تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: فإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي فإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن.



    2320 - " من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيرا منه ومن سقاه
    الله لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإني لا أعلم شيئا يجزئ من
    الطعام والشراب إلا اللبن ".


    رواه أبو عبد الله بن مروان القرشي في " الفوائد " (25 / 113 / 2) : حدثنا
    محمد بن إسحاق بن الحويص حدثنا هشام بن عمار حدثنا ابن عياش حدثنا ابن جريج قال
    : وابن زياد عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عتبة عن ابن شهاب (كذا الأصل،
    والصواب:ابن عباس) قال: دخلت على خالتي ميمونة وخالد بن الوليد، فقالت
    ميمونة: يا رسول الله! ألا أطعمك مما أهدى لي أخي من البادية؟ فقربت ضبين
    مشويين على قنو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا فإنه ليس من طعام
    قومي، أجدني أعافه، وأكل منه ابن عباس وخالد، فقالت ميمونة: أنا لا
    آكل من طعام لم يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استسقى رسول الله
    صلى الله عليه وسلم فأتي بإناء لبن، فشرب وعن يمينه ابن عباس وعن يساره خالد
    بن الوليد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: أتأذن لي أن أسقي
    خالدا؟ فقال ابن عباس: ما أحب أن أوثر بسؤر رسول الله صلى الله عليه وسلم على
    نفسي أحدا، فتناول ابن عباس فشرب، وشرب خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه
    وسلم: فذكر الحديث. قلت: وشيخه محمد بن إسحاق هو ابن عمرو بن عمر أبو الحسن
    القرشي المؤذن المعروف بابن الحريص - كذا في " التاريخ " بالراء - ختن هشام بن
    عمار. ترجمه ابن عساكر (15 / 31 / 1 - 2) برواية جمع من الثقات عنه، منهم
    أبو الحسن بن جوصا والطبراني وغيرهما. مات سنة (288) ولم يذكر فيه جرحا
    ولا تعديلا. ومن فوقه موثقون من رجال " التهذيب "، إن كان ابن زياد هو محمد
    الألهاني، وأما إن كان عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ففيه ضعف من قبل
    حفظه، فمثله يستشهد به، ولاسيما وهو مقرون مع ابن جريج، ولولا أن هذا -
    أعني ابن جريج - مدلس، وقد عنعنه، لكانت الحجة به وحده قائمة، لولا أن ابن
    عياش - وهو إسماعيل الحمصي - ضعيف في غير الشاميين، وابن جريج مكي، وعبد
    الرحمن بن زياد إفريقي بخلاف الألهاني فهو شامي، فإن كان هو المراد بهذا
    الإسناد، فابن عياش حينئذ حجة. وجملة القول فيه أنه على أقل الأحوال صالح
    للاستشهاد به لذكر ابن زياد فيه، إن كان هو الإفريقي، وإلا فهو حجة بذاته إن
    كان هو الألهاني، فإن ابن ماجة قد أخرجه في " سننه " (2 / 314) : حدثنا هشام
    بن عمار حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا ابن جريج عن ابن شهاب به. مقتصرا على
    المتن وحده، فلم يذكر فيه ابن زياد. وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس، هو بها
    أشهر يرويه علي بن زيد بن جدعان عن عمر بن حرملة عنه به. أخرجه أبو داود (2 /
    135) والترمذي (3451) وابن السني (468) وأحمد (1 / 284) وابن سعد (
    1 / 397) وقال الترمذي: " حديث حسن ". قلت: وهو كما قال بمجموع الطريقين
    ، وإلا فابن جدعان سيء الحفظ. والله أعلم.

    الكتاب: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها
    المؤلف: محمد ناصر الدين الألباني

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: فإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن.

    كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا عافَ مِنَ الطَّعامِ شيئًا ترَكه، وفي هذا الحديثِ يَحكِي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّه كان في بَيْتِ مَيمونةَ رضِيَ اللهُ عنه، وهي ميمونةُ بنتُ الحارِثِ، زَوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانتْ خالَةَ ابنِ عبَّاسٍ، "فدخل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومعه خالدُ بنُ الوليدِ، فجاؤوا بِضَبَّيْنِ مَشْوِيَّيْنِ على ثُمامَتَيْنِ"، أي: على عودَيْنِ يَحمِلانِ الضَّبَّيْنِ أثناءَ الشَّوْيِ، والضَّبُّ: حيوانٌ مِنَ الزَّواحِفِ يَكْثُرُ في الصَّحارِي العربيَّةِ.
    قال: "فتَبَزَّقَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: تَفَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَقذُّرًا؛ وذلك لِأنَّه لم يَأْلَفْه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فقال خالِدٌ: إِخالُكَ"، أي: أَظُنُّكَ، "تَقْذَرُهُ يا رسولَ اللهِ"، أي: تَكرهُه، "قال" النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أَجَلْ"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عافَه وكرِهَه، وليس المقصودُ هنا الكراهةَ الشَّرعيَّةَ، وإنَّما المقصودُ كراهةُ نَفْسِهِ البشريَّةِ لهذا النَّوعِ مِنَ الطَّعامِ.
    قال: "ثمَّ أُتِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بلَبَنٍ فشرِب، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا أَكَلَ أحدُكم طعامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بارِكْ لنا فيه"، أي: اجعَلْ لنا فيه الخيرَ بالزِّيادةِ والنَّماءِ، "وأطعِمْنا خيرًا منه"، أي: وارْزُقْنا ما هو أفضلُ منه، "وإذا سُقِيَ لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بارِكْ لنا فيه، وزِدْنا منه"؛ فإنَّه ليس شيءٌ يُجزِئُ مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ، أي: يَصْلُحُ مَقامَ الأكْلِ إذا جاع الإنسانُ ويصلُحُ مقامَ الشُّرْبِ إذا عطِش "إلَّا اللَّبَنُ".
    وفي الحديثِ: بيانٌ لأفضليَّةِ اللَّبَنِ وما فيه مِن فائدةٍ تَجمَعُ بين كَوْنِهِ طعامًا لِمَنْ أراد الطَّعامَ، وشرابًا لِمَنْ أراد الشَّرابَ.


    https://dorar.net/hadith/sharh/84293

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: فإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن.


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: فإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن.

