بني آدم إما عابد للرحمن ، وإما عابد للشيطان)) مجموع الفتاوى ج 14ص 284
وقال شيخ الاسلام ((فمن استكبر عن عبادة الله لم يكن مسلما، ومن عبد مع الله غيره لم يكن مسلما)) كتاب النبوات ص 127
فالشرك والتوحيد ضدان لا يجتمعان أبدا ،
فترك الشرك الأكبر كله شرط في صحة الإسلام،
قال تعالى: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)." الكافرون:6:1
وهذه السورة يسميها العلماء سورة التوحيد، فهي براءة من الشرك والمشركين
وفيها مصارحتهم ومخاطبتهم بأنهم كافرون بالله: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)
البراءة من عبادتهم وهي الشرك بالله ومن معبوداتهم:
( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُون).( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُم
وصفهم بأنهم لا يعبدون الله، ولو زعموا أنهم يعبدونه وأنهم على دينه:
(وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ
فعبادة المشرك باطلة كلها غير مقبولة حتى ما كان منها لله، لأن شركه بربه وخالقه قد أحبط عمله كله، وأخرجه من دين الله الذي لا يقبل سواه
وإذا تأملت قوله تعالى: ( وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)." لقمان: من الآية:32". علمت أن المشرك يعبد الله ويعبد غيره، فلا يكون عابداً لله ولا مسلما له، لأن العبادة والإسلام لا يصح إلا بترك الشرك والبراءة منه، فتأمل هذا جيداً
وختم الله عز وجل هذه السورة بقوله تعالى:
( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).
فدين من وحد الله فَعَبَدَه وحده ولم يشرك به شيئا هو الإسلام، ولا يمكن أن يجتمع مع من أشرك بالله على دين واحد أبداً، ولا يمكن أن يستويان أبداً،
بل كل واحد منهما متبرئ مما عليه الآخر، ولا يشاركه فيه،
فلا يمكن أن يكون الموحد عابد لغير الله،
ولا يمكن أن يكون المشرك عابداً لله وحده.