تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: رجـاء من طلبة العلم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    93

    افتراضي رجـاء من طلبة العلم

    السلام عليكم
    ارجو مساعدتي بمقدمة ملائمة ومناسبة لبحث قصير حول الحكم التكليفي ( الحرام ) مع أهمية الموضوع وأسباب اختياره اضافة الى الخاتمة .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,486

    افتراضي رد: رجـاء من طلبة العلم

    الأحكام الشرعية (التكليفية)

    الفوائد الثرية في مختصر الأصول الفقهية (4)

    أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

    الأحكام:
    جمع حُكْم، معناها لغةً: القضاء؛ لذا يُسمى الحاكمُ بين الناس قاضيًا.

    اصطلاحًا هو: "ما اقتَضاه خطاب الشرع المتعلِّق بأفعال المكلَّفين من طلب أو تخيير أو وضع"[1].

    يَنقسِم الحكم الشرعيُّ إلى قسمَين:
    الأول: الحكم التكليفي، الثاني: الحكم الوضعي.

    الأحكام التكليفية:
    أي ما وضعه الشارع على وجه التعبُّد، وكان مَقصودًا لذاته، وفي مقدور العبد الإتيان بها، مثل عقد البيع وانتقال الملكية.

    الأحكام التكليفية تَنقسِم إلى خمسة أقسام، وهي:
    "الواجب، الحرام، المُباح، المندوب، والمكروه"؛ قال صاحب نظم الورقات:
    فالواجب المحكوم بالثوابِ

    في فعله، والترك بالعقابِ

    والندب ما في فعله الثوابُ

    ولم يكن في تركه عقابُ

    وليس في المُباح من ثوابِ

    فعلاً وتَركًا بل ولا عِقابِ

    وضابط المَكروه عكسُ ما نُدبِ

    كذلك الحرام عَكسُ ما يَجبِ

    أولاً: الواجب:
    لغةً: الساقط واللازم، ويُسمَّى الفرض والواجب والحَتم واللازم.

    اصطلاحًا هو: "ما أمَرَ به الشارع على وجه الإلزام"؛ مثل الصلوات الخمس.


    حكم الواجب:
    يلزم الإتيان به، ويُثاب فاعله، ويُعاقَب تاركه، زاد بعض العلماء امتثالاً.

    أقسام الواجب:
    يَنقسِم الواجب إلى عدَّة أقسام باعتبار بعض الأشياء؛ مثل:
    1 - باعتبار ذاته: يَنقسِم إلى قسمَين:
    أ - واجب مُعيَّن، وهو الذي كلَّفه الشارع للعبد دون تخيير؛ كالصلاة والصوم.

    ب - واجب مُبهَم، وهو الذي كلَّفه الشارع على التخيير مثل كَفارة اليمين.

    2 - باعتبار فاعله: ينقسِم إلى قسمَين:
    أ - واجب عَينيٌّ: وهو الذي يجب على كل مكلَّف أن يأتي به؛ كالصلاة والصيام، وهو ما طلَب الشارع فعله من كل المكلَّفين ولا يَسقُط عنه بفعل البعض.

    ب - واجب كفائي: وهو ما طلب تخصيصه من مجموع المكلَّفين؛ مثل الجنائز (من تغسيل وتكفين والصلاة على الميت ودفنه)؛ أي: إذا فعله مَن تُسدُّ بهم الحاجة سقط عن الجميع.

    3 - باعتبار وقت أدائه ينقسِم إلى قسمين:
    أ - واجب مُطلَق أو موسَّع، وهو: "ما أمر الشارع بفعله دون تقييد بزمن محدَّد"، مثل كفارة اليمين والنفقة على الزوجة.

    ب - واجب مضيَّق أو مقيد: وهو: "ما حدَّد الشارع وقتًا محددًا لفعله"؛ مثل وقت الصلاة، وصيام رمضان، والوقوف بعرفة.

    4 - باعتبار تقديره: يَنقسِم إلى قسمَين:
    أ - واجب مقدَّر، وهو: "ما حدَّده الشارع بقدر محدَّد"؛ مثل: عدد ركعات الصلاة، ومثل أيام صيام رمضان.

    ب - واجب غير محدَّد، وهو: "ما أمر به الشارع ولم يحدِّد له قدرًا معينًا"؛ مثل: النفقة على الزوجة، والإحسان إلى الناس.


    مسائل تتعلق بالواجب:
    المسألة الأولى: إذا أخَّر المكلَّف الواجب الموسَّع فمات قبل أدائه، مثل: من مات قبل أن يُصلي الظهر في أول وقته، هل يكون عاصيًا؟
    إذا كان في نيته أن يُصليه في الوقت المحدَّد قبل خروج وقت الظهر لا يكون عاصيًا، أما إذا غلَب على ظنه أنه سيموت قبل خروج الوقت وأخَّرها يكون عاصيًا، مثل من حكم عليه بالإعدام في الساعة الثالثة عصرًا مثلاً فأخَّر الظُّهر إلى وقت التنفيذ، يكون عاصيًا.

    المسألة الثانية: الواجب الكفائي قد يتعيَّن في بعض الأحيان:
    نعم: مثل الجهاد فرض كفاية، ولكن إذا دخَل المعركة تعيَّن عليه أن يُتمَّ القتال، كذلك إذا غزا العدو البلد، وكمَن حضر شخصًا يَغرق ولا يوجد أحد يُنقِذه إلا هو، وجب عليه أن يُنقِذه.

    المسألة الثالثة: ذهب جمهور العلماء إلى أن الفرض والواجب بمعنى واحد، بخلاف الأحناف، فهم يُفرِّقون.

    المسألة الرابعة: ما لم يتمَّ الواجب إلا به فهو واجب:
    مثاله: إحضار الماء من أجل الطهارة حتى لو كان بثمن.

    الأشياء التي يتمُّ بها الواجب تَنقسِم إلى:
    أ- لا يَدخُل تحت قدرة العبد، مثل غروب الشمس.

    ب- ما كان تحت قدرة العبد؛ لكنه غير مطالَب بتحصيله، مثل النصاب للزكاة.

    ج- ما كان تحت قدرة العبد وهو مأمور بتحصيله؛ كالطهارة للصلاة، والسعي للجُمعة.

    المسألة الخامسة: ما لا يتمُّ ترك الحرام إلا بتركه، فتركُه واجب:
    إذا اختلط الحلال بالحرام، ولا يُمكن تمييزه، فتركه واجب، مثاله: سؤال الصحابة عن اصطياد الكِلاب المعلَّمة صيدًا، ووُجد كلبٌ آخَر بجوار الصيد.

    المسألة السادسة: الفِعل النبوي إذا كان تفسيرًا لمجمَل، هل يكون الفعل واجبًا؛ مثل: "أقيموا الصلاة..."، فهل كل أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة واجبة؟

    لا تَكون كل أفعاله - صلى الله عليه وسلم - دليلاً على الوجوب، ولكن يُعرَف الوجوب وغيره من أدلة أخرى.

    ثانيًا: المندوب:
    لغةً: المدعو.
    اصطلاحًا: "ما أمَر به الشارع لا على وجه الإلزام"؛ كالسُّنَن الرواتب.


    حكم المندوب:
    يُثاب فاعله امتثالاً، ولا يُعاقَب تارِكه.

    ويُسمَّى: سُنَّة، ومسنونًا، ومستحبًّا، ونَفلاً، وقربة، ومرغوبًا فيه، وإحسانًا.

    مسائل تتعلَّق بالمندوب:
    المسألة الأولى: فضيلة المندوب:
    أ- يُرفَع العبد إلى درجة عالية عند الله، والدليل قول الله - تعالى - في الحديث القدسي: ((وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّه........))[2].

    ب- أن يُكمِل التقصير الحاصل للواجب، والدليل حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن أول ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن وجدت تامَّةً كُتبَت تامَّةً، وإن كان انتقص منها شيء، قال: انظُروا هل تَجدون له مِن تطوُّع يُكمِل له ما ضيع من فريضة من تطوعه، ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك))[3].

    المسألة الثانية: هل يجب إتمام النفل إذا شرَع فيه؟
    اختلف العلماء في ذلك على قولين:
    القول الأول: لا يجب الإتمام؛ لأن النفل شُرِع على هذا الوجه: يثاب فاعله ولا يعاقَب تاركه، سواء كان ترك أصلاً أو ترك أثناء الفعل، والدليل قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:((الصائم المُتطوِّع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر))[4].

    القول الثاني: قالوا: يَجب الإتمام إذا شرع فيه، وهو مذهب أبي حنيفة، وأدلتُهم:
    قول الله - تعالى -: ﴿ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33].


    قالوا: إن الله نَهاهُم عن إبطال العمل.

    قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي جاءه، قال وهو يسأل عن الصلاة قال: هل عليَّ غيرها؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا إلا أن تتطوَّع))[5].

    ففهموا من الحديث أن الاستثناء متَّصل؛ أي: إنه فُرضت عليك النافلة إن شرعتَ فيها.

    من حيث النظر إن النفل يَصير فرضًا بالنذر، قالوا: كذلك شَرعُه في النافلة كأنه نذرَها، وكان النذر بفعلِه لا بقوله.

