تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مدارسة سورة فصلت للشيخ جمال القرش

  1. #1

    افتراضي مدارسة سورة فصلت للشيخ جمال القرش

    تفسير سورة فصلت للشيخ جمال القرش
    من كتاب
    تيسير المنان مختصر جامع البيان
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا، ماكثين فيه أبدا، المتفرد بنعوت الجلال والإكرام والخلق والأمر فلا يشرك في حكمه أحدا.... والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد
    فقد امتن الله على أمة الإسلام بأفضل رسله وخير كتبه، فجعله خاتما لها، ومصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا، وجمع بين ثناياه العطرة ما اجتمع للأولين والآخرين.
    وندب الشارع الحكيم إلى النظر في آياته وأحكامه، والتأمل في وجوه إعجازه وإحكامه، قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) [ص: 29]، ولذا كانت علوم القرآن العظيم - ومنها علم التفسير- أكرم أصناف العلوم عند الله مكانة، وأوفرها فضلا
    وقد تأملت في كتب التفاسير فوجدت كتاب الإمام العالم الجليل العلامة أبي جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير ابن غالب الطبري الموسوم بـ(جامع البيان في تأويل القرآن) من أجلها وأعظمها، وأكثرها فوائد وأقيمها، فهو صاحب التصانيف المشهورة، أبرز الأئمة الذين اعتنوا بالتفسير الإمام الجليل، المجتهد المطلق، إمام عصره، من أهل آمل طبرستان، وُلِدَ بها سنة 224 هـ ، ورحل من بلده في طلب العلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، وتوفي 310 هـ وطوَّف في الأقاليم، قال عنه ابن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير.
    سُمِعَ بمصر والشام والعراق، ثم ألقى عصاه واستقر ببغداد، وبقي بها إلى أن مات سنة 310 هـ. [طبقات المفسرين للسيوطي، 83]
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: تفسير محمد بن جرير الطبري أقرب التفاسير إلى الكتاب والسنة، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعة ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير والكلبي اهـ (1)
    وقد رغبت في انتقاء و اقتباس نفائس ودرر من هذا التفسير العظيم مع شيء من التصرف اليسير، وقد اسميته بـ [ تيسير المنان المنتقى من تفسير الإمام الطبري].
    وكان من أبرز ما قمت به ما يلي: حذف الروايات المسندة، والشواهد اللغوية، والقراءات وتوجيهها.
    تقسيم الآية إلى مقاطع ليسهل فهمها:
    حذف التكرار ما أمكن:
    قد تفسير بعض الآيات التي فسرها في موضع سابق.
    يوضع الكلام الزائد في الغالب، بين قويسين [] كتوضيح بعض المفردات
    فصل الضمير المتصل عن عامله في بعض أحواله لتيسير فهمه على القارئ
    التقديم والتأخير في بعض الأحوال لتوضيح المعنى.
    حذف الخلافات، واعتماد ما رجحه الطبري في الغالب.
    تقسيم السورة إلى وحدات ومقاطع بحسب الوحدة الموضوعية للآيات
    لم يثبت شيء بشأن الحروف المقطعة أوائل السور ك(الم) و(كهيعص) ، و(يس) و(ن) والقول لدينا أنها إشارة إلى إعجاز القرآن; فقد وقع به تحدي المشركين, فعجزوا عن معارضته, وهو مركَّب من هذه الحروف التي تتكون منها لغة العرب
    وقد حاولت قصارى جهدي الأخذ بأسباب التيسير، ليناسب الكتاب عموم المسلمين في كل مكان، وتيسير سبل الاستفادة من هذا الكتاب العظيم، فإن أحسنت من الله الكبير الوهاب، وإن أسأت فمن نفسسي المقصرة والشيطان، نسأل الله أن يعفو عنا هو ولي ذلك والقادر عليه .
    ولا يسعني إلا الشكر والتقدير لكل من ساهم في إخراج هذه العمل، وأخص بالذكر فضيلة الشيخ الفاضل المحقق/ أشرف على خلف وفقه الله.
    أسأل الله - - أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، ويرزقنا منه الثواب الأوفى، وأن يعيننا على استكماله على الوجه الذي يرضيه عنا، إنه مولانا القادر على ذلك نعم المولى ونعم النصير، رب أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، وأن أعمل صالحا ترضاه، وأصلح لي في ذرتي، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته ومن سار على سنته إلى يوم الدين.
    وكتبه أفقر العباد
    جمال بن إبراهيم القرش
    سورة فصلت
    بسم الله الرحمن الرحيم
    (1)- (2)- ( حم * تَنزِيلٌ مِّنَ ) هَذَا القرآن تنزيل من عند ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
    (3)- ( كِتَابٌ فُصِّلَتْ ) بُيِّنَتْ ( آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) فُصلت آياته هكذا ( لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) اللسان العربي.
    (4)- ( بَشِيرًا ) لهم يبشرهم إن هم آمنوا به، وعملوا بما أنزل فيه من حدود الله وفرائضه بالجنة ( وَنَذِيرًا ) ومنذرًا من كذَّب به ولم يعمل بما فيه بأمر الله في عاجل الدنيا، وخلود الأبد في نار جهنم في آجل الآخرة ( فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ ) فاستكبر عن الإصغاء له وتَدَبُّرِ ما فيه مِن حجج الله وأعرض عنه أكثرُ هؤلاء القوم الَّذِينَ أنزل هَذَا القرآن بشيرا لهم ونذيرا ( فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ) لا يصغون له فيسمعوه إعراضا عنه واستكبارا.
    (5)- ( وَقَالُواْ ) المشركون المعرضون عن آيات الله من مشركي قريش ( قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ ) في أغطية ( مِمَّا تَدْعُونَا ) يا محمد ( إِلَيْهِ ) من توحيد الله، وتصديقك فيما جئتنا به، لا نفقه ما تقول ( وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ ) وهو الثقل، لا نسمع ما تدعونا إليه استثقالا لما يدعو إليه وكراهة له ( وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ) ساتر لا نجتمع من أجله نحن وأنت، فيرى بعضنا بعضا، وذلك الحجاب هو اختلافهم في الدين ( فاعمل إِنَّنَا عَامِلُونَ )
    (6)- ( قُلْ ) يا محمد لهؤلاء المعرضين عن آيات الله من قومك ( إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ) من بني آدم مثلكم في الجنس والصورة والهيئة، لست بمَلك ( يُوحَى إِلَيَّ ) يوحي الله إلى ( أَنَّمَآ إلهكم إِلَهٌ وَاحِدٌ ) أن لا معبود لكم تصلح عبادته إلا معبود واحد ( فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ ) بالطاعة، ووجهوا إليه وجوهكم بالرغبة والعبادة دون الآلهة والأوثان ( وَاسْتَغْفِرُوه ُ ) وسلوه العفو لكم عن ذنوبكم التي سلفت منكم بالتوبة من شرككم، يتب عليكم ويغفر لكم ( وَوَيْلٌ ) وصديد أهل النار، وما يسيل منهم ( لِّلْمُشْرِكِين َ ) للمدعين لله شريكا العابدين الأوثان دونه
    (7)- ( الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) لا يؤدّون زكاة أموالهم ( وَهُمْ بِالْآخِرَةِ ) بقيام الساعة، وبعث الله خلقه أحياء من قبورهم، من بعد بلائهم وفنائهم ( هُمْ كَافِرُونَ ) منكرون
    (8)- ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ) صدقوا الله ورسوله ( وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ) وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم عنه ( لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ) غير منقوص عما وعدهم أن يأجرهم عليه.
    (9)- ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ ) وذلك يوم الأحد ويوم الاثنين ( وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ) وهم الأكفاء من الرجال تطيعونهم في معاصي الله ( ذَلِكَ ) الَّذِي فعل هَذَا الفعل، وخلق الأرض في يومين ( رَبُّ الْعَالَمِينَ ) مالك جميع الجن والإنس، وسائر أجناس الخلق، وكل ما دونه مملوك له.
    (10)- ( وَجَعَلَ فِيهَا ) في الأرض التي خلق في يومين ( رَوَاسِيَ ) الجبال الثوابت في الأرض( مِن فَوْقِهَا ) عَلَى ظهرها ( وَبَارَكَ فِيهَا ) فجعلها دائمة الخير لأهلها ( وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا ) وذلك ما يقوتهم من الغذاء، ويصلحهم من المعاش ( في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ) أوّلهنّ يوم الأحد، وآخرهن يوم الأربعاء ( سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ ) سواء لسائليها عَلَى ما بهم إليه الحاجة، وعلى ما يصلحهم.
    (11)- ( ثُمَّ اسْتَوَى ) ارتفع ( إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا ) للسماء ( وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ) جيئا بما خلقت فيكما، أما أنت يا سماء فأطلعي ما خلقت فيك من الشمس والقمر والنجوم، وأما أنت يا أرض فأخرجي ما خلقت فيك من الأشجار والثمار والنبات، وتشقَّقِي عن الأنهار ( قَالَتَآ أَتَيْنَا ) جئنا بما أحدثت فينا من خلقك ( طَآئِعِينَ ) مستجيبين لأمرك لا نعصيك.
    (12)- ( فَقَضَاهُنَّ ) ففرغ من خلقهنّ ( سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ) وذلك يوم الخميس ويوم الجمعة ( وَأَوْحَى ) وألقى ( فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا ) ما أراد من الخلق ( وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا ) إليكم أيها الناس ( بِمَصَابِيحَ ) بالكواكب ( وَحِفْظًا ) من الشياطين ( ذَلِك ) هَذَا الَّذِي وصفت لكم ( تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ ) في نقمته من أعدائه ( الْعَلِيمِ ) بسرائر عباده وعلانيتهم، وتدبيرهم عَلَى ما فيه صلاحهم.
    (13)- ( فَإِنْ أَعْرَضُواْ ) هؤلاء المشركون عن هذه الحجة التي بيَّنتها لهم ( فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ ) أيها الناس ( صَاعِقَةً ) تهلككم ( مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ )

    (14)- ( إِذْ جَآءَتْهُمُ ) جاءت عادا وثمود ( الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ) الرسل التي أتت آباء الَّذِينَ هلكوا بالصاعقة من هاتين الأمتين ( وَمِنْ خَلْفِهِمْ ) من خلف الرسل الَّذِينَ بعثوا إلى آبائهم رسلا إليهم ( أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهُ ) وحده لا شريك له ( قَالُواْ ) لرسلهم إذ دعوهم إلى الإقرار بتوحيد الله ( لَوْ شَآءَ رَبُّنَا ) أن نوحده، ولا نعبد من دونه شيئا غيره ( لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً ) من السماء رسلا بما تدعوننا أنتم إليه، ولم يرسلكم وأنتم بشر مثلنا ( فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ ) أرسلكم به ربكم إلينا ( كَافِرُونَ ) جاحدون غير مصدّقين به
    (15)- ( فَأَمَّا عَادٌ ) قوم هود ( فَاسْتَكْبَرُوا ) عَلَى ربهم وتجبروا ( فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الحق ) تكبرا وعتوّا بغير ما أذن الله لهم به ( وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الَّذِي خَلَقَهُمْ ) وأعطاهم ما أعطاهم من عظم الخلق، وشدة البطش ( هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) فيحذروا عقابه، ويتقوا سطوته لكفرهم به، وتكذيبهم رسله ( وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا ) بأدلتنا وحججنا عليهم ( يَجْحَدُونَ ).
    (16)- ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ ) فأرسلنا عَلَى عاد ( رِيحًا صَرْصَرًا ) ريح شديدة الصوت ( في أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ ) مشائيم ذات نحوس ( لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ ) ولعذابنا إياهم في الآخرة ( أَخْزَى ) لهم وأشد إهانة وإذلالا ( وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ ) لا ينصرهم من الله يوم القيامة إذا عذبهم ناصر، فينقذهم منه، أو ينتصر لهم.
    (17)- ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ) فبينا لهم سبيل الحق وطريق الرشد ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ) فاختاروا العمى عَلَى البيان الَّذِي بينت لهم، والهدى الَّذِي عرفتهم من توحيد الله ( فَأَخَذَتْهُمْ ) فأهلكتهم ( صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ ) المذل المهين لهم مهلكة أذلتهم وأخزتهم ( بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) من الآثام بكفرهم بالله قبل ذَلِكَ، وخلافهم إياه، وتكذيبهم رسله.
    (18)- ( وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُواْ ) من العذاب الَّذِي أخذهم بكفرهم بالله، الَّذِينَ وحدوا الله، وصدقوا رسله ( وَكَانُواْ يتَّقُونَ ) يخافون الله أن يحل بهم من العقوبة عَلَى كفرهم لو كفروا ما حل بالذين هلكوا منهم، فآمنوا اتقاء الله وخوف وعيده

    (19)- ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ ) يجمع هؤلاء المشركون ( أَعْدَآءُ الله إِلَى النَّارِ ) إلى نار جهنم، فهم يحبس أولهم عَلَى آخرهم ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) يحبس أولهم عَلَى آخرهم
    (20)- ( حَتَّى إِذَا مَا جَآءُوهَا ) أي: النار ( شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ ) بما كانوا يصغون به في الدنيا إليه، ويسمعون له ( وَأَبْصَارُهُمْ ) بما كانوا ينظرون إليه في الدنيا ( وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )

    (21)- ( وَقَالُواْ ) هؤلاء الَّذِينَ يحشرون إلى النار من أعداء الله سبحانه ( لِجُلُودِهِمْ ) إذ شهدت عليهم بما كانوا في الدنيا يعملون ( لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ) علينا بما كنا نعمل في الدنيا ( قَالُوا ) فأجابتهم جلودهم ( أَنطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) فنطقنا ( وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) والله خلقكم الخلق الأول ولم تكونوا شيئا ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) وإليه مصيركم من بعد مماتكم
    (22)- ( وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ ) تَستَخْفُون، فتتركوا ركوب محارم الله في الدنيا حذرا ( أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ ) يوم القيامة ( سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ ) اليوم ( وَلَكِنْ ظَنَنتُمْ ) حسبتم حين ركبتم في الدنيا من معاصي الله ( أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ ) من أعمالكم الخبيثة.
    (23)- ( وَذَلِكُمْ ) وهذا الَّذِي كان منكم ( ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ ) في الدنيا ( أَرْدَاكُمْ ) أهلككم ( فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) من الهالكين، قد غبنتم ببيعكم منازلكم من الجنة بمنازل أهل الجنة من النار.

    (24)- ( فَإِن يَصْبِرُواْ ) هؤلاء الَّذِينَ يحشرون إلى النار عَلَى النار ( فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ) مسكن لهم ومنزل ( وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ ) يسألوا الرجعة لهم إلى الَّذِي يحبون بتخفيف العذاب عنهم ( فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ) فليسوا بالقوم الَّذِينَ يرجع بهم إلى الجنة، فيخفف عنهم ما هم فيه من العذاب
    (25)- ( وَقَيَّضْنَا ) وبعثنا ( لَهُمْ قُرَنَآءَ ) نُظراء من الشياطين ( فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) من أمر الدنيا، فحسنوا ذَلِكَ لهم وحبَّبوه إليهم حتى آثروه عَلَى أمر الآخرة ( وَمَا خَلْفَهُمْ ) ما بعد مماتهم بأن دعوهم إلى التكذيب بالمعاد، وأن من هلك منهم، فلن يُبعث، وأن لا ثواب ولا عقاب( وَحَقَّ ) وجب ( عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ) بركوبهم ما ركبوا مما زين لهم قرناؤهم وهم من الشياطين ( في أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ ) قد مضت ( مِن قَبْلِهِمْ ) قبلهم من ضربائهم ( مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ) حق عليهم من عذابنا مثل الَّذِي حَقّ عَلَى هؤلاء بعضهم من الجن وبعضهم من الإنس ( إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ ) كانوا مغبونين ببيعهم رضا الله ورحمته بسخطه وعذابه.
    (26)- ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ) بالله ورسوله من مشركي قريش للذين يطيعونهم من أوليائهم من المشركين ( لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ ) لقارئ هَذَا القرآن إذا قرأه، ولا تصغوا له، ولا تتبعوا ما فيه فتعملوا به ( وَالْغَوْا فِيهِ ) الغطوا بالباطل من القول إذا سمعتم قارئه يقرؤه كَيْما لا تسمعوه، ولا تفهموا ما فيه ( لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) لكي تغلبوا محمدا.
    (27)- ( فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ) بالله من مشركي قريش ( عَذَابًا شَدِيدًا ) في الآخرة ( وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ ) ولنثيبنهم عَلَى فعلهم ذَلِكَ وغيره من أفعالهم ( أَسْوَأَ الَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) بأقبح جزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا.
    (28)- ( ذَلِكَ ) هَذَا الجزاء الَّذِي يجزى به هؤلاء الَّذِينَ كفروا من مشركي قريش ( جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ ) ذَلِكَ الجزاء هو النار ( لَهُمْ فِيهَا ) لهؤلاء المشركين بالله في النار ( دَارُ الْخُلْدِ ) المكث واللبث، إلى غير نهاية ولا أمد ( جَزَآءً ) مجازاتنا إياهم النار عَلَى فعلهم ( بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ ) بجحودهم في الدنيا بآياتنا التي احتججنا بها عليهم.
    (29)- ( وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ ) بالله ورسوله يوم القيامة بعد ما أدخلوا جهنم ( رَبَّنَآ ) يا ربنا ( أَرِنَا الَّذِينَ أَضَلاَّنَا ) من خلقك ( مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ) من جنهم وإنسهم ( نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا ) لأن أبواب جهنم بعضها أسفل من بعض ( لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ) في أشد العذاب في الدرك الأسفل من النار.

