قال صالح بن الإمام أحمد في "سيرة الإمام أحمد بن حنبل" (ص51) : حَدثني أبي قَالَ حَدثنَا معمر بن سُلَيْمَان عَن مرار بن سلمَان عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: ثَلَاث لَا تبلون نَفسك بِهن لَا تدخل على السُّلْطَان وان قلت آمره بِطَاعَة الله وَلَا تدخلن على امْرَأَة وان قلت اعلمها كتاب الله وَلَا تصغين سَمعك لذِي هَوَاء فانك لَا تَدْرِي مَا يعلق قَلْبك مِنْهُ.
و"مرار بن سليمان" خطأ أو تحريف ، صوابه "فرات بن سلمان" حيث أخرجه من طريق الإمام أحمد ، أبو نعيم في "الحلية" (84/4) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص148) ، والتبريزي في "النصيحة للراعي والرعية" (ص132) ، كلهم عنه عن مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ سلمان، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ به.
وفرات بن سلمان ، إن كان هو الرقي مولى بني عقيل ، فهو ثقة ، وإن كان هو فرات بن السائب أبو سليمان ، وتحرّفت أداة الكنية "أبو" إلى "ابن" ، فهو متروك الحديث ، وجزم الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (77/5) ، وفي "تاريخ الإسلام" (327/3) ، أنه فرات بن السائب.
قلت: فرات بن السائب مشهور برواية المناكير عن ميمون بن مهران ، أما فرات بن سلمان الرقي فلم أجد من ذكر أنه يروي عن ميمون بن مهران ، غير ابن حبان في "الثقات" (322/7) ، فالله أعلم بالصواب.
وأخرج الخطيب في "التاريخ" (224/15) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص149) من طريق سريج بن يونس، قَالَ: حَدَّثَنَا فرج بن فضالة، عن كليب بن ميمون، عن ميمون بن مهران، قَالَ: أوصاني عُمَر بن عبد العزيز، فقال: يا ميمون، لا تخل بامرأة لا تحل لك وإن أقرأتها القرآن، ولا تتبع السلطان وإن رأيت أنك تأمره بمعروف وتنهاه عن منكر، ولا تجالس ذا هوى فيلقي في نفسك شيئا يسخط الله به عليك.
والفرج بن فضالة ، ضعيف الحديث ، وكليب بن ميمون ، مجهول.
وأخرج الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (258) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (352/61) من طريق محَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «إِنِّي §أُوصِيكَ بِثَلَاثٍ فَاحْفَظْهُنَّ» . قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هُنَّ؟ قَالَ: " لَا تَخْلُ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا مَحْرَمٌ، وَإِنْ قَرَأْتَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ، وَلَا تُصَافِ قَاطِعَ رَحِمٍ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَعَنَهُ فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: آيَةٍ فِي الرَّعْدِ، قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [البقرة: 27] ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَفِي سُورَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] "
وقال ابن عساكر: ((ولم يذكر الثالثة)).
ومحمد بن الحسن ضعيف جداً ، قال الذهبي في "الضعفاء" (ص347): "تركوه"
وقال أبو نعيم في "الحلية" (271/5): حَدَّثَنَا محمد، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: حَدِّثْنِي يَا مَيْمُونُ قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثًا، بَكَى مِنْهُ بُكَاءً شَدِيدًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَبْكِي هَذَا الْبُكَاءَ لَحَدَّثْتُكَ حَدِيثًا أَلْينَ مِنْ هَذَا، فَقَالَ: يَا مَيْمُونُ، " إِنَّا نَأْكُلُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الْعَدَسَ، وَهِيَ مَا عَلِمْتُ مُرِقَّةٌ لِلْقَلْبِ، مُغَزِّرَةٌ لِلدَّمْعَةِ، مُذِلَّةٌ لِلْجَسَدِ، قَالَ مَيْمُونٌ: وَدَعَانِي عُمَرُ فَقَالَ: يَا مِهْرَانُ بْنَ مَيْمُونٍ قُلْتُ أَوْ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ أَوْ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ إِنِّي أُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ فَاحْفَظْهَا «إِيَّاكَ أَنْ تَخْلُوَ بِامْرَأَةٍ غَيْرِ ذَاتِ مَحْرَمٍ، وَإِنْ حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ أَنْ تَعَلِّمَهَا الْقُرْآنَ»
وأخرج الضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعات مرو" (ص56) من طريق عبد الرحمن بن نافع، ثنا يحيى بن عطاء التمار، عن يونس بن عبيد، عن الحسن قال: ثلاث خذوا عني عشت أو مت، لا يأتين أحدكم سلطاناً يعطه وإن دعاه يقرأ كتاب الله عز وجل، ولا يمكن أحدكم أذنه صاحب بدعة، ولا يخلون أحدكم بامرأة ليست منه بسبيل.
ويحيي بن عطاء التمار ، قال مسلم بن الحجاج: منكر الحديث ، وقال الدارقطني: متروك ، وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون. انظر "تاريخ بغداد" (189/16).
وأخرج ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص149) من طريق أبي طاهر المخلص ، وابن بطة في "الإبانة" (387) كلاهما عن أَبي مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّكَّرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , قَالَ: قَالَ لَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: أُوصِيكُمْ بِثَلَاثٍ , فَخُذُوهَا عَنِّي حَيِيتُ أَوْ مُتُّ: لَا تُمَكِّنْ سَمْعَكَ مِنْ صَاحِبِ هَوًى , وَلَا تَخْلُ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ لَكَ بِمَحْرِمٍ , وَلَوْ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ , §وَلَا تَدْخُلَنَّ عَلَى أَمِيرٍ , وَلَوْ أَنْ تَعِظَهُ.
وإسناده حسن.
وأخرج ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص149) من طريق موسى بن هارون ، وابن بطة في "الإبانة" (386) عن أَبي الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، كلاهما عن أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جماد بْنُ زَيْدٍ قَالَ قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ احْفَظُوا عَنِّي ثَلاثًا مِتُّ أَوْ عِشْتُ لَا يَدْخُلَنَّ أَحَدُكُمْ عَلَى ذِي سُلْطَانٍ يَعِظُهُ وَيُعَلِّمُهُ وَلا يَخْلُ بِامْرَأَةٍ شَابَّةٍ وَإِنْ أَقْرَأَهَا الْقُرْآنَ وَلا يُمَكِّنَ سَمْعَهُ مِنْ ذِي هَوَى.
وإسناده صحيح.
وأخرج أبو نعيم في "الحلية" (21/3) من طريق عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: ثَلاَثَةٌ احْفَظُوهُنَّ عَنِّي: لاَ يَدْخُلْ أَحَدُكُم عَلَى سُلْطَانٍ يَقْرَأُ عَلَيْهِ القُرْآنَ، وَلاَ يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُم مَعَ امْرَأَةٍ يَقْرَأُ عَلَيْهَا القُرْآنَ، وَلاَ يُمَكِّنْ أَحَدُكُم سَمْعَهُ مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ.
وإسناده صحيح.
والحاصل أن هذا الأثر صحّ عن يونس بن عبيد ، وفي ثبوته عن ميمون بن مهران ، وعمر بن عبد العزيز نظر ، والله أعلم.