    والراجح: هو قول الجمهور، وأما أدلة الأحناف فأجابوا عنها، قالوا:
    أن الآية لا تدلُّ على إتمام النفل؛ إنما تدلُّ على عدم إبطال الحسنات؛ كقوله - تعالى -: ﴿ لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ [البقرة: 264].

    أما الحديث فصحيح؛ ولكن الاستِثناء منقطع، وليس متَّصلاً؛ أي المعنى: لكن لك أن تتطوَّع.

    أما القياس: فقياس مع الفارق؛ لأن النذر لا يَثبُت إلا باللفظ، ويُعارِضه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الصائم المُتطوِّع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر))[6].

    المسألة الثالثة: المستحَبُّ وإن كان تاركه لا يعاقب في تركه جزءًا، فإنه قد يعاقب إذا تركه جملة:
    مثاله: من واظَبَ على تركِ الوتر، فلا يُتصوَّر في مؤمن يَترُك كل المستحبات، قال الشاطبي وقَعَّدَ بذلك قاعدة وهي: "أن الفعل إذا كان مندوبًا بالجزء، فهو واجب بالكل"، وعلى هذا يُحمَل كلام الإمام أحمد وهو: "مَن ترَك الوتر، فهو رجلٌ سُوءٌ، ولا تُقبَل شهادته".

    المسألة الرابعة: المستحب مُتفاوِت الرتبة:
    فأعلاه ما واظب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يتركه إلا نادرًا، كالسُّنَن الرواتب.
    والثانية: ما فعله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا وترَكَه أحيانًا؛ كصلاة الضُّحى.
    والثالثة: ما كان فيه الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من المشروبات والملابس، وتُسمى بالسُّنَن الزوائد.

    المسألة الخامسة: المُستحَبُّ مقدِّمة للواجب:
    لأن من حافظ على المستحبات، فهو للواجِبات أحفَظ، ومن ضيع المُستحَبات يوشِك أن يَتهاون في الواجبات.

    المسألة السادسة: السنَّة في لسان الشارع أعمُّ من السنَّة في لسان الاصطلاح؛ لأن السنَّة في الشرع بمعنى الطريقة والمنهج، فتشمَل الواجب والسنَّة، وفي ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من سنَّ في الإسلام سُنةً حسنةً، فله أجرُها وأجرُ مَن عَمِل بها بعده، من غير أن يَنقص من أجورهم شيء، ومَن سنَّ في الإسلام سُنةً سيئةً، كان عليه وزرُها ووزرُ مَن عمل بها من بعده، من غير أن يَنقُص من أوزارهم شيء))[7]، وقول ابن عباس عندما صلى الجنازة وجهَر بالفاتحة قال: إنها السنَّة.

    المسألة السابعة: فرَّق بعض الفقهاء بين المسنون والمُستحَبِّ، فذكَروا أن المسنون ما ثبَت بدليل من الشرع، والمستحَب ما ثبَت باجتهاد الفقهاء، والراجح ما عليه الجمهور في عدم التفريق.

    ثالثًا: الحرام:
    لغة: الممنوع.

    اصطلاحًا: ما نَهى عنه الشارع على وجه الإلزام بالترك؛ كعقوق الوالدَين.

    حُكمه: يُثاب تاركه امتثالاً، ويَستحِقُّ العقابَ فاعلُه.

    ويُسمى محظورًا، أو ممنوعًا، أو معصيًة، أو ذَنْبًا.

    ألفاظ التحريم:
    قال ابن القيم: "ويُستفاد التحريم من: النهي، والتصريح بالتحريم، والحظر، والوعيد على الفعل، وذم الفاعل، وإيجاب الكفارة بالفعل، ولفظة ما كان لهم كذا، ولم يكن لهم، وترتيب الحد على الفعل، ولفظة لا يحل، ولا يصلح، ووصف الفعل بأنه فساد، وأنه من تزيين الشيطان وعمله، وأن الله لا يحبه، وأنه لا يرضاه لعباده، ولا يُزكي فاعله، ولا يكلمه، ولا ينظر إليه، ونحو ذلك"[8].

    أقسام الحرام: يَنقسِم إلى قسمين:
    الأول: حرام لذاته:
    وهو ما حكَم الشارع بتحريمِه ابتداءً.
    إذا فعل المكلَّفُ الحرامَ لذاته، لا يترتَّب عليه آثاره الشرعية، فمَن زنا لا يترتَّب عليه حكم النكاح، ولا يثبت الولد بالزنا، ولا يَثبُت الإرثُ ولا النفقة.

    الثاني: الحرام لغيره:
    وهو ما كان مَشروعًا في الأصل، واقترن به عارض أو قرينة أو محرم فأدى إلى تحريمه؛ كالنظر للمرأة الأجنبية حرام؛ لأنه قد يؤدي إلى الزنا، وكالبيع والشراء فهو حلال، ولكنه إذا كان عند نداء الجمعة أصبح حرامًا، ومثل بَيع النجش، واختلف العُلماء هل يثبت آثارها أم لا؟

    قال البعض بعدم ثُبوت الأثر، وذهَب الآخَرون إلى ثُبوت الأثر مع الإثم ومع الخيار إذا كان مُتعلِّقًا بحق العبد.

    مسألة: تتعلق بالحرام:
    فرَّق الأحناف إذا كان الحرام ثبَت من نهي قطعي، مثل القرآن والسنَّة المُتواتِرة فهو حرام، وأما إذا ثبت بنهي ظنِّيٍّ فيكون هذا مكروهًا، أما الجمهور فلا يُفرِّقون.

    رابعًا: المكروه:
    لغة: المُبغَض.
    اصطِلاحًا: ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام بالتركِ، كأكل البصل والأكل مُتكئًا، والنوم قبل العِشاء والحديث بعدها.

    حكم المَكروه: يُثاب تاركه امتثالاً، ولا يُعاقب فاعله.

    مسائل تتعلق بالمَكروه:
    المسألة الأولى: قد يأتي لفظ المكروه ولم يُقصَد به إثابة تاركه امتثالاً، فقد يأتي بمعنى الحرام؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾ [الحجرات: 7]، وكقوله - تعالى -: ﴿ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾ [الإسراء: 38].

    المسألة الثانية: قسَّم الأحنافُ المَكروه إلى:
    1 - المَكروه كراهة تنزيهيَّة.
    2 - المكروه كراهة تحريميَّة.

    لأن عندهم المكروه بالدليل القطعي هو التحريم، وبالدليل الظني هو التنزيه.

    المسألة الثالثة: المكروه مُتفاوت في الدرجات:
    فمنه ما هو أدنى درجات الكراهة، وما هو في أعلى درجات الكراهة، ويتعيَّن ذلك بالقرائن، فأعلى درجات الكراهة المُتشابهات؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث النعمان بن بَشير عند مسلم:((إن الحلال بيِّنٌ، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس، فمَن اتقى الشبهات استبرأ لدِينه وعِرْضه، ومَن وقع في الشبُهات وقع في الحرام؛ كالراعي يَرعى حول الحمى يوشِك أن يرتعَ فيه، ألا وإن لكل ملك حمًى، ألا وإن حمى الله محارمُه، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلَح الجسد كله،وإذا فسَدت فسَد الجسد كله، ألا وهي القلب))[9].

    فهي أعلى درجات الكراهة؛ لأنها حاجز بين الحلال والحرام.

    المسألة الرابعة: المَكروه بالجزء يَحرُم بالكل، وليس للعبد أن يَتهاون بالمكروهات، فالإصرار على الصغيرة قد يَسير كبيرة.

    المسألة الخامسة: كما أن المستحَب مقدِّمة للواجب، فإن المَكروه مقدمة للحرام؛ لأن من اعتاد المكروه هان عليه فعل الحرام.

    خامسًا: المباح:
    لغة: المُعلَن والمأذون فيه.

    اصطلاحًا: ما خُيِّر المُكلَّف بين فعله وتركه، أو ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته، كالأكل في رمضان ليلاً.


    حكمه: ما دام على وصف الإباحة، فإنه لا يترتَّب عليه ثواب ولا عقاب.

    ويُسمى: حلالاً وجائزًا.

    تستفاد ألفاظ الإباحة من لفظ: الإحلال، ورفع الجُناح، والإذن، والعفو، والتخيير.

    مسائل تتعلق بالمُباح:
    المسألة الأولى: اختلف العلماء هل المباح له تَعلُّق بالأحكام التكليفية أم لا؟
    حيث إنه لا يظهر فيه الأمر، فذكَر بعضهم أنه ذكر من باب المسامحة ولتكميل القِسمة، وذلك بناءً على أن التكليف هو: (الخطاب بأمر أو نهي)، ويرى بعضهم أن المُباح يُراد به التكليف، وهو وجوب اعتِقاد إباحته.

    المسألة الثانية: المباح بالجزء مُستحَبٌّ بالكل:
    كالتمتُّع بالطيبات، وقد يكون المباح بالكل واجبًا بالجزء، مثل ترك الطعام بالكل وإن كان مباحًا، ولكنه يجب عليه أن يأكل إذا كاد أن يهلِكَ.

    المسألة الثالثة: المباح قد يكون وسيلة للمنهي عنه أو المأمور به:
    وهو ما قال عنها الفقهاء: الوسائل لها حكم المقاصد، مثل شراء السلاح فهو مباح، أما إن كان هناك فتنة بين المسلمين أصبح حرامًا، وإن كان للجهاد ضد العدو فهو واجب، وهكذا.

