ذنب سيخلدني في جهنم










السؤال
الملخص:شاب يشعر بأنه تائه في حياته، وذلك بسبب ذنوبه الخوالي، ومنها ذنب لعِظمِه يشعر أن الله لن يتوب عليه منه مهما فعل، وأنه قد خسر الدنيا والآخرة، ويسأل: ما النصيحة؟ التفاصيل:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ تائه بسبب تذكُّري لذنوبي الخوالي، والمعاصي التي كنت أقترفها، ومن هذه الذنوب ذنبٌ فعلته يُشعرني بأنه لم يعُدْ لي سببٌ لبقائي في هذه الحياة، ويشعرني - والعياذ بالله - بأنني سأخلُدُ في جهنم، ولو تبتُ مهما تبتُ، حتى وإن رددت الشهادتين، أسمع في نفسي أن الذنب الذي اقترفته استثناءٌ، ولن يتوب الله عليَّ مهما فعلت، وأنا خاسر في هذه الدنيا وفي الآخرة، وصار هذا الذنب يطاردني ويجعل حياتي كئيبة، ويضيع كل لحظة أفرح فيها، لا أدري هل هو مجرد وسواس أو حقيقة أو خليط من هذا وذاك، أرجو أن تفيدوني، وجزاكم الله خيرًا.


الجواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:أولًا: مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.ثانيًا: مهما عَظُم ذنبك فالتوبة الصادقة تهدِمه من أصله، فلا تحزن ولا تيأس، واستعن بالله؛ فالله يغفر الذنب ويقبل التوب، ويعفو عن السيئات ويبدلها حسنات.أخي الحبيب، أبشر بخير:إذا كنت صادقًا من قلبك، فالله ييسر لك سُبُلَ التوبة، فمن تقرب إليه شبرًا تقرب إليه ذراعًا، ومن تقرب إليه ذراعًا تقرب إليه باعًا، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة؛ كما في الحديث القدسي.
فتقرب إلى الله بالندم، ورد المظالم، وفعل الطاعات من الصلاة، وقراءة القرآن، والصحبة الصالحة.
لك أن تتخيل أن كل سيئاتك يبدلها الله لك حسنات؛ بشرط توبتك الصادقة، والكف عن الذنوب والمعاصي.
تخيل أن الله يفرح بتوبتك!
تخيل ما مدى اللذة والبشر والسرور الذي يقع على قلبك!
أخي الحبيب، لا تسوِّف وبادر بالتوبة، فالله يغفر الذنوب جميعًا، سبحانه غافر الذنب وقابل التوب، فأبشر بخيرٍ فإن الغافر الله!
أخي الحبيب، أخْلِصْ نيتك لله واصدق مع الله، وسوف تصل لمرادك؛ قال ابن الجوزي: "الصِّدق في الطلب منار، أين وُجِد، يدلُّ على الجادة، وإنما يتعثَّر مَن لَم يُخلص"؛ [صيد الخاطر: (1/ 119)].
أخي الحبيب، ودَّ الشيطان منك هذا، فلا تَمَلَّ من التوبة ‏والندم، كلما وقعتَ في هذا الجرم، ‏فعليك ألَّا تيأس فأنت على خير إن ‏شاء الله، ما دمت تبادر بالتوب ‏دائما؛ فإن التوبة إذا توفرت ‏شروطها من الندم، والإقلاع عن ‏المعصية، والعزم ألَّا يعاد إليها ‏كانت مقبولة عند الله؛ ففي ‏الصحيحين أن النبي صلى الله عليه ‏وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل ‏قال: ((أذنب عبد ذنبًا فقال: اللهم اغفر ‏لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب ‏عبدٌ ذنبًا، فعلِم أن له ربًّا يغفر الذنب ‏ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ‏رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك ‏وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا فعلم أن له ‏ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد ‏فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، ‏فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، ‏فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ ‏بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت ‏لك)).
أي: ما دمت تتوب توبة نصوحًا ‏مستوفية الشروط، سالمة من موانع ‏القبول.
قال النووي: "وفي الحديث أن الذنوب ولو تكررتْ مائة مرة، بل ألفًا وأكثر، وتاب في كل مرة، قُبِلَتْ توبته، أو تاب عن الجميع توبة واحدة، صحَّت توبته، وقوله في الحديث: ((اعمل ما شئت))؛ معناه: ما دمت تُذنب، فتتوب، غفرتُ لك".
وقال الحسن البصري: "إذا أذنب العبد، ثم تاب، لم يَزْدَدْ من الله إلا قُربًا".
وقد قيل للحسن البصري أيضًا: "ألَا يستحيي أحدنا من ربِّه يستغفر من ذنوبه ثم يعود، ثم يستغفر ثم يعود، فقال: ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا، فلا تَمَلُّوا من الاستغفار".
وقال بعضهم لشيخه: "إني أذنبتُ، قال: تُبْ، قال: ثم أعود، قال: تُبْ، قال: ثم أعود، قال: تُبْ، قال: إلى متى؟ قال: إلى أن تُحْزِنَ الشيطان"؛ [مجموع الفتاوى لابن تيمية: (7/ 492)].
ثالثًا: لا شك أن ما تشعر به هو من وسوسة الشيطان وتسويل النفس، فلا تتبع خطوات الشيطان، وتجاهل تلك الأفكار وتُبْ، ومن وسائل الثبات على التوبة: الصدق والدعاء. كثرة التعلق بالقرآن: قراءة، وحفظًا، ومعرفة للتفسير. تغيير الأصحاب. تغيير الأماكن وخصوصًا ما كان معلومًا أنه موضع فتنة. البعد عن متابعة أهل الغفلة.
من اشتدت عليه الشهوات؛ فعليه بالصومِ، فالصَّائمون إن خالط صومهم كثرة ذكر وتلاوة ودعاء مُبعدون بإذن الله على أسرِ الشهوات، والغالب أن الشهوات إنما تأسر المتعرِّض لها، الفارغ من سلاح التعبد.
ثبت الله أهل التوبة، وأتم علينا وعليهم النعمة برحمته.
وأنصحك بمطالعة:التشتت في طريق الاستقامةوسواس قهري متعلق بالدين والقرآنأعاني من وساوس تتعلق بالآخرةالتوبة مع تكرار الذنبوساوس قهرية مستمرةالوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدهاأهمية دراسة العقيدةهذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.