من صلى بدون طهارة متعمدا قد ارتكب كبيرة من الكبائر.
لكنه لا يكفر -عند من لا يكفر بترك الصلاة كسلا- إلا لو صلى بدون طهارة مستحلا أو مستهزئا أو شاكا أو نحو ذلك


وهذا يحدث كثيرا فقد تكون بعض النساء في مسجد بمكان العمل أو في المدرسة أو مع أخواتها من النساء وتحضر الصلاة فتستحيي من بيان أنها حائض فتصلي معهن وهي غير طاهر.
وقد يحدث مع كثير من الرجال أن يذكر أنه على غير وضوء ويستحيي أن يخرج من صلاته لاسيما إذا كان في أواخر فهل يكفر هؤلاء.


وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها:
2774 - " أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فجلد جلدة واحدة، فامتلأ قبره عليه نارا، فلما ارتفع عنه وأفاق قال: على ما جلدتموني؟ قالوا: إنك صليت صلاة واحدة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره ".
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (4 / 231) : حدثنا فهد بن سليمان قال: حدثنا عمرو بن عون الواسطي قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن عاصم عن شقيق عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير فهد هذا، وهو ثقة ثبت كما قال ابن يونس في " الغرباء " كما في " رجال معاني الآثار " (85 / 1) ، وعاصم هو ابن أبي النجود وهو ابن بهدلة، قال الحافظ: " صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين ". والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (3 / 148) برواية أبي الشيخ ابن حيان في " كتاب التوبيخ "، وأشار إلى تضعيفه!
ففاته هذا المصدر العزيز بالسند الجيد. وليس الحديث في الجزء المطبوع من " كتاب التوبيخ ". وللحديث شاهد من حديث ابن عمر نحوه مختصرا ليس فيه دعاء المضروب، وإسناده ضعيف كما هو مبين في الكتاب الآخر (2188)


وقال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (5/ 210):
2188 - " أدخل رجل في قبره، فأتاه ملكان، فقالا له: إنا ضاربوك ضربة، فقال لهما: على ما تضرباني؟ فضرباه ضربة امتلأ قبره منها نارا، فتركاه حتى أفاق، وذهب عنه الرعب، فقال لهما: على ما ضربتماني؟ فقالا: إنك صليت صلاة وأنت على غير طهور، ومررت برجل مظلوم ولم تنصره ". ضعيف أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 13610) عن يحيى بن عبد الله البابلتي: نا أيوب بن نهيك، قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يقول: سمعت ابن عمر يقول: سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، أيوب بن نهيك، ويحيى بن عبد الله البابلتي؛ كلاهما ضعيف. وأعله الهيثمي في " المجمع " (10/198) بالبابلتي وحده! مع أنه خير من أيوب كما يشعر بذلك صنيع الحافظ في " اللسان "، وقد ذكر لهما حديثا آخر عن ابن عمر، فقال في ترجمة أيوب: " ويحيى ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا ". لكن للحديث شاهد بلفظ أتم منه في " الصحيحة " (2774) ، وأشرت هناك إلى هذا.


قلت: ولو كفر هذا المصلي على غير طهارة لم يستجب الله له دعاءه بتقليل عقابه من مائة جلدة إلى جلدة واحدة.
وهذا الحديث فيه دليل على أن تعمد الصلاة على غير طهارة كبيرة من الكبائر لكن لا يكفر إلا على تفصيل.


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (5/ 204): (وَالْقُرْآنُ وَذِكْرُ اللَّهِ وَدُعَاؤُهُ خَيْرٌ. وَإِلَّا فَالْمُسْلِمُ لَا يُصَلِّي إِلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ، أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ. وَمَعَ هَذَا فَقَدَ يُمْكِنُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ (* اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مُذْنِبٌ لَا عَلَى طَرِيقِ (4) الِاسْتِهَانَةِ (5) وَالِاسْتِهْزَا ءِ وَالِاسْتِخْفَا فِ، بَلْ عَلَى طَرِيقِ الْكَسَلِ، أَنْ يُثَابَ عَلَى مَا فَعَلَهُ، كَمَنْ تَرَكَ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ الْمَجْبُورَةِ بِدَمٍ، لَكِنْ لَا يَكُونُ ثَوَابُهُ كَمَا إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ *) (6) غَيْرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ).
_________
(4) طَرِيقِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) الِاسْتِهَانَةِ : سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(6) : مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ)


قلت وائل: ويلاحظ أن موضع الشاهد موجود في كل النسخ ما عدا النسخة (أ) وهي نسخة مكتبة الأوقاف ببغداد الأولى وقد اعتمد الشيخ محمد رشاد سالم على أكثر من عشر نسخ خطية. فالراجح إثبات هذه الزيادة بلا ريب.


كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 22/ 56:
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ إذْ هَذَا الْوَعِيدُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى كَبِيرَةٍ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ جَعْلُهُ خَاسِرًا وَالْخُسْرَانُ لَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الصَّغَائِرِ الْمُكَفِّرَةِ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ. وَأَيْضًا فَلَا. . . (1) أَحَدًا مَنْ صَلَّى بِلَا طَهَارَةٍ أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ عَمْدًا وَتَرَكَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ أَوْ الْقِرَاءَةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدَا أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ بِذَلِكَ كَبِيرَةً بَلْ قَدْ يَتَوَرَّعُ فِي كُفْرَهُ إنْ لَمْ يَسْتَحِلَّ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا اسْتَحَلَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ بِلَا رَيْبٍ.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
(1) بياض بالأصل
قلت - أسامة بن الزهراء -: وفي نسخة " حرف " الإلكترونية:
وَأَيْضًا فَلَا أَحَدًا يُخَالِفُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِلَا. . .




قلت وائل: وأجمع العلماء أنه يكفر لو استحل أو كان استهزاء
أما إن لم يستحل ولم يكن مستهزئا فلا يكفر وهو قول الجمهور خلافا للحنفية ورد النووي على الأحناف.


ففي موقع الإسلام سؤال وجواب (5/ 923، بترقيم الشاملة آليا):
(يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" فالمسلم لا يصلي إلى غير القبلة، أو بغير وضوء أو ركوع أو سجود، ومن فعل ذلك كان مستحقا للذم والعقاب" انتهى.
"منهاج السنة النبوية" (5/204) .
وقد جاء الوعيد الشديد لمن فعل ذلك:
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يُضرَب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدةً واحدةً، فجُلد جلدةً واحدةً، فامتلأ قبره عليه نارًا، فلما ارتفع عنه أفاق، قال: علام جلدتموني؟ فقيل له: إنك صليت صلاةً واحدةً بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره) أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (4/231) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2774) .
ثانيًا: اتفق أهل العلم على أن من صلى بغير طهارة مستحلًا ذلك، أو مستهزئاً، فقد كفر، ويستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وأما إذا صلى بغير وضوء تهاوناً لا على وجه الاستحلال ولا الاستهزاء، فقد ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يكفر أيضاً، وجمهور العلماء على أنه لا يكفر، ويكون فعل كبيرة من الكبائر. يقول النووي رحمه الله: " إن كان عالما بالحدث وتحريم الصلاة مع الحدث فقد ارتكب معصيةً عظيمةً، ولا يكفر عندنا بذلك، إلا أن يستحله، وقال أبو حنيفة: يكفر لاستهزائه. دليلنا: أنه معصية فأشبهت الزنا وأشباهه " انتهى. "المجموع" (2/84) ، وبنحوه في "روضة الطالبين" (10/67) . وانظر مذهب الأحناف في: "البحر الرائق" (1/151،302) ، (5/132) ، "حاشية ابن عابدين" (3/719). فالواجب على من صلى بغير طهارة التوبة والاستغفار، والعزم على عدم العود إلى مثل ذلك، ثم يعيد الصلاة التي صلاها بغير طهارة، والله تعالى يتوب على من تاب، ولا يجب عليه تجديد إسلامه. والله أعلم. انظر سؤال رقم (27091)] انتهى النقل عن موقع الإسلام سؤال وجواب.




وفي فتاوى الشبكة الإسلامية (11/ 785، بترقيم الشاملة آليا): فمن تعمد الصلاة بغير وضوء مع وجود الماء والقدرة على استعماله فقد ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر ـ نسأل الله العافية ـ بل ذهب بعض أهل العلم ـ وهم الحنفية ـ إلى تكفير من تعمد هذا الفعل، لدلالة هذا الفعل على استهزائه واستخفافه بالشرع، قال النووي في شرح المهذب: إن كان عالما بالحدث وتحريم الصلاة مع الحدث فقد ارتكب معصيةً عظيمةً، ولا يكفر عندنا بذلك، إلا أن يستحله. وقال أبو حنيفة: يكفر لاستهزائه. دليلنا: أنه معصية فأشبهت الزنا وأشباهه. انتهى. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: فالمسلم لا يصلي إلى غير القبلة أو بغير وضوء أو ركوع أو سجود، ومن فعل ذلك كان مستحقا للذم والعقاب. انتهى. ودلت بعض نصوص السنة الشريفة على الوعيد الشديد الذي يستحقه من أقدم على هذا الفعل المذموم، فعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يُضرَب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدةً واحدةً، فجُلد جلدةً واحدةً، فامتلأ قبره عليه نارًا، فلما ارتفع عنه أفاق قال: علام جلدتموني؟ فقيل له: إنك صليت صلاةً واحدةً بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره. حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.


وفي فتاوى الشبكة أيضا (11/ 1568، بترقيم الشاملة آليا)
بل قد بالغ بعض العلماء فذهب إلى تكفيرِ من صلى بغير طهارة وهو يعلم لأنه مستهزئ، وهذا وإن كان قولاً مرجوحاً لكنه يتضمن من الزجرِ عن هذا الفعل مالا يخفى. قال النووي رحمه الله: إن كان عالما بالحدث وتحريم الصلاة مع الحدث فقد ارتكب معصيةً عظيمةً، ولا يكفر عندنا بذلك، إلا أن يستحله، وقال أبو حنيفة: يكفر لاستهزائه.