    المسألة الرابعة: تنقسم الإباحة إلى قسمَين:
    1 - إباحة شرعية: هي التي عُرفت عن طريق الشرك؛ كقوله - تعالى -: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187].

    2 - إباحة عقلية: وهي تُسمى الإباحة الأصلية؛ كقول الفقهاء: الأصل في الأشياء الإباحة، كقول الله - تعالى -: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29].

    الفرق بينهما أن رفع الإباحة الشرعية يُسمى نَسخًا؛ لأنها حُكم شرعي، أما رفع الإباحة العقلية لا يُعدُّ نَسخًا.



    [1] انظر: الأصول من علم الأصول (24).

    [2] البخاري (6502).

    [3] أبو داود (864)، والترمذي (413)، والنسائي (465)، ابن ماجه (1425)، وصحَّحه الألباني.

    [4] الترمذي (723)، وقال: حديث حسن، وأحمد (26893)، وهو مذهب الشافعي وأحمد.

    [5] جزء من حديث عند البخاري (6)، والسائل هو ضمام بن ثَعلبة.

    [6] وقالوا في الحج والعمرة: يجب إجماعًا؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]، وبعضُهم يُفرِّق بين الصيام والصلاة؛ لأن النص ورد في الصيام، فقالوا: الصلاة يجب إتمامها، أما الصيام فلا.
    تنبيه: هذا في العمل المرتبِط أوله بآخره، كصلاة والصيام، أما العمل غير المرتبط أوله بآخره، فلا يجب إتمامه؛ كقراءة القرآن والذِّكر.

    [7] مسلم (2398).

    [8] بدائع الفوائد (4: 3 - 4).

    [9] مسلم (4178).