    (30)- ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللهِ ) وحده لا شريك له، وبرئوا من الآلهة والأنداد ( ثُمَّ اسْتَقَامُوا ) عَلَى توحيد الله، ولم يخلطوا توحيد الله بشرك غيره به، وانتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى ( تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ) عند نزول الموت بهم ( أَلاَّ تَخَافُواْ ) ما تقدمون عليه من بعد مماتكم ( وَلاَ تَحْزَنُواْ ) عَلَى ما تخلفونه وراءكم ( وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ ) وسُرُّوا بأن لكم في الآخرة الجنة ( الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) في الدنيا عَلَى إيمانكم بالله، واستقامتكم عَلَى طاعته.
    (31)- تقول الملائكة ( نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ ) أيها القوم ( فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) كنا نتولاكم فيها ( وَفِي الْآخِرَةِ ) أيضا نحن أولياؤكم، كما كنا لكم في الدنيا أولياء ( وَلَكُمْ فِيهَا ) في الجنة ( مَا تشتهي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا ) في الآخرة عند الله ( مَا تَدَّعُونَ ) من اللّذات والشهوات
    (32)- ( نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ ) لذنوبكم ( رَّحِيمٍ ) بكم أن يعاقبكم بعد توبتكم
    (33)- ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا ) أيها الناس ( مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللهِ ) قال ربنا الله، ودعا عباد الله إلى ما قال وعمل به ( وَعَمِلَ صَالِحًا ) استقام عَلَى الإيمان به، والانتهاء إلى أمره ونهيه ( وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) ممن خضع لله بالطاعة، وذل له بالعبودية، وخشع له بالإيمان بوحدانيته.
    (34)- ( وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ ) ولا يستوي الإيمان بالله والعمل بطاعته ( وَلَا السَّيِّئَةُ ) الشرك به والعمل بمعصيته ( ادْفَعْ ) يا محمد ( بالتي هِيَ أَحْسَنُ ) بحلمك جهل من جهل عليك، وبعفوك عمن أساء إليك إساءةَ المسيء، وبصبرك عليهم مكروهَ ما تجد منهم، ويلقاك من قِبَلِهم ( فَإِذَا ) فيصير المسيء إليك ( الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ ) من ملاطفته إياك وبرّه لك ( وَلِيٌّ ) قريب النسب بك ( حَمِيمٌ ) قريب.
    (35)- ( وَمَا يُلَقَّاهَا ) وما يعطى دفع السيئة بالحسنة ( إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ ) عَلَى المكاره، والأمور الشاقة ( وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) ذو نصيب وجدّ له، سابق في المبرات عظيم.
    (36)- ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ ) وإما يلقين الشيطان يا محمد في نفسك( نَزْغٌ ) وسوسة من حديث النفس ( فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ) فاستجر بالله واعتصم من خطواته ( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ) لاستعاذتك منه واستجارتك به من نزغاته ( الْعَلِيمُ ) بما ألقى في نفسك من نزغاته، وحدثتك به نفسك ومما يذهب ذَلِكَ من قبلك، وغير ذَلِكَ من أمورك وأمور خلقه
    (37)- ( وَمِنْ آيَاتِهِ ) ومن حجج الله تعالى عَلَى خلقه ودلالته عَلَى وحدانيته ( اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ) معاقبة كلّ واحد منهما صاحبه ( وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا الشمس تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار ( لاَ تَسْجُدُواْ ) أيها الناس ( لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ ) فإنما يجريان لكم بإجراء الله إياهما، لا بأنهما يقدران بأنفسهما عَلَى سير وجري دون إجراء الله إياهما وتسييرهما ( وَاسْجُدُوا لِلَّهِ ) واعبدوا الله ( الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) إن كنتم تعبدون الله، وتذلون له بالطاعة وإن من طاعته أن تخلصوا له العبادة، فإن العبادة لا تصلح لغيره ولا تنبغي لشيء سواه.
    (38)- ( فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا ) وتعظموا عن أن يسجدوا لله الَّذِي خلقهم وخلق الشمس والقمر ( فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ ) الملائكة لا يستكبرون عن ذَلِكَ ( يُسَبِّحُونَ لَهُ ) يصلون له ( بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ ) لا يَفْتُرُون عن عبادته، ولا يملُّون الصلاة له.


