السؤال
♦ الملخص:
فتاة تسأل عن حكم مستمع الغيبة؛ إذ إن أمَّها تقع كثيرًا في الغِيبة أمامها، ولا تقبل منها نصيحة في ذلك، بل تدعو عليها، فهي تسأل: هل هي آثمة باستماعها لوالدتها؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والدتي هداها الله وأطال عمرها، رغم ما بها من صفات حسنة، فإنها تتصف بصفة سيئة، ألا وهي الغِيبة والوقوع في أعراض الناس؛ ما يجعلني أقع بالحرام عن طريقها، فأمي ترى أن الناس يكيدون لها ويظلمونها ويؤذونها، وأنا لا أعلم إن كانت أمي تتحدث بالحقيقة أم إنها أوهام من عند نفسها، وإذا ما قلت لها أنه لا يجوز لها أن تتكلم بمثل هذا الكلام، أو قلت لها أن كلامها خطأ، وكل ذلك بكلام لا يخرج عن حدود الأدب والبر - فإنها تغضب وتدعو عليَّ؛ ما يُسبِّب لي أذًى نفسيًّا، سؤالي: هل المستمع للغِيبة شريك فيها؟ هل أنا آثِمٌ؟ كيف أتصرف إن كانت محاولاتي لإسكاتها، أو تغيير الموضوع أو الحديث بإيجابية تنتهي بغضبها ودعائها عليَّ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله بركاته، أحسَن الله إليكِ أختنا الكريمة، ونسأل الله تعالى لنا ولكم ولوالدتكم الهداية والرشاد.
قال الإمام النووي رحمه الله: "اعلم أن الغِيبة كما يحرُم على المغتاب ذكرها، يحرم على السامع استماعها وإقرارها، فيجب على من سمع إنسانًا يبتدئ بغِيبة محرَّمة أن ينهاه، إن لم يَخَفْ ضررًا ظاهرًا، فإن خافه وجَب عليه الإنكار بقلبه، ومفارقة ذلك المجلس، إن تمكَّن من مفارقته، فإن قدر على الإنكار بلسانه، أو على قطع الغيبة بكلام آخر، لزِمه ذلك، وإن لم يفعل عصى"؛ ا.هـ [1].
ولذا فالواجب عليكِ أختنا الكريمة أن تستمري في نُصح أُمكِ بالرفق واللين، وأن تصبري على ذلك، ولكِ الأجر والثواب إن شاء الله؛ كما قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]، أو على إخراجها من الموضوع أحيانًا بمواضيعَ أخرى مفيدة.
ثم إن غضب أمكِ لا يضركِ؛ لأنكِ تحضينها على طاعة الله، بشرط أن يكون كلامكِ معها بالرفق واللين، واختيار الألفاظ المناسبة، كما ذكرتِ في سؤالكِ، ولا ننسى أهمية الدعاء واللجوء إلى الله في ذلك، وفَّقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
---------------
[1] الأذكار (ص 339).


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz6iCVDQaiB