هل يجوز الاستشهاد برواية مجهول العين:
الراجح جواز الاستشهاد بها في مواطن وعلى حسب القرائن لا بإطلاق.
وممن يرى جواز الاستشهاد:
الدارقطني
وهو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ونسب شيخ الإسلام إلى العلماء أنهم يستشهدون بالمجهول ولم يفرق بين جهالة عينية وحالية
وابن القيم كما في تهذيب السنن وانظر جهود ابن القيم الحديثية فقد نقل كلام العلماء في ذلك.
وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث: أما المبهم الذي لم يسم أو من سمي ولا تعرف عينه فهذا مما لا يقبله أحد علمناه ولكن إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير فإنه يستأنس بروايته ويستضاء بها في مواضع
وهو المفهوم من كلام الزركشي أنه يقبل في المتابعات والشواهد لا على سبيل الاستقلال وانظر نقل كتاب جهود ابن القيم فقد نقل عنه ما يفيد ذلك من فتح المغيث فالمرتبة السادسة عنه مما يعتبر بها وفيها المجهول
والألباني بشرط أن يكون في طبقة أخرى
وهو قول الجديع في تحرير علوم الحديث
ويستشهد بها أبو الحسن المأربي بشروط وقال هو أمر اجتهادي فقد يقويه بطرق ولا يقويها بطرق أكثر على حسب القرائن وعلى حسب نكارة المتن وهل روى عنه مدلس أو رجل إمام أو غير إمام
وهو قول الدكتور وليد العاني في منهج دراسة الاسانيد والحكم عليها

ولتصحيح كثير من العلماء لقصة امتحان البخاري ومشايخ ابن عدي تنجبر جهالتهم بعددهم مع أنهم مبهمون وفي طبقة متأخرة وهو أشد من الجهالة العينية
و
كذلك هناك أحاديث يمشيها العلماء وقد يستدلون بها وتكون عن أهل بيت فلان أو بعض أصحاب فلان


وتنظر مشاركات أبي عبد الباري عضو ملتقى أهل الحديث عن هذه المسألة ففيها فوائد


وفيما يلي نقول عما سبق:
لقاءات أبي الحسن المأربي مع الألباني (ص: 19)
مسالة الاستشهاد بالمنقطع وبمجهول العين ؟كذلك تارة تارة القرائن ؟ نعم . من الممكن أن يكون طريق منقطع وآخر منقطع أو كجهول العين ومجهول عين ؟ نعم ولكن ما يكون في طبقة واحدة كي لا يكون المخرج واحدا عن رجل واحد ؟ نعم. *مسألة الجمع المبهم والحافظ ابن حجر يقول وهؤلاء جمع تتجبر جهالتهم وكذلك السخاوى لكن وقفت كثيرا أن هذا الكلام يكون في طبقة التابعين ووقفت في قصة الإمام البخاري مع محدثي بغداد في مشايخ ابن عدى فهل هذه القاعدة حتى ولو كان دون التابعي كمثلا إبراهيم عن ابن مسعود وكلام إبراهيم في ذلك من دون إبراهيم مثلا من دون التابعين هذه القاعدة معمول بها بالنسبة للتابعين والقريبين عهدهم بهم أنا أطمئن لهذا الذي رايته وذكرته أما الذين جاءوا من بعدهم فهنا يأتي موضوع الاجتهاد أيضا لأنهم ليسوا في الصدق وفى الاعتناء بالحفظ كالذين كانوا من قبل يتوقف للناس المتأخرين فيمن دون التابعين نعم . *وكذلك هذا الحكم يشمل قصة البخاري مع محدثي بغداد
نعم *مع أنه قد قبلها جمع كثيرون من الذين صنفوا المصطلح وذكروها واستشهدوا بها أنا هكذا رأيت .


تفريغ سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني - الإصدار 3 (840/ 25)23 - مسألة الاستشهاد بالمنقطع ومجهول العين؟ (00:59:05). السائل: مسألة الاستشهاد بالمنقطع وبمجهول العين؟ الشيخ: كذلك تارة تارة السائل: القرائن؟ الشيخ: نعم. السائل: من الممكن أن يكون طريق منقطع وآخر منقطع أو مجهول العين ومجهول عين؟ الشيخ: نعم ولكن ما يكونوا في طبقة واحدة. السائل: كي لا يكون المخرج واحدا عن رجل واحد؟ الشيخ: نعم. 24 - مسألة الجمع المبهم فيمن دون التابعين؟ (00:59:32). السائل: مسألة الجمع المبهم، والحافظ ابن حجر يقول: "وهؤلاء جمع تنجبر جهالتهم" وكذلك السخاوي؛ لكن وقفت كثيرًا أن هذا الكلام يكون في طبقة التابعين، ووقفت في قصة الإمام البخاري مع محدثي بغداد في مشايخ ابن عدي، فهل هذه القاعدة حتى وإن كان دون التابعي؛ كمثلاً: إبراهيم عن ابن مسعود، وكلام إبراهيم في ذلك، من دون إبراهيم مثلاً، من دون التابعين، هذه القاعدة معمول بها؟ الشيخ: بالنسبة للتابعين والقريبين عهدهم بهم أنا أطمئن لهذا الذي رأيته وذكرته، أما الذين جاءوا من بعدهم؛ فهنا يأتي موضوع الاجتهاد أيضًا؛ لأنهم ليسوا في الصدق وفي الاعتناء بالحفظ، كالذين كانوا من قبل فيتوقف بالنسبة للمتأخرين. السائل: فيمن دون التابعين؟ الشيخ: نعم. السائل: وكذلك هذا الحكم يشمل قصة البخاري مع محدثي بغداد؟ الشيخ: نعم. السائل: مع أنه قد قَبِلَها جمع كثير من الذين صنفوا المصطلح وذكروها واستشهدوا بها. الشيخ: أنا هكذا رأيي.


تفريغ «فتاوى جدة» للشيخ الألباني - الإصدار 4 (2/ 20) السائل: ذكرتم يا شيخنا المجهول مجهول العين بمجهول العين وحسنتم
الشيخ: إيش يعني السائل: مجهول العين ومجهول العين السائل: حال
السائل: لا مجهول العين ومجهول العين أثبت الرسالة أول لكن مجهول ضعيف جدا وخطأتوه وليس ضعيف جدا ولكنه ضعيف ... فإذا حسن ضعيف فمجهول العين من طريق أخرى الشيخ: معليش لكن أنت بتقول مجهول عين ومجهول العين إيش يعني السائل: يعني حديث جاء من ... من طريقين مجهول العين ... . الشيخ: إذا كانت الجهالة في كل من السندين في طبقة واحدة فلا يتقوى أحد على الآخر مفهوم هذا؟ السائل: نعم مفهوم الشيخ: طيب أما إذا كانت الجهالة مختلفة الطبقة كأن يكون مثلا رجل مجهول هو شيخ المؤلف هذا طريق طريق آخر أن يكون لمجهول هو تابع تابعي فهنا يتبين للباحث بأن الجهالة هنا ليست في طبقة واحدة وما هو السر في التفريق هذا الذي أذكره لأن الجهالة إذا كانت من كل من الطريقين في طبقة واحدة فيمكن أن يكون المجهول هو واحد وفي هذه الحالة لا يجوز تقوية الشيء بنفسه أما حينما تكون الجهالة في طبقتين مختلفتين كما بينت آنفا فحين ذاك يمكن أن يقال يتقوى الحديث بمجموع سندين مجهولين.


وقال الجديع في تحرير علوم الحديث (2/ 1076):
قلت: فهذا توضيح لصفة أحوال الرواة، فإذا استثنيت الصدوق ومن فوقه، وجدت سائر الأوصاف تعود في جملتها إلى قسمين:
الأول: من يمكن أن يعالج حديثه من الرواة تبعاً لحاله في المرض.
والثاني: ما لا سبيل إلى علاجه؛ لتمكن المرض، أو لبلوغه مبلغ الهلاك.
والصالح للاعتبار من هؤلاء: من أمكن علاج علته، وهذا ما كان ضعفه ناتجاً عن سوء حفظه، وكثرة خطئه، أو ورود مظنة ذلك عليه كالمجهول.
فبالنظر للأنواع المتقدمة للحديث الضعيف، نجد ما يمكن علاجه مما يعود ضعفه إلى ضعف راويه، ما يلي: أولاً: حديث المجهول والمستور. وينبغي أن يلاحظ فيه التسهيل في الاعتبار بمجاهيل التابعين، ومزيد الاحتياط فيمن بعدهم. وذلك أن الكذب في التابعين كان قليلاً نادراً؛ لقرب العهد من نور النبوة، ولعدم ظهور الشره في الحديث الذي أصاب من بعدهم مما حمل كثيرين على الكذب ووضع الحديث. قيل لزيد بن أسلم (وهو من صغار التابعين): عمن يا أبا أسامة؟ قال: " ما كنا نجالس السفهاء، ولا نحمل عنهم " (1). كذلك مما يوجب التشديد في الاعتبار بحديث المجهول في الطبقات المتأخرة، خصوصاً مجهول العين: ما عرف من طائفة من الرواة من تدليس الأسماء، فربما كان ذلك المجهول شيخاً واهياً لم يتعين أمره للتدليس. ولا شك أن تمييز من يفعل ذلك من المدلسين طريق لتوقي حديث مثل هؤلاء المجهولين. غير أن الشأن في الجملة: صحة الاعتبار برواية المجهول، وإن كان مجهول العين، كشأن الاعتبار بالحديث المنقطع، من جهة الجهالة بعين الساقط. قال الدارقطني: " من لم يرو عنه إلا رجل واحد، انفرد بخبر، وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه غيره " (2). وإذا صح الاعتبار برواية مجهول العين، صح بالأولى الاعتبار برواية مجهول الحال والمستور، خصوصاً أن الأخيرين ربما صرنا إلى الحكم بقبول حديثهما لذاته، وذلك عند استيفاء شروط الحسن.


وفي ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (1/ 482) المسألة الرابعة: هل تتقوى رواية المجهول بالمتابعات والشواهد؟
إذا بَقِيَ مجهول العين على جهالته، فهل تتقوى روايته برواية غيره، ويُقْبَلُ خبره في المتابعات والشواهد؟ أجاب ابن القَيِّم - رحمه الله - عن ذلك، فقال في حديث ميمونة رضي الله عنها في مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في الحيض وهن مُتَّزِرَات - وقد أعله ابن حزم بأن نُدْبة - راويته عن ميمونة - مجهولةٌ لا تعرف - فقال ابن القَيِّم - رحمه الله - يرد عليه: "فأما تعليله حديث ندبة بكونها مجهولة: فإنها مدنية، روت عن مولاتها ميمونة، وروى عنها حبيب، ولم يعلم أحد جرحها. والراوي إذا كانت هذه حالهُ، إنما يُخشى من تَفَرُّدِهِ بما لا يُتَابع عليه. فأما إذا رَوَى ما رواه الناس، وكانت لروايته شواهد ومتابعات، فإن أئمة الحديث يقبلون حديث مثل هذا، ولا يردونه ولا يعللونه بالجهالة. فإذا صاروا إلى معارضة ما رواه بما هو أثبت منه وأشهر: عللوه بمثل هذه الجهالة، وبالتفرد.
ومن تأمل كلام الأئمة رأى فيه ذلك، فيظن أن ذلك تناقض منهم، وهو بمحض العلم والذوق والوزن المستقيم. فيجب التنبه لهذه النكتة، فكثيراً ما تمر بك في الأحاديث، ويقع الغلط بسببها"1. فابن القَيِّم - رحمه الله - يقرر: أن رواية مجهول العين تتقوى بغيرها من المتابعات والشواهد، وتكون مقبولة؛ حيث لم ينفرد. وأما إذا انفرد هذا المجهول بهذه الرواية، أو خالف من هو أوثق منه وأشهر: فإن خبره حينئذ يكون مردوداً؛لأنه - والحالة هذه - يكون من قبيل المنكر. وقد أشار الحافظ الدارقطني - رحمه الله - إلى مثل ذلك، فقال: " ... فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد، وانفرد بخبر، وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه غيره"2.
وقد نصَّ الحافظ ابن حجر - رحمه الله - على ذلك أيضاً، لكنه خصه برواية مجهول الحال - المستور - فقال: "ومتى توبع السيئ الحفظ بِمُعْتَبَرٍ، وكذا: المستور، والمرسل، والمدلس: صار حديثهم حسناً، لا لذاته بل بالمجموع"3. وجعل الحافظُ السخاوي - رحمه الله - روايةَ المجهول مما يصلحُ في المتابعات والشواهد، وأنها تُكْتَبُ روايته للاعتبار، وذلك عند كلامه على مراتبِ الجرح والتعديل، وحكم رواية أصحاب كل مرتبة منها. فقد جعل "المجهول" في آخر مراتب الجرح - المرتبة السادسة - ثم حَكَمَ بأن أصحاب هذه المرتبة والتي قبلها ممن يُخَرَّجُ حديثهم في المتابعات والشواهد، قال: "لإشعار هذه الصِيَغِ بصلاحيةِ الْمُتَّصِفِ بها لذلك، وعدمِ منافاتها لها"1. فَتَبَيَّنَ من ذلك: صحة ما ذهبَ إليه ابن القَيِّم - رحمه الله - من: أن رواية مجهول العين - وبالأحرى مجهول الحال - تَتَقَوَّى بالمتابعات والشواهد، وأن جماعة من أئمة هذا الشأن قد ذهبوا إلى ذلك.


وفي فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (2/ 129) وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُرْوَى حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ ; لِمَا لَا يَخْفَى مِنَ الْكِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَنَحْوُهُ: لَيْسَ مِنْ جِمَالِ الْمَحَامِلِ، أَوْ كَمَا قَالَهُ دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ فِي سُرَيْجِ بْنِ يُونُسَ: لَيْسَ مِنْ جَمَّازَاتِ - أَيْ: أَبْعِرَةِ - الْمَحَامِلِ، وَالْجَمَّازُ: الْبَعِيرُ. أَوْ لَيْسَ (بِالْمَرْضِي) ، أَوْ لَيْسَ يَحْمَدُونَهُ، أَوْ لَيْسَ بِالْحَافِظِ، أَوْ غَيْرُهُ أَوْثَقُ مِنْهُ، وَفِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ، وَفُلَانٌ مَجْهُولٌ، أَوْ فِيهِ جَهَالَةٌ، [أَوْ لَا أَدْرِي مَا هُوَ] ، أَوْ لِلضَّعْفِ (مَا هُوَ) يَعْنِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ عَنِ الضَّعْفِ، وَفُلَانٌ (فِيهِ خُلْفٌ) ، وَفُلَانٌ (طَعَنُوا فِيهِ) ، أَوْ مَطْعُونٌ فِيهِ (وَكَذَا) فُلَانٌ نَزَكُوهُ، بِنُونٍ وَزَايٍ ; أَيْ: طَعَنُوا فِيهِ، فُلَانٌ (سَيِّئُ الْحِفْظِ) ، وَفُلَانٌ (لَيِّنٌ) ، أَوْ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، أَوْ فِيهِ لِينٌ. قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ: إِذَا قُلْتُ: فُلَانٌ لَيِّنٌ لَا يَكُونُ سَاقِطًا مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ مَجْرُوحًا بِشَيْءٍ لَا يَسْقُطُ بِهِ عَنِ الْعَدَالَةِ. وَفُلَانٌ (تَكَلَّمُوا فِيهِ) ، وَكَذَا سَكَتُوا عَنْهُ، أَوْ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ غَيْرِ الْبُخَارِيِّ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَالْحُكْمُ فِي الْمَرَاتِبِ الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَا يُسْتَشْهَدُ بِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ (وَكُلُّ مَنْ ذُكِرْ مِنْ بَعْدِ) لَفْظِ: لَا يُسَاوِي (شَيْئًا) ، وَهُوَ مَا عَدَا الْأَرْبَعَ (بِحَدِيثِهِ اعْتُبِرْ) أَيْ: يُخَرَّجُ حَدِيثُهُ لِلِاعْتِبَارِ ; لِإِشْعَارِ هَذِهِ الصِّيَغِ بِصَلَاحِيَةِ الْمُتَّصِفِ بِهَا لِذَلِكَ، وَعَدَمِ مُنَافَاتِهَا لَهَا.


وفي أرشيف ملتقى أهل الحديث - 2 (68/ 138)
فائدة .... الاستشهاد بطرق مختلفة، وفي كل طريق مجهول ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]•---------------------------------•[12 - 12 - 09, 06:49 ص]ـ
من موقع الشيخ السليماني نقلت لكم هذه الفوائدة المتعلقة بحكم رواية المجهول سُأل الشيخ أبي الحسن مصطفى السليماني حفظه الله عن الاستشهاد بطرق مختلفة، وفي كل طريق مجهول، ألا يحتمل أن يكون هذا المجهول متروكاً أو كذّاباً؟ فقال: لو كان متروكاً أو كذّاباً لما غاب على الأئمة حاله، ولو طردنا ذلك لقلنا في مجهول الحال الذي يستشهد به اتفاقاً: ألا يحتمل أن يكون متروكاً أو كذاباً؟ بل ولقائل أن يقول: يحتمل أن يكون مجهول العين ثقة، وكلها احتمالات مردودة، فلو جاء الحديث من طرق كثيرة تدل على أنَّ للحديث أصلاً فعند ذاك تطمئن النفس إلى الاحتجاج به وارتقائه إلى درجة الحسن لغيره، وقد يقول قائل: كم عدد هذه الطرق؟ والجواب: أنّه أمر اجتهادي، ففي حديث قد أقبله إذا جاء من طرق في إسناد كل واحد منها مجهول عين أو أقل من ذلك، وقد لا أقبله من طرق أكثر، لأنّني أرى فيه نكارة، وليس مجهول العين الذي يروي عنه رجل ثقة مشهور، كمجهول العين الذي يروي عنه ضعيف، فهذا مجهول عين، وذاك مجهول عين، لكن الذي يروي عنه ضعيف متوغل في الجهالة، ومجهول العين الذي يروي عنه ثقة - لا يعرف بتدليس - ليس كمجهول العين الذي ينفرد بالراوية عنه رجل مدلس، فإنَّ انفراد المدلس هذا بالراوية عنه أمر يثير الريبة والخوف من شيخه أكثر وأكثر، فالحقيقة أنَّ المسألة تحتاج إلى إلمام بكل القرائن، والله أعلم. ما هو التعريف الصحيح لمجهول العين والحال، وهل يصلحان في الشواهد والمتابعات، أم لا؟ العلماء يقسمون المجهول إلى مجهول عين، ومجهول حال، ومستور، والمجهول عامّة هو الذي ليس فيه كلام من جهة الجرح والتعديل، وأمّا الراوي إذا عُدَّل أو جُرِّح، فقد خرج من حيز الجهالة إلى حيز العلم بحاله سواء عُرف بالعدالة، والضبط والإتقان، أو عُرِف بالضعف، أو بالفسق، أو بالكذب، فالمجهول هو غير المعلوم، فلا يظن أحد أن المجهول مُجَرَّح، لأنّه لو كان مجرحاً لما كان مجهولاً، كذلك ليس بمعدّل، ........................ وأما مجهول الحال: ما علمنا عدالته لا ظاهراً، ولا باطناً، هذا هو الفرق بينهما، والكلام كله في حيز العدالة والأمانة، أمّا باب الضبط فأمر مجهول عند المستور وعند مجهول الحال، ومجهول الحال والمستور يستشهد بهما، وقد حدث خطأ، أو سبق قلم من الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى - حين ذكر أنّ المجهول والمستور، والضعيف لا يستشهد بهم كما في «الباعث الحثيث» (ص:101) وهذا خطأ؛ لأنّ الواضح من صنيع الشيخ - رحمه الله - أنّه يستشهد بهؤلاء، بل وبأقل من هؤلاء. فالمقصود أنَّ مجهول الحال يصلح في الشواهد والمتابعات، وكذا المستور، أمّا مجهول العين فلا يصلح في الشواهد والمتابعات، إلا إذا كثرت الطرق كثرة ترجح لدى الباحث صحة الحديث وثبوته، فمجهول ومجهول لا يستشهد بهما، وإن كان شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى - في بعض المواضع يستشهد بهما (23)، مع أنني قد سألته - حفظه الله - في المدينة - مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على نفس هذه المسألة، فقال: إنَّ المنقطع لا يتقوى بالمنقطع، ومجهول العين لا يتقوى بمجهول العين، إلا إذا كثرت الطرق كثرة تطمئن النفس على ثبوت الحديث بها (24). قلت: ويدل على ما قلته: أن بعض العلماء يقول في الأسانيد التي فيها: حدّثني جماعة، أو حدّثني جماعة من الحيّ، أو حدّثني قوم بكذا، فيقول: هؤلاء جمع وتنجبر جهالتهم، وفي «صحيح البخاري» حديث من هذا القبيل في قصة وقعت لعروة البارقي (25). (استدراك): قد بيَّنْت في غير هذا الموضع - كما سيأتي إن شاء الله تعالى - أن مجهول العين يستشهد به كمجهول الحال، ما لم تظهر نكارة في السند أم المتن، والله أعلم. بقي أن يقال: ما الفرق بين المجهول والمبهم والمهمل. المبهم: كأن يقول الراوي: حدثني شيخ أو حدثني رجل فهذا مبهم (26) وأما المجهول فكأن يقول المحدّث: حدَّثني فلان بن فلان؛ ويرجع إلى تفاصيل جهالته! جهالة عين أو حال، وهو من لم يتكلّم فيه بمدح أو قدح. وأمّا المهمل: فكأن يقول المحدّث: حدّثني محمد، والمحمدون كثير، لا ندري من يعني من المحمدين؟ وقد يقول: حدّثني محمد بن عبدالله، ومن يقال له: محمد بن عبدالله كثيرون، لا يتأتّى لنا أن نعرف هذا من هذا، فحينئذ يكون مهملاً، فيجب أن نميز بين الأنواع كي لا تتداخل، وهذا كلّه قد بيّنه أهل العلم فجزاهم الله عنّا خيراً. ...............
الحواشي ..... [23] مثاله ما جاء في «الصحيحة» له - حفظه الله تعالى - (3/رقم 1168) حديث: «نهى عن نفرة الغراب ... إلخ» قال: وتميم بن محمد أورده الذهبي نفسه في «الميزان» وقال: «قال البخاري فيه نظر» وذكره العقيلي والدولابي، وابن الجارود، في «الضعفاء» وأمّا ابن حبان فوثّقه على قاعدته، في توثيق غير المشهورين بالراوية، فإنّ تميماً هذا لم يذكروا راوياً عنه غير جعفر هذا، ... قال الشيخ الألباني - رحمه الله - وأقول، لكن يتقوى بأنّ له شاهداً ... ورجاله ثقات غير عبدالحميد بن سلمة فهو مجهول كما في «التقريب»، فالحديث عندي حسن بمجموع الطريقين ... والله أعلم. اهـ فانظر كيف استشهد الشيخ بمجهول مع آخر أحسن أحواله أنّه مجهول إن لم نأخذ بقول البخاري، والله أعلم. ([24]) وقد صرّح الدارقطني - رحمه الله تعالى - في «سننه» (3/ 174) بالاستشهاد بمجهول العين، قال أهل العلم بالحديث لا يحتجّون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف، وإنّما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان رواية عدلاً مشهوراً أو رجلاً قد ارتفع اسم الجهالة عنه، وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروي عنه رجلان فصاعداً، فإذا كان هذه صفته ارتفع عنه اسم الجهالة وصار حينئذ معروفاً، فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد، انفرد بخبر وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه غيره، قلت: والشاهد في كلامه الأخير «فأمّا من لم يرو عنه إلا رجل واحد ... إلخ» وفيه والذي قبله شيء من التسامح والذي قرره الشيخ - حفظه الله تعالى - تميل إليه النفس والله أعلم، وإلى هذا ذهب شيخنا مقبل - رحمه الله تعالى - كما في «المقترح» (سؤال رقم (27) (ص:35)