    (39)- ( وَمِنْ آيَاتِهِ ) ومن حجج الله أيضا وأدلته عَلَى قدرته ( أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً ) دارسة غبراء، لا نبات بها ولا زرع ( فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء ) غيثا ( اهتزت ) بالنبات وتحركت به ( وَرَبَتْ ) انتفخت ( إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا ) فأخرج منها النبات، وجعلها تهتزّ بالزرع من بعد يبسها ودثورها بالمطر الَّذِي أنزل عليها ( لَمُحْىِ الْمَوْتَى ) لقادر أن يحيي أموات بني آدم من بعد مماتهم بالماء الَّذِي ينزل من السماء لإحيائهم ( إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ) إن ربك يا محمد عَلَى إحياء خلقه بعد مماتهم وعلى كل ما يشاء ( قَدِيرٌ ) ذو قدرة لا يعجزه شيء أراده، ولا يتعذّر عليه فعل شيء شاءه.
    (40)- ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ ) يميلون عن الحق ( في آيَاتِنَا ) في حججنا وأدلتنا، ويعدلون عنها تكذيبا بها وجحودا لها ( لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ ) نحن بهم عالمون، ونحن لهم بالمرصاد إذا وَرَدُوا علينا، وذلك تهديد من الله جلّ ثناؤه لهم ( أَفَمَن ) أفهذا الَّذِي ( يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يأتي آمِنًا ) من عذاب الله ( يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) لإيمانه بالله جلّ جلاله؟ ( اعملوا مَا شِئْتُمْ ) وهذا أيضا وعيد لهم من الله خرج مخرج الأمر ( إِنَّهُ ) إن الله أيها الناس ( بِمَا تَعْمَلُونَ ) بأعمالكم التي تعملونها ( بَصِيرٌ ) ذو خبرة وعلم لا يخفى عليه منها، ولا من غيرها شيءٌ.

    (41)- ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِالذِّكْرِ ) جحدوا هَذَا القرآن وكذّبوا به ( لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ) بإعزاز الله إياه، وحفظه من كل من أراد له تبديلا أو تحريفا، أو تغييرا، من إنسي وجني وشيطان مارد
    (42)- ( لاَّ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ) لا يستطيع ذو باطل تغييره بكيده، وتبديل شيء من معانيه عما هو به ( وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ ) ولا إلحاق ما ليس منه فيه، وذلك إتيانه من خلفه ( تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ ) ذي حكمة بتدبير عباده، وصرفهم فيما فيه مصالحهم ( حَمِيدٍ ) محمود عَلَى نعمه عليهم بأياديه عندهم.
    (43)- ( مَّا يُقَالُ لَكَ ) ما يقول لك هؤلاء المشركون المكذّبون لما جئتهم به من عند ربك ( إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ ) قاله مَن قبلهم مِن الأمم الَّذِينَ كانوا ( مِن قَبْلِكَ ) فاصبر عَلَى ما نالك من أذى منهم ( إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ ) لذنوب التائبين إليه من ذنوبهم بالصفح عنهم ( وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ) مؤلم لمن أصرّ عَلَى كفره وذنوبه، فمات عَلَى الإصرار عَلَى ذَلِكَ قبل التوبة منه.
    (44)- ( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ ) ولو جعلنا هَذَا القرآن الَّذِي أنزلناه يا محمد ( قُرْآنًا أعْجَمِيًّا لَّقَالُواْ ) لقال قومك من قريش ( لَوْلاَ فُصِّلَتْ ) هلَّا بينت ( آيَاتُهُ ) أدلته وما فيه من آية، فنفقهه ونعلم ما هو وما فيه ( ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ) يقولون إنكارا له: أأعجمي هَذَا القرآن ولسان الَّذِي أنزل عليه عربي؟ ( قُلْ ) يا محمد لهم ( هُوَ ) القرآن ( لِلَّذِينَ آمَنُواْ ) بالله ورسوله، وصدقوا بما جاءهم به من عند ربهم ( هُدىً ) بيان للحق ( وَشِفَآءٌ ) من الجهل ( وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) بالله ورسوله، وما جاءهم به من عند الله ( في آذَانِهِمْ وَقْرٌ ) ثقل عن استماع هَذَا القرآن، وصمم لا يستمعونه ولكنهم يعرضون عنه ( وَهُوَ ) وهذا القرآن ( عَلَيْهِمْ عَمًى ) عَلَى قلوب هؤلاء المكذّبين به عمى عنه فلا يبصرون حججه عليهم، وما فيه من مواعظه ( أُوْلَئِكَ ) أهل مكة أبو جهل وأصحابه ( يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ) تشبيه من الله جلّ ثناؤه، لعمى قلوبهم عن فهم ما أنزل في القرآن من حججه ومواعظه ببعيد، فهم كما مع صوت من بعيد نودي، فلم يفهم ما نودي

    (45)- ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) التوراة كما آتيناك الفرقانَ ( فَاخْتُلِفَ فِيهِ ) فاختلف في العمل بما فيه الَّذِينَ أوتوه من اليهود ( وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ ) ولولا ما سبق من قضاء الله وحكمه فيهم أنه أخر عذابهم إلى يوم القيامة ( لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ ) وإن الفريق المبطل منهم ( لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ) يريبهم قولهم فيه لأنهم قَالُوا بغير ثبت، وإنما قالوه ظنًّا.
    (46)- ( مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا ) بطاعة الله في هذه الدنيا، فائتمر لأمره، وانتهى عما نهاه عنه ( فَلِنَفْسِهِ ) عمل ذَلِكَ الصالح من العمل، لأنه يجازى عليه جزاءه، فيستوجب في المعاد من الله الجنة، والنجاة من النار ( وَمَنْ أَسَآءَ ) بمعاصي الله فيها ( فَعَلَيْهَا ) فعلى نفسه جنى، لأنه أكسبها بذلك سخط الله، والعقاب الأليم ( وَمَا رَبُّكَ ) يا محمد ( بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) بحامل عقوبة ذنب مذنب عَلَى غير مكتسبه، بل لا يعاقب أحدا إلا عَلَى جرمه الَّذِي اكتسبه في الدنيا، أو عَلَى سبب استحقه به منه، والله أعلم.

    (47)- ( إِلَيْهِ يُرَدُّ ) إلى الله يرد العالمون به ( عِلْمُ السَّاعَةِ ) فإنه لا يعلم ما قيامها غيره ( وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ ) وما تظهر من ثمرة شجرة ( مِّنْ أَكْمَامِهَا ) التي هي متغيبة فيها، فتخرج منها بارزة ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى ) من حمل حين تحمله ( وَلاَ تَضَعُ ) ولدها ( إِلاَّ بِعِلْمِهِ ) إلا بعلم من الله، لا يخفى عليه شيء من ذَلِكَ ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ) ويوم ينادي الله هؤلاء المشركين به في الدنيا الأوثان والأصنام ( أَيْنَ شُرَكَآئِي ) الَّذِينَ كنتم تشركونهم في عبادتكم إياي؟( قَالُوا آذَنَّاكَ ) أعلمناك ( مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ ) يشهد أن لك شريكا.
    (48)- ( وَضَلَّ عَنْهُم ) عن هؤلاء المشركين يوم القيامة ( مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ ) آلهتهم التي كانوا يعبدونها ( مِن قَبْلُ ) في الدنيا، فأخذ بها طريق غير طريقهم ( وَظَنُّواْ ) وأيقنوا حينئذ ( مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ ) ليس لهم ملجأ يلجئون إليه من عذاب الله. (49)- ( لاَّ يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ ) لا يمل الكافر بالله ( مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ ) من طلب المال وصحة الجسم ( وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ ) وإن ناله ضرّ في نفسه من سُقم أو جهد في معيشته، أو احتباس من رزقه ( فَيَئُوسٌ ) فإنه ذو يأس من روح الله وفرجه ( قَنُوطٌ ) من رحمته، ومن أن يكشف ذَلِكَ الشرّ النازل به عنه.
    (50)- ( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ ) ولئن نحن كشفنا عن هَذَا الكافر ما أصابه من سقم في نفسه وضرّ، وشدّة في معيشته وجهد ( رَحْمَةً مِّنَّا ) فوهبنا له العافية في نفسه بعد السقم، ورزقناه مالا فوسعنا عليه في معيشته ( مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ ) من بعد الجهد والضرّ ( لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي ) عند الله، لأن الله راض عني برضاه عملي، وما أنا عليه مقيم ( وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ ) وما أحسب القيامة ( قَآئِمَةً ) يوم تقوم ( وَلَئِن رُّجِّعْتُ إلى رَبِّي ) وإن قامت أيضا القيامة، ورددت إلى الله حيا بعد مماتي ( إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى ) غنى ومالا ( فَلَنُنَبِّئَنّ َ ) فلنخبرن ( الَّذِينَ كَفَرُواْ ) بالله، المتمنين عليه الأباطيل يوم يرجعون إليه ( بِمَا عَمِلُواْ ) في الدنيا من المعاصي، واجترحوا من السيئات ( وَلَنُذِيقَنَّه ُمْ ) ثم لنجازينّ جميعهم عَلَى ذَلِكَ جزاءهم ( مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ) في نار جهنم، لا يموتون فيها ولا يحيون.
    (51)- ( وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ ) الكافر، فكشفنا ما به من ضرّ، ورزقناه غنى وسعة، ووهبنا له صحة جسم وعافية ( أَعْرَضَ ) عما دعوناه إليه من طاعته، وصدّ عنه ( وَنَأَى بِجَانِبِهِ ) وبَعُدَ من إجابتنا إلى ما دعوناه إليه ( وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ ) كثير
    (52)- ( قُلْ ) يا محمد للمكذّبين بما جئتهم به من عند ربك من هَذَا القرآن ( أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ ) هَذَا الَّذِي تكذبون به ( مِنْ عِندِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ ) ألستم في فراق وبعد من الصواب ( مَنْ أَضَلُّ ) أشد ذهابا عن قصد السبيل، وأَسْلَكُ لغير طريق الصواب ( مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ ) في فراق لأمر الله ( بَعِيدٍ ) من الرشاد.
    (53)- ( سَنُرِيهِمْ ) سنري هؤلاء المكذّبين لما أنزلنا عَلَى محمدٍ عبدِنا من الذكر ( آيَاتِنَا فِي الآفاق ) ظهور نبيّ الله × عَلَى أطراف بلدهم وعلى بلدهم ( وفي أَنفُسِهِمْ ) فتح مكة ( حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) حتى يعلموا حقيقة ما أنزلنا إلى محمد، وأوحينا إليه من الوعد له بأنا مظهرو ما بعثناه به من الدين عَلَى الأديان كلها، ولو كره المشركون ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ ) يا محمد ( أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) مما يفعله خلقه، لا يعزب عنه علم شيء منه، وهو مجازيهم عَلَى أعمالهم، المحسن بالإحسان، والمسيء جزاءه.
    (54)- ( أَلاَ إِنَّهُمْ ) هؤلاء المكذّبين بآيات الله ( فِي مِرْيَةٍ ) في شكّ من لقاء ربهم ( مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ ) البعث بعد الممات، ومعادهم إلى ربهم ( أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ ) مما خلق ( مُّحِيطٌ ) علما بجميعه، وقدرة عليه، لا يعزب عنه علم شيء منه أراده فيفوته، ولكن المقتدر عليه العالم بمكانه.


