أهمية العلم الشرعي في الوقاية من الفتن


سئل العلامة الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله- عن أهمية العلم الشرعي في الخروج من الفتن، سواء كانت فتنا عقدية أم في العبادات أم في غيرها فقال:لا شكَّ أنَّ العلم الشرعي الذي جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المخرج من الفتن، فإذا جاءت الفتن والفتن لابد أن تأتي سُنَّةُ الله -جل وعلا- في خلقه ليبتليهم ويمتحنهم فلا مخرج من الفتن إلا بالعلم الشرعي، قال - صلى الله عليه وسلم -: « إني تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي « ولن نتمسك بكتاب الله وسُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقيقةً إلا إذا سعينا لتعلُّمها والتَّفقه فيها وتلقيها عن أهلها، أما وجود الكتاب والسُّنَّة في الرفوف ووجود الكتاب والسنة في المكتبات الضخمة هذا لا يكفي، هذا مثل السلاح الذي لا يُستعمل ولا يُحمل، هذا لا يُفيد شيئاً، فقد هلك بنو إسرائيل وعندهم التَّوراة، وعندهم العلم، لكنهم لم يعملوا به ولم يحملوه حقَّ حمله؛ فهلكوا وفيهم العلماء وفيهم الأحبار {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّو نَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (المائدة: ٦٣).

فلا مخرج من هذه الفتن إلا بتعلم العلم النَّافع الذي به تعرف الحقَّ من الباطل تعرف الهدى من الضلال وتعرف الصحيح من السقيم، نورٌ من الله عزَّ وجل {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّـهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ {١٥} يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (المائدة: ١٥).

جاءنا هذا على يد نبينا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وقال - صلى الله عليه وسلم -: « فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنَّواجذ وإياكم ومُحدثات الأمور فإنَّ كل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار «. فلا شك أنه يحدث الشرك والكفر والإلحاد في العقيدة، ولا شك انه تحدث البدع والمحدثات والضلالات، ولاشك أنه يظهر دُعاة الضلال ودُعاة السوء، كل هذا يحدث، ولكن المخرج من هذا بكتاب الله وسُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتعلمهما والعمل بهما والرجوع إليهما {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(النس اء: ٥٩).

أما أنَّ الإنسان ينعزل إذا جاءت الفتن ويبقى في بيته هذا فيه تفصيل، الإنسان الذي لا يستطيع مقاومة الفتن ولا يستطيع أن يتعلم العلم النَّافع، ولا يستطيع أن يرد الشبهات، ويُقارع أهل الضلال، هذا يبقى في بيته فيسلم، أما الإنسان الذي يستطيع أن يتعلم ويستطيع أن يتكلم بالحق ويدل على الصراط المستقيم، ويرد على أهل الضلال ويُلجم أهل الشر والمنافقين، فهذا يجب عليه أن يخرج من بيته وأن يُجاهد في سبيل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِي نَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (التوبة: ٧٣).

الكفَّار يُجاهدون بالسلاح، والمنافقون يُجاهدون بالحُجَّة وباللسان وبالكتاب والسُّنة، وتُردُّ شُبهاتهم وتُفضحُ أباطيلهم، ولو أنَّ العلماء سكتوا وجلسوا في بيوتهم لتمادى أهل الضلال في ضلالهم وأهل الطغيان في طُغيانهم، ولسنحت الفرصة لشياطين الإنس والجنَّ أن يُضلوا النَّاس عن الصراط المستقيم؛ فلابد من مقارعتهم {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ} أي بالقرآن { وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}(الفرقا ن: ٥٢).
منقول