هل كفَّر ابن تيمية من يجيز أكل الحيات مطلقًا؟

قال ابن تيمية: «أكل الخبائث وأكل الحيات والعقارب حرام بإجماع المسلمين، فمن أكلها مستحلًّا لذلك فإنه يُستتاب فإن تاب وإلا قُتِل».

ينشر بعض الناس هذا الكلام ثم يعقب عليه بأن الإمام مالكًا أجاز أكل الحيات، فيكون كلام ابن تيمية متناوِلًا للإمام مالك والمالكية، ويضربون هذا مثلًا على غلو الشيخ!

والواقع أن الناقل قد بتر كلام الشيخ وزوَّر في نسبة مذهب مالك، فمذهبه جواز أكل الحيات إذا ذكيت وليس مطلقًا، جاء في الكافي فقه أهل المدينة: «وجائز عند مالك اكل الحيات إذا ذكيت»، وبعض أصحابه قال إن هذا للطب فقط.

وفتيا الشيخ فيها تفصيل، فلم يقل باستتابة من يأكلها بعد التذكية، وإنما من يأكلها بدون تذكية، فهو كان عارفًا بمذهب مالك ولهذا احترز في الفتيا.

جاء في مجموع الفتاوى:
«سُئِل عن رجل فلاح لم يعلم دينه ولا صلاته وإن في بلده شيخا أعطاه إجازة وبقي يأكل الثعابين والعقارب ونزل عن فلاحته ويطلب رزقه. فهل تجوز الصدقة عليه أم لا؟

فأجاب: الحمد لله، أكل الخبائث وأكل الحيات والعقارب حرام بإجماع المسلمين. فمن أكلها مستحلًّا لذلك فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل. ومن اعتقد التحريم وأكلها فإنه فاسق عاصٍ لله ورسوله فكيف يكون رجلا صالحا، ولو ذكَّى الحية لكان أكلها بعد ذلك حرامًا عند جماهير العلماء».

فابن تيمية نفسه يستحضر قول مالك، لهذا قال: "ولو ذكَّى الحية لكان أكلها بعد ذلك حرامًا عند جماهير العلماء".

فواضح أنه لمَّا تكلم عن التحريم تكلم عمن أكلها بدون تذكية، ثم ذكر حكم أكلها بعد التذكية.

هذا مثال من بتورات كثيرة جدًّا من كلام الشيخ. والبتورات ليست من خصوصيات الطاعنين في الشيخ، بل أحيانًا بعض الناس يقومون ببتر كلام الشيخ ليصوِّروا أنه على مذهبهم أو لظنهم أنهم يدافعون عنه.

أستفدت هذا البحث من مقال للشيخ أبي جعفر