خرج البخاري في التاريخ الكبير [195]، فقال:
قَالَ سَعِيد بْنُ سُلَيمان: حدَّثنا عَبد اللهِ بْنُ حَكِيم، قَالَ: حدَّثنا يُوسف بْنُ صُهَيب، عَنِ ابن بُرَيدَة، عن أَبيه، رضي الله عَنْهُ، قَالَ:
قَالَ رسُولُ اللهِ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم: "ثَلاَثَةٌ لاَ يَقرَبُهُمُ المَلاَئِكَةُ: سَكرانٌ، والمُتَخَلِّقُ، والجُنُبُ". اهـ.
قال البخاري: "لا يصح". اهـ، ثم علل ذلك بعبد الله بن حكيم الداهري، وقال:
وَقَالَ حَفص بْن عُمَر: حدَّثنا أَبو عَوانة، عَنْ قَتادة، عَنِ ابْن بُرَيدَة، عَنْ يَحيى بْن يَعمَر، عَنِ ابن عَبّاس، رضي الله عنهما، نحوه.
وخرج البزار كما في كشف الأستار [2927]، فقال:
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، ثنا أَبَانٌ يَعْنِي: ابْنَ يزيد، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به مرفوعا.
قال البزار: ": رَوَاهُ غَيْرُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مُرْسَلا، وَلا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلا هَذَا الْوَجْهُ". اهـ.
قلتُ: يفهم من كلام البزار أن الموصول معلول وأن الراجح الإرسال في رواية أبان وحينئذ تقدم رواية أبان المرسلة على رواية أبي عوانة الموصولة فإن أبان أثبت من أبي عوانة في قتادة، ويكون الراجح في الحديث الإرسال.
وما ورد موقوفا فيما خرجه العقيلي في الضعفاء (2/634)، من طريق: فَهْدِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، به موقوفا.
قلتُ: في الإسناد فهد بن عوف "متروك الحديث" كذا قال مسلم بن الحجاج القشيري، وقال البخاري: "سكتوا عنه"، فالأشبه رواية الرفع.
وخرج الطبراني في المعجم الأوسط [5405]، فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: نَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الضَّرِيرُ، قَالَ: نَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ:
نَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ كَثِيرٍ، مَوْلَى سَمُرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" ثَلاثَةٌ لا تَقْرَبُهُمُ الْمَلائِكَةُ: الْجُنُبُ، وَالْكَافِرُ، وَالْمُتَضَمِّخ ُ بِالزَّعْفَرَان ِ ". اهـ.
قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى سَمُرَةَ إِلا هِشَامٌ، وَلا عَنْ هِشَامٍ إِلا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: شَبَابَةُ". اهـ.
قلتُ: هذا شاذ، قد خولف المغيرة بن مسلم فيما خرجه الخطيب البغدادي في المتفق والمفترق (3/1788)،
من طريق: يحيى بن أبي طالب، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا هشام بن حسان، عن كثير بن أبي كثير، عن ابن عباس، به موقوفا.
ورد في تاريخ ابن معين رواية الدوري [4912]، قال: سَمِعت يحيى يَقُول، وَقلت لَهُ:
إِن يزِيد بن هَارُون يرْوى عَن هِشَام، عَن كثير بن أبي كثير، عَن بن عَبَّاس: "ثَلَاثَة لَا تقربهم الْمَلَائِكَة نَائِم جنب ومتضمخ بخلوق وجنازة كَافِر".
من كثير بن أبي كثير هَذَا؟ فَقَالَ: "لَا أَدْرِي". اهـ،
قلتُ: ذكره ابن حبان في الثقات.
وقد روي عن يحيى بن يعمر من طريق ءاخر فيما خرجه الطيالسي في مسنده [681] فقالَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيّ ِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: فذكر حديثا طويلا وفيه قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:
«إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ جِنَازَةَ الْكَافِرِ بِخَيْرٍ وَلَا الْمُتَضَمِّخَ بِالزَّعْفَرَان ِ وَلَا الْجُنُبَ» وَرَخَّصَ لِلْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ أَنْ يَتَوَضَّأَ". اهـ.
خرجه السجستاني في سننه [4176]، من هذا الطريق، ثم أورد متابعة [4177]، فقال:
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ ابْنِ أَبِي الْخُوَارِ، أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ، يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ،
- زَعَمَ عُمَرُ [يعني ابن عطاء] أَنَّ يَحْيَى [ابن يعمر] سَمَّى ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَنَسِيَ عُمَرُ اسْمَهُ -
أَنَّ عَمَّارًا قَالَ: تَخَلَّقْتُ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ بِكَثِيرٍ، فِيهِ ذِكْرُ الْغُسْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ: وَهُمْ حُرُمٌ؟ قَالَ: "لَا، الْقَوْمُ مُقِيمُونَ". اهـ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات عدا الرجل المبهم، وتوبع فيما خرجه أبو داود السجستاني في سننه [4180]، فقال:
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ،
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " ثَلَاثَةٌ لَا تَقْرَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ: جِيفَةُ الْكَافِرِ، وَالْمُتَضَمِّخ ُ بِالْخَلُوقِ، وَالْجُنُبُ إِلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ ". اهـ.
وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع بين الحسن البصري وعمار بن ياسر رضي الله عنه.
وللقسم الأخير من الحديث له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنه:
«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام، وهو جنب، توضأ وضوءه للصلاة، قبل أن ينام». اهـ.
متفق عليه واللفظ لمسلم.
والله أعلم.