خرج البزار في مسنده كما في كشف الأستار (٧٥٥)، فقال:
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُكَيْنٍ، ثنا حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرٍ، رَفَعَهُ قَالَ:
" مَرَّ رَجُلٍ بِجُمْجُمَةِ إِنْسَانٍ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ فَخَرَّ سَاجِدًا، فَقِيلَ لَهُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ فَأَنْتَ أَنْتَ، وَأَنَا أَنَا ". اهـ.
قال البزار: "لا نعلمه عن جابر إلا من هذا الوجه، ... ولا روى عنه إلا هذا".اهـ.
قلتُ: قد خولف البزار في رفعه فيما عزاه ابن رجب في كتاب أهوال القبور (143) إلى ابن أبي الدنيا في القبور قائلا:
و[روى] بإسناده عن جعفر بن سليمان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: فذكره موقوفا بنفس لفظ البزار إلا أنه زاد: "ساجدا
نادما مما حدث به نفسه". اهـ.
ولهذا يغلب على الظن أن ابن أبي الدنيا رواه من طريق حبان بن هلال؛
وأكثر رواياته عنه من طريق شيخه محمد بن الحسين البرجلاني صاحب كتب الزهد بل لابن أبي الدنيا روايات عدة من طريقه عن حبان بن هلال عن جعفر بن سليمان.
وروى أيضا عن حبان بن هلال من طريق محمد بن فراس الضبعي فيما وقفت مرة، وكلاهما أوثق من الوليد بن عمرو ذكره ابن حبان بأنه ربما أخطأ، فلعل هذا من خطئه.
وقد روي مرفوعا فيما خرجه ابن فيل في جزء له [107]، فقال:
ثَنَا سَعِيدُ بْنُ نُصَيْرٍ الْبَغْدَادِيُّ ، ثَنَا [سيار] بْنُ حَاتِمٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ ، يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بِنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:
" مَرَّ رَجُلٌ كَانَ قَبْلَكُمْ بِجُمْجُمَةٍ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ قَالَ: يَا رَبِّ أَنْتَ أَنْتَ، وَأَنَا أَنَا، أَنْتَ الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ ، وَأَنَا الْعَوَّادُ بِالذُّنُوبِ، وَخَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا، فَقِيلَ لَهُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، فَأَنْتَ الْعَوَّادُ بِالذُّنُوبِ، وَأَنَا الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ ". اهـ.
وفي لفظ عند أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري في أحاديث منتقاة من مشيخته [9]، قال: " مَرَّ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِجُمْجُمَة ... إلخ". اهـ.
قلتُ: تفرد به سعيد بن نصير البغدادي ولم يذكره أحد بجرح ولا تعديل، وخرجه أبو القاسم الحنائي في فوائده [20]، ثم قال:
"وَقَدْ رَوَاهُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، مَوْقُوفًا مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى". اهـ.
قلتُ: نعم وهذا هو الصواب موقوفا، وتوبع فيما خرجه ابن أبي شيبة في مصنقه [35798]، فقال:
حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ:
" رَأَى رَجُلٌ جُمْجُمَةً فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ، قَالَ: فَخَرَّ سَاجِدًا تَائِبًا مَكَانَهُ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: ارْفَعْ رَأْسَك فَإِنَّك أَنْتَ أَنْتَ وَأَنَا أَنَا ". اهـ.
وفي هذا المعنى ورد في روايات كثيرة عن أصحاب الإسرائيليات.
والله أعلم.