    ثم قال رسولُ الله ﷺ: مَن أطعمه اللهُ الطَّعامَ فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وأطعمنا خيرًا منه، هذا متى يُقال؟يحتمل أنَّه يقول هذا طلبًا للبركة في أوَّله: اللهم بارك لنا فيه.ويحتمل أن يكون ذلك إذا فرغ منه، فيكون ذلك من الأدعية التي تُقال بعد الفراغ من الطَّعام إذا أكل، فإنَّ قوله: مَن أطعمه اللهُ الطَّعامَ فليقل، "أطعمه الطَّعام" فإنَّه قد يُفهم منه أنَّه إذا طعمه، أكله.اللهم بارك لنا فيه، وأطعمنا خيرًا منه، "اللهم بارك لنا فيه" كيف تحصل البركةُ بعدما فرغ فيما أكل؟وأمَّا إذا قيل: إنَّه يقوله بين يدي طعامه، فتكون البركةُ في تكثيره ونفعه، ونحو ذلك.وأطعمنا خيرًا منه إذا كان يقول ذلك بين يدي الطَّعام، يعني: قبل أن يأكل: أطعمنا خيرًا منه، فإنَّ ذلك يعني في المستقبل.وكذلك قد يكون ذلك من قبيل القرينة على أنَّه يقوله إذا فرغ من الطَّعام، وكأنَّ هذا هو الأقرب -والله أعلم-؛ أن يكون هذا من الأدعية التي تُقال بعد الفراغ من الطَّعام: اللهم بارك لنا فيه، وأطعمنا خيرًا منه، والبركة هي الزِّيادة في الخير، والنَّماء فيه مع الدَّوام.وأطعمنا خيرًا منه، بعضُ أهل العلم حمل ذلك على الجنة: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]، بعض أهل العلم: قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ فسَّره باعتبار أنهم رُزقوا بذلك في الدنيا، أنهم قصدوا في الدنيا: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا يعني: مع ما في الدُّنيا.والقول الآخر: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ يعني: في الجنَّة، فيما يُطاف عليهم بالصِّحاف والآنية من ألوان المطعوم، فهو مُتشابه في صورته، ولكنَّه مُختلفٌ في طعومه: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا، وكأنَّ هذا -والله أعلم- هو الأقرب.فبعض أهل العلم قالوا: وأطعمنا خيرًا منه أنَّ ذلك مُفسّر بقوله: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا، أطعمنا خيرًا منه يعني: من طعام الجنَّة، وهذا لا يختصّ بما يتَّصل بالجنة، وإنما أطعمنا خيرًا منه في الدنيا أيضًا، فإنَّ فضلَ الله لا رغبةَ عنه: لا في الدنيا، ولا في الآخرة.قال: ومَن سقاه الله لبنًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وزدنا منه، "زدنا منه" زدنا يعني: من جنسه، بعضُهم قال: لبن الجنَّة زدنا منه، "بارك لنا فيه، وزدنا منه" من لبن الجنَّة، ولكن لما كان اللبنُ بتلك المنزلة فهو من أشرف الطَّعام، طلبت الزيادة فيه مع البركة، ولا يختصّ ذلك في هذا السؤال أن يكون المطلوبُ من لبن الجنَّة.ثم قال ﷺ مُعللاً لمثل هذا الدُّعاء والمغايرة بينه وبين سائر الطَّعام: اللهم بارك لنا فيه، وزدنا منه، ولم يقل: "وارزقنا خيرًا منه" كما في سائر الأطعمة، قال: "فإنَّه ليس يجزي" يعني: من الطعام، بدل الطعام، يجزي من الطَّعام، كقوله: أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ [التوبة:38]، يعني: بدل الآخرة، يعني: يُقال: يكفي عنه، يُغني عنه، ما يكون به الغناء من الطَّعام إلا اللَّبن.قال: مكان الطَّعام والشَّراب غير اللَّبن يعني: لا يحصل به دفع الجوع، لا يحصل بشيءٍ دفع الجوع ودفع العطش معًا إلا في اللَّبن، الماء يدفع العطش، وهو أبلغ ما يدفع به العطش، لكنَّه لا يحصل به دفع الجوع بحالٍ من الأحوال، والخمر على شدّة تعلّق العرب بها في الجاهلية إلا أنها تزيد العطش؛ ولذلك فإنَّ الفقهاء حينما يتحدَّثون عن الاضطرار لشرب الخمر يُفصّلون، يقولون: إن كان لدفع غصّةٍ فله أن يشرب شربةً يدفع بها الغصّة، بمعنى: إن لم يجد شيئًا يدفع به الغصّة إلا الخمر، فهذه حالة ضرورة، يشرب بقدر ذلك، لكن إن كان ذلك لدفع العطش قالوا: لا يشرب، ولو أشرف على الهلكة؛ لأنَّ الخمر لا يزيده إلا عطشًا، فلا تندفع به حرارةُ العطش، فاللَّبن يندفع به العطش، ويندفع به الجوع.وقالوا: لأنَّه مُركَّبٌ من أصل الخلقة تركيبًا طبيعيًّا، وفيه من الدُّسومة ما قد يُغني من الطَّعام. وتحدَّث العلماءُ في المفاضلة بينه وبين العسل مثلاً.وبعض العلماء ألَّف في ذلك مُؤلَّفًا، فبعضهم فضَّل العسل، وبعضهم فضَّل اللَّبن، وبعضهم فصَّل في ذلك فقال: من جهة التَّغذية والرّي فاللبن أفضل، ومن ناحية الحلاوة وعموم المنافع فإنَّ العسل أفضل.ولو قيل: بأنَّ اللبن أفضل من جهة التَّغذية، وأعلق بالفطرة، وأنَّ العسل أفضل من جهة التَّداوي؛ لكان هذا له وجهٌ -والله تعالى أعلم-.وكذلك تحدَّثوا في المفاضلة بين اللَّبن واللَّحم، وهذا الحديث يدلّ على أنَّ اللبن أفضل مُطلقًا من اللحم، ومن غيره؛ لأنَّه هو الوحيد الذي يُقال فيه: وزدنا منه، فدلّ على أنَّه لو شرب عسلاً فإنَّه لا يقول: "وزدنا منه"، وإنما يقول: "وارزقنا خيرًا منه".وهذا وغيره مما ذكره أهلُ العلم فيه فوائد كثيرة، وما يدلّ على فضل اللَّبن؛ ولذلك جعل هذا اللَّبن غذاءً للصَّبي في أول الفطرة، مع ما فيه من عجائب قُدرة الله : نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ [النحل:66]، لكن لا يصحّ أن يذهب الذِّهنُ حينما نسمع اللَّبن إلى اصطلاحٍ حادثٍ؛ فإنَّ نصوص القرآن والسُّنة ينبغي حملها على معهود المخاطبين، والمخاطبون كما تدلّ عليه لغةُ العرب اللَّبن عندهم هو ما نُسميه نحن اليوم بالحليب، يعني: أول ما يُحلب فهذا يُقال له: لبن.نحن الآن في عُرفنا هنا نقول لذلك: حليب، ونقول للذي راب وعُولج نقول له: لبن، لكن هنا حينما يُذكر اللَّبن ينبغي أن يُحمل على معهودهم؛ اللَّبن هذا الذي حُلِبَ، الذي نُسميه نحن: الحليب، يُقال له: "لبن" في لغة العرب.والشَّارع ليس له اصطلاحٌ خاصٌّ في اللَّبن، يعني: ليس له معنى شرعيّ، فيُرجع إلى عُرف المخاطبين، فإن لم يكن لهم عُرفٌ رجع إلى لغة العرب.أمَّا الاصطلاحات الحادثة فلا عبرةَ بها، فإذا قيل: اللَّبن، واللَّبن مُوافقٌ للفطرة: وزدنا منه، ونحو ذلك، وأنَّه ليس يقوم، ليس المقصودُ به بالضَّرورة اللَّبن الذي قد راب، لكن هل يدخل ذلك فيه؟الجواب: نعم، هذا الذي قد عُولج حتى صار بهذه المثابة رائبًا، فإنَّه يُقال: وزدنا منه، ولا يُقال: "وارزقنا خيرًا منه"؛ لأنَّ ذلك جميعًا يُقال له، يصدق عليه أنَّه لبنٌ، يعني: مَن شرب الحليب يقول: "وزدنا منه"، ومَن شرب ما نُسميه نحن اليوم: باللبن، فكلّ ذلك يُقال له: لبن.فكان النبيُّ ﷺ من هديه -كما قال الحافظُ ابن القيم[10] رحمه الله- أن يشرب اللَّبن تارةً خالصًا، يعني: من غير مزجٍ، وتارةً يشربه مشوبًا بالماء.وذكر أنَّ شرب اللبن الحلو في تلك البلاد الحارَّة خالصًا ومشوبًا -بلاد الحجاز وما يُتاخمها من جزيرة العرب-، يقول: هذا فيه نفعٌ عظيمٌ في حفظ الصحة وترطيب البدن، وما يحصل من الرّي للكبد. يقول: لا سيّما اللبن الذي ترعى دوابّه الشِّيح والقيصوم والخزامى، وما أشبهها، وهذه نباتات معروفة إلى اليوم بأسمائها، هذه في الصَّحراء، يقول: فإنَّ لبنها غذاءٌ مع الأغذية، وشرابٌ مع الأشربة، ودواءٌ مع الأدوية، يعني: هو في جملة الأغذية، معدودٌ من الأغذية، وفي جملة الأشربة، معدودٌ من الأشربة، وفي جملة الأدوية، فهو أيضًا دواءٌ من الأدوية.يقول: وأجود ما يكون اللبنُ حين يُحلب. يعني: مباشرةً، وهذا يدلّ على أنَّ هذا الذي بقي مدّةً وعُولج، ومن يدٍ إلى يدٍ حتى يُشرب؛ أنَّ هذا يكون أقلَّ نفعًا.يقول: ثم لا يزال تنقص جودته على مرِّ السَّاعات، فيكون حين يُحلب أقلّ برودةً، وأكثر رطوبةً، والحامض بالعكس. يعني: أنَّه يضرّ.ولذلك الشيخ محمد الأمين الشَّنقيطي -رحمه الله- كان إذا رأى مع أحدٍ من أولاده لبنًا حامضًا نزعه نزعًا شديدًا منه، قد ذكر العُلماء أنَّ الحوامض: التفاح الحامض، واللبن الحامض يُسبب النِّسيان، يضرّ الذاكرة.فالحافظ ابن القيم[11] -رحمه الله- يذكر هذا المعنى، يقول: ويختار اللبن بعد الولادة بأربعين يومًا، يعني: الدَّابة أول ما يخرج منها في الأيام الأولى ما يُسمَّى: باللبئ، وهو معروفٌ، إذا وُضع على النار وغُلي ينعقد، يضرب لونُه إلى شيءٍ من الصُّفرة، يُقال له: اللبأ، معروفٌ، يُشبه لونه لون الزهرة، النبات المعروف، إذا وُضِعَ على النار بعد الولادة مباشرةً، إذا حُلبت الدَّابة، الشَّاة، ثم بعد ذلك غُلي، فهذا يُؤكل، وهذا بعد الولادة.الحافظ ابن القيم[12] يقول: يختار اللبن بعد الولادة بأربعين يومًا، وأجوده ما اشتدّ بياضه، وطاب ريحه، ولذَّ طعمه، وكانت فيه حلاوة يسيرة. يعني: ليست حلاوةً كثيرةً، بعض الناس يُحبون ما ازدادت حلاوته، وهذا يتأثر بطبيعة الحال بحسب المرعى.وكذلك يذكر ما كانت فيه دُسومة مُعتدلة، واعتدل قوامه في الرِّقة والغِلَظ، يعني: ليس بثقيلٍ، ولا بخفيفٍ كالماء.يقول: "وحُلِبَ من حيوانٍ فتيٍّ، صحيحٍ، مُعتدل اللَّحم، محمود المرعى والمشرب"[13]، شرابه جيد، وكذلك مرعاه جيد، ويكون فتيًّا، ليس بكبيرٍ في السن، وكذلك أيضًا يكون مُعتدل اللَّحم، ليس بالبدين، ولا بالضَّعيف الهزيل، فإذا اجتمعت هذه الأوصاف جميعًا فهذا أنفع ما يكون من اللَّبن.وهذا يدلّ على فضيلة اللَّبن، وعلى كثرة ما فيه من المنافع، حتى قال بعضُ أهل العلم: هو أنفع مشروبٍ للآدمي؛ لموافقته للفطرة الأصلية، فالإنسان إذا خرج إلى هذه الدنيا درَّ ثديُ أمه، فيكون أول ما يبدأ به هو اللَّبن.في الحديث جبريلُ لما جاء إلى النبي ﷺ بخمرٍ ولبنٍ، فاختار ﷺ اللبن، قال: اخترتَ الفطرة[14]، وتجتمع فيه التَّغذية وغيرها كما سبق، والله ذكره من ضمن الشَّراب في الجنة: وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ [محمد:15]، اللَّبن في الدنيا يتغير طعمه بأمورٍ لا تخفى: إمَّا بسبب المرعى، أو يتغير طعمُه بسبب مرضٍ في الدَّابة، أو يتغير طعمُه بسبب كثرة المكثِ، أو يتغير طعمُه بسبب أمرٍ يُلابسه الحالب، أو يتغير طعمه بسبب الإناء، أو يتغير طعمُه بسبب ما قد يقع فيه مما يحصل عادةً من القذى والأذى الذي يتساقط من البهيمة التي تُحلب.وهذا يدلّ على أنَّ اللبنَ أرفع مرتبةً، وأعلى درجةً من الطَّعام، وغير ذلك من الفوائد.هذا ما يتَّصل بهذا الحديث، وأسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم هُداةً مُهتدين.والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه.

    https://khaledalsabt.com/explanation...81%D9%8A%D9%87

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: فإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن.


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: فإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن.

    قال صلى الله عليه وسلم :

    ( إذا أكل أحدكم طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه، و أبدلنا خيرا منه، و إذا شرب لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيه و زدنا منه، فإنه ليس شىء يجزى من الطعام و الشراب إلا اللبن )

    حسنه الألباني في صحيح الجامع 381 .

    السؤال : هل المقصود في كلمة اللبن حليب الناقه وهل يدخل في هذا الحديث اللبن المعروف لدينا في الآسواق كالمراعي والصافي وغيره ام ما المقصود في كلمة اللبن في هذا الحديث ؟



    الجواب
    هذا في الألبان المباحة !

    قال الجصاص في أحكام القرآن في قوله تعالى : ( وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْث وَدَم لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ) قال : عام في سائر الألبان .

    والذي يظهر أنه يشمل ما بعد الحَلْب ( اللبن والحليب )

    قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط : والحليب : اللبن المحلوب ، أو الحليب ما لم يتغير طعمه .
    قال ابن جرير الطبري : ( سائغا للشاربين ) يقول : يسوغ لمن شربه فلا يغصّ به كما يغص الغاص ببعض ما يأكله من الأطعمة . وقيل : إنه لم يغصّ أحد باللبن قط .

    وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي : نـبّـه الله على عظيم القدرة بخروج اللبن خالصا من بين الفرث والدم ، بين حمرة الدم وقذارة الفرث ، وقد جمعهما وعاء واحد ، وجرى الكل في سبيل متّحِدة ، فإذا نظرت إلى لونه وجدته أبيض ناصعا ، خالصا من شائبة الجار ، وإذا شربته وجدته سائغا عن بشاعة الفرث ، يُريد لذيذاً . اهـ .

    واللبن يُعتبر غذاء كاملاً ، فإنه عليه الصلاة والسلام قال : فإنه ليس شيء يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن .

    والله تعالى أعلى وأعلم .

    المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
    عضو مكتب الدعوة والإرشاد

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: فإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن.


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •