قال الإمام ابن حبان رحمه الله في صحيحه (5/ 495، 496): «ولا يتوهمن متوهم أن الجمع بين الأخبار على حسب ما جمعنا بينها في هذا النوع من أنواع السنن يضاد قول الشافعي رحمة الله ورضوانه عليه؛ وذلك أن كل أصل تكلمنا عليه في كتبنا أو فرع استنبطناه من السنن في مصنفاتنا هي كلها قول الشافعي، وهو راجع عما في كتبه، وإن كان ذلك المشهور من قوله؛ وذاك أني سمعت ابن خزيمة يقول: سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي يقول: إذا صح لكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذوا به ودعوا قولي.
وللشافعي رحمة الله عليه في كثرة عنايته بالسنن وجمعه لها وتفقهه فيها وذبه عن حريمها وقمعه من خالفها زعم أن الخبر إذا صح فهو قائل به راجع عما تقدم من قوله في كتبه وهذا مما ذكرناه في كتاب المبين أن للشافعي رحمه الله ثلاث كلمات ما تكلم بها أحد في الإسلام قبله ولا تفوه بها أحد بعده إلا والمأخذ فيها كان عنه؛ إحداها: ما وصفت. والثانية: أخبرني محمد بن المنذر بن سعيد، عن الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، قال: سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحدًا قط فأحببت أن يخطئ.
والثالثة: سمعت موسى بن محمد الديلمي بأنطاكية يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول: وددت أن الناس تعلموا هذه الكتب ولم ينسبوها إلي»اهـ.