تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مشاق الدعوة إلى الله وصبر الداعية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي مشاق الدعوة إلى الله وصبر الداعية

    السؤال:
    ♦ الملخص:
    فتاة بدأت – بعد الالتزام – الدعوة إلى الله، مستخدمة مواقع التواصل لذلك، وكذلك دعوة أهلها وأقربائها وأصدقائها إلى الله، ثم حدث أن تعرضت منهم لاستهزاء وسخرية، وأرادت أن تغلق حسابها، وتبحث عن غيرهم ممن يتقبل النصح، وتسأل: ما النصيحة؟
    ♦ التفاصيل:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أنا فتاة أتطلع إلى رضا ربي سبحانه وتعالى، هداني الله إلى الالتزام منذ عدة سنوات، وأصبحت الآن بفضل الله طالبة علمٍ شرعي، بدأت بعد التزامي في الدعوة إلى الله، وبدأت بدعوة أهلي وأقاربي وأصحابي إلى الالتزام، واستخدمت مواقع التواصل الاجتماعي لهذا الغرض، بجانب النصح المباشر لمن ألتقي بهم، والحمد لله كنت أبدأ مع الجميع النصح بالرفق واللين، وأبيِّن لهم مدى خوفي وحرصي عليهم، ولكن للأسف في كثير من الأوقات كنت لا أجد استجابةً منهم، فكنت أكرر النصح، وبعض الأوقات كنت أستخدم الشدة، ولكن للأسف في الفترة الأخيرة بدأت أرى عنادًا منهم وإصرارًا، وإساءة لي، واستهزاء كثيرًا، مع العلم أنني لاقيت إساءة واستهزاء ممن أنصحهم قبل ذلك، وبعد أن رأيت الإصرار والعناد الكبيرين، بدأت أنفر منهم وأغضب، وأصبحوا يتضايقون مني، بل طلب مني البعض التوقف عن نصيحته، وأصبح يغلب على ظني أن بعض الصديقات ينشرن ما هو سيئ على حساباتهن في مواقع التواصل عنادًا ليس إلا، أصبحت أتضايق كثيرًا عندما أراهم ينشرْن صورهن وهن متبرجات، أو ينشرن الأغاني أو البدع أو غير ذلك من المحرمات، اخترت أن أبتعد قليلًا وأغلق حسابي؛ لأن هذا الوضع أصبح يؤذيني نفسيًّا، فهل هذا قرار صحيح؟ هل أستمر في إغلاقه وأبحث عن غيرهم ممن يتقبل النصيحة، وأنصحهم، أو عليَّ أن أصبر وأكمل في نصيحتهم، مع وجود هذا العند والإصرار؛ لعل أحدًا ينتفع بنصيحتي، وبما أنشره من خير على حسابي؟ مع العلم أن البعض أحيانًا يستجيب، ومنهم من يستجيب فترة من الزمن ثم يعود إلى ما كان عليه، وجزاكم الله كل خير على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين.
    الجواب:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
    فالدعوة إلى الله تعالى من أجَلِّ العبادات التي يعبد العبد بها ربه سبحانه وتعالى؛ وقد قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].
    وقال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].
    وقال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ [يوسف: 108].
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه: ((فواللهِ لأن يهديَ اللهُ بك رجلًا واحدًا، خيرٌ لك من أن يكون لك حُمْرُ النَّعَمِ))[1].
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثل أجور من تبِعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا))[2].
    وقد أمرنا الله تعالى باستعمال الحكمة والموعظة الحسنة، واللين في الدعوة؛ فقال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ ﴾ [النحل: 125].
    فنحن علينا الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ثم الله سبحانه وتعالى بيده الهداية والإضلال، وليس هذا بأيدينا نحن.
    ونحن إذا علمنا هذا، هوَّنَّا على أنفسنا، ما دمنا قد أدَّينا ما علينا من الدعوة إلى الله تعالى، ولم نُقصِّر؛ وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 3]، وقال تعالى: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]؛ يقول ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى مسلِّيًا رسوله صلى الله عليه وسلم في حزنه على المشركين، لتركهم الإيمان وبعدهم عنه؛ كما قال تعالى: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾ [فاطر: 8]، وقال: ﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 127]، وقال: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 3]؛ باخع: أي: مهلك نفسك بحزنك عليهم؛ ولهذا قال: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]؛ يقول: لا تهلك نفسك أسفًا؛ قال قتادة: قاتل نفسك غضبًا وحزنًا عليهم، وقال مجاهد: جزعًا، والمعنى متقارب؛ أي: لا تأسف عليهم، بل أبلغهم رسالة الله، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضلَّ فإنما يضل عليها، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات"؛ ا.هـ[3].
    إذًا الواجب علينا - أختنا الكريمة - عدم التخلي عن اللين واللطف، وأن نهذب أنفسنا ونعوِّدها على ذلك، مهما طال الأمر، ومهما استعصَوا علينا.
    فالله سبحانه تعالى قال: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زَانَهُ، ولا يُنزع من شيء إلا شانه))[4].
    وأما الإيذاء الذي يتعرض له الداعي إلى الله تعالى - بعد استعماله اللطف واللين - فهذا في ميزان حسناته، فكم تعرض الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام إلى الإيذاء الشديد في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، فصبروا وثبتوا!
    قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا ﴾ [الأنعام: 34].
    وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد أُوذيتُ في الله وما يُؤذَى أحد، وأُخفتُ في الله، وما يُخاف أحد))[5].
    والناظر في سِيَرِ الأنبياء والمرسلين سيجد من ذلك الكثير والكثير؛ فهذا إبراهيم عليه السلام يُلقيه قومه في النار، وهذا موسى عليه السلام يطارده فرعون وقومه كي يقتلوه، وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يُلقَى عليه أحشاء الناقة وهو يصلي، ويسير خلفه عمه أبو لهب وهو يدعو إلى الله، ويقول للناس: لا تصدقوه إنه مجنون، ويُسلَّط عليه الصبيان والأطفال وهو بالطائف، فيضربونه بالحجارة، ويُطرد من مكة وهو المكان الذي وُلد فيه، فيتركها ويذهب إلى المدينة، ويُشجُّ وجهه، وتُكسر أسنانه صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، ويُوضع له السُّمُّ في الطعام... إلى غير ذلك مما لاقاه الأنبياء والرسل عليهم السلام، ولكنهم عليهم الصلاة والسلام صبروا وثبتوا.
    وقد أخذ الراية من بعدهم العلماء والدعاة إلى الله تعالى؛ فهذا الإمام أحمد رحمه لله يُحبس ويُضرب ويُؤذى في سبيل الدعوة إلى الله ولكنه يصبر، وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا يُحبس ويُضرب ويُؤذى، فيصبر، وغيرهم الكثير.
    فعلى الداعية إلى الله تعالى أن يكون صابرًا محتسبًا.
    نسأل الله تعالى لنا جميعًا الهداية والتوفيق والسداد.
    -----------------
    [1] متفق عليه: أخرجه البخاري (3701)، ومسلم (2406).
    [2] أخرجه مسلم (2674).
    [3] تفسير ابن كثير (5/ 137).
    [4] أخرجه مسلم (2594).
    [5] أحمد (12151)، والترمذي (2472).


    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/146643/#ixzz6tbupfL9L
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2021
    المشاركات
    483

    افتراضي رد: مشاق الدعوة إلى الله وصبر الداعية



    جزاكم الله خيراً على هذا الاختيار

    الحمد لله وحده

    فهذا رسولنا الكريم يقول
    من رواية صُهَيْبٍ قَالَ
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم عجباً لأمر الْمُؤمن كُله خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَفَكَانَ خَيْرًا لَهُ
    وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ .
    رَوَاهُ مُسلم
    فهذا أصل من أصول العلم .

    ونحن لا نعلم مدى علمك وشكل أسلوب دعوتك حتى يكون لنا رأي فيه .
    والقول بما تقولين إنما هو رأيك في طريق دعوتك .
    وكل كلام سنقوله لك هو قول فضفاض وعام يصلح لكل من دعا الى الله
    على بصيرة .
    ولكني من حروف دعوتك أراك في بداية دعوة لم يشتد عودك فيها بعد .

    والدعوة لا تقوم على حسن النية فحسب بل على العلم الموافق لقلوب صحابة رسول الله وينشأ عنه خشية الله وينشأ عن هذا الصبر على الأذى فيه .
    فلو سألتك كم تحفظين من أسماء صحابة رسول الله وكم عدد الراوين عنه منهم وكم عددهم أجمعين . وكم تحفظين من تراجمهم . وهل تصلين قيام الليل كل ليلة وكم تصومين كل شهر . فجوابك عندئذ لو عرضتيه على أهل العلم لوجدوا
    لك هدى وفرجاً بحول الله وقوته ومن الله باذنه توفيقاً ومخرجاً .
    حفظك الله وسدد خطاك وهداك الى صراط مستقيم ،،،
    يا رب الأرباب يا ملك الملوك
    تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2021
    المشاركات
    483

    افتراضي رد: مشاق الدعوة إلى الله وصبر الداعية

    الحمد لله
    أستاذ محمد
    ما أردت أن أسئ إليك لعرض رأيي هنا .

    وما كنت أعلم أن السؤال والجواب هو خاص بك .
    والذي فهمته أنك طرحته هنا ليدلي كل بدلوه فيما يراه الناس خيراً للسائل .
    وسألت مشرفاً جزاه الله خيراً فدلني على الطريقة ليصل الرأي الآخر الى السائل .
    سلمك الله ،،،
    يا رب الأرباب يا ملك الملوك
    تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •