تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: نبذ ابن كثير للجمود والتعصب الفكري

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي نبذ ابن كثير للجمود والتعصب الفكري

    يَمتلِك ابن كثير شخصيةً متحرِّرة من الجمود الفكريِّ والتعصب المذهبي، ولا شك أن علاقته بابن تيمية وتأثُّرَه به كانت من أهم العوامل في تبلور شخصية ابن كثير المستقلة والمنفتحة على غيره، وإننا نلحظ ذلك حينما ترى أن عددًا من مشايخ ابن كثير كانوا من غير الشافعيَّة، فمثلًا من مشايخه:
    إسحاق بن يحيى الآمدي المتوفى سنة (725هـ)، قال عنه ابن كثير: "شيخنا عفيف الدين الآمدي"[1]، والآمديُّ حنفي.
    وكذلك عيسى بن أحمد المطعم المتوفى سنة (719هـ)، "سمع ابن كثير الحديث بدمشق من عيسى المطعم، وذلك في العهد المبكر لابن كثير في دمشق"[2]، وعيسى بن المطعم حنبلي.
    وكذلك محمد بن شرف الدين المتوفى سنة (730هـ) يذكُرُه ابن كثير ويُثني عليه، فيقول: "شيخنا الصالح العابد الناسك الخاشع شمس الدين... بن غيلان البعلبكي.. وكان يقرأ القرآن طرَفي النهار، وعليه ختمتُ القرآن في سنة إحدى عشرة وسبعمائة"[3]، والبعلبكي حنبلي.
    وكذلك عبدالله بن محمد بن يوسف المقدسي المتوفى سنة (737هـ)، قال عنه ابن كثير: "شيخنا الإمام العالم العابد شمس الدين أبو محمد عبدالله العفيف... المقدسي النابلسي... قرأت عليه عام ثلاث وثلاثين وسبعمائة مرجعَنا من القدس الشريف كثيرًا من الأجزاء والفوائد"[4]، وابن العفيف المقدسي حنبلي.
    إضافة إلى ابن تيمية، الذي كان من أخص شيوخه، ومن أحبهم إليه، وأكثرهم تأثرًا به، وهو حنبلي، وليس ابن تيمية هو صاحبه الوحيد من غير الشافعية، بل قد صرَّح بصحبة غيره؛ مثل جمال الدين يوسف المقدسي الحنبلي، قال في ترجمة والده، الذي هو شيخ ابن كثير، والذي مر معنا، قال في ترجمته: "وهو والد صاحبنا الشيخ جمال الدين يوسف أحد مفتي الحنابلة وغيرهم"[5].
    وكذلك قال عن ابن قيم الجوزية، في أحداث سنة 743هـ: "وفي يوم الخميس سادس صفر درس بالصدرية صاحبنا العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر بن.... الزرعي إمام الجوزية"[6]، وقال في ترجمته: "توفي صاحبنا الإمام الشيخ العلامة شمس الدين.... وكنت مِن أصحبِ الناس له، وأحبِّ الناس إليه"[7].
    وكذلك ابن عبدالهادي الحنبلي، قال ابن كثير في ترجمته بعد وفاته: "وفي يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى سنة 744هـ، توفي صاحبُنا الإمام العالم العلامة الناقد البارع في فنون العلوم شمسُ الدين محمد بن الشيخ عماد الدين أحمد عبدالهادي المقدسي الحنبلي"[8].
    ومن مظاهر انفتاح ابن كثير وعدم تعصُّبِه أنه لم يَكتفِ بالسماع على مشايخ الشام فقط، بل حصل على الإجازة بالرواية والحديث من مشايخ مصر، فأجازه أبو الفتح الدبوسي[9]، وعلي بن عمر الواني[10]، ويوسف الختني[11]، وأبو موسى القرافي[12]، والحسيني[13].... وغيرهم، وأجاز له من علماء بغداد ابن الدواليبي البغدادي[14]"[15].
    ومما يدلُّ على تحرُّر ابن كثير من القيود المذهبيَّة: موافقتُه وتبنِّيه لبعض الآراء والأقوال في بعض المسائل التي تُخالِفُ مذهبَ الشافعية الذي ينتمي إليه ابن كثير، من ذلك مثلًا:
    ♦ تبنِّيه رأي ابن تيمية في الطلاق، فكان يُفتي في مسألة طلاق الثلاث بلفظ واحد.
    ♦ ترجيحه مذهب مالك وأحمد في وجوب مسح جميع الرأس[16].
    ♦ ترجيحه قول الجمهور أن معنى ﴿ تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3]؛ أي: تجُوروا، وليس تكثُر عيالُكم، كما فسَّر الشافعي[17].
    ♦ تبنِّيه ونقله عن الإمام أحمد... أنها تجوز للمصلحة الراجحة، وصنَّف في ذلك مسألة مفردة، وقفت عليها فرأيتها في غاية الحسن والإفادة، بحيث لا يتخالج من اطَّلَع عليها ممن يذوق طعم الفقه أنها مذهب الإمام أحمد رحمه الله[18].
    وغير ذلك من المسائل التي تدلُّ على أن ابن كثير رحمه الله مستقلُّ الرأي، يدور مع الدليل حيث دار، ولا يتعصَّب لمذهبه ولا لغيره؛ لأن التقليد الأعمى من غير تبصُّر ودليلٍ جهلٌ وعمى؛ ولذلك وصف المقلِّدين لأئمة الكفر بأنهم "الطُّماطم[19] الأغشام المقلِّدون لأئمة الكفر"[20].
    ------------------
    [1] البداية والنهاية 18/ 260.
    [2] المنهل الصافي 2/ 415.
    [3] البداية والنهاية 18/ 326.
    [4] البداية والنهاية 18/ 396-397.
    [5] المرجع نفسه 18/ 397.
    [6] المرجع نفسه 18/ 540.
    [7] المرجع نفسه 18/ 523.
    [8] المرجع نفسه 18/ 466/ 467.
    [9] هو يونس بن إبراهيم بن عبدالقوي الكناني العسقلاني، ويقال أيضًا: الدبوسي، عالم بالحديث، توفي بالقاهرة سنة 729 هـ، الأعلام 8 / 260.
    [10] علي بن عمر بن أبي بكر الواني، نزيل مصر، كان صالحًا سهل القياد، مات في المحرم سنة 727 هـ، الدرر الكامنة 1/ 373.
    [11] هو يوسف بن عمر بن أبي بكر الختني الحنفي المصري المعمَّر، وكان لا يسمع إلا بأجرة؛ لأنه كان مقلًّا، مات سنة 731 هـ، الدرر الكامنة 2/ 181.
    [12] هو أحمد بن أيوب بن إبراهيم القرافي شهاب الدين، سمع الواني والدبوسي والختني، مات سنة 794 هـ، الدرر الكامنة 1/ 33 وإنباء الغمر 1/ 166.
    [13] هو محمد بن علي الحسيني، حدَّث بمصر، وكان أحد العدول، مات سنة 745 هـ، الدرر الكامنة 2/ 44.
    [14] هو عبدالدايم بن عبدالمحسن البغدادي الدواليبي، حدَّث عنه جماعة من أهل بلده وغيرهم، مات سنة 721هـ، الدرر الكامنة 1/ 295.
    [15] الدرر الكامنة 1/ 399 وذيل طبقات الحفاظ ص361، وانظر ابن كثير الدمشقي، للزحيلي ص96 مرجع سابق.
    [16] انظر التفسير 2/ 33.
    [17] انظر التفسير 1/ 552.
    [18] البداية والنهاية 18/ 570-571.
    [19] الطُّماطم: الطَّمْطَمة: العُجمة، والطِّمْطم والطِّمطميُّ والطُّماطم والطُّمطمانيُّ: هو الأعجم الذي لا يفصح، ورجل طِمْطم بالكسر: أي في لسانه عجمة لا يفصح؛ لسان العرب لجمال الدين بن منظور 12/ 370 طبعة دار صادر بيروت، بدون تاريخ.
    [20] انظر تفسير القرآن العظيم 3/ 369.


    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/145517/#ixzz6ogz8kOiO
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: نبذ ابن كثير للجمود والتعصب الفكري

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •