.............................. .............................. ...............

معلوم عند المتتبع لتاريخ ظهور البدع و الفرق ان بدعة القدرية كانت سابقة لبدعة الجهمية بمدة . وان المعتزلة الاوائل لم يكن كلامهم في الصفات ككلام من تاخر من الجهمية . اللهم الا ما اضطروا اليه من الكلام فيه كصفة ( العلم ) . لان السلف الزموهم باثبات القدر و ان اعمال العباد مكتوبة يعلمها الله قبل ان تقع . و محال ان يعمل العبد على خلاف علم الله عز وجل .

فالسلف عليهم رضوان الله عز وجل احتجوا عليهم بعلم الله عز وجل . و بان ذلك مكتوب عنده في اللوح الحفوظ .

و من جملة ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ القران العظيم . و فيه من نصوص ما يدحض حجة المعتزلة في القدر . كاخبار الله عز وجل عن اعمال العباد مما سيقع في المستقبل كما اراد الله عز وجل .

و من عمق علم السلف رحمهم الله انهم استنبطوا من نصوص القران الكريم ما فيه ذكر لبعض اعمال العباد و انها تقع على وفق ما هو مكتوب و معلوم لله عز وجل . و القران الكريم مكتوب في اللوح المحفوظ ( بل هو قران مجيد في لوح محفوظ ) .

فبهذا الزم السلف المعتزلة الاوائل بالخروج من بدعتهم او القول بان القران ليس مكتوب في اللوح المحفوظ . فالتزم المعتزلة ذلك و قالوا على زعمهم ان ذلك حادث و ليس مكتوب في اللوح المحفوظ بحجة ان ذلك لو كان مكتوبا للزم عليه الجبر و ان العبد ليس له حيلة في عمله بالكفر و الفسوق .

و كثيرا ما يعبر اهل السنة على ان اوائل القدرية كانوا ينفون العلم و الكتابة . و يعنون بالكتابة ان عمل العبد مكتوب عليه قبل ان يخلق . فكان و لا بد ان ينبه على ان من جملة ما ينفونه كذلك مما هو مكتوب كون القران المجيد في اللوح المحفوظ . فهذا من اشنع قولهم لتعلقه بكلام الله و علمه سبحانه و تعالى .

فبهذا نستطيع ان نقول ان قول المعتزلة الاوائل ان القران محدث و ليس مكتوب في اللوح المحفوظ سابق للقول بخلق القران الذي تبنته الجهمية فيما بعد .

لان من ثبت عنهم نفي كتابة القران في اللوح المحفوظ لم يكونوا يقولون بخلق القران بل بدعة الجهمية متاخرة عن بدعة القدرية كما هو مشهور من كتب التاريخ و الاخبار .

فالقول بان القران حادث و ليس بمكتوب في اللوح المحفوظ و ان ما تضمنه القران من علم الله ليس بقديم لزم المعتزلة لاجل قولهم في القدر .

فهذا و الله اعلم مما يحتمل ان يحمل عليه قول السلف في تكفير من قال بان القران محدث . لاجل ان المعتزلة في ذاك الزمان نفت الكتابة و ما تضمنه القران من العلم القديم . و قالوا انه محدث بعد ان لم يكن فرارا من الجبر .

و الله اعلم

قال الفسوي في المعرفة و التاريخ

حدثنا أبو يوسف حدثني أبو بشر حدثنا معاذ بن معاذ قال: كنت جالسا عند عمرو بن عبيد فأتاه رجل يقال له عثمان أخو السمري فقال: يا أبا عثمان سمعت والله اليوم بالكفر. فقال: لا تعجل وما سمعت ؟

قال:
سمعت هاشما الأوقص يقول: إن تبت يدا أبي لهب وقوله ذرني ومن خلقت وحيدا وسأصليه سقر إن هذا ليس في أم الكتاب. والله يقول: حم. والكتاب المبين. إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم فما الكفر إلا هذا يا أبا عثمان ؟ فسكت عمرو هنية ثم أقبل علي فقال: والله لو كان القول كما يقول ما كان على أبي لهب من لوم ولا على الوليد من لوم.

قال: يقول عثمان ذلك ؟ هذا والله الدين يا أبا عثمان. قال معاذ: فدخل بالاسلام
وخرج بالكفر أو كما قال. انتهى

فلاحظ قوله خرج بالكفر لنفيه ان يكون ذلك مكتوبا في اللوح المحفوظ . و العلم الذي تضمنه ليس بقديم . لان الحجة عليهم بهذا وهذا .

و قارن بينه و بين تكفير السلف لمن قال ان القران محدث

و الله اعلم