حقيقة الولاء والبراء في الكتاب والسنة

أيمن عبدالله




إصدار جديد ومميز ومتألق في موضوعه، وهو عبارة عن دورات علمية في المناصحات الفكرية التي تشرف بتدريسها د. عصام بن عبد الله السناني (أستاذ الحديث بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم)، بالتعاون مع وزارة الداخلية في المملكة لبعض الموقوفين؛ بسبب الأحداث الأمنية؛ لدخول بعض التوجهات المنحرفة على بلاد الحرمين الشريفين، وظلت هذه الدورات حبيسة مذكرة في بداية الأمر؛ ثم تعاهدها مؤلفها بالزيادة حتى صارت كتابا منقحا وموثقا بالأدلة الشرعية، وعنون له صاحبه بـ(حقيقة الولاء والبراء في الكتاب والسنة بين تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وبراءة دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب من الطائفتين)، وقد عرضه مؤلفه على العلامة صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- الذي قال عنه: «وجدته -والحمد لله- بحثا كافيا شافيا في الموضوع، ومؤيدا بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم...».

المقدمات الأربع

اشتمل الكتاب على أربع مقدمات، وجاءت عناوينها على النحو الآتي:

المقدمة الأولى: خطورة باب الولاء والبراء.

حيث بين الدكتور عصام أن عقيدة الولاء والبراء من أخطر أبواب المعتقد؛ لأنها أحد أبواب التكفير التي ولجها الخوارج ومن تابعهم.

المقدمة الثانية: جنود جدد لحرب الدعوة السلفية.

وضح المؤلف فيها أن الخلل في فهم بعض الشباب في باب الولاء والبراء، وعدم معرفتهم بمنهج أهل السنة، أوقعهم في التكفير والتفجير؛ مما حدا بالمناوئين للدعوة السلفية أن ينسبوا هذا التكفير لأئمة الدعوة ومصنفاتهم.

المقدمة الثالثة: تأويل الجاهلين في انحرافٍ آخرَ مضاد.

قال المؤلف : وتلك عادة أهل الانحراف، فكلما ظهر انحراف في جهة الإفراط، ظهر نقيضه من أهل التفريط، فحينما ظهرت الخوارج ظهر في مقابلهم المرجئة، والقدرية ظهرت في مقابلهم الجبرية، وهكذا حتى ظهر من يطعن في عقيدة الولاء والبراء متجاهلين عن عمد أن هذه العقيدة بريئة من تصرفات الخوارج وأشباههم.

المقدمة الرابعة: أئمة الدعوة ودعوى التكفير.

أكد فيها الدكتور أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب قائمة على الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة، وقد خرجت في مجتمع ظهرت فيه الاعتقادات الفاسدة من سؤال الموتى والطواف حول الأضرحة، وذبح القرابين لها، فأخرج الله هذا الإمام؛ ليجدد به الملة.

مسائل ثلاثة

وقد ختم المؤلف المقدمة الرابعة بثلاث مسائل:

- الأولى: أن ما قام به الشيخ -رحمه الله- وأتباعه هو إسقاط للفرض عن الأمة.

- الثانية: براءة الشيخ ودعوته من التكفير والقتال على طريقة الخوارج.

- الثالثة: براءة أئمة الدعوة من الغلاة الذين يحتجون ببعض إطلاقاتهم.

أقسام الكتاب

قسم المؤلف كتابه إلى تعداد رقمي، فبدأ بـ (أولا)، وانتهى بـ (تاسعا).

أولا: تعريف الولاء والبراء

لغةً: أوضح المؤلف أن الولاء: هو القرب، والبراء : خلوص الشيء من غيره، والمقصود التباعد والتنزه.

واصطلاحا: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: « أصل الموالاة هي المحبة، كما أن أصل المعاداة البغض؛ فإن التحاب يوجب التقارب والاتفاق، والتباغض يوجب التباعد والاختلاف».

ثانيا : الأدلة الدالة على وجوب الولاء والبراء

أتى المؤلف بأدلة كثيرة، منها قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}.

ثالثا: مكانة عقيدة الولاء والبراء

حيث بين المؤلف أنها من معنى شهادة ( ألا إله إلا الله) مستشهدا بقول ابن تيمية: «نفي إلهية غيره مع إثبات إلاهيته وحده».

رابعا : صور من القرآن في الولاء والبراء

منها قصة نوح -عليه السلام - مع ابنه؛ حيث قال -تعالى-: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}.

خامسا: أقسام الناس في الولاء والبراء

قال المؤلف: الولاء لكلمة التوحيد يستلزم أن يكون الولاء الخالص لأهلها، كما يستلزم أن يكون البراء الخالص من أعدائها، ولا يعلق الولاء والبراء على غير أمور العقيدة.

سادسا: ضوابط في فهم الولاء والبراء تتضمن رد شبهات في التكفير

وهي أربعة عشر ضابطا، جاءت كالآتي:

- الأول: إقرار الكفار الأصليين أن يبقوا على كفرهم. الثاني: إباحة معاقدة الكفار ومعاهدتهم. الثالث: عدم نصرة المسلمين على الكفار بسبب العهد أو العجز. الرابع: الموالاة الواجبة إذا كان أمر المسلمين متفقا على طاعة الله. الخامس: البلاد المنتسبة إلى الإسلام مختلفة في أحكام الموالاة والمعادة. السادس: إباحة عقد الأحلاف مع الكفار او الدخول تحت حمايتهم. السابع: الاستعانة بالكفار لمصلحة الإسلام والمسلمين جائز شرعا. الثامن: الحرص على حقن دماء الكفار ما امكن رجاء هدايتهم. التاسع: للمسلم أن يجير كافرا فيكون معصوم الدم. العاشر: تحريم إراقة دماء أهل الذمة والمعاهدين والمستأمنين. الحادي عشر: وجوب العدل مع الكفار ولو اقتضى أن يحكم للكافر. الثاني عشر: الإحسان إلى بعض الكفار لقرابتهم أو رحمهم. الثالث عشر: الإحسان إلى عموم الكفار في مواطن. الرابع عشر: لا يكفر كل من وجد في قلبه شيء من مودة كافر.

سابعا: أسباب الانحراف في فهم عقيدة الولاء والبراء

وهذا راجع إلى أن هذه العقيدة كسائر عقائد الإسلام كالقدر والإيمان والأسماء والصفات والصحابة، فأهل السنة فيها بين الغالي والجافي، فضلا عن عدم فهم النصوص الشرعية ومقاصد الشريعة، مع التعجل أو وجود الهوى ليكون سببا لافتراق الناس.

ثامنا: أقسام موالاة الكفار وأنها ليست على درجة واحدة

قسم الراسخون من أهل العلم موالاة الكفار إلى أقسام، كل منها يختلف عن الآخر في الحكم وتنزيله، وأصل هذا الحكم يستند إلى قاعدة كلية، وهي أنه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر في مسلم أن يسمى كافرا.


تاسعا: الضابط في الموالاة المخرجة من الدين وبيان سبب الخلط

بين المؤلف أن من أهم ما أوقع في التكفير عدم فهم منهج أهل السنة والجماعة، وعدم ضبط القواعد الشرعية.

ثم ختم المؤلف إصداره بأربعة فهارس: فهرس الآيات، وفهرس الأحاديث والآثار، وفهرس المراجع، والفهرس العام.