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,486

    افتراضي رد: رجـاء من طلبة العلم

    منقول من
    كتاب الوجيز في أصول الفقه الإسلامي


    [محمد مصطفى الزحيلي]
    من صــ 349 الى 358

    [تعريف الحرام]
    الحرام لغة: الممتنع فعله، من حرم من بابي قرب وتعب، وسمع: أحرمته بمعنى حرمته، والممنوع يسمى حراما تسمية بالمصدر (1).وفي الاصطلاح نذكر تعريفين له، أحدهما: بالحد وبيان الماهية، والثاني: بالرسم وبيان الصفات.[التعريف الأول]الحرام هو ما طلب الشارع تركه على وجه الحتم والإلزام (2).
    1 - ما: اسم موصول، صفة لفعل المكلف.
    2 - طلب الشارع تركه: أي: الابتعاد عنه وعدم القيام به، ويدخل فيه الحرام والمكروه؛ لأن الشارع طلب تركهما، ويخرج من التعريف المباح والمندوب والواجب لعدم طلب تركها من الشارع.
    3 - على وجه الحتم والإلزام: فيخرج المكروه، ويبقى الحرام.ويعرف طلب الكف الحتمي بالصيغة التي تدل عليه عن طريق الأساليب الكثيرة المفيدة للتحريم (3).
    [التعريف الثاني]
    عرف البيضاوي الحرام بالصفة فقال: هو ما يذم شرعا فاعله (4).
    1 - ما: اسم موصول صفة لفعل المكلف، ويشمل كل أفعال المكلفين التي يتعلق بها الواجب والمندوب والمحرم والمكروه والمباح، ويخرج من التعريف ما ليس بفعل المكلف.
    2 - يذم شرعا فاعله: قيد في التعريف، فيخرج الواجب؛ لأن الذم فيه على الترك، ويخرج المندوب والمكروه والمباح؛ لأنه لا ذم فيه أصلا، لا على الفعل ولا على الترك، ويبقى المحرم فقط، والذم لا يكون إلا من الشرع، وفعل الحرام يشمل كل ما يصدر عن المكلف من قول محرم كالغيبة والقذف، أو فعل كالسرقة والقتل، أو من عمل القلب كالحقد والحسد، والذم هو اللوم والاستنقاص الذي يصل إلى درجة العقاب (5).وأضاف بعض العلماء على هذا التعريف قولهم: "ويمدح تاركه"للمقابلة مع تعريف الواجب (6).ويرادف المحرم المحظور والمعصية والذنب والممنوع والقبيح والسيئة والفاحشة والإثم والمزجور عنه والمتوعد عليه (7).[الأساليب التي تفيد التحريم]الأساليب التي تفيد التحريم في الكتاب الكريم والسنة الشريفة كثيرة (8)، أهمها:1 - أن يرد الخطاب صريحا بلفظ التحريم، وما يشتق منه، مثل قوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم} [النساء: 23]، وقوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: 275]، وقوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} [المائدة: 96]، وقوله تعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا} [الأنعام: 145]، ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه" (9).2 - صيغة النهي، لأن النهي يفيد التحريم (10)، مثل قوله تعالى:{ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس} [الأنعام: 151]، وقوله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} [الأنعام: 152]، ومن ذلك ما ورد بلفظ النهي مثل قوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} [النحل: 90]، وهذا القسم أكثر الأساليب استعمالا للدلالة على التحريم.3 - طلب اجتناب الفعل، مثل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (90)} [المائدة: 90]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجتنبوا السبع الموبقات" (11).وهذا أمر يفيد وجوب الترك من حيث اللفظ، ويفيد تحريم الفعل من حيث المعنى.4 - استعمال لفظ "لا يحل"، مثل قوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} [البقرة: 230]، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} [النساء: 19]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه" (12).5 - ترتيب العقوبة على الفعل سواء كانت في الدنيا أم في الآخرة أم فيهما، مثل قوله تعالى {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون (4)} [النور: 4]، فالقذف حرام لترتب عقوبة الجلد عليه، وقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا} [النساء: 93]، فالقتل حرام لتوعد فاعله بالنار.وقوله تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة} [النور: 19]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه" (13)، وقوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا (10)} [النساء: 10]، فأكل مال اليتيم حرام لتشبيهه بأكل النار وتهديده بالعذاب يوم القيامة.6 - كل لفظ يدل على إنكار الفعل بصيغة مشددة، مثل غضب الله، حرب الله، لعن الله، والتحذير من الفعل، مثل: "إياكم والجلوس على الطرقات" (14)، وكذا وصف الفاعل بالنفاق أو الكفر أو الفسق، مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44] .. {الظالمون} [المائدة: 45] ... {الفاسقون} [المائدة: 47] ومثل نفي الإيمان عنه، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله لا يؤمن -ثلاثا- الذي لا يأمن جاره بوائقه" (15).[حكم الحرام]من التعريف السابق وبيان الأساليب التي تفيد التحريم يظهر أن حكم الحرام وجوب الترك على المكلف، فإن فعله فإنه يستحق العقاب والذم من الله تعالى، وأن الله تعالى وصف المؤمنين بأنهم الذين يجتنبون ما حرم الله عليهم {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} [النجم: 32]، وأن هذه المحرمات ليست إلا فواحش ومنكرات ومضار ومفاسد تضر بالفرد والمجتمع، فحرم الله تعالى فعلها، وطلب من المكلفين تركها لتحقيق السعادة لهم في الدنيا والآخرة.
    [أقسام الحرام]
