كيف تكون دعوتنا..؟

سالم الناشي




الداعي إلى الله -تعالى- يجب أن يكون على علم وبصيرة بما يدعو إليه، وفيما ينهى عنه، قال -تعالى-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (يوسف:108).
- وينبغي أن يُستقى هذا العلم من مصادره النقية الصافية (القرآن والسنة)، وأن يتوفر في العمل به أمران اثنان، الأول: أن يكون خالصا لله -عز وجل-، والثاني: موافقته لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ مصداقا لقوله -عز وجل-: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (الكهف:110).
- كما ويجب على الداعي أن يلتزم الحكمة والموعظة الحسنة في دعوته، وأن يجادل بالتي هي أحسن، كما قال -عز وجل-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل:125)، ولا يكون همه الإتيان بالجديد -في ظنه- المخالف لصريح القرآن الكريم، وما نصت عليه السنة النبوية الصحيحة، فلا يزعم أحد مثلا أن عبادة الصيام وغيرها من العبادات ليست مفروضة على الأمة، ويتأول آيات القرآن الكريم بحسب فهمه وهواه، مخالفا بذلك ما أجمعت عليه الأمة من لدن سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا.
- قال سماحة الشيخ ابن باز: «ويكون مع العلم موعظة حسنة، وجدال بالتي هي أحسن، عند الحاجة إلى ذلك؛ لأن بعض الناس قد يكفيه بيان الحق بأدلته، لكونه يطلب الحق؛ فمتى ظهر له قَبِلَه، فلا يكون في حاجة إلى الموعظة، وبعض الناس يكون عنده بعض التوقف وبعض الجفاء، فيحتاج إلى الموعظة الحسنة».
- كما تقوم الدعوة على الرفق واللين؛ رغبة في هداية الضال، وإحقاقا للحق، فالداعي إلى الله يوضح الحق بأدلته الشرعية؛ لإزالة ما يشكل على الإنسان، ويكون ذلك بكلام طيب وأسلوب حسن ورفق، لا بعنف وشدة؛ حتى لا ينفر المدعو من الحق، ويصر على الباطل، ويزيد في غيه وضلاله قال الله -عز وجل-: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران:159). وقد أمر الله -عز وجل- موسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون -على طغيانه وتجبره- بقوله: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه:44)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه»، وقال -أيضا صلى الله عليه وسلم-: «من يحرم الرفق، يحرم الخير كله».

- وقد امتدح الله هذه الأمة لحرصها على التواصي والتناصح فيما بينها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران:110).