«يَوَدُّ أَهْلُ العَافِيَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ»
ضعيف.

روى من حديث جابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، وعبد الله بن عباس ، وعمر بن الخطاب ، ومن حديث عبد الله بن مسعود موقوفاً.

حديث جابر بن عبد الله

روي من طريق الأعمش ، واختُلف عليه:

- فرواه أَبو زُهَيْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، عَنه، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ به مرفوعاً.

أخرجه الترمذي (2402) ، والطبراني في "الصغير" (241) ، ومن طريقه الخطيب في "تاريخ بغداد" (153/6) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (202/3) ، وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (9451) ، وفي "السنن الكبرى" (6553) ، وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (202) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (166/5) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (176/27) ، والخليلي في "الإرشاد" (190) ، والشجري في "الأمالي الخميسية" (2863) ، وأبو الحسين بن المهتدي في "الأول من مشيخته" (18) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (457/34) من طرق عن أَبي زُهَيْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ به.
وعزّاه المتقي الهندي في "كنز العمال" (303/3) ، والسيوطي في "الجامع الصغير" (9616) ، وفي "اللآلىء" (334/2) إلى الضياء في "المختارة" ، ولم أقف عليه.

قال الترمذي: ((هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ بِهَذَا الإِسْنَادِ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ ، وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَوْلَهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا)).
وقال الطبراني: ((لَمْ يَرْوِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ إِلَّا أَبُو زُهَيْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ)).
وقال الخليلي: ((غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إِلَّا أَبُو زُهَيْرٍ وَهُوَ ثِقَةٌ)).
وقال ابن عساكر: ((رواه الحاكم أبو أحمد... وقال: "رواه غير واحد من أصحاب ابي زهير وهو حديث منكر لا أصل له من حديث ابي الزبير ولا من حديث الأعمش ولا يعرف للأعمش سماع من أبي الزبير ولا رواية من وجه يصح")).
وقال النووي في "خلاصة الأحكام" (898/2): ((رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ ضعف)).
وقال المناوي في "التيسير" (334/2): ((إسناده حسن)).

وعبد الرحمن بن مغراء ، قال ابن المديني: ((ليس بشىء ، كان يروى عن الأعمش ست مئة حديث ، تركناه ، لم يكن بذاك)) ، ووافقه ابن عدي فقال: ((وهذا الذي قاله علي بن المديني هو كما قال إنما أنكرت على أبي زهير هذا أحاديث يرويها، عَنِ الأَعْمَش لا يتابعه الثقات عليها وله عن غير الأَعْمَش غرائب، وَهو مِنْ جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ يكتب حديثهم)) ، ووثقه أبو زرعة الرازي ، وأبو خالد الأحمر ، والخليلي ، وقال الذهبي: ((وفي حديثه عَنِ الأعمش مناكير، وكان طلابةً للعِلْم حسن الحديث)) ، وقال ابن حجر: ((صدوق تُكلم فى حديثه عن الأعمش)).


- ورواه أبو عبيدة بن معن، عنه، قال: سمعتهم يذكرون عن جابر مرسلا.

ذكره الدارقطني في "العلل" (348/13) ، ولم أقف عليه مسنداً ، وأبو عبيدة بن معن ، ثقة ، وثقه ابن معين ، والعجلي.

- ورواه سفيان الثوري، عنه، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: «لَيَوَدَّنَّ أَهْلُ الْبَلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ جُلُودَهُمْ قُرِضَتْ بِالْمَقَارِيضِ »
أخرجه أحمد في "الزهد" (2046) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (10829) (34880) ، والخطيب في "الكفاية" (ص147).
وسقط عند ابن أبي شيبة في موضع ابن عميرة ، والثوري من أثبت الناس في الأعمش.

- ورواه محمد بن طلحة، عنه، عن مسروق من قوله.
أخرجه عفان بن مسلم في "أحاديثه" (96). ومحمد بن طلحة ((صدوق له أوهام)).

وأخرجه نعيم بن حماد في "زوائده على الزهد لابن المبارك" (25/2) ، وأحمد في "الزهد" (2047) عن مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ به.
قلت: وطلحة بن مصرف قد سمع من ابن عميرة ، ومن مسروق ، فلا يضرّ هذا الاختلاف ، فهو من المزيد في متصل الأسانيد.

والحاصل أن الحديث المرفوع معلول بالمخالفة ، والصواب أنه من قول مسروق ، وهي العلة التى أشار إليها الترمذي.

حديث أنس بن مالك
أخرج أسد بن موسى في "الزهد" (70) ، ومن طريقه قوام السنة الأصبهاني في "الحجة" (305) ، والثعلبي في "الكشف والبيان" (225/8) ، وأخرج الكلاباذي في "بحر الفوائد" (ص383) عن عفيف بن سالم ، وأخرج ابن مردويه في "التفسير" كما في " اللآلىء المصنوعة" للسيوطي (333/2) ، و"تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي (201/3) ، ومن طريقه الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (561) عن آدم بن أبى إياس ، جميعهم (أسد بن موسى ، وابن سالم ، وابن أبي إياس) عن بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُنْصَبُ الْمَوَازِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُؤْتَى بِأَهْلِ الصَّلَاةِ فَيُوَفَّوْنَ أُجُورَهُمْ بِالْمَوَازِينِ ، وَيُؤْتَى بِأَهْلِ الْبَلَاءِ، وَلَا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانٌ، وَيُنْشَرُ لَهُمْ دِيوَانٌ فَيُصَبُّ عَلَيْهِمُ الْأَجْرُ صَبًّا بِغَيْرِ حِسَابٍ حَتَّى يَتَمَنَّى أَهْلُ الْعَافِيَةِ أَنَّهُ كَانَتْ تُقْرَضُ بِالْمَقَارِيضِ أَجْسَادُهُمْ مِمَّا فِيهِ أَهْلُ الْبَلَاءِ مِنَ الْفَضْلِ»

وخالفهم
موسى بن داود الضبي ، فرواه عن بكر بن خنيس عن يزيد الرقاشي عن أنس به مرفوعاً. فأسقط ضرار بن عمرو.

أخرجه ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (561). وموسى بن داود ((صدوق له أوهام)) ، والصواب رواية الجماعة.

وهذا إسناد ضعيف جداً مسلسل بالعلل:
- بكر بن خنيس ، قال ابن معين ، وأبو داود: ((ليس بشئ)) ، وقال الدارقطني: ((متروك)) ، وقال أبو زرعة: ((ذاهب الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((يَرْوِي عَن الْبَصرِيين والكوفيين أَشْيَاء مَوْضُوعَة يسْبق إِلَى الْقلب أَنَّهُ الْمُعْتَمد لَهَا)) ، وضعّفه عمرو بن على ، ويعقوب بن شيبة السدوسى ، والنسائى ، وابن أبي حاتم ، وابن المديني ، والعقيلي ، والبزار ، وابن أبي شيبة.
- ضرار بن عمرو الملطي ، قال ابن معين: ((ليس بشَيْءٍ، ولاَ يكتب حديثه)) ، وقال ابن عدي: ((منكر الحديث)) ، وقال الدولابي ، والبخاري: ((فِيهِ نَظَرٌ)) ، وقال الذهبي: ((متروك)).
- يزيد بن أبان الرقاشي ، ضعّفه الجمهور ، وقال الإمام مسلم ، والنسائي ، وأبو أحمد الحاكم: ((متروك الحديث)).

وقال السمرقندي في "تنبيه الغافلين" (ص250): ((حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفُلَانِيُّ , بِسَمَرْقَنْدَ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث)).
وعبد الوهاب الفلاني ، لم أجده ، ولم يسق إسناده لكي نتمكن من الحكم عليه.

حديث عبد الله بن عباس
أخرج الطبراني في "الكبير" (12829) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (91/3) ، عن السَّرِيُّ بْنُ سَهْلٍ الْجُنْدِيسَابُ ورِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رُشَيْدٍ، ثنا مُجَّاعَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُؤْتَى بِالشَّهِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُنْصَبُ لِلْحِسَابِ، وَيُؤْتَى بِالْمُتَصَدِّق ِ فَيُنْصَبُ لِلْحِسَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِأَهْلِ الْبَلَاءِ، وَلَا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانٌ، وَلَا يُنْشَرُ لَهُمْ دِيوَانٌ فَيُصَبُّ عَلَيْهِمُ الْأَجْرُ صَبًّا حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْعَافِيَةِ لَيَتَمَنَّوْنَ فِي الْمَوْقِفِ أَنَّ أَجْسَادَهُمْ قُرِضَتْ بِالْمَقَارِيضِ مِنْ حُسْنِ ثَوَابِ اللهِ لَهُمْ»

قال أبو نعيم: ((هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَقَتَادَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ مُجَّاعَةُ)).
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (305/2): ((رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ مُجَّاعَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ)).
والسري بن سهل ، قال البيهقي في "السنن الكبرى" (178/6): ((لا يحتج به، ولا بشيخه))
وعبد الله بن رشيد ، شيخه ، تقدم قول البيهقي: ((لا يحتج به)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((مستقيم الحديث)) ، ووثقّه أبو عوانة في "مستخرجه" (386/4).
ومجاعة بن الزبير ، قال الدارقطني: ((ضعيف)) ، وقال ابن خراش: ((ليس ممن يُعتبر به)) ، وقال ابن عدي: ((وَهو مِمَّنْ يحتمل ويكتب حديثه)) ، وقال أحمد: ((لم يكن به بأس في نفسه)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((مُسْتَقِيم الحَدِيث عَنِ الثِّقَات)).
قلت: هو وإن كان صدوقاً ، إلا أنه لا يُقبل تفرده عن قتادة ، وهو إمام ثقة مكثر ، فأين أصحاب قتادة من هذا الحديث ؟!

حديث عمر بن الخطاب
أخرج أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (457/1) عن عَمْرُو بْنُ شِهَابِ بْنِ طَارِقٍ ، وابن النجار في "تاريخه" كما في "اللآلىء المصنوعة" للسيوطي (333/2) عن يَحْيَى بْن بدر ، كلاهما عن دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عَمْرُو بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تَمَنَّى أَهْلُ الْعَافِيَةِ الَّذِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا أَنَّهَا قُرِضَتْ لُحُومُهُمْ بِالْمَقَارِيضِ مِمَّا يَرَوْنَ مِنَ الثَّوَابِ»
وعمرو بن جرير ، قال ابن عدي - بعد أن أورد عدة روايات له -: ((وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ كُلُّهَا وَلِعَمْرِو بْنِ جرير غير ما ذكرت من الْحَدِيثِ مَنَاكِيرُ الإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ)) ، وقال الدَّارَقُطْنِي ّ: ((كان ضعيفًا)) وقال أيضاًً: ((متروك الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((كان يكذب)) ، وقال الذهبي: ((متهم واهٍ)).

حديث عبد الله بن مسعود موقوفاً.
روى من طريق زائدة بن قدامة ، واختُلف عليه:

- فرواه معاوية بن عمرو، عنه، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ النَّخَعِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

أخرجه الطبراني في "الكبير" (8777) ، وتابعه على هذا الوجه عبد السلام بن حرب. أخرجه الطبراني في "الكبير" (8778).

- ورواه الحسين بن علي الجعفي، عنه، عن رجل من النخع، عن ابن مسعود. فأسقط ابن أبي زياد.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (35601).

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (305/2): ((رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ رَجُلٌ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ)).

وقال المنذري في "الترغيب" (142/4): ((رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَفِيه رجل لم يسم)).
وجوّد إسناده السيوطي في "اللآلىء" (334/2).

والله أعلم.