مواكب بدر
عدنان علي رضا النحوي


طَـوِّفـي حَيْثُ شِئتِ هـذي المَغَاني*** زَهَـرَتْ بـالقَصيـدِ والمهْـرَجَـانِ
يـا لَنَفْـح الإِيمـان يَنْشُـرُ طِيبـاً*** مِـنْ فَعَـالٍ ورَفّـةً مِـنْ بَـيَـانِ
يا لَنُـورٍ يَشُـقُّ مِـنْ ظُلْمـةِ اللّيْـ*** ـلِ وَيَسْري بَينَ الضُلُوع الحَوَانَـي
يَـا لَهَـا خَفْقَـةٌ مِنَ الكَبِـدِ الحَـ*** ــرَّى وَدَفْـقٌ مِنْ رَحْمَـةٍ وَحَنانٍ
أَسْعِفينَـا فكـمْ ضَلَلْنـا وتـاهَـتْ*** في الـدَّيـاجيـر خُطْـوةُ الإِنسـانِ
أَسعِفيـنَـا بـآيـةٍ مِـنْ بَـيَـانٍ*** شَـعَّ مِنْ جَوهَـرٍ كَـرِيم المَعَـاني
كُـلُّ حُـرِّيَـةٍ تَـمُـوتُ إذا لَـمْ*** تَـكُ حُـرِّيَّـةً لـصـدقِ لِـسَـانِ
كُـلُّ حُسـنٍ يَمُـوتُ فِينـا إِذا لـمْ*** يَـكُ أَغْـلاهُ آيَـةً مِـنْ بَـيَـانِ
كـمْ سَقَطْنـا وَمَا نهضنـا فَأْهْـوتْ*** بَيْنَ أَوْحـالـنا خُطَـا الفُـرْسَـانِ
كـمْ خَنَقْنَـا عَلى الحَنَاجـرِ أَصْـوَا*** تاً فمـاتَـتْ في غُـصَّـةٍ وَهَـوَانِ
الحُـرُوفُ الخَـرْسَـاءُ ذُلٌّ ومَـوتٌ*** دُفِنَـتْ بَـيْـنَ مُجْـرمٍ وَجَـبَـانِ
لَهْفَـةُ الشَـوْق لَـمْ تَـزَلْ تَتَعَالَـى*** بَيْـنَ أَحْنائِنَـا ، وصَفْـوُ الأمَانـي
أَسعِفِينَا بِرَوْعَـةِ الحَـرْفِ يَجْـلُـو*** عِـزّةً أو يُعِـيـدُ مِـنْ إِيـمـانِ
كـمْ عَـدُوٍّ تَـرَاهُ يَقْتُـلُ فِـيـنَـا*** وَمْضَـةَ الحَرْف من هُـدًى وجِنـانِ
يَـالِـذُلّ الإِنْسَانِ يَطْـرَحُـه الكُفْـ*** ــرُ شَتِيـتَ الأهْـوَاءِ والأشجـانِ
يَـا عَبيـداً يَسُوقُها السوطُ في الأرْ*** ضِ فَتَمضِـي هُنـاكَ كـالقِطْعَـانِ
سَـرَقُـوا الوَمْضَـةَ الغَنِيَّـة لكـنْ*** أشـرقـتْ رغم ذاك منهـا اليـدانِ
سـرقـوا العطـر ثمَّ ولَّـوْا ولكـن*** نَثَرَتْـهُ الـخُطـا بِـكُـلِّ مَـكَـانِ
كُلَّمَـا أَوغَـل الجبَـانُ بِـظُـلـمٍ*** جَعَـل اللهُ فُـرْجـةً مِـنْ أَمَـان
يَـا لِـذُلِّ العَبيـدِ تَـرْكَـعُ في دُنـ*** ـيـا "أَبُولُّـو" في زحمَـةِ الأوِثانِ
كُـلَّ يَـوْمٍ لـهُـمْ إِلـهٌ جَـديـدٌ*** يـا لِـذُلّ الأَرْبَـابِ والـعُـبْـدَانِ
نَحَتُـوه مِـنَ الخُـرَافَـةِ والجَهْـ*** ـل وصَاغـوهُ مِنْ هـوىً فَـتّـانِ
كُـلَّ يَـوْمٍ لَهْمُ مَـذاهـبُ شتَّـى*** مِـنْ ضَلالِ اليُونـانِ والـرُّومَـانِ
ثُـمَّ سَمَّـوهُ فلسَفَـاتٍ وفِـكْـراً*** بـيـن جُورِ الـضَّـلالِ والبُهْتَـانِ
فِتْنَـةٌ أشْعَـلَـتْ أَبَـالسـةُ الأَرْ*** ض لَظَـاهَـا تَمُـدُّ مِـنْ نِيـرَانِ
فَـدَعُـوهَـا يَا قـوم! أَيُّ فَسـادِ*** لِـبُـنـاةِ الأَجْـيَـالِ والأَوْطـانِ
لا تُـرَاعي يَا نَفْسُ! هُـم جُبَنـاءٌ*** مَـا أَذَلَّ الجَبَـانَ عِـنْدَ الجَبـانِ
هـا هُنـا نَفْحَـةُ النُّبُـوَّة مِنْ بـدْ*** رٍ وهـذي مَـلاحِـمُ الـفُـرْقـانِ
هـا هُنـا تُصْنَـعُ الرّجَـالُ وتُبْنَـى*** أُمَّـةٌ بـيـنَ آيَــةٍ وَسِـنَـانِ
يَا لَبَـدْرٍ! وَيَـا لَمَعْـرَكَـةٍ تَـمْ*** ـضي مضيَّ الـدُّهُـورِ والأزْمَـانِ
يَنْحَنِي عِنْـدَهـا الزّمَـانُ فَيَلْـقَـى*** شُعَـلاً مِـنْ عَـزائِـمِ الإِيـمـانِ
في مَيَـادِيِنهَـا تَمُـوجُ اللَّيـالـي*** ودَوِيٌ مِـنْ آيَــةٍ وأَذَانِ
والتْطامُ الزُّحُوفِ، حَمْحَمـةُ الخَيْ*** ــلِ، نِـداءُ الرَّحـمـن للإِنْسـانِ
عَبْقَـريُّ الجِهَادِ مِنْ عَزْمـةِ الشّـوْ*** قِ، ومِـنْ مُهْجَةٍ، ومِـنْ إِحْسَـانِ
عَبَـقُ المجْـدِ كُلُّـهُ في الثَّنَـايَـا*** في ذُراً أشْـرَقَـتْ وفي وُدْيـانِ
كُـلُّ شِبْـرٍ مُضَـمَّـخٌ بِـدِمـاءٍ*** كُـلُّ سَـاحٍ زَهْوُ الرُّبـى والمَغَـاني
هـا هُنَـا يُرْفَـعَ القَصِيـدُ ويُبْنـى*** أَدَبٌ مُلْهِـمٌ وفـيـضُ مَعَـانـي
أَدَبٌ يَرْتَـوي الـبَـيَـانُ لَـدَيِـه*** مِنْ حَـديثِ الرَّسُـول، مِنْ قـرْآنِ
هُـو نَبْـعٌ مِنَ الهِـدَايـةِ، فَيـضٌ*** مِـنْ وَفَـاءٍ، وخَفْقَةٌ مِـنْ جَنَـانِ
طَابَ ليْ عِطـرُها! فَكَمْ رَفَّ مِنْهـا*** عَبَـقُ الصِّـدْق أَو شَـذَا الإِحْسَـانِ
خَشَعَـتْ أَضْلُعـي لآيَتِهـا الـكبْـ*** ـرَى وإِشْـراقِ جَـوْلـةٍ وطعَـانِ
هَاجَنـي الشّـوْقُ مِنْ هَـوىً فَتلـ*** ــفَّتُّ! ونَادَيْتُ: أَيْنَ عَزْمُ البَانـي
أَيْنَ أَمْجَـادُ أُمَّتي؟! كيف تَـرْضَـ*** ـون "أبُـولّـو" ودعوةً مِنْ هَـوَانِ
ها هُنَـا تَزْخَرُ البُطُـولاَتُ في التَّـا*** ريخ مِنْ صَـادِق الـوَفَاءِ وحَـانِ
فَتَنَـاوَلتُ مِـنْ هُنَـاكَ مِـنَ التّـا*** ريخ، مِنْ رَوضَـةٍ وَمِـنْ بُسْتَـانِ
جَوْهَـرَ المجْـدِ أَوْ لآلـيءَ فَـتْـحٍ*** أَوْ عُقُـوداً مَنْظُـومَـةً مِنْ جُمَـانِ
وَوُرُوداً تَـفَـتَّـحَـتْ وَزُهُـوراً*** عَبَقَـتْ بالشَّـذَا، ونَـفْـحَ جِنَـانِ
فَـإِذَا كُـلُّـهـا تَـجَـمَّـعُ آيـاً*** فـي فُـؤادٍ حَـانٍ وفـي وِجْـدَانِ
لَمْحَـةٌ تَجْمـعُ الفَـرَائِـدِ مِنْ بَـدْ*** رٍ ومِـنْ وثْـبَـةٍ وزَهْـو يَـمَـانِ
لا تَغِيبـي عَنَّـا مَيَـاديـنَ بَـدْر*** أَطْلِقي مِـنْ مَـواكـبٍ وعِـنـانِ
وَثبِـي يا مَوَاكِـبَ الحَـقِّ طُوفـي*** بَينَ نَصْـرٍ وبَيْن صِـدْقِ الأمَـانـي
وَاصْدُقي الله واطْلُبي الجَنَّة لا الدُّنـ*** ـيَـا ولا زُخْرُفَ الحَيـاةِ الفـانـي
إِنَّ أَعْـلَى البَـيَـانِ دَفْـقُ دِمَـاءٍ*** فَجّـرَتْـهـا مَـوَاقِـعُ الإِيـمـانِ
كُـلُّ حَـرْفٍ يَصُـوغُـه دَمُ حُـرّ*** هُـوَ نُـورٌ يَسْـري مَـعَ الأزْمـانِ
لَفتـةٌ مِنْـكَ يا أَخي رفَّ منْهـا الـ*** ـشَـوْقُ للحـقِّ أو نَقَـيُّ الأمانـي
لفْتـةٌ حُـلْـوةُ ومَدْرَسَـةٌ كُـبْ*** ــرى ودارٌ مَـشْـدُودةُ الأركـانِ
وكَـأَنّـي أَرَاكَ قمْـتَ! تَـلَـفَّـ*** ـتَّ! ونَـادَيْـتَ يَا رِجـال البَيـانِ
انْهَضُـوا! أَدركـوا البَيَانَ وصُونُوا*** لغـة الحَـقِّ مِـنْ عَـدُوٍّ جَـانِـي
ودَعـي أُمَّـتي مَـذَاهِـبَ يُـونـا*** نٍ وأَوْهَـام جَـاهِـلٍ مُـتَـوانِ
وانْهضـي! هـذه مَـدْارِسُ بَـدْرٍ*** أطلِـقـي مِنْ مواكِـبِ الفُـرسـانِ

كِمْ رَمَـى الحِقْـدُ والتّحاسُـدُ فينـا*** خَـيْـلـنـا في مَتَـاهَـةٍ وَهَـوَانِ
لَكَ مِنّـي تَحِـيَّـةٌ يـا أخـي أَحْـ*** ـمَـدُ! صفْوُ الـدُّعَـاءِ والإِحسانِ