خرجه الحاكم في المستدرك [2 : 512]، فقال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ الْعَدْلُ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى الأَسَدِيُّ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ:
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " يُسْأَلُ عَنِ السَّاعَةِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا { 42 } فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا { 43 } إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا { 44 }}، قَالَ: فَانْتَهَى ". اهـ.
قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، فَإِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ يُرْسِلُهُ بِآخِرِهِ". اهـ.
ومدار الحديث على ابن عيينة قال أبو نعيم في الحلية (7،314) : " لا أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، غَيْرَ ابْنِ عُيَيْنَةَ"، وقال البزار: "لا نَعْلَمُ رَوَاهُ هَكَذَا إِلا سُفْيَانُ". اهـ.
وبه قال الوادعي في صحيح أسباب النزول (٢٦٥)، وسليم الهلالي في الاستيعاب في بيان الأسباب (3/494).
قال الوادعي: "الذي يظهر لي والله أعلم أن هذه علة ليست بقادحة؛
لأن الذي وصله عن ابن عيينة الحميدي عبد الله بن الزبير كما عند الحاكم، وهو أثبت الناس في ابن عيينة ورئيسهم كما في تهذيب التهذيب،
ويعقوب بن إبراهيم الدورقي كما عند ابن جرير وهو إمام كبير، فهذان إمامان وصلاه، وزياد الثقة مقبولة". اهـ.
وقال الهلالي: "لكن الذين رووه موصولاً أكثر وأثبت في ابن عيينة من غيرهم؛ كالحميدي، والوصل زيادة يجب قبولها،
وما أحسن ما قاله الدارقطني في "علله"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 151): "وكان ابن عيينة أسنده مرة وأرسله أخرى"، ولعل إرساله له كان بآخره كما قال الحاكم -والله أعلم-". اهـ.
قلتُ: هذا الاضطراب من ابن عيينة، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بأخرة". اهـ. فيبنغي التفريق بين روايته الأولى وروايته الأخيرة.
فقولهم بأن الحميدي أسنده، قلتُ: فأرسله الحميدي مرة أخرى فيما قاله الدارقطني فهذا اضطراب سفيان.
لذا يجب النظر فيمن روى عنه قديما وحديثا وليس النظر في عددهم، فقولهم بأنه أرسله بآخره، ففيه نظر، فالذين وصلوه هم:
1- الهيثم بن جميل، فيما قاله الدارقطني.
2- ويعقوب الدورقي، فيما قاله الدارقطني وغيره.
3- وصدقة بن الفضل المروزي، فيما قاله الدارقطني.
4- وعبد الجبار بن العلاء، فيما قاله الدارقطني وغيره.
5- وأبو كريب، فيما قاله الدارقطني.
6- وإسحاق بن راهويه، فيما قاله الدارقطني.
7- وأبو الأشعث، فيما قاله الدارقطني.
8- وعبدان بن الجنيد العسكري فيما خرجه الصيداوي عنه.
9- والحميدي، فيما خرجه الحاكم عنه.
رووه عن ابن عيينة، عن الزهري، عن، عروة، عن عائشة.
وخالفهم:
1- الحميدي، فيما قاله الدارقطني.
2- والشافعي، فيما خرجه في الرسالة.
3- ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، فيما قاله الدارقطني.
4-ونعيم بن يعقوب، فيما قاله الدارقطني.
5- وإسحاق بن إسماعيل اليتيم، فيما خرجه ابن أبي الدنيا في الأهوال [6] عنه
6- ونعيم بن حماد، فيما خرجه في الفتن (1783) عنه.
7- وأبو عبيد الله المخزومي، هو من الثقات في ابن عيينة فيما قاله ابن القيسراني في أطراف الغرائب (5/459).
8- وعبد الرزاق، فيما خرجه في تفسيره [3489] عنه.
9- وسعيد بن منصور، فيما قاله الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف.
10-وعلي ابن المديني، فيما قاله الدارقطني رووه عن ابن عيينة عن الزهري، عن عروة مرسلا.
فإذا نظرنا سنجد أن الذين أرسلوه هم أكثر بل أثبت وأقدم من الذين وصلوه.
وأقدمهم يحيى بن زكريا الهمداني متوفى 183 هـ توفي قبل ابن عيينة 198 هـ، بل يكاد أن يكون من أقرانه.
وقال القطان عن ابن عيينة: " أشهد أنه اختلط سنة سبع وتسعين فمن سمع منه في هذه السنة وبعدها فسماعه لا شيء". اهـ.
فسماع يحيى بن زكريا قبل اختلاط سفيان بلا شك، فكيف بمتابعة الشافعي وعلي ابن المديني له؟
وبهذا يفصل أبو زرعة الرازي الخلاف بقوله: " الصَّحِيحُ مُرْسَلٌ بِلا عَائِشَةَ". اهـ. [العلل لابن أبي حاتم (4/٦٣٤)].
وورد من حديث طارق بن شهاب مرسلا فيما خرجه ابن أبي الدنيا في الأهوال [7]، فقال:
دثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، دثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ:
" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ يَذْكُرُ مِنْ شَأْنِ السَّاعَةِ حَتَّى نَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43] ". اهـ.
والله أعلم.