هل يدخل الفاسق والمبتدع أو الفاسق بتأويل وبغير تأويل في أهل الإجماع في مسائل الفقه أو ما يطلق عليه (الفروع)؟


فيه خلاف اجتهادي والراجح أنه يدخل وإلا لم ندخل الأشاعرة والمرجئة وبعض الصوفية ونحوهم من الفقهاء في أهل الإجماع.
هذا وإن اختلف الكثير نظريا في إدخال أهل البدع فإنه لا مخالفة كبيرة عمليا في إدخالهم فالأشاعرة والصوفية غير الغلاة وغير الكفار ببدعتهم يدخلونهم في الإجماع.
بشرط ألا تكون بدعتهم مغلظة فلا يعتد بالخوارج والزيدية والرافضة والإباضية ونحوهم.
ويرى د. الجيزاني أنها مسألة اجتهادية وأن الراجح قبول اجتهاد الفاسق لأنه من أهل الاجتهاد وداخل في عموم لفظ أمتي وسبيل المؤمنين. انظر معالم أصول الفقه ص 166


وفي مراتب الإجماع لابن حزم (ص: 15): ولسنا نخرج من جملَة الْعلمَاء من ثبتَتْ عَدَالَته وبحثه عَن حُدُود الْفتيا وإن كَانَ مُخَالفا لنحلتنا بل نعتد بِخِلَافِهِ كَسَائِر الْعلمَاء وَلَا فرق كعمرو بن عبيد وَمُحَمّد بن إسحق وَقَتَادَة بن دعامة السدُوسِي وشبابة بن سوار وَالْحسن بن حيّ وَجَابِر بن زيد ونظرائهم وإن كَانَ فيهم القدري والشيعي والإباضي والمرجيء لأَنهم كَانُوا أهل علم وَفضل وَخير واجتهاد رَحِمهم الله وَغلط هَؤُلَاءِ بِمَا خالفونا فِيهِ كغلط سَائِر الْعلمَاء فِي التَّحْرِيم والتحليل وَلَا فرق.


قلت: لكن أهل العلم لا يدخلون أمثال عمرو بن عبيد من المعتزلة الغلاة.
وكذلك لا يدخلون الزيدية ولا الإباضية ولا الهادوية ولا الإمامية ولا الجهمية وأمثالهم
بينما يدخلون أهل البدع غير المغلظة في مسائل الخلاف والإجماع الفقهية وليس العقدية فيدخلون الحسن بن صالح بن حي في مسائل الفقه وانظر التمهيد لابن عبد البر والمغني لابن قدامة والمجموع للنووي. فقد نقلوا قوله كثيرا واعتبروه في ضمن مسائل الخلاف.


والآن مجامع الفقه فيها كثير من الأشاعرة والصوفية ومع ذلك يعتد بخلافهم ووفاقهم في المسائل الفقهية.


وقال شيخ الإسلام في الفتوى الحموية الكبرى (ص: 75):
قلت: وليعلم السائل أن الغرض من هذا الجواب ذكر ألفاظ بعض الأئمة الذين نقلوا مذهب السلف في هذا الباب، وليس كل من ذكرنا شيئًا من قوله من المتكلمين وغيرهم يقول بجميع ما نقوله في هذا وغيره؛ ولكن الحق يقبل من كل من تكلم به؛ وكان معاذ بن جبل يقول في كلامه المشهور عنه، الذي رواه أبو داود في سننه: «اقبلوا الحق من كل مَنْ جاء به؛ وإن كان كافرًا ـ أو قال فاجرًا ـ واحذروا زيغة الحكيم. قالوا: كيف نعلم أن الكافر يقول الحق؟ قال: إن على الحق نورًا» أو قال كلامًا هذا معناه


وقد قال الإمام ابن القيم في
الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (2/ 616-617)
(الوجه التاسع: إن فقهاء الإمامية من أولهم إلى آخرهم ينقلون عن أهل البيت أنه لا يقع الطلاق المحلوف به وهذا متواتر عندهم عن جعفر بن محمد وغيره من أهل البيت.
وهب أن مكابرا كذبهم كلهم وقال قد تواطئوا على الكذب عن أهل البيت ففي القوم فقهاء وأصحاب علم ونظر في اجتهاد وإن كانوا مخطئين مبتدعين في أمر الصحابة فلا يوجب ذلك الحكم عليهم كلهم بالكذب والجهل وقد روى أصحاب الصحيح عن جماعة من الشيعة وحملوا حديثهم واحتج به المسلمون ولم يزل الفقهاء ينقلون خلافهم ويبحثون معهم والقوم وإن أخطأوا في بعض المواضع لم يلزم من ذلك أن يكون جميع ما قالوه خطأ حتى يرد عليهم هذا لو انفردوا بذلك عن الأمة فكيف وقد وافقوا في قولهم من قد حكينا قولهم وغيره ممن لم تقف على قوله).


قلت وائل: وكلام الإمام ابن القيم فيه نظر كبير فأهل العلم لا ينقلون خلاف الروافض الجعفرية الإمامية الاثني عشرية وهذا الكلام يستدل به الروافض على صحة مذهبهم أو على جواز التعبد به.
وقد رد شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نقد مراتب الإجماع على ابن حزم إدخاله للزيدية في الخلاف والإجماع.
فقال في نقد مراتب الإجماع (ص: 298): (قد ذكر هو أنه لا يذكر إلا خلاف أهل الفقه والحديث دون المعتزلة والخوارج والرافضة ونحوهم، فلا معنى لإدخال الزيدية في الخلاف وفتحِ هذا الباب)

قلت وائل: إذن شيخ الإسلام ابن تيمية لا يدخل في الإجماع والخلاف الزيدية والخوارج والرافضة ونحوهم وهذا هو الذي لا محيد عنه.
أما الأشاعرة والمرجئة والصوفية غير الغلاة فما زال أهل العلم قديما وحديثا يدخلونهم في الخلاف والإجماع في مسائل الفقه أو ما يطلق عليه (الفروع)