    أسئلة ومناقشات
    أولا : بين أبرز أهداف السورة الكريم وسبب تسميتها ؟
    ثانيا : استخرج من السورة الكريم أو استدل على ما يلي :
    فائدة عقدية
    فائدة فقهية
    فائدة تربوية
    فائدة أخلاقية
    أمر وبين نوعه
    نهي وبين نوعه
    لطيفة بلاغية
    مشكل لغريب القرآن
    كلمة معربة لها وجهان
    سبب نزول إن وجد ..
    ناسخ ومنسوخ إن وجد ...
    شيئا من علوم القرآن
    ال عهدية أو استغقراقية
    وقفا تاما وبين سببه
    وقفا كافيا وبين سببه
    وقفا لا زما إن وجد وبرر سبب لزومه
    ثالثا : أجب عما يأتي :
    ما هو المكان البعيد في قوله تعالى : أولئك ينادون من مكان بعيد وعلام يدل !؟
    بم وصف الله المشركين وعلام يدل ؟
    ما دلائل البعث ؟
    ما دلائل انفراد الله بعلم العيب ؟
    أين جواب إن في قوله تعالى : ( أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) ؟
    (53)- ( سَنُرِيهِمْ ) سنري هؤلاء المكذّبين لما أنزلنا عَلَى
    ما معنى قوله تعالى : ( وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ) ؟ وعلام يدل .
    من القائل : ( ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّوعلام يدل هذا القول ..
    برنامج مع القرآن
    https://archive.org/details/www.forsanhaq.com_4083
    شارك بفائدة
    https://www.facebook.com/permalink.p...&id=1226774898
    وفقكم الله وسدد خطاكم

    أكاديمية تأهيل المجازين للاستفسار واتس 00201127407676

  2. #2

    افتراضي رد: مدارسة سورة فصلت للشيخ جمال القرش

    يتابع مدارسة السورة فصلت :
    1- في السورة الكريم في يدايتها عشر صفات للقرآن الكريم هي .....
    2- أكرم جوارحك اليوم ليكرموك غدا...... استدل من السورة
    3- ما فائدة ذكر (ما) في قوله (حتى إِذا ما جاؤُها)؟
    4- فضيلة الصبر على أقدار الله .....
    5- أنت اليوم تملك جوارحك وغدا لا تملكها وستشهد عليك ....... استدل من السورة
    أكاديمية تأهيل المجازين للاستفسار واتس 00201127407676

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •