بالنسبة لحديث "لو كان بعدي نبي لكان عمر" قيلت في غير عمر رضي الله عنه:
فقد نقلت هذه الكلمة عمن يلي:
1 - عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في الحديث المرفوع.
2 - إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الآثار المرفوعة حكما أنه لو عاش لكان صديقا نبيا لكنه لا نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
3 - علي بن أبي طالب رضي الله عنه أشار إلى ذلك علي القاري في المرقاة ونقله عنه الشيخ الإتيوبي في مشارق الأنوار الوهاجة. ولعل العلامة الإتيوبي لم يفطن إلى ما في هذه الكلمة. وقد يستدل بها بعض الشيعة.
4 - شيخ الإسلام ابن تيمية.
5 - محمد بن عبد الله بن حسن أيام المنصور.
6 - أبو محمد عبد الله الجويني والد إمام الحرمين!!!
7 - القاضي شهاب الدين أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن علي بن حاتم ابن الحبال البعلي الحنبلي.
8 - القاضي أحمد المزجد.
9 - ادعتها الشيعة الزيدية في القاسم بن إبراهيم كما في العقد الثمين!!!
10 - ادعتها الطريقة الختمية (من غلاة الصوفية) في محمد عثمان المرغني!!!
11 - ادعاها أبو تمام في شعره في هارون الرشيد لما ادعى أنه لَوْ كانَ بَعْدَ النَّبيَّ وَحْيٌ إلى وليٍّ لكان هارون!!!
12 - ونقلها البعض عن الغزالي الصوفي!!!


وتفصيل ما سبق على النحو التالي:
1 - فقد قيلت في شيخ الإسلام ابن تيمية:
ففي أرشيف ملتقى أهل الحديث-1 (32/ 182) قال العضو عبد الله المحمد: من حفظ الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله وسرعة استحضاره للأدلة: (نقل أحدهم مقولة عن بعض أهل العلم مفادها، "لو لم نُخبر بختام النبوة، لقلنا: أن ابن تيمية نبي" فعُرضت العبارة على بعض أهل العلم فبالغ في إنكارها وعرضتها بنفسي على سماحته رحمه الله تعالى فتبسم ضاحكاً وقال -ما معناه-: "نعم لذلك أصل ثم ذكر حديث "لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب") انتهى من كلام الشيخ عبد العزيز السدحان -حفظه الله- في كتابه "الإمام ابن باز" ص 29 قرأه وحث على نشره الشيخ صالح الفوزان وقدّم له فضيلة الشيخ عبد المحسن العبّاد حفظهما الله تعالى.


وفي أرشيف ملتقى أهل الحديث-5 (144/ 498) قال العضو أبو عبد الله السبيعي: (يذكر عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قوله: لو كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي لكان ابن تيمية!!! فما صحة هذه المقولة عنه؟).
فرد العضو الديولي عليه فقال: (قد سمعت في بعض أشرطة الشيخ أحد الإخوة يقول هذه الكلمة عن شيخ الإسلام للشيخ فضحك الشيخ ولم يقل شيئا. قلت: وأصل هذه المقولة قيلت عن أبي محمد عبد الله الجويني والد إمام الحرمين كما ذكر السبكي في طبقاته عن القشيري أنه قال: كان أئمتنا في عصره والمحققون من أصحابنا يعتقدون فيه من الكمال والفضل والخصال الحميدة أنه لو جاز أن يبعث الله نبيا في عصره لما كان إلا هو، من حسن طريقته وزهده وكمال فضله ... ).


قلت وائل: وهذه الكلمة على كل حال فيها غلو لا ينبغي لكن لا يأثم من قالها مجتهدا أو مقلدا أو متأولا والله تعالى أعلم.


2 - وما نقله القشيري عن أبي محمد عبد الله الجويني ذكره دون إنكار الكثير من العلماء منهم: ابن عساكر في تبيين كذب المفتري ص258 وابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل 2/ 109 وفي التسعينية 3/ 885 وفي الرد على الأخنائي تحقيق العنزي ص439 ونقلها ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية ص174 وفي الفتاوى الفقهية الكبرى 3/ 3 ونقلها صاحب نزهة المجالس 2/ 206 وابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب 5/ 177 وصاحب مرآة الجنان 3/ 47 وفي طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 522 والسبكي في طبقات الشافعية الكبرى 5/ 74 وابن كثير في طبقات الشافعيين ص392 وابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية 1/ 201 واللبلي في فهرسة اللبلي ص52 ولم ينكر ذلك أحد حتى ابن تيمية وابن كثير.


3 - محمد بن عبد الله بن حسن: اعتقدها فيه أهل المدينة في عهد المنصور كما في شذرات الذهب لابن عماد 2/ 201 وكان بالمدينة كثير من صغار التابعين وكثير من كبار تابعي التابعين كمالك وغيره.


4 - وقيلت أيضا في قاضي القضاة شهاب الدين أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن علي بن حاتم ابن الحبال البعلي الحنبلي: اعتقدها فيه أهل طرابلس كما نقل في شذرات الذهب لابن العماد 9/ 294 وفي الدارس في تاريخ المدارس 2/ 42 وفي المقصد الأرشد 1/ 148.


5 - ونقلت أيضا عن القاضي أحمد المزجد كما في النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص130.


6 - قلت: ولو عاش إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم لكان نبيا لكنه لا نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الألباني: عن عبدالله بن أبي أوفى , قيل له: رأيت إبراهيم ابن رسول الله؟ قال: (مات وهو صغير , ولو قضي أن يكون بعد محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي , لعاش ابنه , ولكن لا نبي بعده) رواه البخاري في "صحيحه" , وابن ماجه , وأحمد ولفظه: (ولو كان بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي ما مات ابنه إبراهيم).
وعن أنس قال: (رحمة الله على إبراهيم , لو عاش , كان صديقاً نبياً) أخرجه أحمد , بسند صحيح على شرط مسلم , ورواه ابن منده وزاد: (ولكن لم يكن ليبقى , لأن نبيكم آخر الأنبياء) كما في "الفتح" للحافظ ابن حجر وصححه.
وهذه الرويات , وإن كانت موقوفة , فلها حكم الرفع إذ هي من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيها , فإذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذه الجملة: (لو عاش إبراهيم لكان نبياً) , على دعواهم الباطلة في استمرار النبوة بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنها لا تصح هكذا عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإن ذهبوا إلى تقويتها بالآثار التي ذكرنا كما صنعنا نحن فهي تلقمهم حجراً , وتعكس دليلهم عليهم , إذ إنها تصرح أن وفاة إبراهيم عليه السلام صغيراً كان بسبب أنه لا نبي بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ولربما جادلوا في هذا - كما هو دأبهم - وحاولوا أن يوهنوا من الاستدلال بهذا الآثار , وأن يرفعوا عنها حكم الرفع , ولكنهم لم ولن يستطيعوا الانفكاك مما ألزمناهم به من ضعف دليلهم هذا , ولو من الوجه الأول , وهو أنه لم يصح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعاً صراحة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 220.


7 - وقيل عن علي بن أبي طالب أنه لو كان هناك نبي بعد نبينا لكان عليا لحديث (أنت مني بمنزلة هارون من موسىى إلا أنه لا نبي بعدي):
فقد قال القاري عن هذا الحديث كما في في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 9/ 3932: (وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ لَكَانَ عَلِيًّا، وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا وَرَدَ فِي حَقِّ عُمَرَ صَرِيحًا ; لِأَنَّ الْحُكْمَ فَرْضِيٌّ وَتَقْدِيرِيٌّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَوْ تُصُوِّرَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِي أَنْبِيَاءَ، وَلَكِنْ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَوْ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ لَكَانَ نَبِيًّا» ").


وفي مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه للإتيوبي 3/ 187:
(وقال القاري بعد ذكر كلام النوويّ هذا: أقول: لا منافاة بين أن يكون نبيّا ويكون متابعًا لنبينا -صلى الله عليه وسلم- في بيان أحكام شريعته، وإتقان طريقته، ولو بالوحي إليه، كما يُشير إليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو كان موسى حيّا لمَا وسعه إلا اتّباعي" (3)، أي مع وصف النبوة والرسالة، وإلا فمع سلبهما لا يفيد زيادة المزيّة، فالمعنى أنه لا يحدُثُ بعده نبيّ؛ لأنه خاتم النبيين السابقين، وفيه إيماء إلى أنه لو كان بعد نبيّ لكان عليّا، وهو لا ينافي ما ورد في حقّ عمر -رضي الله عنه- صريحًا؛ لأن الحكم فَرْضيّ وتقديريّ، فكأنه قال: لو تُصُوّر بعدي نبيّ لكان جماعة من أصحابي أنبياء، ولكن لا نبيّ بعدي، وهذا معنى حديث: "لو عاش إبراهيم لكان صدّيقًا نبيّا").


8 - وادعت الطريقة الختمية المنحرفة أنه لو كان بعد النبي نبي لكان محمد عثمان المرغني!!!!!!!!!!
ففي موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية 8/ 326، بترقيم الشاملة آليا: (المخالفة الرابعة:- الختمية يزعمون لو كان نبي بعد النبي لكان محمد عثمان الميرغني حيث ورد في كتاب "الطريقة الختمية" بعنوان "رسالة الختم" تأليف السيد جعفر بن السيد محمد عثمان الميرغني ص 115 - 116 ما يأتي في مدحه أن الرسول قال ذلك وقدمها مادحهم في قوله:-
ولو كان بعدي يأتي نبي فعثمان كان له أُوحِيَ
وهذا افتراء واضح وكذب صريح يختلف مع قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرج الإمام أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لو كان نبي بعدي لكان عمر" وفي رواية أخرى "لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر")


9 - وادعت الشيعة الزيدية أنه لو كان بعد النبي نبي لكان القاسم بن إبراهيم:
ففي كتاب العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين ص 111: (وهذا كلام جدِّنا القاسم بن إبراهيم عليه السلام، وكان بمحل جليل في الإسلام عند المخالف والموالف من جميع الطوائف، وفيه من الآثار ما ذِكْرُه يخرجنا إلى الإسهاب، من ذلك ما رواه القاضي العالم ابن عمار، قال: أخبرني فقيه آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عصرنا الحسين بن حمزة، قال: أخبرني أبي النفس الزكية والشيبة المرضية حمزة بن أبي هاشم الإمام الرِّضى، يرفعه عن آبائه إلى شيخٍ من شيوخ آل الحسن، كان يدرس عنده فتيان آل الحسن، وكانوا إذا جاءوا قام في وجوههم، عظمهم فاقسموا عليه لا فعل، وكان القاسم عليه السلام من شباب ذلك العصر، فكان إذا أتى قام في وجهه وعظّمه، فقالوا: أيها السّيد، إنَّا قد عذرناك، وهذا الفتى لك أعذر، قال: لو تعلمون من حق هذا ما أعلم لاستصغرتم ما أصنع في حقه، قالوا: وما تعلم، قال هذا الفتى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يخرج من [ولدي] رجل مسروق الرباعيتين لو كان بعدي نبي لكان هو")


10 - وادعى أبو تمام!!! وهو يمدح هارون الرشيد أنه لو كان بعد النبي ولي يوحى إليه لكان هارون:
ففي جميع دواوين الشعر العربي على مر العصور 11/ 492:
(العصر العباسي >> أبو تمام >> هارونُ يا خيرَ منْ يرجى
هارونُ يا خيرَ منْ يرجى
رقم القصيدة: 15924
-----------------------------------
هارونُ يا خيرَ منْ يرجى
لمْ يطعْ اللهَ منْ عصاكا
لَوْ كانَ بَعْدَ النَّبيَّ وَحْيٌ
إلى وليٍّ لكنتَ ذاكا


11 - قلت: كما نقلها البعض عن الغزالي الصوفي!!!!


قلت: وكل هذه الأقوال -بخلاف عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإبراهيم ابن النبي رضي الله عنه- هي من قبيل الغلو وإن لم ينكره كثير من العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن كثير وغيرهم من الأئمة ومن المعاصرين الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين فأقوالهم مخالفة للدليل لحديث: (لو كان بعدي نبي لكان عمر). والحديث المرفوع حكما: عن عبدالله بن أبي أوفى ولو قضي أن يكون بعد محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي , لعاش ابنه , ولكن لا نبي بعده) رواه البخاري في "صحيحه" وعن أنس قال: (رحمة الله على إبراهيم , لو عاش , كان صديقاً نبياً). والنبي عليه الصلاة والسلام معصوم ومسدد بالوحي فلا يؤخذ مثل هذا إلا عن النبي عليه الصلاة والسلام.

كما أن بعض من قيلت فيه هو على معتقد باطل: كالجويني الأشعري والغزالي الأشعري الصوفي. وقالته الفرق الممنحرفة عن بعض مقدميها
ولأنه لما عرضت على بعض أهل العلم المعاصرين بالغ في إنكارها وإن قيلت في شيخ الإسلام ابن تيمية خلافا للشيخ ابن باز رحمه الله فإنه وجهها وللشيخ ابن عثيمين سكت وضحك ولم يقل شيئا فلعله متوقف أو ضحك إنكارا أو استغرابا لأن سكوت غير النبي صلى الله عليه وسلم ليس إقرارا دائما.