حدثنا عبيد الله بن معاذ، قال: ثنا أبي، عن السري بن يحيى، عن محمد بن سيرين قال: قال الحجاج بن يوسف وهو يخطب: إن ابن الزبير كان يبدل كلام الله. فقال له عبد الرحمن بن عمر: كذبت لا تستطيع ولا ابن الزبير أن تبدلوا كلام الله.
ما صحة هذا الأثر؟
حدثنا عبيد الله بن معاذ، قال: ثنا أبي، عن السري بن يحيى، عن محمد بن سيرين قال: قال الحجاج بن يوسف وهو يخطب: إن ابن الزبير كان يبدل كلام الله. فقال له عبد الرحمن بن عمر: كذبت لا تستطيع ولا ابن الزبير أن تبدلوا كلام الله.
ما صحة هذا الأثر؟
خرجه حرب الكرماني في مسائله (3/1140)، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقوله: "عبد الرحمن بن عمر" تصحيف "ابن عمر".
فقد توبع بأتم من ذلك فيما خرجه الذهبي في تذكرة الحفاظ (1/33)، من طريق:
حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن محمد أن الحجاج خطب فقال:
إن ابن الزبير بدل كلام الله، فقام بن عمر فقال: كذب لم يكن بن الزبير يستطيع أن يبدل كلام الله ولا أنت، قال إنك شيخ قد خرفت اقعد، قال أما أنك لو عدت عدت. اهـ.
قلتُ: وهذا صورته الإرسال، لم يسمع محمد بن سيرين من ابن عمر إلا حديثا واحدا كما ذكر يحيى بن معين رحمه الله.
وتوبع فيما خرج ابن سعد في الطبقات الكبرى (4/139)، فقال:
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ قَالَ: فذكر نحوه.
وخالد بن سمير لا أعلم له سماعا من ابن عمر إذ هو بصري، ولعله أخذ الأثر من ابن سيرين، والله أعلم.
ولكن له شواهد منها ما خرج علي بن حجر السعدي في حديثه [100]، فقال:
ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ يَوْمًا فَأَطَالَ، فَوَضَعَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي، قَالَ:
فَقَالَ الْحَجَّاجُ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ بَدَّلَ كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ: فَرَفَعَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: " لَنْ يَسْتَطِيعَ ذَاكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلا أَنْتَ، لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ "،
قَالَ: فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَقَدْ أُوتِيتَ عِلْمًا إِنْ نَفَعَكَ، قَالَ: فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ سَكَتَ". اهـ.
وتوبع فيما خرجه الطبري في تفسيره، فقال: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: فذكره إلا أن آخره قال:
قَالَ أَيُّوبُ: فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ سَكَتَ " . اهـ.فدل على أن هذا القول مدرج من قول أيوب.
وتوبع فيما خرجه الحاكم في المستدرك [3301]، فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، بنحوه.
وخرجه إسماعيل الصفار كما في المجموع [576]، فقال: حدثنا عبد الملك بن محمد حدثنا سعيد بن عامر حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع قال خطب الحجاج فقال فذكره مختصرا.
ويؤيد ذلك ما خرجه أبو القاسم البغوي في معم الصحابة [1448]، ومن طريقه ابن عساكر، فقال:
حدثنا محمد بن بكار نا أبو معشر عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: "إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله"،
فقال ابن عمر: كذبت ليس تبديل كلام الله بيدك ولا بيد ابن الزبير كتاب الله أعز من أن يبدل"، قال: فقال الناس لابن عمر: "اخرج اخرج"، فأبى أن يخرج حتى صلى معه". اهـ.
وأبو معشر فيه مقال.
والله أعلم.
بارك الله في علمكم وعملكم .
وفيكم بارك الله وحفظكم.
وله شاهد ءاخر أتم فيما خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه [30648]، وابن خزيمة في صحيحه [1027] - واللفظ له -، كلاهما من طريق:
عاصم بن محمد العمري، قال: عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: بَيْنَا الْحَجَّاجُ يَخْطُبُ وَابْنُ عُمَرَ شَاهِدٌ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ،
إِذْ قَالَ الْحَجَّاجُ: ابْنُ الزُّبَيْرِ نَكَّسَ كِتَابَ اللَّهِ نَكَّسَ اللَّهُ قَلْبَهُ قَالَ: وَابْنُ عُمَرَ مُسْتَقْبِلُهُ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ ذَاكَ لَيْسَ بِيَدِكَ وَلَا بِيَدِهِ، قَالَ: فَسَكَتَ الْحَجَّاجُ،
ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا وَكُلَّ مُسْلِمٍ وَإِيَّاكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ أَنْ تَعْقِلَ"، فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يَضْحَكُ،
قَالَ: ثُمَّ وَثَبَ فَأَجْلَسَهُ ابْنَاهُ، فَقَالَ: دَعُونِي فَإِنِّي تَرَكْتُ الَّتِي فِيهَا الْفَضْلُ أَنْ أَقُولَ لَهُ: كَذَبْتَ". اهـ.
وفي لفظ رواية ابن أبي شيبة عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَابْنُ عُمَرَ، إلخ.
وهذا تصريح من حبيب ابن أبي ثابت أنه عاين الواقعة.
والله أعلم.
زادكم الله من فضله وإحسانه.