كنت أرى قلوبهم وأعجب منها أشد العجب


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

وبعد

عقيدتنا نحن معشر أهل السنة قائمة على الرحمة .
وتدبرت في قلوب أنبياء الله تعالى فوجدتها تتفاضل بالرحمة .
والرحمة تنشأ من العلم والإيمان والإحسان .
وتدبرت في قوله تعالى

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء

فعلمت قدر من عظمة رحمة رسول الله وأنه أرحم الناس بالناس
وعلمت قدر من عظيم عداوتهم لرسول الله ودعوته
وعظيم كبرهم .
كنت أتسائل عن قدر هؤلاء في الخلق .
من هؤلاء .
كنت أرى قلوبهم وأعجب منها أشد العجب .
كانت تلك الآيات من أشدها عليّ في كتاب الله
قوله تعالى

وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا
وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)
بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ
وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ 28 الأنعام

ولكم أن تتصوروا جبروت قلوبهم وعظيم خبثها .
الواحد فيهم يرى من عظيم خلق الله وحكمته .
يرى ملك الموت وهو يقبض روحه وملائكة معه .
يرى منكر ونكير .
يرى مطرقة من حديد يضربا بها رأسه .
يرى شديد العذاب يحل عليه في قبره حتى قيام الساعة .
يسمع نفخة الصور الأولى والثانية .
يرى نفسه في عرصات يوم القيامة .
يرى الشمس تدنوا من الأرض قدر ميل .
يرى من عذاب الناس ما يرى . فزع وعطش .
يرى الميزان
يسمع كلام ربه له وهو يكلمه . يراه بعينيه .
يسير على الصراط المعقود على النار فيكب على وجهه فيها .
يرى كل هذا وأكثر
ومع هذا يرجو كذباً ومكراً في قوله سبحانه

وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا
يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

ومع هذا يخبرنا ربنا بحقيقة قلوبهم أشد من الحجارة قسوة
فيقول سبحانه

وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

كل هذا يراه ويسمعه فإذا رد إلى الدنيا عاد على ما كان عليه .
من سيصدق شيئاً كهذا لولا أن الله يحدثنا به وهو أحكم الحاكمين .
لا إله إلا الله .

سبحان الله كم كفرت أناس بسبب أمثال هذه الآيات .
ولقوا الله وهو عليهم ساخط .
وربهم كان يقول لهم

إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

يقول لهم سبحانه

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُ مْ
عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ
وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ

إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ

كان يقول لهم

إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا
وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا

كان ربنا يقول لهم

لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ

وهي القول الفصل

وما اتقى الله منهم أحد من قدرية وجبرية وجهمية
وغيرهم كثير
إلا من شاء سبحانه لهم إنابة .

وبعد

عقيدتنا نحن أهل السنة التسليم بأقوال ربنا .
فإن عرفنا حكمة له ومنه آمنا بها وزادتنا إيماناً برحمته .
وإن لم نعلم سكتنا وآمنا .

وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ .

هذه عقيدتنا عليها نحيا وعليها نموت برحمة الله .

الحمد لله رب العالمين ،،،