    سبق الكلام أن التشريع جاء لتحقيق العدالة الإلهية ورعاية مصالح البشر في الدنيا والآخرة، فما أوجب الله حكما إلا بسبب فوائده ومنافعه الراجحة في تحقيق المصالح، وما حرم أمرا إلا لرجحان ضرره الحقيقي وثبوت فساده، قال البيضاوي: ما نهي عنه شرعا فقبيح، وإلا فحسن كالواجب والمندوب والمباح (16).والمفسدة إما أن تكون راجعة إلى ذات الفعل ويسمى حراما لذاته، وإما أن تكون المفسدة راجعة لأمر يتعلق بالمحرم، ويسمى حراما لغيره (17).أولا: المحرم لذاته:وهو ما حرمه الشارع ابتداء وأصالة، مثل أكل الميتة والدم والخنزير ولعب الميسر وشرب الخمر والزنا وقتل النفس وأكل أموال الناس بالباطل وزواج المحارم.ويكون المحرم لذاته غير مشروع أصلا، لأن منشأ الحرمة فيه عين المحل أو ذات الفعل، وأنه يشتمل على مفسدة ومضرة راجعة إلى الذات.ويترتب على ذلك أن التعاقد على الحرام باطل، ولا يترتب عليه أثر شرعي، والحرام لا يصلح سببا شرعيا، لعدم صلاحية المحل لظهور الحكم الشرعي فيه، فزواج المحارم باطل، والدخول في الزنا باطل، وبيع الميتة باطل، والباطل لا يترتب عليه حكم (18).ثانيا: المحرم لغيره:وهو ما كان مشروعا في أصله، ولكن اقترن به أمر آخر بسبب مفسدة وضرر للناس، فحرمه الشارع لهذا السبب، مثل الصلاة في ثوب مغصوب، والبيع وقت النداء لصلاة الجمعة، وصوم يوم العيد، وزواج المحلل، والصلاة بدون طهارة، فإن الصلاة في الأول مشروعة وواجبة على المكلف، ولكن لما اقترن بها المنكر، وهو الانتفاع بالثوب المغصوب، أصبحت محرمة بسببه، والبيع مشروع ومباح، ولكن لما اقترن به منكر وهو الانشغال عن صلاة الجمعة صار محرما، ومثله الصوم يوم العيد، وزواج المحلل، وصوم الوصال، والغش في البيع.وينظر العلماء إلى المحرم لغيره من جهتين، فمن جهة أصله فهو مشروع لعدم وجود المفسدة والمضرة فيه، ومن جهة ما اقترن به فهو حرام لما يترتب عليه من مفسدة ومضرة وهو أمر خارجي عن المحل أو الفعل، ولذا فقد اختلفت آراء الأئمة في حكم كل مسألة من المسائل السابقة، وانقسموا في تكييف المحرم لغيره إلى قسمين كل منهما يرجح أحد الجانبين على الآخر، وظهر قولان:
    القول الأول: أن التعاقد على المحرم لغيره يكون فاسدا لا باطلا، وهو رأي الحنفية، الذين يفرقون بين البطلان والفساد، وأن الفساد مرتبة بين البطلان والصحة، وأن العقد الفاسد منعقد ولكنه غير صحيح، وأنه يجب فسخه، فإن نفذ ترتبت آثاره عليه، ويكون المال خبيثا.
    القول الثاني: أن العقد على المحرم لغيره باطل كالعقد على المحرم لذاته، وأنه لا فرق بين الفساد والبطلان، وهما مرتبة واحدة، وهو رأي جمهور الأئمة، قال الآمدي: مذهب الشافعي أن المحرم بوصفه مضاد لوجوب أصله (19)، أي: إن التحريم للوصف كالتحريم للأصل تماما.ونتيجة للاختلاف السابق اختلفت الأنظار في حكم كل مسألة محرمة لغيرها، ففرق الحنفية بين الصفة الجوهرية التي يتعلق بها التحريم لغيره ويكون العقد فاسدا كالربا، وبين الصفة العارضة التي يتعلق بها التحريم لغيره، ويكون حكمها الكراهة فقط، أي: التحريمية، كالبيع وقت أذان الجمعة (20).وفرق الشافعية بين المحرم لغيره لوصف فيه كالصلاة بدون طهارة وحكمها البطلان، وبين التحريم لأمر خارج عن المحل، وحكمه الصحة مثل الطلاق في زمن الحيض، فهو صحيح لصرف التحريم إلى أمر خارج عن الطلاق وهو ما يفضي إليه من تطويل العدة، وكذا الصلاة في الأوقات والأماكن المنهي عنها (21).وهذا الاختلاف يرجع إلى مقتضى النهي، وهو ما سنبينه إن شاء الله في مبحثي الأمر والنهي.وينتج عن تقسيم الحرام إلى حرام لذاته وحرام لغيره، بالإضافة إلى الاختلاف في الفساد والبطلان ينتج أمر آخر، وهو جواز استباحة المحرم في بعض الحالات، فالمحرم لذاته يباح بهدف الحفاظ على الضروريات وهي حفظ الدين والمال والنفس والعقل والعرض، فيباح الخمر للحفاظ على الحياة عند التهلكة، ويرخص بالكفر ظاهرا للحفاظ على النفس عند الإكراه بالقتل، أما المحرم لغيره فإنه يباح من أجل الحفاظ على الضروريات السابقة، ومن أجل الحفاظ على الحاجيات، وهي التي يؤدي تركها إلى مشقة بالغة على المكلف؛ مثل كشف العورة، فتباح للحفاظ على الحياة أحيانا، وتباح للطبيب من أجل الاستشفاء من الأمراض، وتخفيف الألم عن المريض (22).
    المحرم المعين والمخير:ينقسم الواجب باعتبار المطلوب فعله إلى واجب معين كالصلاة وواجب مخير كأحد خصال الكفارة، وكذلك المحرم ينقسم إلى قسمين، محرم معين، وهو جميع المحرمات تقريبا التي نهى عنها الشارع، ورتب على فاعلها العقوبة، كتحريم قتل النفس وعقوق الوالدين والعبودية لغير الله، ومحرم مخير وهو أن يحرم الشارع أحد الأمرين فقط، فإذا فعل أحدهما أصبح الآخر محرما، وأن المكلف له أن يفعل عدة أشياء إلا واحدا منها (23)، وهذا القسم محصور وقليل جدا، وله عدة أمثلة:
    1 - أن يقول رجل لزوجاته: إحداكن طالق، فتحرم واحدة منهن، فإذا عاشر الزوج ثلاثا فالرابعة محرمة، كما يجوز أن يعين إحداهن للطلاق أيضا (24).
    2 - النهي عن الجمع بين الأختين في وقت واحد، فالشريعة أجازت الزواج بكل منهما، لكن إذا تزوج إحدى الأختين حرمت عليه الأخرى، ما لم يطلق الأولى أو تموت، وكذلك الجمع بين المرأة وخالتها والمرأة وعمتها (25).
    3 - نص القرآن الكريم والسنة الشريفة على التخيير في التحريم بين الأم وبنتها، فكل منهما يجوز الزواج منها، ولكن إذا تزوج من إحداهما حرمت عليه الأخرى، وهذا خير مثال للحرام المخير (26).
    4 - كان العرب يعددون الزوجات بدون حد، وجاء الإسلام وبعضهم عنده عشر زوجات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه: "أمسك أربعا وطلق سائرهن" (27)، فتعدد الزوجات زيادة على الأربع زوجات حرام، ولكن لم يعين الشارع المحرمة منهن، وترك الخيار للزوج (28).

    (1) المصباح المنير: 1 ص 180، القاموس المحيط: 4 ص 94، والأصل فيه: حرمته تحريما فهو محرم، أي: الفعل محرم.
    (2) المستصفى: 1 ص 76، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 59، حاشية البناني على جمع الجوامع: 1 ص 80، نهاية السول: 1 ص 61.
    (3) المحرم: هو طلب الترك الجازم سواء أكان طلب الترك ثابتا بطريق القطع أم بطريق الظن، خلافا للحنفية الذين يفرقون بين الحرام والمكروه تحريما، وأن الحرام هو ما طلب الشارع تركه بدليل قطعي، وأن المكروه تحريما هو ما طلب الشارع تركه حتما بدليل ظني، كما فرقوا بين الفرض والواجب في طلب الفعل بناء على قوة الدليل، وقد سبق الكلام عن هذا الموضوع في أقسام الحكم التكليفي.
    (4) منهاج الوصول، له: ص 5.
    (5) أصول الفقه، أبو النور: 1 ص 50.
    (6) إرشاد الفحول: ص 6، تسهيل الوصول: ص 250، المستصفى: ص 66، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 63، نهاية السول: 1 ص 61، الإحكام، الآمدي: 1 ص 106.
    (7) أصول الفقه، أبو النور: 1 ص 51، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 63، إرشاد الفحول: ص 6، نهاية السول: 1 ص 61، الإحكام، الآمدي: 1 ص 106.
    (8) أصول الفقه، البرديسي: ص 72، مباحث الحكم: ص 98، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: ص 82، أصول الفقه، شعبان: ص 239، أصول الفقه، الخضري: ص 52، أصول الفقه، أبو زهرة: ص 41، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية: ص 328.
    (9) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه.
    (10) النهي يفيد التحريم عند جمهور العلماء إلا إذا رافقته قرينة تصرفه إلى الكراهة أو = الإباحة، وقال بعض العلماء: النهي في الأصل يدل على الكراهة إلا لقرينة، وفي قول: إنه مشترك بينهما، وسوف يدرس هذا الموضوع بالتفصيل في الجزء الثاني إن شاء الله تعالى، وانظر: الأم للشافعي: 5/ 153، ط دار الفكر.
    (11) رواه البخاري ومسلم والنسائي، وهي: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
    (12) رواه أبو داود.
    (13) رواه البخاري وأحمد وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس.
    (14) هذا طرف من حديث رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود عن أبي سعيد.
    (15) رواه البخاري وأحمد عن أبي شريح.
    (16) منهاج الوصول، له: ص 5.
    (17) يرى الحنابلة أن الحرام قسم واحد سواء كان التحريم لذات المحرم أم لأمر عارض له، أو وصف خارج عنه، (انظر: المستصفى: 1 ص 79، المسودة في أصول الفقه: ص 83).


    (18) أصول الفقه، خلاف: ص 128، مباحث الحكم، مدكور: ص 101، أصول الفقه، أبو زهرة: ص 43.
    (19) الإحكام، له: 1 ص 110، وانظر المدخل للفقه الإسلامي، للمؤلف: ص 5.
    (20) أبحاث في علم أصول الفقه: ص 138، أصول الفقه، أبو زهرة: ص 43.
    (21) الإحكام، الآمدي: 1 ص 110، المستصفى: 1 ص 80، المسودة: ص 83.
    (22) أبحاث في علم أصول الفقه، ص 138، أصول الفقه، أبو زهرة: ص 43.
    (23) خالف المعتزلة في هذا التقسيم، وأنكروا وجود المحرم المخير في الشرع (انظر مختصر ابن الحاجب: ص 39، الإحكام، الآمدي: 1 ص 106، القواعد والفوائد الأصولية: ص 96، التبصرة: ص 104).
    (24) تسهيل الوصول: ص 263، تيسير التحرير: 2 ص 218، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 63.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •