تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: الكذب كله مذموم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي الكذب كله مذموم

    السؤال:
    ♦ الملخص:
    سائل كذب على شخص ما، وصدَّق الرجل تلك الكذبة، ولما تاب إلى الله، فإنه يسأل: هل يجب إخبار الشخص بالحقيقة أو تكفي التوبة؟
    ♦ التفاصيل:
    في الماضي وقبل أن ألتزم في عبادتي، كنت أنا وابن عمٍّ لي نخدع شخصًا معينًا بأننا كذا وكذا، وأصبح هذا الشخص كلما رآنا، ينادينا بما خدعناه به، وقد تذكرتُ اليوم هذا الأمر، فتبتُ إلى الله عز وجل، فهل عليَّ الذهاب إلى الشخص وإخباره الحقيقةَ، أو يكفي التوبة إلى الله؟ وجزاكم الله خيرًا.
    الجواب:
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
    فإن كانت هذه الكذبة تضر بهذا الشخص في أي شيء، فإنه يجب عليك إخباره بالحقيقة؛ حتى يُرفع عنه هذا الضرر، وأما إن كانت لا تضر به، وإنما هي كذبةٌ لا تؤثِّر عليه ولا على غيره بشيء، فلا يجب عليك إخباره، وإنما وجب عليك التوبة منها بينك وبين الله تعالى.
    ثم لا تَعُدْ لمثل هذا أبدًا مرة أخرى؛ لأن الكذب كله محرَّم مذموم.
    فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدُقُ ويتحرَّى الصدق، حتى يُكتب عند الله صِدِّيقًا، وإياكم والكذِبَ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذَّابًا))[1].
    وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رأيت الليلة رجلين أتياني، قالا: وأما الرجل الذي أتيت عليه يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إلى قفاه، ومَنْخِرُهُ إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذْبَةَ تبلغ الآفاق))[2].
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان))[3].
    فالحمد لله على توبتك، ولا تعُدْ لمثل هذا أبدًا.
    وفقك الله لكل خير.


    --------------
    [1] متفق عليه: أخرجه البخاري (6094)، ومسلم (2607).
    [2] أخرجه البخاري (6096).
    [3] متفق عليه: أخرجه البخاري (2682)، ومسلم (59).




    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/146786/#ixzz6uGnp73JL
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2021
    المشاركات
    483

    افتراضي رد: الكذب كله مذموم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    لأن الكذب كله محرَّم مذموم.
    وكيف أستاذ محمد نغفل عما أجازه رسول الله في الزوجين واصلاح ذات البين والثالثة ...

    وفقك الله .
    يا رب الأرباب يا ملك الملوك
    تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الكذب كله مذموم

    الكذب من قبائح الذنوب ، وفواحش العيوب .
    فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا . وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) رواه البخاري (6094) ومسلم (2607) .
    وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَذِبِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَكْذِبُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَذِبَةَ ، فَمَا يَزَالُ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهَا تَوْبَةً) رواه أحمد في "المسند" (42/101) وصحح إسناده المحققون . ثانياً :
    جاءت الأدلة الشرعية الصحيحة تستثني من تحريم الكذب بعض الصور والحالات ، ومن هذه الأدلة :
    حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا) رواه مسلم (2605) .
    وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ) رواه البخاري (3611) ومسلم (1066) .
    ثالثاً :
    استنبط العلماء من الأدلة السابقة ـ وغيرها ـ بعض الأحكام ، منها :
    1- الكذب ليس محرماً لذاته ، بل لما يترتب عليه من المفاسد .
    2- إذا كان الكذب سيؤدي إلى دفع مفسدة أعظم ، أو جلب مصلحة أكبر : صار جائزاً حينئذ .
    وينبغي عدم التهاون في شأن الكذب مع دعوى أنه لدفع مفسدة ، بل لا بد من الموازنة الصحيحة ، بين المصالح والمفاسد .
    3- من استطاع أن يستغني عن الكذب باستعمال التورية والمعاريض : فلا شك أنه أولى وأفضل ، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (إن في معاريض الكلام ما يغني الرجل عن الكذب) رواه البيهقي في " السنن الكبرى " (10/199) .
    ومعنى المعاريض : أي الكلام الذي يظنه السامع شيئاً ويقصد المتكلم شيئاً آخر .
    وهذه أقوال لبعض العلماء في تقرير هذه الأحكام .
    قال أبو حامد الغزالي رحمه الله :
    " اعلم أن الكذب ليس حراماً لعينه ، بل لما فيه من الضرر على المخاطب أو على غيره ، فإن أقلَّ درجاته أن يعتقد المخبَر الشيء على خلاف ما هو عليه فيكون جاهلاً ، وقد يتعلق به ضرر غيره .
    ورب جهل فيه منفعة ومصلحة ، فالكذب محصل لذلك الجهل ، فيكون مأذوناً فيه ، وربما كان واجباً .
    فنقول : الكلام وسيلة إلى المقاصد :
    1- فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً : فالكذب فيه حرام .
    2- وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق : فالكذب فيه مباح إن كان تحصيل ذلك القصد مباحاً .
    3- وواجب إن كان المقصود واجباً ، كما أن عصمة دم المسلم واجبة ، فمهما كان في الصدق سفك دم امرئ مسلم قد اختفى من ظالم فالكذب فيه واجب ، ومهما كان لا يتم مقصود الحرب أو إصلاح ذات البين أو استمالة قلب المجني عليه إلا بكذب : فالكذب مباح إلا أنه ينبغي أن يحترز منه ما أمكن ؛ لأنه إذا فتح باب الكذب على نفسه فيخشى أن يتداعى إلى ما يستغني عنه ، وإلى ما لا يقتصر على حد الضرورة ، فيكون الكذب حراماً في الأصل إلا لضرورة .
    فهذه الثلاث ورد فيها صريح الاستثناء ، وفي معناها ما عداها إذا ارتبط به مقصود صحيح له أو لغيره .
    كما لو أخذه ظالم ويسأله عن ماله : فله أن ينكره ، أو يأخذه سلطان فيسأله عن فاحشة بينه وبين الله تعالى ارتكبها : فله أن ينكر ذلك فيقول : ما زنيت ، وما سرقت ، وقال صلى الله عليه وسلم : (من ارتكب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله) وذلك أن إظهار الفاحشة فاحشة أخرى ، فللرجل أن يحفظ دمه وماله الذي يؤخذ ظلماً ، وعرضه بـلسانه وإن كان كاذباً .
    وكما لو سأله سر أخيه فله أن ينكره .
    وكما لو أراد أن يصلح بين اثنين ، وأن يصلح بين الضرات من نسائه بأن يظهر لكل واحدة أنها أحب إليه ، وإن كانت امرأته لا تطاوعه إلا بوعد لا يقدر عليه فيعدها في الحال تطييبا لقلبها ، أو يعتذر إلى إنسان وكان لا يطيب قلبه إلا بإنكار ذنب وزيادة تودد فلا بأس به .
    ولكن الحد فيه أن الكذب محذور ، ولو صدق في هذه المواضع تولد منه محذور ، فينبغي أن يقابل أحدهما بالآخر ، ويزن بالميزان القسط .
    فإذا علم أن المحذور الذي يحصل بالصدق أشد وقعاً في الشرع من الكذب فله الكذب ، وإن كان ذلك المقصود أهون من مقصود الصدق فيجب الصدق ، وقد يتقابل الأمران بحيث يتردد فيهما ، وعند ذلك الميل إلى الصدق أولى ؛ لأن الكذب يباح لضرورة أو حاجة مهمة ، فإن شك في كون الحاجة مهمة فالأصل التحريم ، فيرجع إليه .
    ولأجل غموض إدراك مراتب المقاصد ينبغي أن يحترز الإنسان من الكذب ما أمكنه ، وكذلك مهما كانت الحاجة له فيستحب له أن يترك أغراضه ويهجر الكذب ، فأما إذا تعلق بغرض غيره فلا تجوز المسامحة لحق الغير والإضرار به ، وأكثر كذب الناس إنما هو لحظوظ أنفسهم ، ثم هو لزيادات المال والجاه ، ولأمور ليس فواتها محذوراً ، حتى إن المرأة لتحكي عن زوجها ما تفخر به وتكذب لأجل مراغمة الضرات ، وذلك حرام .
    وقالت أسماء : سمعت امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : إن لي ضرة ، وإني أتكثر من زوجي بما لم يفعل ، أضارها بذلك ، فهل علي شيء فيه ؟
    فقال صلى الله عليه وسلم : (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور) متفق عليه .
    وكل من أتى بكذبة فقد وقع في خطر الاجتهاد ، ليعلم أن المقصود الذي كذب لأجله هل هو أهم في الشرع من الصدق أم لا ، وذلك غامض جدا ، والحزم تركه ، إلا أن يصير واجباً بحيث لا يجوز تركه ، كما لو أدى إلى سفك دم أو ارتكاب معصية كيف كان .
    وقد نقل عن السلف أن في المعاريض مندوحة عن الكذب ، قال عمر رضي الله عنه : أما في المعاريض ما يكفي الرجل عن الكذب . وروي ذلك عن ابن عباس وغيره .
    وإنما أرادوا بذلك إذا اضطر الإنسان إلى الكذب ، فأما إذا لم تكن حاجة وضرورة فلا يجوز التعريض ولا التصريح جميعاً ، ولكن التعريض أهون" انتهى باختصار من "إحياء علوم الدين الغزالي" (3/136-139) .
    وقال العز بن عبد السلام رحمه الله :
    "الكذب مفسدة محرمة إلا أن يكون فيه جلب مصلحة أو درء مفسدة , فيجوز تارة ويجب أخرى ، وله أمثلة :
    أحدها : أن يكذب لزوجته لإصلاحها وحسن عشرتها فيجوز .
    وكذلك الكذب للإصلاح بين الناس وهو أولى بالجواز لعموم مصلحته...- ثم ذكر صوراً أخرى يجوز فيها الكذب ثم قال :–
    التحقيق في هذه الصور وأمثالها أن الكذب يصير مأذوناً فيه" انتهى من " قواعد الأحكام " (ص/112) .
    وقال ابن حزم رحمه الله :
    " ليس كل كذب معصية ، بل منه ما يكون طاعة لله عز وجل وفرضاً واجباً يعصي من تركه ، صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً) ، وقد أباح عليه السلام كذب الرجل لامرأته فيما يستجلب به مودتها ، وكذلك الكذب في الحرب .
    ثم نقل الإجماع على أن المسلم يجب عليه أن يكذب إذا سأله سلطان ظالم عن مكان مسلم ليقتله ظلماً ، وأنه إن صدقه وأخبره بموضعه كان فاسقاً عاصياً" انتهى من " الفصل في الملل " (4/5) . الاسلام سؤال وجواب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2021
    المشاركات
    483

    افتراضي رد: الكذب كله مذموم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الكذب من قبائح الذنوب ، وفواحش العيوب .
    فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا . وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) رواه البخاري (6094) ومسلم (2607) .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَذِبِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَكْذِبُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَذِبَةَ ، فَمَا يَزَالُ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهَا تَوْبَةً) رواه أحمد في "المسند" (42/101) وصحح إسناده المحققون . ثانياً :
    جاءت الأدلة الشرعية الصحيحة تستثني من تحريم الكذب بعض الصور والحالات ، ومن هذه الأدلة :
    حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا) رواه مسلم (2605) .
    وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ) رواه البخاري (3611) ومسلم (1066) .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    ثالثاً :
    استنبط العلماء من الأدلة السابقة ـ وغيرها ـ بعض الأحكام ، منها :
    1- الكذب ليس محرماً لذاته ، بل لما يترتب عليه من المفاسد .

    2- إذا كان الكذب سيؤدي إلى دفع مفسدة أعظم ، أو جلب مصلحة أكبر : صار جائزاً حينئذ .
    وينبغي عدم التهاون في شأن الكذب مع دعوى أنه لدفع مفسدة ، بل لا بد من الموازنة الصحيحة ، بين المصالح والمفاسد .
    3- من استطاع أن يستغني عن الكذب باستعمال التورية والمعاريض : فلا شك أنه أولى وأفضل ، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (إن في معاريض الكلام ما يغني الرجل عن الكذب) رواه البيهقي في " السنن الكبرى " (10/199) .
    ومعنى المعاريض : أي الكلام الذي يظنه السامع شيئاً ويقصد المتكلم شيئاً آخر .
    وهذه أقوال لبعض العلماء في تقرير هذه الأحكام .
    قال أبو حامد الغزالي رحمه الله :
    " اعلم أن الكذب ليس حراماً لعينه ، بل لما فيه من الضرر على المخاطب أو على غيره ، فإن أقلَّ درجاته أن يعتقد المخبَر الشيء على خلاف ما هو عليه فيكون جاهلاً ، وقد يتعلق به ضرر غيره .
    ورب جهل فيه منفعة ومصلحة ، فالكذب محصل لذلك الجهل ، فيكون مأذوناً فيه ، وربما كان واجباً .
    فنقول : الكلام وسيلة إلى المقاصد :
    1- فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً : فالكذب فيه حرام .
    2- وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق : فالكذب فيه مباح إن كان تحصيل ذلك القصد مباحاً .
    3- وواجب إن كان المقصود واجباً ، كما أن عصمة دم المسلم واجبة ، فمهما كان في الصدق سفك دم امرئ مسلم قد اختفى من ظالم فالكذب فيه واجب ، ومهما كان لا يتم مقصود الحرب أو إصلاح ذات البين أو استمالة قلب المجني عليه إلا بكذب : فالكذب مباح إلا أنه ينبغي أن يحترز منه ما أمكن ؛ لأنه إذا فتح باب الكذب على نفسه فيخشى أن يتداعى إلى ما يستغني عنه ، وإلى ما لا يقتصر على حد الضرورة ، فيكون الكذب حراماً في الأصل إلا لضرورة .
    فهذه الثلاث ورد فيها صريح الاستثناء ، وفي معناها ما عداها إذا ارتبط به مقصود صحيح له أو لغيره .
    كما لو أخذه ظالم ويسأله عن ماله : فله أن ينكره ، أو يأخذه سلطان فيسأله عن فاحشة بينه وبين الله تعالى ارتكبها : فله أن ينكر ذلك فيقول : ما زنيت ، وما سرقت ، وقال صلى الله عليه وسلم : (من ارتكب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله) وذلك أن إظهار الفاحشة فاحشة أخرى ، فللرجل أن يحفظ دمه وماله الذي يؤخذ ظلماً ، وعرضه بـلسانه وإن كان كاذباً .
    وكما لو سأله سر أخيه فله أن ينكره .
    وكما لو أراد أن يصلح بين اثنين ، وأن يصلح بين الضرات من نسائه بأن يظهر لكل واحدة أنها أحب إليه ، وإن كانت امرأته لا تطاوعه إلا بوعد لا يقدر عليه فيعدها في الحال تطييبا لقلبها ، أو يعتذر إلى إنسان وكان لا يطيب قلبه إلا بإنكار ذنب وزيادة تودد فلا بأس به .
    ولكن الحد فيه أن الكذب محذور ، ولو صدق في هذه المواضع تولد منه محذور ، فينبغي أن يقابل أحدهما بالآخر ، ويزن بالميزان القسط .
    فإذا علم أن المحذور الذي يحصل بالصدق أشد وقعاً في الشرع من الكذب فله الكذب ، وإن كان ذلك المقصود أهون من مقصود الصدق فيجب الصدق ، وقد يتقابل الأمران بحيث يتردد فيهما ، وعند ذلك الميل إلى الصدق أولى ؛ لأن الكذب يباح لضرورة أو حاجة مهمة ، فإن شك في كون الحاجة مهمة فالأصل التحريم ، فيرجع إليه .
    ولأجل غموض إدراك مراتب المقاصد ينبغي أن يحترز الإنسان من الكذب ما أمكنه ، وكذلك مهما كانت الحاجة له فيستحب له أن يترك أغراضه ويهجر الكذب ، فأما إذا تعلق بغرض غيره فلا تجوز المسامحة لحق الغير والإضرار به ، وأكثر كذب الناس إنما هو لحظوظ أنفسهم ، ثم هو لزيادات المال والجاه ، ولأمور ليس فواتها محذوراً ، حتى إن المرأة لتحكي عن زوجها ما تفخر به وتكذب لأجل مراغمة الضرات ، وذلك حرام .
    وقالت أسماء : سمعت امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : إن لي ضرة ، وإني أتكثر من زوجي بما لم يفعل ، أضارها بذلك ، فهل علي شيء فيه ؟
    فقال صلى الله عليه وسلم : (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور) متفق عليه .
    وكل من أتى بكذبة فقد وقع في خطر الاجتهاد ، ليعلم أن المقصود الذي كذب لأجله هل هو أهم في الشرع من الصدق أم لا ، وذلك غامض جدا ، والحزم تركه ، إلا أن يصير واجباً بحيث لا يجوز تركه ، كما لو أدى إلى سفك دم أو ارتكاب معصية كيف كان .
    وقد نقل عن السلف أن في المعاريض مندوحة عن الكذب ، قال عمر رضي الله عنه : أما في المعاريض ما يكفي الرجل عن الكذب . وروي ذلك عن ابن عباس وغيره .
    وإنما أرادوا بذلك إذا اضطر الإنسان إلى الكذب ، فأما إذا لم تكن حاجة وضرورة فلا يجوز التعريض ولا التصريح جميعاً ، ولكن التعريض أهون" انتهى باختصار من "إحياء علوم الدين الغزالي" (3/136-139) .
    وقال العز بن عبد السلام رحمه الله :
    "الكذب مفسدة محرمة إلا أن يكون فيه جلب مصلحة أو درء مفسدة , فيجوز تارة ويجب أخرى ، وله أمثلة :
    أحدها : أن يكذب لزوجته لإصلاحها وحسن عشرتها فيجوز .
    وكذلك الكذب للإصلاح بين الناس وهو أولى بالجواز لعموم مصلحته...- ثم ذكر صوراً أخرى يجوز فيها الكذب ثم قال :–
    التحقيق في هذه الصور وأمثالها أن الكذب يصير مأذوناً فيه" انتهى من " قواعد الأحكام " (ص/112) .
    وقال ابن حزم رحمه الله :
    " ليس كل كذب معصية ، بل منه ما يكون طاعة لله عز وجل وفرضاً واجباً يعصي من تركه ، صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً) ، وقد أباح عليه السلام كذب الرجل لامرأته فيما يستجلب به مودتها ، وكذلك الكذب في الحرب .
    ثم نقل الإجماع على أن المسلم يجب عليه أن يكذب إذا سأله سلطان ظالم عن مكان مسلم ليقتله ظلماً ، وأنه إن صدقه وأخبره بموضعه كان فاسقاً عاصياً" انتهى من " الفصل في الملل " (4/5) . الاسلام سؤال وجواب


    هذا ما كان الناس يريدوه من تفصيل في المسألة

    وعن صفوانَ بنِ سُلَيْمٍ قال:
    قيل: يا رسولَ الله! أيكونُ المؤمِنُ جباناً؟ قال:
    "نعم".
    قيلَ له: أيكونُ المؤمنُ بَخيلاً؟ قال:
    "نعم".
    قيل له: أيكونُ المؤمِنُ كذّاباً؟ قال: "لا".
    رواه مالك هكذا مرسلًا.
    أورده الألباني رحمة الله في ضعيف الترغيب والترهيب
    وقال مرسل ضعيف

    وعن أبي بكرٍ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال
    "الكذبُ مجانِبٌ الإيمانَ".
    رواه البيهقي وقال:
    "الصحيح أنه موقوفٌ".
    أورده الألباني رحمة الله في ضعيف الترغيب والترهيب
    وقال مرسل ضعيف

    يقول تبارك وتعالى

    يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
    119 التوبة

    وما نقله الأستاذ محمد عبد اللطيف غفر الله له على المؤمن أن يقرأه مرة تتبعها مرة حتى يكون عند المؤمن رادع قوي في تجنب الكذب وأن يكون على حذرشديد وتخوف من الحالات التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمداخل الشيطان لا تحصى من عظيم بغضه للصدق وأهله .

    ربنا برحمتك التي وسعت كل شئ اجعلنا من الصادقين هداة مهتدين
    وأخرحنا من هذه الدنيا وأنت عنا راض .
    الحمد لله رب العالمين ،،،




    يا رب الأرباب يا ملك الملوك
    تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2021
    المشاركات
    483

    افتراضي رد: الكذب كله مذموم


    أستاذ محمد طه

    نرجو أن تغير عنوان الموضوع بما يوافق كل الصور التي وردت
    عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    وفقك الله ،،،
    يا رب الأرباب يا ملك الملوك
    تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الكذب كله مذموم

    ..

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الكذب كله مذموم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يوسف بن سلامة مشاهدة المشاركة
    ربنا برحمتك التي وسعت كل شئ اجعلنا من الصادقين


    آمين يارب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •