حديث المعاجم (س ف ن)[1]:
ولْنَسْتَجْلِ الآن ما رَصَدته لنا معاجمُ اللّغة وقواميسُها،ولْن ستعرِض الدّلالاتِ المعجميّة لكلمة (السَّفَِن)[2]؛لِنقِفَ على جَلِيّة الأمرِ بخصوص دعوى ثُبُوتِها في أصلِ الوَضْع، ومن ثمَّ الوقوف على مدى صحّة هذا المعنى الّذي ابتدعوه: رُبّان السّفينة وقائدها.
وهي – كما ستراه - متقاربة المعنى،متداخلة الدّلالة:
1- مِبْراةُ السِّهام،يقال: بَرى العُودَ بالسَّفَن،قال الأعشى:
وَفِي كلِّ عامٍ لَهُ غَزْوَةٌ *** يَحُكُّ الدَّوابِرَ حَكَّ السَّفَنْ
2- جلدُ سَمَكٍ أخشنُ يُسفَنُ به الخَشبُ فيُلَيَّن.
3- جِلْدٌ أَخْشَن غليظٌ يكونُ على قَوائِم السُّيوفِ.
4- شِبهُ قَدُوم يُقْشَر بِهِ الأَجذاعُ.قَالَ ابنُ مقبل[3]يصفُ نَاقَةً أَنضَاها السّيرُ:
تَخَوَّفَ السَّيْرُ مِنْهَا تامِكاً قَرِداً *** كَمَا تخوَّفَ عُودَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ
5- ‎جلدُ الأَطُوم،وهي سَمَكَةٌ بَحريّةٌ تُسوَّى قَوائمُ السّيوف مِن جِلْدِها.
6- جلدُ سَمَكةٍ يُسْحَجُ بها القِدْحُ حتّى تذهبَ عنه آثارُ المِبْراة.
7- جلدُ السّمك الّذي يُحّكُّ به السِّياط والقِدْحانُ والسِّهامُ والصِّحافُ،ويكو نُ على قائم ‏السّيف.قَالَ عَدِيّ بنُ
زيد يَصِفُ قِدْحاً:
رَمَّه البَارِي فسَوَّى دَرْأَهُ *** غَمْزُ كَفَّيْهِ وتَحْلِيقُ السَّفَنْ
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَفِي كلِّ عامٍ لَهُ غَزْوَةٌ *** يَحُكُّ الدَّوابِرَ حَكَّ السَّفَنْ[4]
أَي:تأكُلُ الحجارةُ دَوابِرَها من بَعْد الغَزْو.
8- وَقد يُجعَل [السَّفَنُ] من الحَدِيد مَا يُسفَّن بِهِ الخَشَبُ:أَي:يُح َكّ بِهِ حتّى يَلينَ.
9- جلدٌ خَشِنٌ غليظٌ كجلود التّماسيح يُجعَل على قَوائم السّيوف. ‏
10- قِطْعَةٌ خَشْناءُ من جِلْدِ ضَبٍّ.
11- كلُّ ما يُنحَتُ به ‏الشّيءُ ويُليَّنُ مِن حَجَرٌ[5] أو فأسٍ[6] أو نحوها.
وبعدُ،فهل ترى في هذه النّقول عن الأئمّة الفُحول لذلك الزّعم مِن أَثرٍ،أو تسمعُ لتلك الدّعوى مِن رِكْزٍ ؟!.
وَالدَّعَاوِي مَا لَمْ تُقِيمُوا عَلَيْهَا *** بَيِّنَات أَبْنَاؤُهَا أَدْعِيَاءُ
استطراد:
1- هل سُبق المتنبّي إلى معنى البيت ؟:
نعم،فقد قال أبو العتاهية (ت:211هـ)[7]:‏
حَتَّى مَتى أَنتَ في لَهوٍ وفي لَعِبٍ *** والمَوتُ نَحوَكَ يَهوي فاغِرًا فاهُ
ما كُلُّ ما يَتَمَنَّى المَرءُ يُدرِكُهُ *** رُبَّ امرِئٍ حَتفُهُ فيما تَمَنَّاهُ
2- ‏عن مخطوطات ديوان المتنبِّيّ:‏لم أقِفْ إلاّ على مخطوطةٍ واحدةٍ نُشِرتْ في موقع جامعة الملك سُعود،وهذه بياناتُها:
* مخطوطة ديوان المتنبِّيّ ص147.‏
* رقم التّصنيف:811.4 / د.ط.‏
* الرّقم العام :163.‏
* الوصف:نسخة جيّدة،خطّها نسخ حديث،طبع.‏
* الوصف المادّي:146ق، 20س ؛ 23.5 × 16.5 سم.‏
* تاريخ النّسخ: 1278هـ.‏
3- نشر[8] د.طارق شوقي،وزير التّربية والتّعليم،عددا من أبيات الشّعر بقصيدة (المتنبِّيّ)،وعل ّق عليها:تَأمُّلات
في التّفاؤُل والبحث عن واقعٍ أفضل.وأضافَ شوقي،عبر صفحته الرّسميّة على موقع:فيس ‏بوك ":
علّمونا قديما بيتَ الشِّعر القائل:
ما كلُّ ما يتمنّى المرء يدركه ... تجري الرّياح بما لا تشتهي السّفن
لكنّهم لم يُعلِّمونا أبياتَ الشِّعر القائلة[9]:
تجري الرّياح كما تجري سفينتُنا ... نحن الرّياحُ ونحن البحرُ والسُّفُنُ
إنّ الّذي يرتجي شيئا بهِمّته ... يلقاه وإن حاربته الإنس والجنّ
فاقصِدْ إلى قِمَم الأشياء تُدرِكُها ... تَجري الرّياحُ كما رادتْ لها السّفُنُ
الأوّلُ يدعو للرِّضا بالواقِع،والأُخ رياتُ تدعو لصِناعة الواقِع.

[1] - أصلُ السَّفْنُ: القَشْرُ،وسَفَن َ الشّيءَ يَسْفِنُهُ سَفْناً إذا قَشَرهُ،قال امْرُؤُ القَيْس [ديوانه ‏‏(ص131)].‏
فجاءَ خَفِيّا يَسْفِنُ الأرضَ بَطْنُهُ ... تَرَى التُّرْبَ منه لاصِقاً كُلَّ مَلْصَقِ
والسَّفَّانُ صانِع السُّفُنِ وسائِسُهَا،وحِر ْفَتُهُ السِّفَانَةُ.‏
[2] - بفتح السِّين المهملة مع كسر الفاء أو فتحها .
[3] - قال الصّغانيّ في التَّكملة (6/ 250 س ف ن):(وعَزَاه الأزهريّ إلى ابنِ مُقبِلٍ،وهو لعبد الله بن عَجْلان النَّهدِيّ .وذَكر صاحبُ الأغَاني في ترجمة حَمّادٍ الرّاوية أنّه لابن مُزَاحمٍ الثُّماليّ).
وفي العباب الزّاخر (ص122 حرف الفاء/حوف):(وتحوّفتُ الشّيءَ وتخوّفتُه:تنقّص ُه، قال عبد الله بن عَجلان النَّهديّ، ويُروَى لابن مُزاحِم الثُّماليّ:
تَحَوَّفَ الرَّحْلَ منها تامِكاً قَرِداً ... كما تَحَوَّفَ عُوْدَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ
ويُروَى:" تَخَوَّفَ السَّيْرُ "،ويُروَى:" كما تَخَوَّفَ عُوْدَ ").
[4] - في ديوان الأعشى (ص23 رقم 58) والصُّبح المنير (ص19 رقم 58):(تحتُّ الدّوابرَ حَتَّ السَّفَن).
[5] - يُنْحَتُ بِه ويُلَيَّنُ.
[6] - هي الفأسُ العظيمة.‏قال بعضُهم لأنها تَسْفُِن أي تقْشِرُ.قال ابنُ سِيدة:وليْسَ عِندي بقَوِيٍّ .والسَّفِينةٌ مَأْخُوذَة من السَّفَن وَهُوَ الفَأْس الّذي يَنجُر بِهِ النَّجار؛لأنّها تَسفِن بالرَّمْل إِذا قَلَّ الماءُ، وقيل:لأنَّها تَسْفِنُ وجْهَ الماءِ أي تَقْشِرُه وتَكشِفُه.وقيل:ل ِأَنَّهَا تَسْفُنُ على وَجه الأَرْض،أَي تلزق بهَا.
[7] - ديوانه:الأنوار الزّاهية (2/ 292).
[8] - ‏موقع جريدة الوطن على الشّبكة،وموقع د.طارق شوقي ‏‎ Tarek Shawkiفي فيس بوك.
[9] - قصيدة ضمن ثلاثة عشر بيتا للشّاعر د.نضال جابر في 23 مارس 2014م.كذا ... واللّه أعلم.