كن مفتاحًا للخير

أسامة شحادة




عن أنس بن مالك، - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنّ من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإنَّ من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويلٌ لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه» رواه ابن ماجه وحسّنه الألباني.

ومن الطبيعي أن يحرص الجميع على أن يكونوا مفاتيح للخير، لكن أحيانا يغفل بعض الناس أو كثير منهم فيصبحون مفاتيح للشر، ولو بطريقة غير مباشرة. ولـ«مفتاح الشر» في زماننا طرائق متعددة منها:

القول على الله -عز وجل- بلا علم

فقد أصبحت الجرأة على الخوض في أمور الدين بجهل أمرا شائعا لدى الناس مع الأسف، ومما فاقم المشكلة تصدير كثير من الفضائيات لغير المختصين للكلام في الدين، وتتفاقم المصيبة مع تصدير بعض أصحاب الأهواء لتمرير باطلهم الذي يوافق أجندات بعض القنوات الفضائية والمعروفة بعداوتها للإسلام وعقيدته وشريعته.

والمسلم الواعي يحذر من الكلام في الدين إلا بعلم، ولا يتلقى دينه إلا من العلماء الربانيين المشهود لهم بالعلم والاستقامة ولو لم يخرجوا على شاشات الفضائيات أو لم يكن لهم مناصب رسمية.

الانجرار خلف الشائعات وترديدها ونشرها

ولا سيما في ظل الاستقطاب السياسي والإعلامي الكبير الذي تشهده بلاد المسلمين، حتى أصبحت معرفة الحقيقة الصحيحة والكاملة في غاية الصعوبة، ولا يوجد طرف لديه الحق كاملا.

والمسلم الواعي هو من يحذر من المسارعة في تقبّل أي خبر أو شائعة، ولا سيما إذا كانت بحق الخصم.

الوقوع في فخ التوظيف السياسي للدين

الوقوع في فخ التوظيف السياسي للدين أو عكسه بنفي علاقة الدين بالسياسة، فمعلومٌ مركزية الدين في مجتمعاتنا الإسلامية، الأمر الذي جعل الفرقاء السياسيين -حتى لو كانوا علمانيين- يرفعون راية التدين، ففي مواسم الانتخابات رأينا أحزابا علمانية ممّن حاربت الحجاب لعقود طويلة ترشح محجّبات على قوائمها، وبعض الأحزاب الشيوعية أعلنت عن تأدية بعض قياداتها لفريضة الحج!

فالمسلم الواعي لا يتورط بهذا التوظيف السياسي للدين، وإنما يناصر الحق حيثما كان ومع أي طرف، وقد يتوزع الحق بين الطرفين في القضية نفسها أو في قضايا متعددة.

العلمنة وفصل الدين عن السياسة

وهناك من يدعو لباب شر آخر وهو العلمنة وفصل الدين عن السياسة، ومعلوم أن الإسلام جاء بأحكام شرعية مهيمنة على كل جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفصله عن السياسة يدخل في قوله -تعالى-: {أَفَتُؤمنون بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (البقرة: ٨٥).


والمسلم الواعي لا يقبل بغير حاكمية الله -عز وجل- ويدعو لها بعلم وحكمة، ولا يتورط في الغلو بالتكفير والعنف.

التهور والاندفاع

كذلك من أبواب الشر التهور والاندفاع وتحويل الخلاف الفكري والسياسي إلى صراع مادي أو عنف، ويكون ذلك بالتحريض أو الممارسة، ومن المحزن أن يذهب بعض الناس لخيار العنف والتعدي أو التعطيل والإرباك، وهذا كله باب للشر مهما كان يظن أصحابه أنهم ينصرون الخير.

والمسلم الواعي يقف مع الحق دومًا ويطالب به بحكمة ورفق، فما كان الرفق في شيء إلا زانَه، وأيضا من قمة الوعي مراعاة موازنة المصالح والمفاسد والتيقظ لنتائج الأحداث، فلا يجوز بحال من الأحوال معالجة مشكلة أو فساد صغير بمشكلة وفساد عريض.

وهناك بعض أبواب للشر، في وسائل التواصل الاجتماعي في المنشورات والتعليقات المضادة، والمسلم الموفق هو من يتجنب أبواب الشر ويلتزم أبواب الخير المعروفة دوما.